لا يستطيع الداخل إلي أي سوق في مدينة جوبا عاصمة الجنوب السوداني إلا أن يتوقف أمام ظاهرة جديرة بالاهتمام ألا وهي ظاهرة »كوافيرة الشارع« وهي مهنة تمارسها سيدات يجدان فنون وصل الشعر وتصفيفه وصبغه وإلي غير ذلك من هذه الفنون المتعلقة بأناقة المرأة، وتتواجد في كافة أسواق المدينة أكشاك خشبية متواضعة للغاية كل كشك عبارة عن 3 حوائط فقط بلا أبواب أرضيته غير مستوية رملية كانت أو صخرية ولايوجد به إلا مقعد خشبى واحد تجلس عليه فقط من يحل عليها الدور من النساء اللائى ينتظرن وهن جالسات على الارض تتبادلن أطراف الحديث والضحكات، وترتدى "الكوافيرة" مالكة هذا الكشك جوب أسود وبلوزة بيضاء واضعة على الارض حقيبة صغيرة بها بعض الامشاط الخشبية وعلب من المساحيق لا يعرف منها غير الكحل ووصلات من الشعر وضفائر كثيرة وزجاجات بها صبغات مختلفة الالوان. وما إن تجلس السيدة التى يحل عليها الدور على المقعد حتى تبدى استسلاماً غير عادى لهذه الكوافيرة التى تسألها عادة عن طلبها ثم تقوم بكل مهارة بتنفيذ طلبها على أكمل وجه، وما تكاد "كوافيرة الشارع" تنتهى من مهمتها حتى تخرج السيدة بضع جنيهات سودانية تدسها فى جيب كوافيرتها شاكرة لها مافعلت وإذا كانت هذه الاكشاك بلا أبواب إلا أنه من "قلة الحياء" أن يتلصص الرجال بأعينهم على ما يدور بالداخل ، باعتبار أن هذه عادة استقر عليها منذ زمن طويل، أما بخصوص الاجانب الذين لايعرفون عادات أهل المدينة فإن حظهم من العقاب اذا وقعت أعينهم على مايجرى داخل هذه الاكشاك مجرد ابتسامة عتاب من الكوافيرة أو زبائنها، وتفتقر حقيبة الكوافيرة إلى أى أجهزة قد تساعدها فى أداء مهمتها مثل السيشوار أو مكواة الشعر أو الرولو أو غير ذلك فهى تقوم بفعل كل شىء يدوياً، ومن بين من تم التحدث معهن كوافيرة تدعى "يايا" بسوق كاسطم أحد أكبر الاسواق فى المدينة حيث أكدت أنها تعمل فى هذه السوق منذ 4 سنوات وأن ما يعنيها هو تحقيق مطالب السيدات اللائى يترددن عليها ، وأرجعت تواضع هذه الاكشاك الى عدة أسباب أهمها أن وضعها غير قانونى فمن الممكن فى اى لحظة أن تستولى الحكومة على أرض السوق مثلا ولذا فإنها تكتفى بهذه الحوائط الخشبية لحين تقنين وضعها بعد ذلك .وقالت "يايا" إن حلمها الاكبر أن تعمل فى مصر وأنها على دراية بأن هذه المهنة فى القاهرة تدر أرباحا طائلة على أصحابها .