خبير تربوي عن اليوم العالمي للمعلم: الجندي الحقيقي في ميدان التعليم    وزير العمل يهنئ الرئيس والقوات المسلحة بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر    انتصار أكتوبر.. ملحمة بطولية سجلها المصريون بصفحات التاريخ    خبير تربوي: سيناء تشهد طفرة تعليمية والدولة تهتم بتأهيل الطلاب لسوق العمل    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق الجملة ب6 أكتوبر.. «الكوسة» ب8 جنيهات    وزير الإسكان يتابع مشروعات العلمين الجديدة    لليوم الخامس .. التموين تواصل صرف مقررات أكتوبر بالأسعار الجديدة    استثمارات وتوسعات ولقاءات ثنائية.. حصيلة زيارة «هيبة» لفرنسا    عضو ب«صناعة الشيوخ»: مشروع رأس الحكمة يعزز التنمية الحضرية المستدامة    محافظ أسيوط يتفقد مزرعتي بني مر وأبنوب الحمام لمتابعة سير العمل    حزب الله يعلن استهداف قاعدة جوية إسرائيلية قرب «حيفا»    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 41825 منذ بدء العدوان    3 مستشفيات تخرج عن الخدمة في جنوب لبنان بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل    الصين تجلي أكثر من 200 من رعاياها من لبنان    الهلال ضيفًا ثقيلا على أهلي جدة في كلاسيكو ناري بالدوري السعودي    خاص- محامي أتشمبونج: فيفا سيخطر الزمالك بايقاف القيد    محامي ضحية إمام عاشور: موكلي راح النادي الأهلي عشان التصالح ومحدش سأل فيه    انقلاب سيارة ميكروباص بطريق قنا- سوهاج.. الدفع ب6 سيارات إسعاف    ضبط 19 لصًا لارتكابهم جرائم سرقة بالقاهرة| صور    انخفاض في درجات الحرارة بالأقصر اليوم    تعرضت لذبحة صدرية.. الحالة الصحية ل نشوى مصطفى بعد دخولها المستشفى    «عشان متتصدمش».. 3 معلومات يجب معرفتها قبل مشاهدة فيلم جوكر 2    فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها    للتغلب على التحديات.. «الصحة» تبحث وضع حلول سريعة لتوافر الأدوية    في ذكرى أكتوبر: جامعة الملك سلمان أول جامعة ذكية في جنوب سيناء    وزير التموين: تخفيضات 10% على جميع السلع الغذائية بمنافذ المجمعات الإستهلاكية    تقرير أمريكي: السنوار اتخذ مواقف أكثر تشددا.. وحماس لا ترغب في المفاوضات    انتهاء أزمة صورة أحمد شيبة ونجله يقبل الاعتذار ويتراجع عن التصعيد    تشكيل الهلال ضد الأهلي في الجولة السادسة من دوري روشن السعودي    شاهندة المغربي: استمتعت بأول قمة للسيدات.. وأتمنى قيادة مباراة الأهلي والزمالك للرجال    170 ألف شكوى .. الحكومة تعلن حصاد منظومة الشكاوى خلال سبتمبر الماضي (تفاصيل)    أنشيلوتي يحسم قراره بشأن مشاركة جولر أمام فياريال    «تنمية المشروعات» يضخ 2.5 مليار جنيه تمويلات لسيناء ومدن القناة خلال 10 سنوات    محاكم الأسبوع، أبرزها إمام عاشور وأزمة شيرين عبدالوهاب مع روتانا    تجديد حبس شخصين في قتلا ممرضا بالزاوية الحمراء    طريقة عمل الكرواسون بالشيكولاتة، الوصفة الأصلية    تعديل تركيب قطارات الوجه البحري: تحسينات جديدة لخدمة الركاب    استعجال التحريات في ضبط سائقي ميكروباص بتهمة أداء حركات استعراضية بالقاهرة    "ثقافة مطروح " تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    وفاة إيهاب جلال.. من وعكته الصحية لعزاء شعبي في الإسماعيلية    سلوفينيا تقدم مساعدات عينية لأكثر من 40 ألف شخص في لبنان    "إسلام وسيف وميشيل" أفضل 3 مواهب فى الأسبوع الخامس من كاستنج.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم السبت 5 أكتوبر: اكتشف نفسك    أوركسترا القاهرة السيمفونى يقدم أولى حفلات "الموسيقى الغنائية" اليوم بالأوبرا    أرسنال يخشى المفاجآت أمام ساوثهامبتون فى الدوري الإنجليزي    إسلام عيسى: انتقالى لسيراميكا إعارة موسم منفصل عن صفقة أوجولا    ميدو: أكبر غلطة عملها الأهلي هي دي.. والجمهور حقه يقلق (فيديو)    صافرات الإنذار تدوى فى غلاف غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    صحة المنوفية: تنظم 8365 ندوة على مستوى المحافظة لعدد 69043 مستفيد    «مش كل من هب ودب يطلع يتكلم عن الأهلي».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا ناريًا على القندوسي    البابا تواضروس الثاني يجتمع بمجلس معهد الدراسات القبطية    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    بمشاركة 1000 طبيب.. اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"البوعكاش" وفضح جريمة أمريكا المنسية
نشر في الوفد يوم 27 - 10 - 2011

رغم أن أوباما سارع للتأكيد في 22 أكتوبر أن مقتل العقيد الليبى معمر القذافى وقرار واشنطن سحب كل قواتها من العراق بحلول نهاية 2011 هما بمثابة "تذكير" جديد بالقيادة الأمريكية على الصعيد الدولي، إلا أن الجريمة الكبرى المنسية في الفلوجة سرعان ما طفت على السطح مجددا لتفضح الولايات المتحدة أكثر وأكثر أمام العالم .
ففي 26 أكتوبر, طالبت هيئة علماء المسلمين في العراق بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة حول الجرائم الوحشية التي ارتكبها الاحتلال ضد المدنيين الأبرياء وإحالة المسئولين عنها للعدالة .
وأشارت الهيئة في بيان لها تحديدا إلى المقبرة الجماعية التي تم اكتشافها في 11 أكتوبر بمنطقة "البوعكاش" شمالي الفلوجة وتضم رفات أكثر من 400 شخص لقوا مصرعهم على يد الاحتلال الأمريكي أثناء معركة الفلوجة الثانية في نوفمبر 2004 .
وأضاف البيان أن المطالبات بتحقيق دولي لن تقتصر على جرائم الفلوجة فقط بل تشمل كافة جرائم الاحتلال بكل مناطق العراق منذ بدء الغزو في 19 مارس 2003 وحتى خروج الاحتلال نهائيا، موضحا أن المقبرة الجماعية التي تم اكتشافها "البوعكاش" تتوفر فيها كل عناصر الإدانة ولا يمكن للأمريكيين إنكارها.
واللافت للانتباه أن الأمر لم يقف عند بيان هيئة علماء المسلمين، بل إن رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان العراقي سليم الجبوري أشار إلى أن هناك طلبا قدم إلى اللجنة وقعه أكثر من مائة نائب يطالب باعتبار ما حدث بالفلوجة جريمة إبادة جماعية ويدعو للتحقيق بملابسات تلك الجريمة.
وأضاف الجبوري في تصريحات لقناة "الجزيرة" في 26 أكتوبر أن اللجنة الحقوقية ستقدم تقريرا مفصلا بهذا الخصوص ليتخذ البرلمان خطواته الإجرائية، مشيرا لوجود أدلة دامغة تثبت أن جريمة "البوعكاش" ارتكبتها القوات الأمريكية من خلال شهود العيان والكشف الموضعى لمكان المقبرة.
وتابع أن بشاعة هذه الجريمة تتمثل خصوصاً في أن القوات الأمريكية استخدمت أسلحة غير تقليدية ومحرمة دولياً بمعركتى الفلوجة الأولى والثانية انعكست أيضا في الأمراض الخطيرة والتشوهات الخلقية بالولادات.
وكانت معركة الفلوجة الأولى اندلعت في إبريل عام 2004 بعد قيام مسلحين عراقيين بقتل أربعة من أفراد القوات الأمريكية العاملين ضمن شركة "بلاك ووتر" للخدمات الأمنية التابعة للبنتاجون في مدينة الفلوجة, حيث التمثيل بجثث هؤلاء الجنود في الشوارع وتعليقها فيما بعد على جسر في أطراف المدينة ، وانتهت تلك المعركة بانسحاب القوات الأمريكية بعد تكبدها خسائر فادحة .
أما معركة الفلوجة الثانية، فقد اندلعت في نوفمبر 2004، حيث ضاعفت القوات الأمريكية تعزيزاتها سبع مرات عن المعركة الأولى، وبلغ عدد جنودها أكثر من 15 ألف جندي، مقابل نحو 1000 مسلح من المقاومة السنية كانوا متحصنين داخل المدينة.
وقد انتهت تلك المعركة بخسارة المسلحين وسيطرة القوات الأمريكية على الفلوجة وفرض حصار عليها بعد اعتقال أكثر من 1000 شخص بين مسلح ومشتبه به وتدمير أكثر من 4000 منزل و2000 محل تجاري واستشهاد أكثر من 5200 شخص من أهالي المدينة.
ولم تقف الكارثة عند ما سبق , فقد جاء في رسالة بعث بها أطباء ومهندسون وعلماء بيئة عراقيون إلى الأمم المتحدة في 2009 أن مواليد الفلوجة بعد 2004 أصبح أغلبهم يولدون بدون رؤوس أو برأسين أو بعين واحدة في وسط الجبهة أو بأعضاء ناقصة وأغلبهم يموتون بعد فترة قصيرة من ولادتهم، ومن يعش منهم تزد عنده نسبة الأمراض السرطانية ومنها سرطان الدم "اللوكيميا".
وأضافت الرسالة حينها أن شهر سبتمبر 2009 شهد 170 حالة ولادة جديدة، 24% منها لأطفال ماتوا خلال أسبوع، و75% ولدوا بتشوهات خلقية ، بل ونقلت عن مسئول بإحدى المقابر في الفلوجة أنه كان يدفن ما بين أربعة إلى خمسة أطفال كل يوم، معظمهم مصابون بتشوهات خلقية.
كما نقلت عن الناشطة الحقوقية أسماء الحيدري القول إنه قبل الغزو الأمريكي كانت هذه الظاهرة نادرة في الفلوجة , وبعد 2004 , أصبحت الولادات المشوهة تسجل بمعدل حالة أو أكثر في اليوم.
وفيما طالبت الرسالة الموجهة إلى الأمم المتحدة حينها بالتحقيق في هذه الظاهرة , نقلت عن خبراء القول إن السبب الرئيس للولادات المشوهة هو إشعاعات اليورانيوم المنضب والفسفور الأبيض اللذين استعملتهما القوات الأمريكية والبريطانية ، مؤكدين أن هذا التأثير لم ينحصر في مدينة الفلوجة وحدها ، بل وصل إلى عموم مناطق محافظة الأنبار .
ورغم محاولات الاحتلال وأعوانه التغطية على حقيقة ما حدث في الفلوجة عام 2004 ، إلا أن أبعاد الكارثة سرعان ما تكشفت يوما بعد يوم وبشكل فاق كل ما يتصوره العقل البشري .
دراسة باسبي
والبداية في هذا الصدد كانت مع دراسة أشرف عليها الطبيب كريس باسبي من جامعة أولستر في أيرلندا الشمالية ونشرتها صحيفة " الإندبندنت " البريطانية في 24 يوليو 2010 وكشفت أن الزيادة في معدلات الوفيات في أوساط الأطفال والإصابة بالسرطان واللوكيميا بمدينة الفلوجة التي تعرضت في 2004 للقصف والحصار الأمريكي لأسابيع للقضاء على المقاومة فاقت المعدلات المعروفة في هيروشيما وناجازاكي اللتين قصفتا بقنبلة نووية عام 1945.
ورغم أن الأطباء العراقيين في الفلوجة كانوا اشتكوا منذ 2005 من زيادة أعداد الأطفال المصابين بعيوب خلقية تراوحت بين فتاة مولودة برأسين إلى الإصابات بالشلل في الأطراف السفلى ، بالإضافة إلى وجود زيادة كبيرة في أعداد الإصابات بالسرطان مقارنة بالفترة التي سبقت الهجوم الأمريكي على مسلحي الفلوجة ، إلا أن الدراسة الجديدة وجدت أيضا ارتفاعا في جميع حالات السرطان بمعدل أربعة أضعاف و12 ضعفا في الإصابة بهذا المرض لدى الأطفال أقل من 14 عاما.
كما أكدت الدراسة التي شارك في إعدادها 11 باحثا وشملت 711 منزلا في الفلوجة خلال يناير وفبراير من 2010 أن الإصابة باللوكيميا ارتفعت بمعدل 38 ضعفا وأن معدلات سرطان الثدي زادت بنسبة عشرة أضعاف ، إلى جانب الزيادة الكبيرة في أورام المخ لدى الكبار.
وأشار باسبي إلى أنه رغم أن ارتفاع معدلات اللوكيميا في هيروشيما زاد 17 ضعفا ، فإن ما يثير الدهشة في حالة الفلوجة هو سرعة الإصابة بالسرطان وليس مجرد انتشاره.
وكشف أيضا عن التغيير في نسبة المواليد من الذكور والإناث ، فبينما كانت في الحالات الطبيعية 1050 من الذكور مقابل 1000 من الإناث ، انخفضت نسبة المواليد الذكور بعد 2005 بمعدل 18%، فأصبح كل 850 مولودا ذكرا يقابلهم 1000 فتاة ، موضحا أن التغير في النسبة بين الذكور والإناث يعد مؤشرا على الضرر الوراثي الذي يؤثر على الذكور أكثر منه على الإناث .
وأضاف باسبي أن تأثير الحرب على المدنيين كان الأشد على سكان الفلوجة منه على أي مكان آخر وذلك بسبب الاستمرار في محاصرة المدينة وحجبها عن بقية أنحاء العراق بعد 2004.
وأكد أن السبب الحقيقي وراء حالات السرطان والتشوهات الخلقية ناجم عن تعرض كبير لمؤثرات وقعت خلال الهجوم الأمريكي عام 2004 ، مشيرا إلى أن أنواع السرطان مشابهة لتلك التي أصابت الناجين من سكان هيروشيما الذين تعرضوا ل "الإشعاع المؤين" إثر سقوط القنبلة الذرية.
وأضاف باسبي أن مدى التغير الجيني الذي يعاني منه سكان الفلوجة يشير إلى استخدام اليورانيوم والفوسفور الأبيض ، قائلا :" أعتقد أنهم "أي الأمريكيين" استخدموا سلاحا جديدا ضد المباني لتخترق الجدران وتقتل من بداخلها".
وبجانب ما ذكره باسبي ، أكد خبراء عراقيون في 28 يوليو 2010 أيضا أنه يستحيل أن يولد إنسان متكامل الصفات في العراق حتى بعد ثلاثة أجيال بسبب تأثيرات إشعاعات اليورانيوم المخصب الذي خلفته حربا 1991 و2003.
وأشار الخبير العراقي منجد عبد الباقي في هذا الصدد إلى وجود حوالي مائة موقع ملوث هو عبارة عن خردة أسلحة ومخلفات في جنوبي العراق ، محذرا من أن الإصابات السرطانية في مناطق جنوبي العراق ربما تنتقل بعد ذلك إلى الوسط والشمال خلال سنوات قريبة.
وتابع الخبير العراقي أن بريطانيا والولايات المتحدة استخدمتا في الحربين أسلحة مصنعة من مادة اليورانيوم المخصب بكميات هائلة لم يسبق أن استخدمت في حرب سابقة في العالم.
وفي 8 أغسطس 2010 ، تكشفت أبعاد الكارثة أكثر وأكثر عندما نشرت قناة "الجزيرة" صورا بشعة من الفلوجة لأطفال أبرياء مشوهين دفعوا ثمنا فادحا لأطماع المحافظين الجدد والصهيونية العالمية في السيطرة على الثروة النفطية العراقية.
ولعل ما يضاعف المرارة والحسرة أنه رغم أن جرائم الاحتلال الأمريكي بالعراق وخاصة معركة الفلوجة تعد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وفقاً لنظام روما الأساسي لعام 1998 والذي شكلت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية , إلا أن تلك المحكمة مازالت تغض البصر عما سبق ولا تلاحق سوى الضعفاء في العالم فقط .
والخلاصة أن أوباما تجاهل وهو يفتخر بالقيادة الأمريكية للعالم حقيقة أن واشنطن ارتكبت جرائم بشعة لا يتصورها عقل وخاصة في العراق وأفغانستان من أجل نهب الثروات العربية والإسلامية وضمان أمن الكيان الصهيوني .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.