بشرى لطلاب الثانوية العامة.. مكتبة مصر العامة ببنها تفتح أبوابها خلال انقطاع الكهرباء (تفاصيل)    تنسيق المدارس الفنية التجارية 2024.. بعد الشهادة الإعدادية    وزير الرى يدشن فى جنوب السودان مشروع أعمال التطهيرات بمجرى بحر الغزال    مبادرة ابدأ الوطنية تنضم لحملة ترشيد استهلاك الطاقة    صندوق النقد الدولي يقر بتمويل 12.8 مليون دولار للرأس الأخضر    عضو المجلس التصديري للصناعات الغذائية : مستوردون من أمريكا أعلنوا نيتهم استيراد التمور المصرية    الرئيس السيسي يوقع قوانين بربط الحساب الختامي لموازنة عدد من الهيئات والصناديق    إعلام إسرائيلى: عائلات المحتجزين يتظاهرون وسط تل أبيب اعتراضا على نتنياهو    رونالدو أصبح أول لاعب أوروبي يشارك فى 50 مباراة فى البطولات الكبرى    عضو في حزب «بايدن»: الرئيس الأمريكي سيركز على قضايا «ترامب» الجنائية وخطابه المناهض للديمقراطية (حوار)    ماعت تناقش مدى التزام الدول العربية بخطة عمل الأمم المتحدة بشأن الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة    لماذا يقلق الغرب من شراكة روسيا مع كوريا الشمالية؟ أستاذ أمن قومي يوضح    هلوزيك ضد أردا جولر.. تشكيلتي التشيك وتركيا في يورو 2024    ثلاثي مصري في نهائي فردي الناشئات ببطولة العالم للخماسي الحديث بالإسكندرية    مصرع شاب غرقا في المنوفية والحر المتهم الأول    بعد إصابة أم وطفليها.. التحقيق في حريق برج سكني ببني سويف    نتيجة الطلاب المصريين بالخارج لجميع صفوف النقل .. ظهرت الآن    ولاد رزق 3 يواصل تحطيم الأرقام ويحقق مبلغا خرافيا في شباك التذاكر    سعد الصغير يغني لعبد الحليم حافظ مع بودة اللليثي    «يا أصحابي طلعتوا عيرة ملكوش غير سيرتي سيرة».. طرح أغنية «يا دمعي» ل رامي جمال    «قطاع الآثار»: فيديو قصر البارون عار تمامًا من الصحة    أزمة جديدة تواجه شيرين عبد الوهاب بعد تسريب 'كل الحاجات'    قافلة طبية شاملة مجانية بقرية الحراجية في قنا    كيف يؤثر ارتفاع درجات الحرارة على الرحلات الجوية؟.. عطَّل آلاف الطائرات    نجاح كبير للشركة المتحدة فى الدراما.. 125 عملا بمشاركة 12 ألف فنان و23 ألف عامل "فيديو"    خالد الجندي: الترفيه مش حرام ولكن يُحرم حال مخالفة الضوابط الشرعية    مساعد وزير البيئة: حجم المخلفات المنزلية يبلغ نحو 25 مليون طن سنويا    بتكلفة 250 مليون جنيه.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح تطوير مستشفي أبو الريش المنيرة ضمن مشروع تطوير قصر العيني    برشلونة يضع شرطًا وحيدًا لرحيل أنسو فاتي    خبير شئون دولية: فرنسا الابن البكر للكنيسة الكاثوليكية    ضيافة مجانية.. كنيسة ومطعم وقاعة أفراح تعلن فتح أبوابها لطلاب الثانوية بالمنوفية    «مياه كفر الشيخ» تعلن فتح باب التدريب الصيفي لطلاب الجامعات والمعاهد    أمين الفتوى: الغش فى الامتحانات معصية لله.. فيديو    المشدد 15 سنة لصاحب مستودع لاتهامه بقتل شخص بسبب مشادة كلامية فى سوهاج    الإفتاء: المصيف مثل الصلاة لهما خصوصية    كيف يؤدي المريض الصلاة؟    17 ميدالية حصيلة منتخب مصر في كأس العالم لرفع الأثقال البارالمبي    اخوات للأبد.. المصري والإسماعيلي يرفعان شعار الروح الرياضية قبل ديربي القناة    القوات المسلحة تنظم مؤتمرا طبيا بعنوان «اليوم العلمي للجينوم»    «التمريض»: «محمود» تترأس اجتماع لجنة التدريب بالبورد العربي (تفاصيل)    نجم ميلان الإيطالي يرفض عرض الهلال السعودي ويتمسك بالبقاء في أوروبا    وزيرة البيئة تتابع حادث شحوط مركب سفاري بمرسى علم    عرض رسمي.. نادِ سعودي يفتح مفاوضات ضم أليو ديانج    الصحة: استجابة 700 مدمن للعلاج باستخدام برنامج العلاج ببدائل الأفيونات    شديد الحرارة رطب نهارًا.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس غدا الخميس    لجنة القيد بالبورصة توافق على الشطب الإجبارى لشركة جينيال تورز    الإعدام لثلاثة متهمين بقتل شخص لسرقته بالإكراه في سوهاج    تعيين 4 أعضاء جدد في غرفة السلع والعاديات السياحية    ختام دورة "فلتتأصل فينا" للآباء الكهنة بمعهد الرعاية    فحص 764 مواطنا فى قافلة طبية مجانية بقرى بنجر السكر غرب الإسكندرية    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    الأكاديمية الطبية تفتح باب التسجيل في برامج الماجستير والدكتوراة بالمعاهد العسكرية    الإفتاء توضح حكم زكاة المال الخاصة بشركة تجارية وكيفية إخراجها    احتفالات 30 يونيو.. باقة من الأغنيات الوطنية تستقبل جمهور «الإنتاج الثقافي»    وزير التعليم يتفقد امتحانات الثانوية بمدرسة المتفوقين للعلوم والتكنولوجيا    الجريدة الكويتية: هجمات من شتى الاتجاهات على إسرائيل إذا شنت حربا شاملة على حزب الله    المحامين تضع شروط جديدة لقبول القيد بها.. تعرف عليها    نجم الزمالك السابق: الدوري «بايظ» والتحكيم فاشل.. وقرار الانسحاب أمام الأهلي «غلط»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصري» على شاشة السينما.. قليل من التجميل وكثير من التشويه
نشر في الوفد يوم 26 - 01 - 2016

مرت السينما المصرية عبر تاريخها الطويل بعدد كبير من التحولات وطرأت عليها متغيرات كثيرة.. لكن فى الفترة الأخيرة أجمع قطاع عريض من الجمهور على أن السينما تعانى من فقر فى الفكر وفقر فى الدم. وبينما يرى فريق من النقاد أن السينما انعكاس للواقع وأن حال السينما لا يختلف عن حال مجتمع يعانى من اضطراب فى أوضاع كثيرة ويبحث عن بوصلة تهديه إلى الطريق الصحيح.. يرى فريق آخر أن تقديم نماذج سيئة والترويج لأفكار هدامة عبر الشاشة الكبيرة يعد جريمة تستوجب العقاب.. فى هذا التحقيق نرصد عدداً من الآراء المهمة حول التغير الذى طال الشخصية المصرية ولماذا اتسعت مساحة السيئ وتراجعت فى المقابل مساحة الجيد وأصبحت شخصية البطل فى أغلب الأعمال الفنية مشوهة وبلا ملامح حقيقة بما أضر بالشخصية المصرية التى أصبح الترويج لها من خلال أفلام هابطة المستوى فى الصورة والحوار، ولأننا بدأنا نعيش مرحلة جديدة من تاريخ هذا الوطن فعلينا أن نعمل على إبراز أهم ما يميز الشخصية المصرية كما كنا نشاهدها فى سينما الأربعينيات والخمسينيات والستينيات وهى مرحلة شاهين وصلاح أبوسيف وبركات وحسن الإمام وعزالدين ذوالفقار وحتى الثمانينيات مرحلة على عبدالخالق وعاطف الطيب وخان، الذين قدموا الواقع المصرى بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
فى الموضوع تحدث المخرج الكبير على بدرخان قائلاً: صناع السينما ليسوا موجهين اجتماعيين..السينما فن الهدف منه المتعة والتسلية عندما أقوم بالتحضير لعمل فيلم سينمائى لا يكون هدفى أبداً تقديم رسالة أو تقديم الشخصية المصرية فى شكل وملامح معينة.. أنا أقدم حدوتة والهدف تسلية المتلقى.. إذا كنت تريد الحديث عن العنف فى السينما مؤخراً فيجب أن تدرك أن العالم كله يعيش فى عنف دائم أنظر إلى العراق وليبيا واليمن وأخيراً انظر إلى الأعمال الإرهابية فى فرنسا.. على مستوى العالم تأثرت السينما بموجات العنف التى فرضت نفسها على الواقع وفى مصر امتد العنف إلى السينما وأصبح البلطجى نموذجاً آخر للفتوة الذى يحارب الظلم ويحصل على حقه بالقوة.
ويوضح المخرج على بدرخان الفرق بين الشخصية المصرية فى الأعمال القديمة والأفلام الجديدة قائلاً: السينما فى الماضى كانت تعتمد على الأدب وكان هناك أدباء يثرون السينما مثل نجيب محفوظ والسباعى ويوسف إدريس ويحيى حقى لكن الآن هناك أفكار سريعة يتم تجهيزها وفق مقتضيات الحالة، باختصار ابتعاد السينما عن الأدب أفقدها جمالها وجعلها أشبه بجنين مشوه وبلا ملامح واضحة.
ويرى المخرج كرم النجار أن التغيرات التى طرأت على السينما المصرية جاءت نتيجة التأثر بالسينما الأمريكية، فالواقع العالمى الجديد ألقى بظلاله على السياسات الاقتصادية وكل أشكال الإبداع.. ويواصل حديثه قائلاً: بعد ثورة 25 يناير تغيرت مفردات مجتمعنا وظهرت مفردات جديدة وراح عشاق الفوضى يروجون مفاهيم وأفكاراً خاطئة منها مثلاً أن الديمقراطية تعنى التمرد على كل الضوابط والقوانين وأن الحرية تعنى الصوت العالى فقط واختفت الآراء التى تؤكد أن الحرية مسئولية.. الثورة فكت عقدة السان حاجات كثيرة وحدث انفلات فى المجتمع وتلاشت أشياء جميلة وحلت محلها أشياء مرعبة وغريبة.. ولأن المبدع يتأثر دائماً بالواقع الذى يعيش فيه ظهرت نماذج غريبة منها النموذج الذى قدمه الفنان محمد رمضان فى أفلامه ونموذج البلطجى الذى يحمل أسداً أو يلف ثعباناً حول عنقه.. بكل تأكيد تغيرت الشخصية المصرية ولكن هذا ليس مسئولية المبدع ولكنه انعكاس للواقع وكنت أتمنى أن يراعى صناع السينما تأثير هذه النماذج على الناس فى البيوت ولا يفرطون فى تقديمها.. الأخطر أن هذه الأشياء السلبية زحفت إلى الدراما التليفزيونية ففى مسلسل «ابن حلال» حرق الابن والده فى مشهد صادم للمشاعر.. واندهشت كيف تم إجازة هذا المشهد ولمصلحة من هدم الثوابت وضوابط المجتمع؟! يجب أن يدرك العاملون فى السينما والدراما التليفزيونية أن الفن له تأثير كبير ومباشر على الناس وأى عمل سيئ المحتوى يرسخ فى الناس الأشياء الرديئة لذا يجب أن يدرك أى مبدع مدى خطورة الترويج لأفكار أو أشياء صادمة من خلال عمل فنى.
ويقول المخرج الكبير محمد خان: أنا ضد المطالبة بإلغاء الرقابة وأطالب دائماً برفع سقف الإبداع لأن الفن يحتاج إلى حرية دائماً والقيد يقتل خيال المبدع.. وبالرغم من أننى أطالب بإلغاء الرقابة لا أحب تقديم سخافات الواقع بشكل فج، لأن الفن هو إعادة خلق للواقع وتقديمه فى قالب فنى يصل إلى المتلقى ولا يصدم مشاعره.. وعلى مدار تاريخ السينما شاهدنا أعمالاً كثيرة كان هدف مدرسة الواقعية الجديدة تقديم سينما جادة وتشتبك مع الواقع ولكن دون خلل أو تأثير سلبى على المتلقى ومن يتابع أفلامى وأفلام عاطف الطيب وخيرى بشارة وداود سوف يكتشف أن هذه الأفلام عبرت عن ملامح الثمانينيات بصورة صادقة ولكن فى الوقت نفسه بلغة سينمائية ناعمة وليست عرضه للنقد.. خيط رفيع بين أن تقدم سينما جادة أو تقدم سينما ضعيفة وعلى المبدع أن يراعى دائماً الأشياء التى تثرى عمله وتضيف عليه القيمة.. وأتصور أن المشكلة تبدأ من الورق، نحن نحتاج إلى جيل واعٍ من الكتاب، جيل يعبر عن مشاكل الواقع المعاصر بدون تجريح أو صدام.. وأتصور أن سينما الثمانينيات هى التى اتصفت الشخصية المصرية بكل عيوبها وسماتها الطيبة.. السينما لا تقدم حياة الملائكة ولكن ترصد ملامح شخصيات من لحم ودم والبشر يحمل دائماً الخير والشر.
ويتحدث السيناريست الكبير بشير الديك قائلاً: السينما المصرية شديدة الإخلاص لواقعها ولا تبحث عن أعمال تقدم الشخصية المصرية فى شكل جيد وبدون أخطاء لأن الواقع مضطرب جداً والأشياء السلبية كثيرة والأخطاء بالجملة وأمر طبيعى أن تقترب السينما من هذه السلبيات بدون تجميل.. ويواصل بشير الديك حديثه: أعرف جيداً أن مرور المجتمع المصرى بثورتين غير أشياء كثيرة وأفرز نماذج سيئة وإلى جانب الفوضى حدث انفلات أخلاقى وراحت تتعامل السينما مع هذه الأشياء وتقدمها بصورة جريئة.. أنا مع تقديم الواقع ولكن مع الحفاظ على ملامح مجتمعنا فأنا أرفض الحوار الهابط الذى يفسد الأجيال الجديدة.. وإذا كانت السينما قد مرت بمرحلة حرجة وحساسة فقد شهدت مؤخراً تجار جادة مثل تجربة محمد خان فى فيلم «فتاة المصنع» وتجربة أحمد السقا فى فيلم «الجزيرة 2» وفيلم «الفيل الأزرق» بطولة كريم عبدالعزيز.. هذه الأعمال رغم قلتها إلا أنها تؤكد أن السينما المصرية تتعافى وتنهض من جديد.. وإذا كنا نطالب المبدعين بعدم تشويه الشخصية المصرية فيجب أيضاً أن نطالب الجمهور بمقاطعة الأفلام الرديئة التى تشوه الملامح المصرية وتساهم فى إفساد الذوق العام.. الفن هو القوة الناعمة التى تغير وتؤثر فى الشعوب وأرجو أن تلفت الدولة إلى قيمة الفن وعظمة السينما وتعود إلى الإنتاج من جديد ولا تترك الإنتاج فى يد الأفراد فقط فهناك مشاريع سينمائية ضخمة تحتاج إلى ميزانيات ضخمة وتحتاج إلى دعم الدولة مثل الأفلام الحربية والأعمال التاريخية التى تكتب وتوثق لتاريخ الشعوب.
ويقول المخرج الكبير على عبدالخالق إن جيل الأساتذة الكبار صلاح أبوسيف، يوسف شاهين، كمال الشيخ، حسام الدين مصطفى، وقدم شخصية المصرى بشكل محترم ولم يسخر منه أو يقدمه فى شكل غريب يعدو للضحك والاستهزاء.. فقد قدم هذا الجيل الفلاح المصرى والدكتور والعامل فى شكل محترم وأنه ضحية قهر اجتماعى ولكنه يملك العقل ويتمرد على الأشياء السلبية ويحاول التغيير دائماً ولكن التغييرات والأحداث الأخيرة أفرزت أعمالاً سينمائية غريبة وأصبحنا نشاهد البلطجى بطل الفيلم وأنه يقتل ويسرق ويتعاطف معه الناس، مؤسف أن يقدم صناع السينما أعمال تدفع الناس لممارسة البلطجة وهدم دولة القانون وعدم احترام هيبة الدولة.. ولذا أرى أنه من الضرورى معاقبة أى مخرج أو مؤلف أو منتج يساهم فى صناعة هذه النوعية من الأفلام لأنها تشوه المجتمع وتدهم فكرة الدولة.. ويواصل المخرج على عبدالخالق حديثه: لا يحب الاستهانة بتأثير السينما على الناس فليس هناك دول تشجع على الأعمال الهابطة وتروج لعدم احترام القانون.. الأعمال التى تقدم البلطجى على أنه نموذج إيجابى أعمال تدفعنا دفعاً إلى الجحيم وتريد تحويل المجتمع إلى غابة حيث تتسع دائرة الجرائم والأخطاء ولا يوجد قانون أو عقاب.. مطلوب معاقبة أى شخصى يساهم فى تشويه المجتمع ويسعى إلى الترويج لأفكار هدامة وعادات خاطئة.. المجتمع فى مرحلة بناء وعلى المبدعين تقديم أعمال تشجع على البناء وتعزز القيم الجيدة.. ويقول على عبدالخالق إن الإعلام يالمكتوب يحاول دائماً التصدى للأعمال السينمائية السيئة وقد ساعد نقده الدائم إلى انحسار موجة أفلام العشوائيات والبلطجة سيطرت على دور العرض خلال الخمس سنوات الأخيرة وكان من الممكن أن تخلق مجتمعاً يرى الجريمة أمراً عادياً ويعيش أفراده على فكرة البقاء للأقوى.
المنتج محمد فوزى، قال: إذا أردت أن تشاهد سينما ناضجة ودراما موضوعية عليك أن تبحث عن الواقع.. الواقع كما نراه جميعاً مرتبك والأحداث السياسية كثيرة.. يوم بعد الآخر يزدحم المشهد السياسى داخل مصر وخارجها وهذا يلقى بظلاله على خيال المبدع ويفقده القدرة على الإبداع.. فى الماضى كنت ترى أعمالاً مهمة مثل «ليالى الحلمية، المال والبنون، الشهد والدموع»، ترى فيها النماذج السيئة والنماذج الجيدة ولكن الانحياز لدى الكاتب دائماً للشخص المثالى وقد نجحت هذه الأعمال لأنها إفراز طبيعى لواقع صادق..أما الآن فنحن نعيش فى واقع مرتبك فيه مساحة السواد أكبر من البياض والنفاق أكبر من الصدق وأمر حتمى أن يتأثر مزاج الكتاب والمنتجين والمخرجين بهذا المناخ الخالى من الحلم.
ويقول الناقد الفنى الكبير طارق الشناوى إن أزمة السينما الحقيقة فى الفترة الأخيرة هى التقليد الأعمى فعندما ينجح فيلم عن عالم العشوائيات تجد شركات الإنتاج تتصارع على تقديم هذه الأفلام.. وفى غمضة عين تجد الموسم السينمائى مزدحماً بأعمال شديدة الشبه ولا يوجد أى اختلاف بينها.. أتصور أن السينما مؤخراً دفعت ثمن التقليد والاستسلام للعامل التجارى على حساب القيمة.. الأمر الأكثر خطورة الذى أضر بصناعة السينما هو الاحتكار فهناك شركات كبرى تقوم بعملية الإنتاج وهى فى نفس الوقت تحتكر دور العرض لذا تعرض أفلامها فقط ولا تسمح للشركات المنافسة بالعرض وبالتالى من المنطقى أن تجد أفلاماً جيدة حبيسة الأدراج بينما هناك أفلام ضعيفة تملأ أفيشاتها الشوارع وتزين حوائط وجدران دور العرض.. ويضيف طارق الشناوى: الاحتكار لا يقتل أفلاماً جادة فقط بل يخلق إحباطاً داخل أى مبدع يحاول أن يقدم شيئاً جيداً لأنه دائماً يسأل نفسه هل سيصل فيلمى إلى الناس أم أنه سيدفع ثمن احتكار دور العرض.. فى الثلاثينيات منعت هوليود الاحتكار واعتبرت من يمارس الاحتكار مجرماً وأن الهدف من هذا الإجراء حماية الصناعة ورفع سقف الإبداع فإذا أردت سينما ناضجة عليك أن تحرر صناعة السينما من قيودها.. الإبداع دائماً مرهون بمناخ صحى وخالٍ من الأمراض.
الفنانة الكبيرة سميرة أحمد تحدثت فى الموضوع قائلة: من يتابع حال السينما سوف يكتشف أن هناك جيلاً من المبدعين اختفى فجأة وإذا بحثت عن سبب الاختفاء سوف تكتشف أن سينما المقاولات عادت من جديد.. تلك السينما التى ظهرت فى أواخر السبعينيات وكان الهدف منها الربح فقط.. لا أبالغ إذا قلت إننى لا أذهب إلى السينما لعدة أسباب منها أن برومو الفيلم دائماً ما يحمل ألفاظاً تخدش الحياء ويعتمد أيضاً على راقصات مثيرة.. مستحيل أن ترى خلف هذه المقدمات فيلماً جيداً يحمل رسالة ومفيدة للمجتمع.. فقد اختفت شركات إنتاج كثيرة بسبب ارتباك المشهد السياسى ولو سألتنى عن أهم الظواهر السيئة التى طالت السينما فى السنوات الأخيرة سوف أقول تدنى لغة الحوار.. نحن نعيش فى واقع مرتبك لكنه فى الوقت نفسه واقع خلاق لأن الأحداث كثيرة ومن رحم الألم يولد الإبداع.. أين قصص الشهداء الذين قدموا حياتهم من أجل حرية مصر.. أريد أن أرى نبض الشارع على شاشة السينما لا أريد قصة بلطجى مهموم بالانتقام أو عاهرة مهمتها جمع المال.. أطالب كل المهمومين بحال السينما بعدم الاستسهال والبحث عن أفكار جديدة تضىء الطريق أمام الأجيال الجديدة التى رأت فى الثورة على الفساد بداية الطريق لوطن عظيم.
وتعلق الفنانة سلوى خطاب، على الموضوع قائلة: إذا أردت أن ترى فناً راقياً ومتكاملاً فعليك بالرجوع إلى الأدب.. كل الأعمال الأدبية التى تم تحويلها إلى أفلام أو مسلسلات درامية أعمال خالدة لأنها من وحى الأدب.. أتصور أن أهم الظواهر السيئة التى شوهت السينما هو الاعتماد على الأفكار والقصص السريعة.. الأدب هو مصدر الأعمال الفنية الراقية.. تدنى لغة الحوار والتأثر بالأفلام الأمريكية والتقليد الأعمى كلها أشياء أضرت بصناعة السينما فى مصر.. وجعلتنا الآن نترحم على أيام جميلة مضت..
وتضيف سلوى خطاب: يجب أيضاً على الدولة أن تدعم السينما المستقلة فكثير من الشباب لديه أفكار براقة ولكنه يعجز عن تنفيذها وتموت هذه الأفكار قبل أن تخرج إلى النور.. وأملى أن تنتهى الحرب على الإرهاب لأن هذا المناخ السياسى المشحون يقتل حماس شركات الإنتاج ويجعلها تفضل الاختفاء والابتعاد على السوق وحتى من يغامر بالإنتاج يفكر ألف مرة فى تقديم عمل له رسالة ومغزى.. لأن الذوق العام تغير وتغير أيضاً جمهور السينما وهناك من يبحث عن أفلام شعبية حتى يهرب من خلالها من ضغوط الواقع.
ويرى الكاتب الكبير وحيد حامد أن أزمة السينما المصرية تكمن فى شىء واحد وهو عدم وجود عدالة فى التوزيع ويعلق على حال السينما قائلاً: أمر طبيعى ومنطقى أن تمر السينما بمراحل مختلفة.. تارة قوية وناضجة وتارة أخرى ضعيفة وهشة وثالثة عليلة تبحث عن طريق..فى الفترة الأخيرة ظهرت أعمال مبشرة مثل «الفيل الأزرق» بطولة كريم عبدالعزيز و«الجزيرة» بطولة أحمد السقا وهذه الأعمال جيدة ومبشرة ولكن عندما تشاهد الصورة كاملة سوف تجد أن السينما المصرية عليلة وتبحث عن طريق للشفاء.. صحيح أن الأفلام التى احتلت دور العرض كانت تقدم البلطجى على أنه البطل والنموذج ولكن الواقع فى الفترة الأخيرة كان ضبابياً جداً، وأثر على السينما التى أراها مرآة صادقة للمجتمع.. وهناك من بحث عن تيمة للنجاح وجنى الإيرادات وقدم سينما الراقصة والبلطجى على أنها تيمة الحظ والنجاح ونسى أن الفن قيمة ورسالة قبل أن يكون طريقاً للمكسب والربح.. أطالب الدولة بدعم التجارب الشابة الجديدة والقضاء على احتكار دور العرض وتوفير منخ صحى للإبداع وحرية طرح الأفكار.
وتتحدث الفنانة الشابة داليا البحيرى فى الموضوع قائلة: لا أحد ينكر أنه إلى جانب التجارب الفنية المحبطة كانت هناك تجارب ومحاولات سينمائية ناضجة وجادة.. لكن إذا كنت تبحث عن الظواهر السلبية التى طالت السينما فسوف تكتشف أن جهات الإنتاج راحت تتحمس للأفكار السطحية التى تترك أى أثر فى عقل ووجدان المتلقى.. وراحت تدير ظهرها للأفكار الجادة ولذا أصبحت الأعمال الضعيفة كثيرة.. أتمنى أن تعود الدولة إلى الإنتاج حتى لا تترك صناعة السينما رهن قرارات أفراد كما أن هناك أعمالاً ضخمة تحتاج إلى ميزانيات كبيرة مثل الأعمال التاريخية والأعمال التى ترصد البطولات الحربية.. عودة الدولة للإنتاج سوف يخلق أملاً كبيراً بداخلنا ويترك فرصة الاختيار للمشاهد الذى عانى فى الفترة الأخيرة من كثرة الأعمال الضعيفة.
وتواصل داليا البحيرى حديثها: أعرف أن الدولة فى محنة كبيرة بسبب حربها ضد الإرهاب، وبالتالى فالاهتمام بدعم القضايا الفنية سيكون عبئاً جديداً ولذا أرى أن تعديل مسار السينما وتعديل محتواها سوف يحتاج إلى وقت طويل.. ولذا أطالب كل مبدع بالبحث عن أفكار جديدة ترفع من شأن الشخصية المصرية وتعزز بداخله قيماً كبيرة ومهمة مثل الولاء والانتماء لهذا الوطن الكبير.. الفن مسئولية وليس عملاً سهلاً لأنه يؤثر فى الناس بالسلب أو الإيجاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.