تراجع أسعار النفط رغم تمديد أوبك+ خفض الإنتاج    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 3 يونيو    كلاوديا شينباوم مرشحة اليسار الحاكم تفوز برئاسة المكسيك    بينهم 3 أطفال.. استشهاد 8 فلسطينيين في قصف إسرائيلي بخان يونس    متى تفتح العمرة بعد الحج ومدة صلاحية التأشيرة؟.. تفاصيل وخطوات التقديم    حريق هائل يخلف خسائر كبيرة بمؤسسة «اتصالات الجزائر» جنوب شرق البلاد    طقس اليوم.. شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    استشهاد 8 بينهم 3 أطفال فى قصف إسرائيلى على منزلين بخان يونس    التعليم: مصروفات المدارس الخاصة بأنواعها يتم متابعتها بآلية دقيقة    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    انعقاد اجتماع وزراء خارجية كوريا الجنوبية والدول الأفريقية في سول    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    "لقاءات أوروبية ومنافسة عربية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    الغموض يسيطر على مستقبل ثنائي الأهلي (تفاصيل)    حماية المستهلك: ممارسات بعض التجار سبب ارتفاع الأسعار ونعمل على مواجهتهم    اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 500 مليون دولار    موعد ورابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة جنوب سيناء    السكك الحديد: تشغل عدد من القطارات الإضافية بالعيد وهذه مواعيدها    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    سماع دوي انفجارات عنيفة في أوكرانيا    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلين شرق خان يونس إلى 10 شهداء    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب "إيشيكاوا" اليابانية    «مبيدافعش بنص جنيه».. تعليق صادم من خالد الغندور بشأن مستوى زيزو    خوسيلو: لا أعرف أين سألعب.. وبعض اللاعبين لم يحتفلوا ب أبطال أوروبا    أفشة ابن الناس الطيبين، 7 تصريحات لا تفوتك لنجم الأهلي (فيديو)    تعرف على آخر تحديث لأسعار الذهب.. «شوف عيار 21 بكام»    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية.. ويوجه مشرفي الحج بتوفير سبل الراحة    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    تكات المحشي لطعم وريحة تجيب آخر الشارع.. مقدار الشوربة والأرز لكل كيلو    منتدى الأعمال المصري المجري للاتصالات يستعرض فرص الشراكات بين البلدين    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لشخص أشعل النيران في جسده بكرداسة    العثور على جثة طالبة بالمرحلة الإعدادية في المنيا    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتمالات المطروحة لتسوية الأزمة السورية
نشر في الوفد يوم 06 - 03 - 2016

لا تزال الأزمة السورية محور اهتمام دول العالم وجميعها تبحث عن إمكان تحقيق الاستقرار في منطقة المشرق العربي ومنطقة الخليج لتحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية خاصة دول الاتحاد الأوروبي التي تأثرت مصالحها الاقتصادية بالصراعات في منطقة الشرق الأوسط بالإضافة إلي انتشار الإرهاب فيه وتصديره إليها مما يخل بأمنها القومي كذا استمرار هجرة اللاجئين السوريين إليها والذي يشكل عبئا علي اقتصادها القومي.
- ولقد تناولنا بجريدة «الوفد» بالعدد رقم 9045 بتاريخ 12/2/2016 مقالا عن الموقف في سوريا تحت عنوان «الوصاية تعرقل حل الأزمة السورية» تضمن النقاط الرئيسية التالية:
1- إن الحل الوحيد للقضاء علي داعش هو حل الأزمة السورية سياسيا ليتفرغ الجيش السوري لشن عملياته البرية ضدها والتي بدونها لا يمكن حسم الموقف في سوريا.
2- إن نظام بشار الأسد يعتبر قمة تنظيم حزب البعث السوري والذي يمثل القيادة القطرية للحزب وأن نظام الحكم يمارس اختصاصاته من خلال الحزب والذي يتغلغل في كل أركان الدولة ويسيطر علي المشهد السوري ويديره داخليا وخارجيا.
3- إن سوريا تمثل رمانة ميزان المشرق العربي لإمكانياتها العسكرية ودولة محورية فيه حققت طفرات اقتصادية وسياسية كانت محل تقدير معظم القوي السياسية العالمية وتتمتع بعلاقة خاصة مع كل من روسيا والصين ويحققان لها الحصانة الدولية من أية قرارات ضدها في مجلس الأمن الدولي.
- ومع استمرار الصراع في سوريا وعدم وضوح الرؤي حوله نظرا لتباين واختلاف مصالح أطراف الصراع فإن الأمر يتطلب إلقاء نظرة تقييمية لكل أطرافه كالتالي:
أولاً: الموقف السوري
1- إن نظام الحكم في سوريا والذي يعتبر قمة تنظيم حزب البعث السوري يمارس مسئولياته الدستورية والقانونية لتأمين سوريا وحماية أمنها القومي بعناصره السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي فإن تحركها ضد تنظيمات المعارضة المسلحة التي تهدد الاستقرار وتثير الفوضي وتهدد أمن سوريا القومي تنبع من مسئولياته الدستورية في هذا المجال.
2- إن تقييم نظام الحكم السوري للمعارضة المسلحة السورية أن معظمها من المأمورين تنفيذ أجندات وأهداف دول خارجية سواء علي الأرض أو استمرارها في العملية السياسية ويعتبر أن من يرفع سلاحه ويواجه الجيش السوري ويهدد استقرار سوريا ينسحب عليهم صفة الإرهابيين.
3- إن النظام السوري يرفض بدء التسوية السياسية قبل تحرير جميع الأراضي السورية من التنظيمات الإرهابية وسيطرة الدولة علي كل الأراضي السورية ووحدة الشعب السوري وعودة اللاجئين السوريين إلي سوريا.
3- إن القوات المسلحة السورية قد حققت إنجازا علي الأرض من خلال عملياتها البرية المدعومة بالغطاء الجوي السوري والروسي وأنها أصبحت تمتلك المبادأة ضد قوات داعش والمعارضة المسلحة وأن الكفة أصبحت ميدانيا تميل لصالح النظام السوري.
ثانياً: المعارضة السورية المسلحة
1- إن تحرك المعارضة السورية وتحرشها ضد نظام الحكم السوري والذي بدأ سنة 2007 بموافقة ودعم الولايات المتحدة الأمريكية لها من خلال السعودية - وتركيا - وقطر بهدف الضغط عليه لإجراء الإصلاحات السياسية وإشراك معظم الأطياف السياسية في الحكم بدلا من نظام حكم الحزب الأوحد ولقد حاولت أطياف المعارضة المسلحة تحقيق أية نتائج إيجابية تجبر النظام السوري علي الاعتراف بها أو السعي لتحقيق مطالبها إلا أنها لم تحقق إنجازا علي الأرض يدعم موقفها ميدانيا.
2- وإزاء الموقف السلبي القتالي للمعارضة السورية المسلحة فلقد تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية تدخلا مباشرا تمويلا وتسليحا وتدريبا وتعاونت مع كل أطياف المعارضة المسلحة السورية لمحاولة تحقيق توازن عسكري علي الأرض مع الجيش السوري لإجبار النظام علي التسليم بمطالبها.
3- ومع استمرار الصراع الميداني بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة فلقد استغل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) حالة الفوضي بالإضافة إلي إنشاء تنظيم القاعدة تنظيما جديدا في سوريا للعمل ضد القوات السورية تحت مسمي جبهة النصرة.
4- وإزاء فشل المعارضة السورية المسلحة في تحقيق أهدافها عسكريا فلقد حاولت أطراف الأزمة السورية المعارضة لاستمرار النظام السوري (أمريكا - تركيا - السعودية - قطر) تشكيل كيان سياسي للمعارضة السورية المسلحة إلي جانب الكيان العسكري لاستغلاله في التسوية السياسية إنطلاقاً من وجهة نظرها بأن وقف المأساة السورية لن تفعَّل إلا من خلال عملية انتقالية تكون المعارضة السورية طرفا فيها طبقاً لمقررات مؤتمرات جنيف وميونخ.
5- ولقد جاء الموقف السعودي وتدخله بصفة رئيسية لدعم المعارضة السورية المسلحة تتويجا لتحقيق هدف رئيس لها هو تنحية بشار الأسد عن السلطة إما من خلال عملية سياسية أو مواصلة دعم المعارضة المسلحة السورية لإبعاده بالقوة وعدم استمراره في السلطة خلال الفترة الانتقالية من خلال إجراءاتها التالية:
تجميع المعارضة المسلحة السورية في الرياضة الفترة من 8 إلي 10 ديسمبر سنة 2015 لإنشاء كيان سياسي لها وصيغة توافقية لجميع أطياف المعارضة السورية المسلحة لاستخدامه عسكريا وسياسيا ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
ومع عدم وضوح أفق سياسي للمعارضة المسلحة السورية في مؤتمرات جنيف فلقد عاودت السعودية بالاتفاق مع تركيا محاولة إعادة هيكلة ودعم الكيان العسكري للمعارضة المسلحة السورية وذلك بمحاولة إنشاء منطقة آمنة لها علي حدودها مع سوريا تحت شعار محاربة التنظيمات الكردية وتأمينها بقوات تركية في نفس الوقت الذي بدأت فيه السعودية إجراء مناورة عسكرية علي أراضيها تحت مسمي رعد الشمال بمشاركة 20 دولة عربية وإسلامية وأجنبية بهدف رفع الاستعداد القتالي وتبادل المعلومات والتنسيق بين قوات الدول المشاركة في هذه المناورة وتزامنها مع مناورة جوية بين تركيا والسعودية لمدة 5 أيام.
وتأتي هذه الإجراءات السعودية التركية في مجال التلويح السعودي بحشد 150 ألف جندي للتحرك بريا في سوريا وإن كان ظاهرها هو محاربة داعش إنما حقيقتها بالدرجة الأولي هو دعم المعارضة المسلحة السورية ميدانيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لاستمرار وجودها ميدانيا والحفاظ علي مكتسباتها علي الأرض ميدانيا لفرضها علي النظام في التسوية السياسية للأزمة السورية.
ولقد جاء رد الفعل الرسمي السوري واضحا بالنسبة لدخول أية قوات برية في سوريا مهما كان الساتر الذي يغطيها دون الموافقة السورية عليه ومعارضة سوريا لأية تدخل بري أو إنشاء مناطق عازلة علي حدودها.
ثالثا: الموقف الروسي
1- تدعم روسيا سوريا عسكريا انطلاقا من أنها تعتبر موطئ القدم الروسي المتوافر حاليا في منطقة الشرق الأوسط (قاعدة بحرية في ميناء طرطوس) والذي تجسد هذا الدعم علي أرض الواقع بإعلان روسيا يوم 11 سبتمبر سنة 2015 عن إجراء سلسلة مناورات بالذخيرة الحية لسفنها الحربية أمام الساحل السوري ثم تطور هذا الدعم بإنشاء قاعدة جوية قرب اللاذقية لاستخدامها في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) كما تحرص أيضا ومعها الصين علي دعم النظام السوري سياسيا وتوفير الحصانة الدولية له لاستمراره من القرارات الدولية المضادة بالإضافة إلي مصالحهما الاقتصادية معه.
2- واستمراراً لهذا الدعم فقد أعلن الرئيس بوتين في 26/8/2015 عزم روسيا التدخل عسكريا للقضاء علي تنظيم داعش وبدء مرحلة الاستعداد العسكري لخدمة عملياتها في سوريا بحشد قواتها الجوية لغطاء جوي للقوات البرية السورية باعتباره الأسلوب القتالي الوحيد والإيجابي للقضاء علي تنظيم داعش.
3- ولقد كان اختيار التوقيت الروسي للتدخل في الأزمة السورية محسوبا وينطلق من تقدير موقف روسي مبني علي قاعدة معلومات حقيقية عمادها فشل التحالف الدولي في التصدي لتنظيم داعش وعدم تحقيق أي إيجابيات مستقبلية طالما استمر الاعتماد علي الضربات الجوية بدون تدخل بري وغياب استراتيجية قابلة للتطبيق لجميع الأطراف المتصارعة للقضاء علي تنظيم داعش.
4- ولقد أدي التدخل الروسي إلي تغيير شكل الصراع وفرض الأمر الواقع علي جميع الأطراف المشاركة في الأزمة السورية حيث منع دول التحالف من إقامة المناطق العازلة بالاتفاق مع تركيا والسعودية وفرض التسوية السياسية لحل الأزمة السورية وعدم استبعاد روسيا من أي تسويات للأزمة والحد من الأطماع الإسرائيلية في الأراضي السورية.
5- بالإضافة إلي ما سبق فإن روسيا تسعي أيضا إلي تحقيق مصالحها في المنطقة من خلال التالي:
طرح نفسها مجددا كأحد أقطاب نظام عالمي يتحول من هيمنة قطب واحد عليه.
كسر العزلة التي فرضت عليها ونقل ساحة الصراع بينها وبين أمريكا وأوروبا من الملف الأوكراني إلي ملفات إقليمية ودولية أخري لمحاولة امتلاك أوراق ضغط لاستخدامها في التفاوض معهم في ظل استمرار الضغوط عليها منهم والعقوبات الاقتصادية.
فرض روسيا كأحد أقطاب الأحلاف الإقليمية في المنطقة ودعمها من إيران وسوريا والعراق.
الحد من الإجراءات الاقتصادية المضادة لروسيا في المنطقة من خلال إنشاء خط الغاز القطري عبر سوريا وتركيا لإمداد أوروبا بالغاز الطبيعي والاستغناء عن الغاز الروسي بما يشجع ذلك الدول العربية الأخري علي نقل الغاز إلي أوروبا الذي يمكن إنجازه بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.
تأمين المجال الحيوي الروسي وذلك بمنع أمريكا وحلف الأطلنطي من خلق بؤر توتر فيه كمبرر لوجودها فيه وهو ما يهدد الأمن الإقليمي لروسيا.
رابعاً: الموقف الأمريكي
1- إن استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية التي تقودها المخابرات المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط ترتكز علي إعادة بناء الشرق الأوسط الجديد ولقد تبنت عدة محاور طبقا للمنظومة السياسية لدول الشرق الأوسط بدءًا من إطلاق الفوضي الخلافة سنة 2006 في لبنان ومع تحولت إلي إطلاق منظمات المجتمع المدني التي أدت إلي تحقيق الربيع العربي لكل من تونس ومصر وليبيا وبعدها لجأت إلي التعامل مع التنظيمات الإسلامية في سوريا للتحرش بالنظام السوري في نفس الوقت الذي استعانت بتنظيم الإخوان المسلمين سنة 2013 لإطلاق مشروع الإسلام السياسي لإنشاء الخلافة الإسلامية الذي يؤدي إلي تقسيم الشرق الأوسط إلي مشروعي أحدهما المشروع الصهيوني.
2- وإذا ما انتقلنا إلي العلاقات الأمريكية - السورية فإنها قد تعرضت للعديد من الاهتزازات وكان من أثرها قطع العلاقات بينهما في ظل حكم الرئيس بوش الابن سنة 2005 علي خلفية اغتيال الحريري في لبنان إلا أنها قد طلبت من سوريا إعادة العلاقات معها سنة 2010 انطلاقاً من قناعة الولايات المتحدة الأمريكية بأن سوريا قد أصبحت في ذلك الوقت قوة محورية عربيا وإقليميا وتلعب دوراً رئيسياً في استقرار كل من لبنان والعراق.
3- وعلي الرغم مما سبق فلقد استمرت الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيق أهدافها لتقسيم الشرق الأوسط من خلال تعاونها مع جميع أطياف المعارضة السورية وعدم اقتصارها علي التنظيمات الإسلامية مباشرة تمويلا وتسليحا وتدريبا أو عن طريق الدول المتعاونة معها في هذا المجال (السعودية - تركيا - قطر) وصولا إلي تحقيق حالة من التوازن القتالي الميداني مع القوات المسلحة السورية تجبر النظام السوري علي الاعتراف بها وضرورة إشراكها في العملية السياسية إلا أنها بجميع فصائلها قد فشلت في تحقيق هذا الهدف، الأمر الذي أدي بالولايات المتحدة الأمريكية والسعودية إلي محاولة تشكيل كيان سياسي للمعارضة المسلحة السورية بجميع أطيافها لفرضها علي النظام السوري في التسوية السياسية (مؤتمر المعارضة السورية في الرياض الفترة من 8 إلي 10 ديسمبر سنة 2015) ثم عاودت أمريكا والسعودية وتركيا تنشيط وتفعيل الكيان العسكري للمعارضة السورية المسلحة من خلال محاولات دعمها من الخارج للاحتفاظ بمكتسباتها علي الأرض ميدانيا لاستخدامها كقوة داعمة للكيان السياسي (حشد قوات التحالف الإسلامي العربية وتدريبها في المملكة العربية السعودية تحت مسمي رعد الشمال).
4- ومع استمرار السعودية وتركيا تصعيد الموقف من خلال المطالبة بإنشاء منطقة عازلة بعمق 10 كم في شمال سوريا علي الحدود السورية التركية والحشد السعودية التركية والحشد السعودي للتدخل البري في سوريا إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تجنبت مسايرة هذا التصعيد لخطورته المدمرة علي المنطقة واستمرت في التوافق سياسيا مع روسيا في إطار دفع عجلة العملية السياسية.
- وعلي ضوء كل ما سبق فلقد تولدت لجميع أطراف الأزمة السورية قناعة باستبعاد العمل العسكري لحلها رغم التلويح به أحيانا من الجانب الأمريكي وانتهي هذا التلويح تماما بعد عزم روسيا في 26/8/2015 التدخل عسكريا في سوريا للقضاء علي تنظيم داعش وكان البديل هو حل الأزمة السورية سياسيا من خلال جهود الأمم المتحدة لتفعيل مقررات مؤتمرات جنيف وما تلاها والتي انتهت بمؤتمر ميونخ وتوصياته (وقف إطلاق النار - فتح ممرات إنسانية لإمداد المناطق المحاصرة) ثم الاعداد لمؤتمر جنيف 3 لاستكمال البحث عن إمكانية التوافق بين النظام السوري والمعارضة السورية المسلحة لحل الأزمة السورية سياسيا.
- وبالإضافة إلي ما سبق فإن الاحتمالات المطروحة لحل الأزمة السورية تنحصر في التالي:
أولاً: تنفيذ خارطة الطريق طبقا لمقررات مؤتمر فينا (14/11/2015) والتي تضمنت جدولاً زمنياً لتشكيل حكومة انتقالية خلال ستة شهور لتعديل الدستور وإجراء انتخابات خلال 18 شهراً مع وقف إطلاق النار في أول يناير سنة 2016.
ومع فشل التوافق بين النظام السوري والمعارضة فلقد رفض النظام السوري بدء التسوية السياسية من خلال تنفيذ خارطة الطريق قبل تحرير جميع الأراضي السورية من التنظيمات الإرهابية وسيطرة الدولة علي كل الأراضي السورية ووحدة الشعب السوري وعودة اللاجئين السوريين إلي سوريا، ويقف عدم تحقيق هذه الأهداف حائلا أمام إمكانية تنفيذ هذا الطرح السياسي بالإضافة أيضا إلي اختلاف وجهات النظر بين النظام السوري وبين الدول المشاركة في مؤتمر ميونخ حول الإرهاب الذي تمارسه المعارضة المسلحة السورية.
ثانياً: بدء التدخل البري السعودي من الحدود التركية وتصعيد الموقف عسكريا وإشعاله.
إن هذا الإجراء السعودي يدخل في إطار المغامرات العسكرية التي لا يمكن إحتواؤها أو معالجة ردود فعلها ويؤدي إلي حرب شاملة وطويلة في المنطقة.. ولذلك فإنه سيظل مؤجلاً في ظل التوافق الحالي بين أمريكا وروسيا وحرصهما علي استمراره ويظل أيضاً مستبعداً لاحتياجه إلي موافقة التحالف الدولي الذي تتحاشي دولة التورط فيها وبالتالي فإن التصريحات السعودية تأتي في إطار التلويح به دون الدخول فيه للضغط علي النظام السوري لوقف إطلاق النار للمحافظة علي مكتسبات المعارضة السورية المسلحة علي الأرض ميدانيا لتوفير الظروف المناسبة لها ميدانيا لفرضها في التسوية السياسية علي النظام السوري.. وانطلاقاً مما سبق وفي ظل تباين المصالح واختلافها بين الأطراف المشاركة في الأزمة السورية واختلافهم مع النظام السوري حول تقييم دور المعارضة السورية المسلحة في الصراع وبدء تنفيذ خارطة الطريق ووقف إطلاق النار فإن الموقف العسكري السوري المدعوم بالغطاء الجوي الروسي وإنجازاته علي أرض الواقع ميدانيا هو الذي سيقود العمل السياسي ويحدد أبعاده ومراحله بدون أي بديل آخر ويفرضه علي الجميع إقليميا ودوليا خاصة وأن الحل السياسي للأزمة السورية هو السبيل الوحيد للقضاء علي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.