دخلت محكمة النقض التي تنظر إعادة محاكمة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في القضية المعروفة إعلاميا ب«قتل المتظاهرين» في مأزق شديد بسبب مكان انعقاد المحاكمة من جديد، وذلك بعد ان تسلمت إخطارًا رسميا أمس من وزارة الداخلية بعدم قدرتها على توفير مكان مناسب أمنياً لإجراء جلسات المحاكمة. ويعد هذا الاخطار الثالث التي تسلمته المحكمة منذ نظر القضية والذي حمل نفس المضمون وهو تعذر تأمين مبارك الا في اكاديمية الشرطة، إلا أن محكمة النقض رفضت في المرات السابقة انعقاد جلساتها داخل الاكاديمية، وذلك لعدم حيادية المكان، وطالبت بتحديد مكان مناسب ومحايد للانتقال اليه. ومن المقرر أن تعقد الجلسة القادمة في قضية «قتل المتظاهرين» يوم 7 إبريل بدار القضاء العالي، دون حضور مبارك وذلك لتعذر إحضاره علي الجهات الأمنية نظراً لصعوبة نقله بالوسائل العادية لخطورة حالته الصحية ولأنه يحتاج إلى متابعة طبية مستمرة. وقال المستشار عادل الشوربجي، النائب الاول لرئيس محكمة النقض، في تصريحات خاصة ل«الوفد» ان محكمة النقض تصر علي موقفها وترفض الانتقال الي أكاديمية الشرطة، وتطالب بتخصيص مكان لقضاة النقض فقط يكون داخل القاهرة وأن يكون ملائماً للمحكمة، لافتاً إلي أن المحكمة لا ترفض مبدأ الانتقال ولكن تعترض علي المكان، وقال مشدداً «نريد مكاناً مخصصاً لنا فقط فاليوم ننظر محاكمة مبارك وغداً قد ننظر محاكمة أي شخص آخر فهل يعقل أن تكون في مقر الشرطة». وأوضح انه في حالة عدم توفير مكان خاص بالنقض يلائم طبيعة عملها فسوف تعقد جلسة مبارك القادمة داخل دار القضاء العالي ولن تنتقل الي أكاديمية الشرطة، موضحًا أن هيئة المحكمة سبق وأبدت اعتراضها علي نقل الجلسات إلى أى مكان آخر غير مستقل عن جميع الأطراف، وأن وزارة العدل أكدت فى وقت سابق، ضرورة انعقاد الجلسات فى مكان محايد وعدم ملاءمة أكاديمية الشرطة لانعقاد الجلسات هناك. بينما يري المستشار رفعت السعيد، رئيس محكمة جنايات القاهرة الاسبق، ان الاصل المقرر قانوناً أن تجري المحاكمات سواء جنائية أو مدنية في القاعات المخصصة لهذا الغرض، وانه علي سبيل الاستثناء يتم نقل الدائرة التي تنظر قضية معينة الي مقر خارج قاعات المحكمة وذلك لاسباب أمنية أو لأي أسباب يراها رئيس الدائرة أو الجهات الامنية، موضحاً انه في حالة عدم تحقيق الامن والامان سواء للقضاة أو المتهمين أو أعضاء هيئة الدفاع ومشاهدي المحاكم العلانية يتم اختيار مكان آخر لتحقيق الدواعي الامنية فيه. وقال «السعيد» ان محاكمات رجال نظام «مبارك» والمتهمين من خلايا جماعة الاخوان وعلي رأسهم الرئيس الاسبق محمد مرسي تم نقلهم الي أماكن مخصصة لمحاكمتهم وذلك لتوفير الامن لهم، حيث تم نقلهم بواسطة طائرات مخصصة الي أكاديمية الشرطة، مؤكداً ان بعض أعضاء المحاكم تم نقلهم بذات الوسيلة، لذلك يري «السعيد» ان قرار وزير العدل بنقل محاكمة «مبارك» قرار صائب، قائلاً: «إنه من الصعب أن تعقد محاكمة مبارك بدار القضاء وفي وسط البلد لان بها أكثر من ألف عامل وموظف كما يرد اليها ما لا يقل عن الف مواطن لديهم مطالب وقضايا، وهذا يجعل عملية تأمين الجلسة مغامرة لا يمكن تفادي عواقبها». وعلي الجانب الآخر كشف مصدر أمني بمحكمة دار القضاء العالي ل«الوفد» أنه يجوز نقل محكمة النقض الي أكاديمية الشرطة وذلك لتواجدها داخل النطاق الجغرافي المحدد في القانون، والذي نص بأن يكون مكان انعقاد المحكمة داخل العاصمة وهي القاهرة، وتساءل المصدر هل اذا وقع لدار القضاء طارئ ما «كحريق أو انهيار»، وعقدت محكمة النقض جلساتها في مكان آخر فهل هذا غير قانوني؟، مؤكداً ان أي مكان تنظر فيه محكمة النقض قضاياها يعد مقراً للمحكمة طالما ان أعضاء هيئة المحكمة متواجدون. الجدير بالذكر ان «مبارك» استنفد جميع مراحل التقاضي في قضية «محاكمة القرن»، ليقف أمام محطتها الاخيرة في محكمة النقض التي تنظر القضية في الموضوع لذلك فإنه يلزم حضور «مبارك» بنفسه جلسات محاكماته، ويعد حكم محكمة النقض علي «مبارك» نافذا وواجب التطبيق ولا يقبل الطعن عليه مرة أخري. كانت محكمة النقض في جلساتها السابقة برئاسة المستشار أحمد عبدالقوي قررت، تأجيل ثاني جلسات إعادة محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك في القضية المعروفة إعلاميا ب«قتل المتظاهرين» إبان 25 يناير 2011، وطالبت المحكمة بإلزام حضور مبارك و بتوفير مكان مناسب أمنيا لإجراء المحاكمة. الجدير بالذكر ان الجلسة قبل الماضية التي عقدت في 5 نوفمبر 2015 تأجلت لنفس السبب وهو عدم حضور المتهم واتخاذ إجراءات نقل المحاكمة للمكان المناسب، كانت محكمة النقض قد قضت بقبول طلب النيابة بنقض الحكم، فيما يتعلق باتهام واحد فقط موجه لمبارك وهو «الاشتراك فى القتل العمد بحق المتظاهرين».