وزيرة التنمية المحلية تتابع مع وفد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية الموقف التنفيذي لمشروع مصرف كيتشنر    عبد العاطي يستقبل وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال إفريقيا    السكرتير العام المساعد للإسماعيلية يتابع استعداد السيارات والمعدات لفصل الشتاء    المايسترو أمير عبد المجيد: استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل خاطئ    لحظة بلحظة (موريتانيا 0 × 0 مصر) تصفيات أمم إفريقيا    وسام أبوعلي وعمر فرج يقودان تشكيل فلسطين ضد الكويت في تصفيات كأس العالم    وزير الأوقاف يعزي أسر طلاب حادث الجلالة.. ويدعو بالشفاء والعافية للمصابين    41 شهيدا و124 جريحا بسبب اعتداءات إسرائيلية على لبنان خلال 24 ساعة    أمام المجلس التنفيذي لليونسكو .. قطر تطالب بتضافر الجهود الدولية لحماية التعليم من الهجمات    جامعة بنها تنظم ندوة توعوية عن الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب ذوي الهمم    الصحة: 8 حالات غير مستقرة من مصابي حادث طريق الجلالة    وزير الصحة يلتقى نظيره التونسى لبحث تعزيز التعاون فى المجال الطبى    النص الكامل لمشروع قانون إنشاء المجلس الوطني للتعليم بعد موافقة البرلمان    البابا تواضروس يلقي العظة الأسبوعية من كنيسة الملاك ميخائيل بشيراتون    وزير التجارة والاستثمار يبحث مع السفير التركي تعزيز التعاون الاقتصادي    مهرجان المسرح العربي يكرم انتصار وبدرية طلبة في افتتاح دورته الخامسة    انطلاق تصوير فيلم «إن غاب القط» بطولة آسر ياسين وأسماء جلال| صور    الحكومة البريطانية تفرض عقوبات على منظمات تشارك في بناء مواقع استيطانية بالضفة الغربية    أستاذ عقيدة: فهم الإسلام الصحيح يحمى أبنائنا من التطرف    قبل اتساع نطاقها.. وزير الأوقاف السابق يدعو لوقف العدوان على غزة ولبنان    قصف مدفعي إسرائيلي على أطراف بلدة شبعا جنوبي لبنان    التمور في الأحساء.. محصول زراعي ارتبط بالإرث الثقافي والاجتماعي    رسم ترخيص وجراجات.. ننشر أبرز التعديلات على قانون البناء الموحد    وزير الأوقاف: نرفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم حتى لا يتم تصفية القضية    محاضرة توعوية حول مخاطر المخدرات وطرق الوقاية منها ببيت ثقافة طهطا بسوهاج    شهد سامي تحرز برونزية بطولة مالابو المفتوحة للتايكوندو بغينيا الاستوائية    وزير الإسكان يتابع مشروعات إعادة إحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية بمحافظة القاهرة    نصر علام: دخول اتفاق عنتيبي حيز التنفيذ "عبث لا يرقى لمستوى الدول"    وفد قيادات التعليم العالي يزور الطلاب المُصابين في حادث أتوبيس الجلالة    حكم قراءة سورة الفاتحة بنية شفاء المرضى وقضاء الحاجات    "القومى للمرأة" يشيد بمبادرة حقوق الإنسان بوزارة الداخلية للأشخاص ذوى الإعاقة البصرية    ملك الأردن: وقف إطلاق النار في غزة أمر أساسي للتوصل إلى تهدئة شاملة بالمنطقة    كاف يعلن تأجيل مباراة ليبيا ضد نيجيريا فى تصفيات كأس أمم أفريقيا    «أوراسكوم للتنمية» توقع اتفاقية تمويل ب155 مليون دولار (تفاصيل)    أمين الجامعة العربية يبحث مع الجانب التركي الأوضاع المستعرة في المنطقة (تفاصيل)    نائب الأمين العام لحزب الله: السياسات الإسرائيلية قائمة على القتل والتشريد وارتكاب المجازر    «توفنا وأنت راضٍ عنا».. آخر منشورات الطالبة «هاجر» ضحية حادث أتوبيس جامعة الجلالة    تأجيل محاكمة 46 متهما بخلية العجوزة    مبادرة بداية.. انطلاق مسابقة حفظ القرآن الكريم للأطفال بأسوان    نادين نجيم وملح الفن ضيوف برنامج "صاحبة السعادة"    حملة 100 يوم صحة.. تقديم أكثر من 118 مليون خدمة مجانية خلال 75 يوما    الأونروا: تطعيم 93 ألف طفل فى الجولة الثانية من حملة التحصين ضد شلل الأطفال فى غزة    2000 فرصة عمل والتقديم أونلاين.. وزارة العمل تعلن تفاصيل أول قائمة    محافظ القاهرة: وضع قرية الفخار والمجمع الحرفى على خريطة المزارات خلال المنتدى الحضرى العالمى    العويران: أنا زملكاوي وسأقيم مباراة اعتزالي ضد الزمالك    كما كشف في الجول - الجونة يتعاقد مع عصام صبحي    الخميس.. الثقافة تطلق مهرجان أسوان احتفالًا بتعامد الشمس بمعبد "أبو سمبل"    ترشيح لحسام البدري لتدريب شباب بلوزداد الجزائري    وزير الخارجية يترأس الاجتماع الثانى ل"العليا لحقوق الإنسان" بحضور ضياء رشوان    وزير الإسكان يُعلن عن أكبر طرح للأراضي السكنية المتنوعة ب20 مدينة جديدة    محافظ القليوبية: تقديم تسهيلات للمواطنين الجادين في طلبات تقنين أوضاعهم    رئيس الوزراء يؤكد على سرعة الانتهاء من مشروعات المياه والصرف الصحي    "لا يسخر قوم من قوم".. تعظيم حرمة الإنسان وعدم التنمر موضوع خطبة الجمعة    تحرير 1138 مخالفة تموينية متنوعة بالفيوم خلال أسبوعين    دفاع المتهمين بفبركة سحر مؤمن زكريا يطلب استبعاد تهمتى النصب والابتزاز    «بجبر بخاطر المشاهدين».. أقوال صادمة للزوجة المسحولة بسبب فيديوهات تيك توك    حار نهاراً ومعتدل الحرارة ليلًا.. حالة الطقس اليوم    اليوم.. محاكمة المتهمين في واقعة فبركة سحر مؤمن زكريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد يسين يكتب : القوانين الأساسية للمستقبل العالمي
نشر في الوفد يوم 03 - 04 - 2016

لم يشأ القرن العشرون أن ينتهي ليسلم زمام البشرية إلى القرن الحادي والعشرين، قبل أن يحسم حسماً نهائياً المناظرة الكبرى التي دارت في جنباته بين الرأسمالية والماركسية. وليس هناك من شك في أن ثورة أكتوبر الكبرى التي وقعت أحداثها عام 1917 في روسيا، والتي ترتب عليها نشوء نظام سياسي جديد لم يشهده العالم من قبل، كانت من أهم أحداث القرن.
ومنذ نشأ هذا النظام، شُنَّت ضده الحملات العسكرية السياسية والدعائية والإعلامية، وكرس مفكرون غربيون كثرٌ حياتهم العلمية للهجوم عليه، وتفنيد أسسه الفلسفية ودعائمه الاجتماعية والاقتصادية. وفي مقابل ذلك، قام المعسكر الاشتراكي بحملة مضادة على الرأسمالية والإمبريالية والديموقراطية الغربية. وهكذا هيمن على مناخ القرن العشرين هذا الصراع الضاري بين الماركسية والرأسمالية، الذي اتخذ أبعاداً بالغة الخطورة، تمثلت في سباق التسلح النووي، الذي وضع البشرية كلها على حافة الخطر.
ودارت المناظرة – المعركة – وكل فريق يتوعد الآخر بقرب هزيمته الكاملة.
غير أن الرأسمالية أثبتت – بما لا يدع مجالاً لأي شك – قدرتها على تجديد نفسها، واستفادتها من النقد الماركسي في تطوير مشروعها، في الوقت الذي جمدت فيه الماركسية جموداً شديداً، على رغم المحاولات الجسور لإنقاذ المشروع الاشتراكي من الفشل، سواء من خلال الممارسات النظرية النقدية التي أرادت أن تقدم قراءة جديدة للماركسية، ربما من أبرز صورها محاولة الفيلسوف الفرنسي لويس التوسير، أو من خلال الممارسة السياسية، خصوصاً محاولة الشيوعية الأوروبية التخلي عن بعض المسلمات، في سبيل التكيف مع النظام البرلماني الأوروبي، وقبول فكرة الوصول إلى الاشتراكية من خلال الانتخابات.
من هنا، يمكن القول أن فهم ما حدث في العالم، لا يمكن أن يتم في شكل موضوعي لو بني على أساس «المنهج الاستقطابي» – إن صح التعبير – الذي يميز تمييزاً فاصلاً بين الماركسية والرأسمالية، كما يتم التمييز بين الأبيض والأسود. ذلك أنه عبر مرحلة تاريخية طويلة، تمت فيها عملية التأثر والتأثير، ومن خلالها انتقلت الأفكار والتجارب من نظام إلى آخر، في صمت ومن غير إعلان رسمي.
وهذه العملية البطيئة المعقدة، لا يغني في فهمها سوى مدخل التحليل الثقافي الذي يركز على أنظمة الأفكار في نشوئها وتحولها وتغيرها. من هنا، فإن تتبع الرحلة الطويلة التي قطعها العقل الغربي بعد الحرب العالمية الثانية حتى الآن، سواء في شقه الماركسي أو الرأسمالي، هو الذي يسمح لنا فهم ما حدث من انقلابات سياسية وتغيرات اقتصادية.
والواقع أنه لو أردنا أن نرسم خريطة معرفية شاملة لمستقبل المجتمع العالمي لاكتشفنا أن هناك تغيرات كبرى لحقت ببنيته وهذه التغيرات لحقت بمجالات متعددة في المعرفة والتعليم والأمن النسبي للمجتمعات والأمن القومي للدول وكذلك في مجال التفاعل الحضاري، وفي ميدان الاقتصاد والنظرية السياسية ودور الدولة في التنمية، وأخيراً وقد يكون أولاً في مقولة بازغة مبناها أن عصر العولمة وصل إلى منتهاه، وأننا نعيش اليوم عصر ما بعد العولمة وكل هذه التغيرات الكبرى أطلقنا عليها القوانين الأساسية للمستقبل العالمي.
وندرك جيداً أهمية الوصف الدقيق لكل هذه القوانين وإبراز ملامحها الرئيسة حتى تكون لدى صانع القرار في أي بلد من بلاد العالم رؤية صافية للمستقبل تسمح له برسم السيناريوات المتعددة الكفيلة بتحقيق تقدم بلده وذلك في عالم يتسم بعدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ.
وذلك إضافة إلى أن تحليل هذه التغيرات وإبراز منطقها الكامن سيساعد – إلى جانب صانع القرار - النخب السياسية والنخب الثقافية، بل والجماهير عموماً على أن تفهم روح العصر الذي نعيشه وتتعرف بدقة إلى ملامحه الأساسية وتدرك المنطق الكامن وراء كل تغير.
ومجموع هذه التغيرات الكبرى التي بدأت في تغيير ملامح المجتمع العالمي تسع تغيرات تلمس ميادين شتى. وسنبدأ اليوم بالحديث عن الانتقال من مجتمع المعلومات إلى مجتمع المعرفة.
ويمكن القول أن الانتقال من مجتمع المعلومات العالمي بسماته إلى مجتمع المعرفة يعد نقلة كيفية في مجال التطور الحضاري الإنساني.
وليس معنى ذلك أن المجتمعات الإنسانية السابقة أو الحديثة أو المعاصرة لم تكن مجتمعات معرفة، لكن الفرق يبدو في نوع المعرفة التي تسود المجتمع، خصوصاً في ظل انتشار تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال الجديدة، وبروز الإنترنت كشبكة عامة فتحت فرصاً جديدة لتوسعة الفضاء العام للمعرفة.
ويمكن القول أن السيطرة على المعرفة - اليوم كما كان في الماضي - يمكن أن تترافق مع عدد كبير من التفاوتات والإقصاءات والصراعات الاجتماعية.
وفي ظل الفكرة التي تذهب إلى أن «المعرفة قوة»، فقد ظلت ردحاً طويلاً من الزمن حكراً على من يسيطرون على المجتمعات، خصوصاً الحكماء في المجتمعات القديمة الذين كانوا يحتكرونها، بحيث لا يتاح للعامة أن يعرفوا أسرارها المصون.
غير أنه اعتباراً من «عصر الأنوار»، أدى التقدم في المسار الديموقراطي الذي يقوم على أساس مبدأ الانفتاح وانتشار أفكار العالمية والحرية والمساواة، أن ظهر – وإن كان ببطء - فضاء عام للمعرفة ساعد على تطويره انتشار المعارف بواسطة المخطوطات، ثم كان ظهور الطباعة قفزة كبرى في هذا المجال، إضافة إلى شيوع التعليم العام والتعليم الجامعي.
والسؤال المطروح الآن هل سيؤدي انتشار تكنولوجيا المعلومات وبروز الإنترنت كشبكة عامة إلى فتح فرص جديدة لتوسعة الفضاء العام للمعرفة، وهل سنملك وسائل تسمح لجميع الناس بالنفاذ في شكل متساو وشامل إلى المعرفة؟
الواقع أن تحقيق هذا الهدف هو أساس أي مجتمعات حقيقية للمعرفة لتكون مصدراً لتنمية بشرية مستدامة.
ولا بد من توضيح الفرق الجوهري بين مجتمع المعلومات ومجتمع المعرفة، وذلك لأن المعلومات لا تكون بذاتها معرفة، والمعرفة تحتاج بصورة عامة إلى عقل نقدي يفاضل بين المعلومات ويميز بين الزائف منها والصحيح، ويستطيع أن يفاضل بين الآراء المختلفة ليفرز الذاتي من الموضوعي.
وهناك اتفاق بين الباحثين على أن هناك عوامل كثيرة أدت إلى تغيير قواعد ممارسة الأنشطة الاقتصادية لا تؤثر تأثيراً كبيراً في المنافسة بين المشروعات وهي:
العولمة التي أدت إلى أن الأسواق والمنتجات أصبحت معولمة، وتعميق تكنولوجيا المعلومات. الميديا الجديدة التي أدت إلى زيادة المنتجات وتوزيع المعارف، والتي أدت في النهاية إلى نشوء ما يطلق عليه الذكاء الجماعي Collective intelligence. التشبيك الإلكتروني وزيادة القدرة على الاتصال. وفي ضوء هذه التطورات، فإن السلع والخدمات يمكن أن تنمى وتشترى وتتاح وفي أغلب الحالات تسلم عبر الشبكات الإلكترونية.
وهناك سمات متعددة لاقتصاد المعرفة لا يتسع المجال لاستعراضها.
ويلتفت التقرير الأول لليونسكو عن مجتمع المعلومات إلى مسألة في غاية الأهمية هي أخطار التسليع المفرط للمعارف. وهو يقرر أن المعرفة أضحت مسلعة «في شكل معلومات قابلة للتبادل والترميز».
وهناك انتقادات لهذا الاتجاه، لأن المعرفة في هذه الصورة يمكن التلاعب بها في قواعد البيانات ومحركات البحث وإدماجها في الإنتاج كإحدى ترتيبات العلم القائم على التكنولوجيا، وتحويلها إلى شرط للتنمية وإلى رهان للسلطة أو إلى أداة للمراقبة قد تنتهي إلى هدم نفسها بنفسها من حيث هي معرفة.
وتبدو الخطورة في أن الاستحواذ على المعارف بعد التسليع المفرط لها في المجتمع العالمي للمعلومات قد يشكل تهديداً جدياً لتنوع الثقافات المعرفية.
من هنا، يصح التساؤل عن المكان الذي ستمثله بعض المهارات والمعارف المحلية أو الأصلية في اقتصاد تعطى فيه الأولوية للمعارف العلمية أو التقنية؟
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.