«يا الله ما لنا غيرك يا الله» هذا هو هتاف أبناء الشعب السوري الذي انتفض لكرامته وحريته متحدياً قوى الظلم والقهر والعبودية بصدور عارية تُقاوم رصاص الأمن والشبيحة والجيش، فهل هزت هذه الهتافات الوجدان العربي ولامست قلوب المؤمنين؟ وهل شعر الإخوة بالتقصير والخذلان تجاه هذا الشعب المقهور الذي يسقط منه يومياً عشرات الشهداء على مذبح الحرية والكرامة؟! وأسأل في البداية: أيها العرب ويا مسلمين!! هل شاهدتهم على شاشة التلفاز منذ أيام ما قام به جنود صهيون بأفراد العائلة الفلسطينية في يافا؟ هذا ما جرى يومياً في معظم المدن السورية الثائرة ضد الظلم والفساد؟ وأقسم بالله أن ما يحدث في سوريا أبشع بكثير حيث تُنتهك الأعراض أمام الأبناء والآباء؟! وتُقطع الجثث الى أشلاء! بربكم هل هؤلاء الأوغاد يعرفون حُرمة أو عرض؟ لكن الله سوف يأخذهم أخذ أخذ عزيز مقتدر.. هل تعلمون يا سادة ماذا قال ماهر الأسد عند اجتماعه ببعض علماء الدين غداة مقتل نجل مفتي سوريا «ساريه حسون» قال بالنص: هذا الشهر تشرين/ أكتوبر شهر النصر وسنحقق النصر على هؤلاء القتلة المجرمين؟! فرد العلماء إن شاء الله.. فقال: إن شاء أو لم يشأ؟! وفي شهر رمضان كان رجال الزمن والشبيحة يعتقلون المتظاهرين وعندما يعرفون أن المعتقل صائم يفتحون فمه ويتبولون فيه كي يُفطر !! نعم والله قد حدث ذلك.. فهل هؤلاء القتلة المجرمون يريدون الاصلاح والتغيير؟ وكيف يقبلون بذلك وهم يرغمون المعتقلين أن يسجدوا فوق صورة بشار الأسد ويقولون: لا إله إلا بشار الأسد؟! يا عرب.. يا مسلمين الشعب السوري يقول لكم حسبنا الله ونعم الوكيل.. هذا النداء ليس بقصد استثارة المشاعر والعواطف، وإنما هو صرخة لكل أصحاب الضمير في العالم، وحين اختص أبناء جلدتنا في العروبة والإسلام إنما أفعل ذلك لأنهم الأولى بنجدة هذا الشعب ونصرته وتخليصه من جلاديه.. من فراعنة القرن الواحد والعشرين. ويتشدق النظام بالممانعة والمواقف القومية والعروبية، ويأتي بكتاب ومحللين مرتزقة ليشدوا من أزره: ويؤكدون أن المؤامرة ضد سوريا بسبب مواقفها القومية.. أي هراء هذا؟ نعم سوريا الوطن والشعب دولة ممانعة، فقد دفع الشعب السوري غالياً كي تبقى قضية الأمة في الوجدان العربي.. الشعب يا سادة وليس النظام الذي يختبئ وراء عباءة العروبة التي تغطي جسد كل سوري.. وأريد أن أذكر هؤلاء المرتزقة المحللين بما قاله ابن خال الرئيس «رامي مخلوف» في الأشهر الاولى للثورة لصحيفة أمريكية.. قال: يجب أن تعرف اسرائيل أن امنها من أمن سوريا؟! ياه.. إلى هذا الحد تكون الوقاحة والقذارة؟ بعدها خرج علينا وزير الاعلام ليقول معلقاً على هذا الحديث: هذا رأيه ولا يمثل بالضرورة موقف النظام؟! وهنا أسأل: لو كان أحد أقطاب المعارضة قد أدلى بهذا الحديث ماذا سيكون مصيره! أيضاً، أذكر النظام وزبانيته من المحللين المرتزقة بثلاثة مواقف مؤكدة تُشير الى صدقية الممانعة التي يتشدقون بها وأنهم حماة الوطن والعروبة لقد قامت اسرائيل بضرب منطقة «عين الصاحب» القريبة من دمشق منذ سنوات ويومها أعلن النظام أنه سيرد في المكان والزمان المناسب! وبعدها حلقت الطائرات الاسرائيلية فوق القصر الرئاسي أثناء اجتماع مهم يحضره الرئيس.. فكان الرد في «الزمن والمكان المناسب؟!» وضربت المقاتلات الاسرائيلية ما زعمت أنه مفاعل نووي في «دير الزور» فكان الرد أنه سيكون في الزمان والمكان المناسب؟! هذه هي ممانعة النظام عن الرد؟ بينما ممانع الشعب السوري هي المواقف الوطنية واستعداده للتضحية والقتال لتحرير الجولان، ويدفع عن رضا فاتورة السلاح ورواتب الجيش والقوات الأمنية الذين يقتلونه اليوم لمواقفه الوطنية! لا تخافوا على الموقف الشعبي السوري من قضايا أمته بعد رحيل النظام وأحسب أن هذا هو سر الصمت الاسرائيلي عما يجري في سوريا وأن رسالة السيد رامي مخلوف وصلت؟! وفي محاولته للتضليل والكذب على العالم قام النظام باستضافة وفود سياسية واعلامية، ونظم لهم زيارات ميدانية في دمشق وحلب حيث الأمن والأمان بفضل القبضة الأمنية غير المرئية التي تغطي ارجاء المدينتين بشكل غير مسبوق.. وكل من يعيش في تلك المدينتين يعرف تماما سر هذا الأمن حيث ينتشر الباعة الجائلون ويفترشون كافة الشوارع حتي الراقية منها وهؤلاء رجال أمن مدربين ومسلحون، ولو كشفت اسفل الفرش ستجد الرشاش في وجهك، وهذا ما حدث فعلاً عن اصطدام سيارة صديق بالفرش فكسب الرهان وتأكد لكنه دفع الثمن غالياً..؟! كذلك عمال النظافة فقد ازداد عددهم بشكل رهيب حتي يُخال لك ان نصف عدد سكان الحي زبالون؟ أما في المناطق الأكثر رقياً تجد الحواجز الأمنية المرعبة التي تنذرك من على بعد مئات الامتار وإلا القتل مباشرة؟ وقد حددوا لأهل تلك المناطق كلمة سر للمرور ليلاً ونهاراً؟! أضف الى ذلك الحديث عن اماكن تمركز سرية لقوات خاصة جداً وعلى درجة عالية من الجاهزية للانتشار السريع والدفاع عن النظام الذي يحتل عاصمة الأمويين، وفي هذا السياق لابد من ذكر واقعة الوفد الأممي الذي زار «حمص» الثائرة بعد المجازر التي شهدتها، فقد قام النظام قبل أيام من تلك الزيارة بتغيير اللافتات المؤدية إلى الاحياء التي شهدت المجزرة وتم استبدالها بأحياء يتم السيطرة عليها ولم تشهد أي اعمال عنف وعليه وجد الوفد الأممي نفسه أمام حيرة مما يشاهده وما سمع عنه وجاء ليسجله.. لكن الناشطين السياسيين من الثوار اكتشفوا اللعبة وتم ابلاغ الوفد الأممي بها فانكشف النظام، وكان الثمن عشرات الشهداء من أبناء «باب السباع» ومناطق أخرى؟! حقاً لعبة قذرة من نظام فاسق سرق حرية وكرامة الشعب السوري منذ زمن بعيد، واليوم يحاول أن يسرق الحقيقة، كما نجح في سرقة الأعضاء الداخلية للشهداء بعد قتلهم؟! فهل بعد ذلك إجرام؟! وهل سمعتم عن نظام يعتقل الناشطين السياسيين المطالبين بالكرامة والحرية بأقفاص مثل الحيوانات؟!.. أما الغريب والعجيب أن النظام وعلى مدى سبعة أشهر عمر الثورة لا يزال يبحث في القواميس العربية والاجنبية عن معنى كلمة «حرية» على الرغم من أن كل مواطن سوري حاول شرح معنى هذه الكلمة للنظام لكنه رفض أن يفهمها ولا أحسب أنه غبي لهذه الدرجة لكنه منطق القمع والقتل والاعتقال قد أعمى بصره وبصيرته، أما الغرور والغطرسة فهي تكفي وزير خارجيته لأن يمحو قارة بأكملها من على الخارطة العالمية؟! لقد أصبحت كلمة حرية عقدة النظام وذراعه الأمنية وشبيحته وجيشه، وهنا أجد نفسي مضطراً للاستشهاد بطرفة مأساوية كانت على شكل حوار بين رجال الأمن وأحد المعتقلين.. فعبد أن تم اعتقال متظاهر يطالب بالحرية، وتم تعذيبه بشكل وحشي سأله احد الجلادين: هل تريد الحرية؟ فقال والدماء على وجهه: نعم فانهالوا عليه ضرباً وركلاً.. وتكرر السؤال والجواب والتعذيب مرات حتى كاد يفقد وعيه عندها سأله أحدهم: هل مازالت تريد الحرية؟ فقال بصوت خافت: لا.. فسأله: فماذا تريد إذاً؟ فقال: اسقاط النظام.. عندها كانت الضربة القاضية ورموه في حاوية الزبالة! هذا غيض من فيض مما يحدث لأبناء الشعب السوري من وحشية غير مسبوقة في التاريخ، وعندما يذهب هذا النظام الى مزبلة التاريخ ستتكشف حقائق مذهلة يشيب لها الطفل الرضيع، وربما نُضيف بعض الحقائق لاحقاً بانتظار تلك اللحظة التاريخية لعل أصحاب الضمير الإنساني والاخوة وأبناء العمومة يستيقظون من سباتهم ليقفوا مع هذا الشعب في محنته غير المسبوقة في التاريخ.. ويبقى السؤال قائماً: إذا كان هذا جزءاً يسيراً من المشهد الدموي الذي تشهده سوريا اليوم فما هو المطلوب لتجاوز هذا الواقع المأساوي؟ هنا أجد من الأهمية بمكان الوقوف أمام النقاط المفصلية التالية: أولاً: علينا التنبه جيداً أن فقدان الأمل بالأخ والصديق والجار قد يُولد عند الشعب السوري حالة من الغضب العارم، وهذه الحالة قد تتحول الى واقع دموي وعندها لن ينفع الندم، وسيكون حساب الضمير قاسياً، أما حساب الرب فسيكون أقسى بكثير. ثانياً: مع إقرارنا بأن معظم الأطراف العربية مشغولة بهموم أوطانها وبخاصة بلدان الربيع العربي، لكن يجب ألا نغفل عن حقيقة وجود قاسم مشترك بين ثورات شعوبها وهو: الحرية والكرامة وعليه لابد من التلاقي بشكل ما ليصبح الربيع واحداً والمستقبل مشتركاً، وفي هذا المقام وبالرغم من الهموم والمخاطر التي تواجه ثورة 25 يناير العظيمة بشبابها وشعبها وقيادتها، الا ان الشعب السوري الجريح يناديكم لنصرته، وهذه اللفتة الرمزية في شكلها ستكون لها عظيم الأثر في معناها، فأنتم تعرفون جيداً تاريخنا المشترك الذي نقش بأحرف من نور في صدور شعبينا، ويجب ألا ننسى أن مصر هي الأم والحاضن لكل العروبة والاسلام وهذا قدرها وليس خيارها، فهل تنجدونها ب «جمعة نُصرة الشعب السوري»؟ ثالثا: أما آن الاوان لأن تطّلع الجامعة العربية بمسئوليتها ودورها القومي حماية للشعب السوري من القتل والتنكيل وانتهاك الأعراض في سابقة لم تعرفها شعوب أمتنا العربية؟ فإذا فعلت ذلك فهى تمثل حقاً ضمير الشعوب العربية وإن لم تفعل فهى تُمثل الأنظمة العربية ولن يكون مصيرها أفضل من مصير مثل هؤلاء الحكام الفاسقين. رابعاً: الشعب السوري وبرغم معاناته المأساوية يرفض التدخل الأجنبي تحت أي مُسمى كان، لكن في الوقت نفسه يسعى لحماية دولية انسانية بطرق سياسية واقتصادية ودبلوماسية لها أدواتها وآلياتها ولكن غير العسكرية، لأن اسقاط النظام مهمة الشعب وحده وقواه الوطنية، أما الاحاطة والمساندة فهي ما يطلبها ويسعى إليها. وأختم بالقول: إن الشعب السوري الجريح يستصرخ ضمير شعوب أمتنا العربية والإسلامية وضمير الجار والصديق، بل الضمير الانساني كله.. وينادي شعب الكنانة ويذكرهم: «ألستم خير أجناد الأرض كما قال رسولنا الكريم؟» «فهبوا لنصرة إخوانكم بكلمة حق، وموقف ضمير فأنتم اليوم تعيشون نسمات الحرية والكرامة برغم كل المصاعب التي تواجه ثورتكم العظيمة وستنجحون بإذن الله لجعل مصر كما كانت على الدوام «أم الدنيا» ولكل المصريين، فهل تلبون هذا النداء في «جمعة للتآخي والتضامن»؟ ---------- ناشط سياسي