بنظرات باسمة يملأها الرضا، ووجه متطلع لغدٍ مشرق لا يشوبه الإحباط، تعيش الحاجة نصرة، وسط بناتها الأربع حياة مثيرة للشفقة، ومع كل أهوالها احتفظت بابتسامة بشوشة على وجهها، تُخفى وراءها ما تعانيه من آلام الفقر المدقع، لتكون تلك الابتسامة عصاً سحرية يتكئ عليها بناتها ليستكملون حياتهن برأس مرفوعة. فى حارة صغيرة تملأها القمامة وتغرقها مياه الصرف الصحى، بمنطقة الشرابية، تظهر مأساة الحاجة نصرة، التى تبلغ من العمر ستين عامًا، وتعيش فى حُجرة متهالكة جوار منزل مهجور تملأه الثعابين، التى تثير الذعر والخوف فى نفوسهم، وتجعلهم عرضة للأمراض. تعيش الحاجة نصرة وبناتها الأربع فى حجرة صغيرة لا تتسع لشحص واحد، ولا يوجد بها مرافق أو وسائل معيشية تمكنهن من العيش كالأحياء، ليس لديهن سوى لمبة صغيرة تنير لهم ظُلمة الحياة ليلا، لكن للحياة متطلبات أخرى تجبر العجوز المسنة وبناتها، إلى اللجوء لجارة مسنة، من أجل الحصول على مياه الشرب أبسط متطلبات الحياة، بالإضافة إلى قضاء حاجتهن!! مع خيوط الفجر الأولى فى صباح كل يوم، تهرول الحاجة نصرة إلى صناديق القمامة للبحث عن الخردوات التى تقوم ببيعها لتحصل على قوت يومها الذى لا يتعدى ال 10 جنيهات؛ نظراً لانها لا تحصل على معاش لزوجها وترفض صدقات وإعانات أهل الخير والبر رغم أنها أصبحت لا تقوى على العمل، لكنها إرادة الله التى غمرت نفسها بالقناعة والرضا بما قسم الله. بنظرات دامعة لعيون لا تعرف سوى الصبر والتحدى، تحلم الحاجة نصرة أحلاماً بسيطة لكنها فى أعينها منتهى الأحلام، فى حياة مستقرة بين جدران خرسانية تحفظ عرضها وعرض بناتها، والحصول على لقمة العيش، دون اللجوء للسؤال أو مد اليد إلى الغير.