الرصيف.. يسقط هيبة 5 أجهزة رقابية تمثل الأرصفة بالنسبة للعديد من المواطنين حول العالم شرايين للحياة خاصة في المدن الكبري والعواصم التي يعد التجول بين شوارعها مخاطرة قاتلة وتأتي القاهرة في صدارة المدن التي تشهد ازدياداً في عدد الحوادث، تم تدشين الأرصفة عالميا مع بدايات الحضارة الحديثة وحفلت - «المحروسة» - بتخطيط جيد في هذا الإطار حيث سبق وحصلت علي لقب المدينة الأفضل عالمياً نهاية العشرينيات من القرن العشرين.. وظلت الأرصفة تمثل ملكاً مشروعاً للمارة دون غيرهم علي مدار عقود حتي اكتظت القاهرة وغيرها من المدن المصرية بسكانها لتصبح من أكثر المناطق ازدحاماً علي المستوي العالمي.. وبمرور الوقت ازدادت الأزمة تفاقماً خاصة مع تنامي مظاهر الفساد في المحليات ومن تجلياته تلك الفوضي المنتشرة في الشارع في مختلف الأحياء والمدن علي حد سواء. أين رصيفي؟ السؤال الذي يتردد علي خاطر أي زائر للعاصمة أو سائح قادم لرؤية «أم الدنيا» عندما يصل لقلب العاصمة أو شقيقتها - الجيزة - هو عن الرصيف الذي من الممكن أن يكون أداته الوحيدة للنجاة من حوادث الطرق حال قرر المغامرة والتخلي عن الرصيف.. نظرة من أحد الأدوار العليا أو عبر لقطة مصورة عبر طائرة يبدو المشهد كوميدياً بامتياز حيث تختفي الأرصفة ويتناحر المواطنون فيما بينهم باحثين عن موضع قدم وكأنه مشهد مصغر من مشاهد الحشر يوم القيامة. بائعون في دائرة الاتهام الثأر شبه اليومي بين أي عابر من سكان العاصمة والمدن الكبري مع ذلك البائع الذي يسيطر علي جزء من الرصيف باعتباره حقا مشروعا له ليغني عائلته عن ذلك السؤال فيما دخل علي الخط في تلك المواجهة أصحاب المحلات أولئك الذين قاموا بدور يتشابه مع الباعة الجائلين حينما أستخدموا غياب الرقابة المتجسدة في المحليات وغيرها من الأجهزة المعنية في الاستيلاء علي جزء من الرصيف بطول المحل من أجل عرض بضائعهم. معلومات جهات رقابية، المجالس المحلية، شرطة المرافق، إدارة الاشغالات، هيئة التطوير الحضاري، هيئة النظافة. 5 جنيهات غرامة إشغال الرصيف. 50 سم الحد الأقصي لارتفاع الرصيف في كود البناء المصري. 10٪ فقط نسبة التحصيل من قيمة المخالفات. 40 سم بروز الحد الأقصي لأي محل. قيمة مخالفة الإشغال. 5 جنيهات غرامة سنوية لبروز المحل. أجهزة غائبة عن الوعي مشاكل الأرصفة وما تتسبب فيه من أزمات أصبحت تمثل صداعاً دائما في رأس الحكومة والمجتمع في آن واحد منذ أن ظهرت الأرصفة في عهد الخديو إسماعيل الذي اهتم بتجميلها ليجعلها تتنافس علي صدارة أجمل عواصم العالم، غير ان دوام الحال من المحال فمع مرور الأيام لحق التشويه بمعظم الشوارع وباتت أرصفة مصر غارقة في الاشغالات، وما علي المواطن سوي ان يترك الرصيف ليزاحم السيارات في الطرق لعلها تفسح له المجال للسير دون عوائق أو مضايقات. انشئت الأرصفة لتستوعب حركة المشاة بمواصفات محلية يتضمنها الكود المصري للطرق، الذي أعدته وزارة الإسكان في عام 2008، ويشمل المساحة والابعاد والارتفاع الذي يراعي أماكن عبور المشاة والمعاقين الذين يستخدمون أجهزة لمساعدتهم علي الحركة، وبالرغم ان قانون الاشغالات رقم 140 لسنة 56 يسمح للمحلات التجارية المرخصة بعمل «فاترينة» بحد أقصي 40 سم فأصحاب تلك المحلات والأكشاك سطوا علي الأرصفة معتبرين إياها جزءا من ممتلكاتهم. وتخضع إشغالات الشوارع للعديد من الجهات الرقابية، ولكنها في حقيقة الأمر عمياء عن تلك التجاوزات بداية من المجالس المحلية مروراً بشرطة المرافق وإدارة الاشغالات وهيئة التطوير الحضاري، بالإضافة إلي هيئة النظافة المسئولة عن نظافة الأرصفة ورفع المخلفات من أمام المارة، وجهاز حماية المستهلك المنوط به حماية المواطنين من البضائع المغشوشة المعروضة في الطريق للبيع. ولا يقتصر تراخي الأجهزة الرقابية عند هذا الحد بل وصل الأمر إلي تعمد مجلس المحافظين عدم تفعيل قانون الباعة الجائلين رقم 105 لعام 2012 وهو ما ساهم في إحداث فوضي علي الأرصفة. ونجد في مصر الرصيف «محتلا» بسيارات كأنه جراج خاص إلي جانب الباعة الجائلين، بالإضافة إلي تجار الملابس والمخابز التي تعرض منتجاتها، ومن أبرز صور الاعتداء علي الأرصفة وحقوق المشاة اشغالات البناء المؤقتة «تجميع مواد البناء أمام المبني».. أما النوع الآخر فهو اشغالات المقاهي التي تتعدي المساحة المقررة بالترخيص وبروز المحلات، كل ذلك يخضع لنص القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن إشغال الطرق والذي يضمن فرض عقوبة علي المخالفين بغرامة تتجاوز قروشا قليلة، حيث حدد القانون العقوبة بمبلغ لا يزيد علي ستمائة مليم في اليوم وخمسة جنيهات في السنة، وبالحبس مدة لا تزيد علي شهر وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد علي ثلاثمائة جنيه. وهو ما دعا مجلس الوزراء للموافقة علي مشروع قرار رئيس الجمهورية بمشروع قانون، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 140 لسنة 1956 في شأن اشغال الطرق العامة، حيث نص المشروع المقترح علي استبدال الفقرة الثانية من المادة 14 من القانون المشار إليه بالنص التالي: «ويحكم علي المخالف بأداء عشرين ضعفا رسم النظر، ومائة رسم الاشغال المستحق، والمصروفات إلي تاريخ إزالة الإشغال». والغريب ان العقوبات لا تتوقف عند حد اشغال الطرق فقط فقانون التنسيق الحضاري رقم 119 لسنة 2008 ينص هو أيضاً علي الحبس والغرامة، أما فيما يتعلق بتحريك الدعاوي القضائية فالحي هو المسئول الأول والأخير. وفي معرض الحديث عن الأزمات التي تخلفها الأرصفة قال الدكتور سامح العلايلي، عميد كلية التخطيط العمراني الأسبق بجامعة القاهرة إن تصميم الأرصفة بالشوارع المصرية تغلب عليه سمة علو الرصيف وذلك لعدم تمكين السيارات من اختراقه والصعود عليه، منوهاً إلي ان تصميمها بهذا الشكل لا يساعد كبار السن علي العبور علي الرصيف ويمثل صعوبة لهم، فالالتزام بالكود المصري تجهله المحليات حيث لا يتعدي منسوب البلاط والأسفلت 50 سم ويكون الرصيف ليس به أي عوائق لحركة المشاة، وأن تكون المادة التي يتم الرصف بها غير قابلة للانزلاق وأن تكون مادة خشنة فالدولة لا تهتم بالأشخاص بقدر ما تهتم بأصحاب المحلات والسيارات. الحل المنسي في تصريحات صحفية سابقة أعلن المستشار أحمد الزند وزير العدل منح نائبي المحافظين ورؤساء الأحياء بمحافظة الجيزة صفة الضبطية القضائية، وذلك ليسهل ضبط المخالفات وإقرار العقوبات علي المخالفين. وحول هذا الشأن يري دكتور شوقي السيد الفقيه الدستوري أن منح الضبطية القضائية لرؤساء الأحياء سيسهل من رصد المخالفين والحيلولة دون هروبهم وهنا يمكن تحرير المحاضر في الحال ولا يمكننا ان نغفل دور الجهات المسئولة عن تطبيق القانون، فإصدار التشريعات ليس نهاية المطاف وإنما تطبيق التشريع هو المعيار، والقاعدة ان النص يتناهي والواقع لا يتناهي. ومن جانبه كشف الدكتور كمال الكاشف أستاذ التخطيط بجامعة القاهرة ان الجهات الرقابية الموجودة لرصد المخالفات لا تكفي، حيث يتم تحصيل 10٪ فقط من المخالفات إلي جانب وجود معيار أساسي لا يجب ان نغفله ان المصريين إن لم يخالفوا لن يكونوا مصريين. ويري الباحث عمار علي حسن الباحث في العلوم السياسية ان الدولة عاجزة عن التصدي لإشغالات الأرصفة لعدة أسباب. الأول ان الجهاز المنوط به التنفيذ في الشارع وتطبيق اللوائح فاسد وبطىء في عمله بشكل يضيع علي الدولة والمواطن الحقوق وهناك أزمة مزمنة في هذه الأجهزة، السبب الثاني ان الدولة لا تريد ان تقع في صدام مع المواطنين، خاصة ان الطرق والشوارع في المدن مزدحمة، وغير ممهدة، وإعادة تخطيطها ستكون مكلفة للدولة سواء علي المستوي المادي، أو علي رجال الشرطة.