قالت الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر إن وضع المرأة بعد الثورة أصيب ب " السكتة القلبية " بعد ما كانت "حدثا يحكى"، وأن ما يحدث الآن ما هو إلا خلط للأوراق ما بين السياسي والفكرى ومدعي الدين، وأنه لا بد من التفرقة بين الحقوق والواجبات والفوضى والحرية. جاء ذلك فى اللقاء الذى أقيم أمس الثلاثاء بمقر المجلس القومى للسكان تحت عنوان "تمكين الأسرة المصرية " وتم توقيع بروتوكول تعاون بين البرنامج القومى لتمكين الأسرة ومناهضة ختان الإناث الذي ينفذه المجلس القومي للسكان، ومؤسسة مدي للتنمية الإعلامية، في اللقاء الأول لمنتدى تمكين الأسرة المصرية بحضور ممثلين من المجلس القومى، ومؤسسة مدى، وعدد من علماء الدين، وبرنامج الأممالمتحدة وغيرها من الجهات المعنية بقضايا المرأة والأسرة والطفل. واتفق المشاركون في توقيع البروتوكول على إعداد وثيقة للأسرة المصرية مماثلة لوثيقة الأزهر التى حسمت خلافات كثيرة بين بعض السياسيين لقضية الدين والدولة، وكذلك المساهمة في النهوض بأوضاع الأسرة المصرية، على كافة الأصعدة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، من خلال طرح خطاب تمكيني يتجاوز المقاربات الجزئية في التعامل مع قضية الأسرة، والتي كانت تقدم خدماتها سابقا لكل عضو في الأسرة على حدة بمعزل عن رؤية متكاملة لكيفية النهوض بالأسرة المصرية، ويتم ذلك باستهدافه شرائح مجتمعية عديدة منها مرشحي الرئاسة، وممثلي الأحزاب، وشباب ائتلافات الثورة، ورجال دين، ومؤسسات الحكومية، ومؤسسات مجتمع مدني ، وإعلاميين. ويضم البروتوكول العديد من المبادرات منها مبادرة ملتقى "منتدى الأسرة المصرية"، بالتعاون مع مؤسسة مدي للتنمية الإعلامية، ومبادرة "حكم عقلك" لدعم قيم الثقافة المدنية والديمقراطية بالتعاون مع مؤسسة مدى، ومكتبة الإسكندرية، ومواطنون من أجل التنمية، ومؤسسة الأممالمتحدة للمرأة، وميادين التحرير.
وأشار هشام جعفر رئيس مجلس أمناء مؤسسة مدى للتنمية الإعلامية إلى غياب التصورات المتعلقة بوضع استراتيجيات للنهوض بالأسرة والمرأة والطفل في خطاب الأحزاب السياسية أو البرامج الانتخابية للمرشحين للرئاسة الجمهورية في مصر بعد ثورة 25 يناير، على الرغم مما تمثله الأسرة من دور هام في نهضة أي مجتمع ، حيث غلبت القضايا ذات البعد السياسي الخارجي- رغم أهميتها - على خطاب معظم المطروحين على العمل العام حاليا( سواء أشخاص أو أحزاب)، واختزالها حول خطابات هوية الدولة المصرية .
ولفتت الدكتورة أميمة إدريس مقرر المجلس القومي للسكان إلى أن هناك تيارات سياسية ظهرت بعد الثورة تريد الانقضاض على مكتسبات المرأة التى حصلت عليها مؤخرا، وظهر ذلك برصد زيادة لحالات ختان الإناث، وزواج القاصرات، وبالتالى زيادة نسبة تسرب الفتيات للتعليم، ولكن تلك الحقوق المكتسبة ليست متمثلة فى شخص واحد انتهى تواجده على الساحة الآن، وإنما هى حقوق مكتسبة عن جدارة وكفاح مؤسسات وأفراد وليست حقوق مخالفة للشريعة الإسلامية لذلك يجب التركيز على حقوق الأسرة المصرية لأنها نواة المجتمع المصري ووضعها على أجندة القوي السياسية وخريطتهم. . ونبهت الدكتورة فيفيان فؤاد مسئول البرنامج التدريبي بالمجلس القومي للسكان، إلى أنه لن يتحقق بناء المجتمع الديمقراطى الحديث فى الفترة القادمة إلا من خلال توطين القيم والممارسات الديمقراطية مثل "المشاركة، المساواة ، قبول الاختلاف" داخل مؤسسات التنشئة الاجتماعية وفى مقدمتها الأسرة باعتبارها هى أحد أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية، مؤكدة على أن ذلك من الممكن أن يتحقق من خلال التزام الدولة والمجتمع المدني بتمتع كل فرد من أفراد الأسرة بالحقوق التى يكفلها الدستور والقانون دون أى تمييز، بما يضمن تحسين نوعية حياة الأسرة على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتستكمل فيفان أن المشروع يهدف إلى صياغة رؤية متكاملة لقضايا تمكين الأسرة، تنطلق من احتياجات الناس الحقيقية، بالإضافة إلى التصدي لكافة اشكال ومظاهر العنف الأسري فى إطار حزمة متكاملة "حرمان الاطفال من التعليم – ختان الإناث – زواج القاصرات – الحمل المتكرر- عمالة الاطفال – الإيذاء البدني والنفسي – التمييز النوعي في التنشئة". وأشار الدكتور حسنى مرشد بوزراة الأوقاف إلى ضرورة تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة "الحزبية" لأن الجميع في سفينة واحدة تسعي للبناء مرة أخرى، لذلك يجب أن نتكاتف للإصلاح المجتمعي أولاً ثم الإصلاح السياسي. يذكر أن هذا التعاون يعتبر الثالث بين مؤسسة مدى والمجلس القومي للسكان بعد أن أطلقا معا "منتدى تمكين الأسرة"، ومشروع "تدريب رجال الدين على الإرشاد الأسري" الذي قامت فيه مدى بتدريب 390 رجل دين وقائدا مجتمعيا على مدار 10 أشهر.