علي مدار السنوات الماضية سعي أصحاب المعاشات للحصول علي حقوقهم المادية من أموالهم الموجودة في خزانة الدولة، والتي دائما ما يصفونها بأنها »تحويشة" العمر ، أحياناً تم تلبية طلباتهم ولكن علي الطريقة الحكومية، وأحيانا أخري لم يلاقوا غير بح أصواتهم بدون نتيجة، ولكن في نهاية الأمر يظل رصيد التأمينات هو الظهر الذي يرتكن عليه عواجيز مصر، ولذلك جاء تسرب خبر ضياع أموال التأمينات واهدار مبلغ 634 مليار جنيه بمثابة الصدمة لما يقرب من 22 مليون مواطن مصري من أصحاب المعاشات. البداية: كانت في تصريح د. أحمد حسن البرعي وزير القوي العاملة والهجرة الذي أكد فيه أن الحكومة اكتشفت اختفاء 634 مليار جنيه "27 مليار دولار" من أموال التأمينات، جاء ذلك الاجتماع الذي عقد للاستماع الي مشاكل عمال الغزل والنسيج في الاسكندرية حيث قال: إن مصر أشرفت علي الافلاس وتتحمل خسارة يومية تؤدي الي تدهور حالها داعيا الي ضرورة التكاتف وزيادة الانتاج. من جانبها سارعت وزارة المالية بنفي تصريح وزير القوي العاملة في بيان رسمي أكد عدم صحة ما تردد في بعض وسائل الاعلام عن ضياع 634 مليار جنيه من أموال التأمينات والمعاشات وما يردده البعض عن وصول الدين العام الي 011 تريليونات جنيه. وأشارت الوزارة الي أنه حرصا علي توضيح كافة الحقائق امام الرأي العام ومن منطلق الشفافية والحرص علي عدم تأثر الاقتصاد القومي سلبا بسبب تلك الأخبار والتقارير المغلوطة وحماية لاستقرار المجتمع في هذه الظروف التي تمر بها الدولة فان وزارة المالية تؤكد علي عدة حقائق مهمة: أولا:ً بالنسبة لعجز الموازنة العامة للدولة: أشارت الوزارة الي أن عجز الموازنة العامة لا يورث فهذا العجز في موازنة الدولة انما هو عجز سنوي يعبر عن عدم قدرة الموارد العامة للدولة عن الوفاء بمصروفاتها وخاصة الحتمية والتي تشمل الأجور والدعم وفوائد الدين والاستثمارات العامة وغيرها. وأياً كانت الاعتبارات المحيطة فان الجانب الفني بالضرورة سيكون غير واضح لغير المتخصصين. والموازنة العامة للدولة للسنة المالية الحالية 1102/2012 تضمنت عجزا متوقعا قدره 0٫431 مليار جنيه بنسبة 6٫8٪ من الناتج المحلي مقارنة ب 3٫031 مليار جنيه وفقا للحساب الختامي المبدئي للعام الماضي 0102 بنسبة 5٫9٪ من الناتج المحلي الاجمالي. أما بالنسبة لأموال التأمينات: أشار البيان الي إن ما ورد ببعض وسائل الاعلام من ضياع 634 مليار جنيه من أموال التأمينات هو أمر يخالف الحقيقة جملة وتفصيلاً. فالخزانة العامة للدولة حريصة كل الحرص علي أموال التأمينات خاصة وأن الخزانة العامة ضامنة لتلك الأموال وتلتزم وزارة المالية بتنفيذ أحكام قانون التأمينات الاجتماعية رقم 97 لسنة 5791 وتعديلاته. وحتي تكون الصورة واضحة أمام الجميع فان وزارة المالية تؤكد أن أموال صناديق التأمينات هي في الأساس أموال وظفتها تلك الصناديق منذ السبعينيات لدي صندوق استثمار الودائع والتأمينات بأسعار فائدة وصلت الي 5٫4 ثم تم توظيف تلك الأموال لدي بنك الاستثمار القومي بموجب القانون رقم 11 لسنة 0891 وقام البنك باعادة اقراض هذه الأموال لتمويل مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفقا للخطة العامة للدولة مع التزامه بأداء هذه الأموال الموظفة لديه الي الصناديق مع "رسملة" اي اضافة الفوائد عليها الي أصل الأموال الخاصة بصناديق التأمينات. ولما كان هذا الوضع لا يسمح للصناديق بالسيولة اللازمة لأداء التزاماتها التأمينية فقد راعت وزارة المالية اعتبارا من السنة المالية 6002/7002 إصدار صكوك علي الخزانة العامة بالجانب الأكبر من أموال صناديق التأمينات وهي صكوك بأسعار فائدة بلغت 8٪ تسددها الخزانة العامة نقدا للصناديق وبلغت هذه الفوائد المدفوعة من الخزانة 71 مليار جنيه سنويا وتبلغ هذه الأموال التي تضمنتها خزانة الدولة وبنك الاستثمار نحو 5٫303 مليار جنيه منها 9٫042 مليار طرف وزارة المالية و6٫26 مليار جنيه طرف بنك الاستثمار القومي وهي في مجملها حقوق لصناديق التأمينات موثقة، وتمت مراجعتها من الجهاز المركزي للمحاسبات والذي أشار الي أن ما نشر من أن الدين العام الداخلي وصل الي 011 تريليونات جنيه فانه يبدو أن هناك خلطاً بين مضمون التريليون والمليار فالدين الداخلي حتي بمفهومه العام انما وصل الي 8٫4401 مليار جنيه في 03/6/1102 موزعاً كالآتي: فهذا الدين العام المحلي يصل الي نحو واحد تريليون وليس 011 تريليونات ونسبته للناتج المحلي الاجمالي مازالت في الحدود الآمنة، كما أن الدين المشار اليه يحتوي علي مستحقات صناديق التأمينات السابق الاشارة اليها. بدوره الرقابي تدخل الجهاز المركزي للمحاسبات لحسم الجدل الدائر حول ضياع 634 مليار جنيه من أموال التأمينات من خلال تقرير شامل يعكف الجهاز الآن علي اعداده يظهر فيه الحقيقة الكاملة لهذه الأموال. وكلفت ادارتا مراقبة حسابات الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي باعداد التقرير وذلك للرد علي المذكرة التي أرسلها وزير المالية الدكتور حازم الببلاوي المتضمنة 51 سؤالا عن حجم مديونية وزارة المالية لصناديق المعاشات والأموال المستثمرة بمعرفة الصناديق.