في أحيان كثيرة يكون الصمت أفضل من الكلام، وخاصة إذا كان الكلام لشخص من فئة النجوم التي لها علاقة، واحتكاك مباشر مع الجماهير، مثل المطربين والممثلين، والملحنين إلخ. وفي الفترة الأخيرة كان لتصريحات بعض النجوم سبب رئيسي في تعرضهم للعديد من المشاكل، التي نتج عنها انخفاض شعبيتهم، وتكوين رأي عام ضدهم. والأمثلة كثيرة. نبدأها بالمشكلة الأكثر انتشاراً بين الموسيقار الكبير حلمي بكر مع المطربة أصالة الممنوعة من الغناء في مصر نتيجة تصريحاتها المستفزة، ووصفها للموسيقار الكبير بالكومبارس. وهو الأمر الذي جعل بكر ينقل المشكلة إلي نقابة الموسيقيين للحصول علي حقه. هذه القضية بالتأكيد كان لها آثر بالغ لدي المصريين ضد المطربة السورية مهما حاول البعض تجميل موقفها، ووضعها في صورة الضحية. في نفس الاتجاه سارت المغنية اللبنانية نجوي كرم بتصريحات خلال مؤتمر صحفي أقيم علي هامش مشاركتها في مهرجان الدوحة الذي اختتم منذ أسبوع، وأعلنت للمرة المليون عن رفضها الغناء باللهجة المصرية، وكأننا في مصر نهتف ليل نهار باسمها لكي تبارك اللهجة المصرية بصوتها. رغم أننا في مصر سواء غنت أم لم تغن، فالأمر لا يعنينا.. وعدم غنائها بالمصرية يضرها هي كمغنية لانها فقدت قطاعا عريضا من المستمعين في مصر، وخارجها. وعليها ان تسأل كل نجوم الغناء اللبناني الكبار بداية من فيروز حتي راغب علامة مروراً بوديع الصافي وصباح وغيرهم. الشيء الغريب في الأمر ان هذه المطربة اللبنانية لم يعد لديها ما تقوله إلا انها ترفض الغناء باللهجة المصرية. وذات مرة قالت أوافق علي الغناء بالمصرية بشرط ان يغني عمرو دياب باللبنانية، وهذا يعني ان الحكاية لديها ليس اقتناعا بانها لا تصلح إلا بالغناء اللبناني، ولكنها عقدة من انتشار المصرية في شتي بقاع العالم. لذلك فالأفضل لنجوي ان تصمت بدلا من الحديث عن الغناء باللهجات. علي نفس المنهج يسير المغني، والملحن ملحم بركات، وهو فنان له أسلوبه، ومدرسته في الغناء، لكن يبدو ان هناك عقدة من الغناد المصرية؛ مؤخراً ظهر أيضا في إحدي الصحف، ووصف المغنيين اللبنانيين الذين يغنون بالمصرية »بالزعران« وهي تعني الشخص »الناقص« غير المكتمل العقل. وهو يحاول دائماً مثل مطربته المفضلة نجوي كرم يراهن علي هذه القضية منذ سنوات طويلة. رغم انه أيضا غير مؤثر بالنسبة لنا في مصر. ولكن الرد جاء من لبنان عبر بعض المطربين ومنهم: وليد توفيق الذي رفض هذا الكلام، ووصفه بأنه غير مسئول. تصريحات النجوم نعم زادت لهجتها، وتنوعت وسارت في شتي الاتجاهات والمحاور. وجميعها دخلت في الإطار التقليدي مشاحنات من الممكن ان تحدث هنا، وهناك، ومشاجرات وصلت إلي حد المعايرة بعدم الزواج والعنوسة التي ولدت الكبت الجنسي. لكن ان تظهر مطربة ذات شعبية ضخمة، وتعلن امام الناس في برنامج علي الهواء لتقول: إنها لا تمانع في الإنجاب بدون زواج بشرط اعتراف الأب. فهذا لم يكن أحد يتوقعه، ولم يحدث من قبل، وهو ما جعل كل المواقع الموجودة علي الإنترنت تتناوله، وأصبح حديث المنتديات والشارع، والوسط الغنائي. هذا الكلام الذي جاء علي لسان إليسا في حفلة برنامج »أبشر« الذي يعرض علي MBC فاق كل التصورات. والشيء الأغرب ان المطربة اللبنانية لم تخرج بعد هذا الأمر لتعتذر للناس عما قالته. خاصة انها نجمة كبيرة ولديها قاعدة جماهيرية في العالم العربي، وبالتالي فهي قدوة، ومثل أعلي للكثير من الفتيات، والسيدات. ولكن إليسا للأسف التزمت الصمت بعد الحوار، وليتها التزمته أثناء أو قبل الحوار. إليسا كانت تستطيع ان تتحدث في أمور كثيرة خاصة بالزواج، والعنوسة، والمشاكل الاجتماعية التي تواجه من هم في سنها أو من هم دون هذا الشيء. لكنها اختارت كلمات، وجملا أكثر إثارة منها كأنثي. مثل رغبتها في تغيير القوانين المدنية بحيث يمكن ان يكون هناك إنجاب بدون زواج؛ مشيرة إلي ان طبيعة حياة الفنان قد لا تسمح بالزواج. ولا أعلم لماذا؟ فهل الفنان يقضي حياته في الشارع؟ والحمد لله إنها لم تطالب الفتيات بأمور أخري رغم انه لا يوجد ما هو أفظع من ذلك. رأي إليسا أصاب الأسرة العربية بصدمة كبيرة، كان من نتيجتها ظهور أصوات تنادي بمقاطعة أغانيها، وربما تطالب بعض الدول التي يوجد بها تيار إسلامي شديد بمنع دخولها مثلما حدث مع نجوم آخرين منعوا لمجرد ان لهم أغاني مصورة. بها عُري وهناك مطربون رجال منعوا بحجة ان حفلاتهم تشهد حالات تحرش. ومن هذه الدول: اليمن التي منعت حفلا لايهاب توفيق، وسوريا والمغرب والكويت منعوا إليسا ونانسي عجرم وهيفاء بسبب العُري. ومن الدول الإسلامية اندونيسيا التي منعت حفلاً لبيونسيه العام الماضي. بسبب أغانيها. وهذا يعني ان إليسا سوف تواجه حرباً شديدة نتيجة تلك التصريحات. القنوات الفضائية رغم أهميتها إعلامياً لكنها تسببت في فتح النار علي الكثير من النجوم نتيجة محاولة كل قناة نيل شرف الحصول علي التصريحات الأكثر سخونة، وبالتالي شاهدنا برامج مثل "أبشر"، و"لمن يجرؤ"، و"بلسان معارضيك" و"الجريئة". وكلها تقوم علي محاولة الحصول علي تصريحات في أحيان كثيرة تخرج عن إطار العادات، والتقاليد التي تعلمناها في المجتمعات العربية. وبالتالي آن الأوان لكي تتغير هذه السياسة الإعلامية المدفوعة الأجر.