بقلم : مجدي صالح منذ 1 ساعة 28 دقيقة عندما ثار الصخب حول ارتداء المشير حسين طنطاوي بدلته "الملكيه" منذ ايام وتجول في أحد شوارع وسط القاهرة أحسست ان كم التعليقات والتحليلات حول ماهية ورمزية "الحدث" قد زادت عن القدر الذي تحتمله الواقعة . وتصورت في البداية ان التعليقات التي والمقالات والتحليلات التي وردت في كثير من وسائل الاعلام والمنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي هي من قبيل "الرفاهية التحليلية" للحدث وشكلا من أشكال "النميمه الاعلامية" التي تحاول تضخيم أي حدث وتأويله الي حيث يريد البعض او يرغب لمأرب خاص به او لتحقيق هدف سياسي من ورائه. الا ان رد الفعل حول الحدث يكشف عن كثير من الهواجس والتخوفات التي تكتنف العلاقه بين من يقبضون علي رأس السلطه "الانتقاليه" الان وبين القوي السياسية والاحزاب التي تسعي لتسلم تلك السلطة لكي تجني قطاف ثورتها وهو ما يستدعي تذويب هذه الهواجس وطرحها تجنبا لفتنة سهلة التحقق ليست "نائمة" لكنها في حالة "تأهب" تنتظر اللحظة المواتية. أما الجانب الاخر الذي يستحق الاشارة اليه هنا هو حالة عدم الثقة لدي المرشحين "المحتملين" للرئاسة خاصة انه لم يبرز منهم حتي الان من يشفي غليل شعب يتعطش ليد "المنقذ" الذي يعبر به حالة القلق الي طمأنينة اليقين . فجأة علت أصوات السادة "المحتملين" وذهبت تحليلاتهم وتأويلاتهم كل مذهب واستشاط الشباب غضبا مما حدث وتحول مشهد قائد يسير بين ابناء شعبه بلا حراسه ويتبادل معهم الضحكات والنكات الي مؤامرة من العسكر الذين اؤتمنوا علي الثورة ومحاولة منهم للتمهيد الي قنصها منهم ..وبالتالي تطيح الكعكة من بين ايديهم بعد أن تهيأوا نفسيا لنقل مقر اقامتهم الي "مصر الجديدة" حيث رغد العيش في قصر العروبة المنيف. وكشف رد الفعل الانفعالي والمتعصب من السادة "المحتملين" عن هشاشة موقفهم واهتزاز صورتهم التي حاولوا علي مدي شهور تجميلها او الايحاء لناخبيهم بأنهم هم "المنقذون" والقادرون وحدهم علي جلب اطنان المن والسلوي لاشباع بطون الفقراء الحالمون بالعيش الرغيد. فمجرد ارتداء المشير طنطاوي بذلته "المدنيه" وتجواله وسط الناس أصابهم بزلزال لم يتوقعوه بل يمكنني ان اطلق عليه وصف "الغيرة" مما حدث خاصة ان استقبال الناس للرجل الذي تجاوز السبعين من عمره وهو بكامل لياقته البدنيه –في نهاية اكتوبر الجاري سيكمل السادسة والسبعين –كان مثيرا ومدهشا وان الجولة الخاطفه التي لم تتعد بضع دقائق قد سحبت من تحت ارجلهم بساط الرئاسة رغم جولاتهم في قري وربوع مصر علي مدي اشهر عديدة ولم تحدث نفس الاثر رغم حرص معظمهم علي اصطحاب وسائل العلام معهم اينما حلوا او رحلوا . ويبدو ان حالة التوجس والريبه الموجودة اصلا لديهم – والتي لا اعفي منها الطرف الاصلي هنا وهو المجلس العسكري- قد تطورت الي ما يكمن في انفسهم من احتمالية المؤامرة التي تنصب لهم .وهنا صنعوا من الحدث البسيط "مشجبا " يشجبون من خلاله ارتداء المشير زيا مثل زيهم و يتجول مثلما يتجولون . كان يمكن للمشير-وهذه كلمة حق يجب ان تذكر له- ان يصبح بطلا مغوارا وتحمله الملايين علي الاعناق اذا شهد ضد الرئيس المخلوع ودغدغ مشاعر الجماهير وادعي الشجاعة امام رجل طاعن في السن ومريض يقبع خلف القفص الحديدي لا حول له ولا قوة وردد ما يحب ان يسمعه الناس منه برفضه تنفيذ اوامر اطلاق النار علي الثوار ولو فعلها لاصبح بطلا قوميا ولصدقه الجميع الا انه رفض ان يحنس باليمين وقال في شهادته ماسبق ان ذكره منذ شهور في اكاديمية الشرطه- ولم يذع الا يوم الجمعه الماضي عبر قناة الحياة -بانه لم يتلق اي اوامر باطلاق النار. واردف انه لو تلقي تلك الاوامر ما نفذها . لو كان الرجل يريد ان يركب"الموجه" ويحلم بالتمسك بمكسب سياسي لفعلها وهنا كان يمكن ان نبرر الخوف منه . الساده "المحتملين"الذين ارتعشوا من جولة وبدله لا يمكن ان نأمل فيهم خيرا لمستقبل مصر التي تحتاج لمن هم اكثر ثقة واكثر عقلا من هؤلاء "العجزة" المرتعشين. مجدي صالح