يحدثني عن مرض إبنته، مصابة بمرض "خطير"... باع الكثير من ممتلكاته لعلاجها ومازالت تحتاج الكثير، يقسم أنه لن يتوقف حتي تشفي بإذن الله حتي لو باع كل مايملك! وهناك من يحدثني عن والدته ويشتكي ذاكرتها الضعيفة وصحتها التي لاتسمح لها بخدمة نفسها وكيف أنه لن يستطيع مواصلة حياته بهذا الشكل ولن يستطيع إنفاق المزيد من الأموال! اليوم تمسك بأيدي أطفالك الصغار، تتعلق أعينهم وقلوبهم بك، أنت الأب وأنت إحساس الأمان، تقول لك إبنتك وهي تحتضننك "أنا بحبك أوي يابابا"! يوماً سأكبر يا إبنتي وسأكون بحاجة لمن يحتضنني ولكني لن أكون كما كنت... لن أكون الشاب صاحب الشعر الأسود الذي كثيراً ماحملك ولعب معك وكانت "أحلامك" هي كل "أحلامه"! سينحني الظهر ويبيض الشعر وتضعف الذاكرة وتتسرب السنوات فهل ستكونين هناك؟! هل ستتحملين والدك الذي أصبح يحتاجك بعد أن كنتي يوماً "كل حياته"؟! يضيع العمر بإرادتنا فنحن نرغب في مرور السنوات لكي تتحقق الأحلام، وتمر السنوات وتتحقق بعض الأحلام ولكننا ننسي أن هناك سنوات قد "مرت"! سنوات كانت تستحق أن نحياها وأن نعيش كل لحظة فيها! وأحياناً يضيع العمر تحت شعار "التضحية من أجل الأبناء" ولامجال لحياة أعيشها كإنسان ثم فجأة تكتشف أن بعض الأبناء لايستطيعون حتي "بعض التضحية" من أجلك! راجع صورك القديمة، تأمل فيها جيداً، فبعضك هناك! أحلامك هناك! براءتك هناك... ومن هذه اللحظة عاهد ربك أنك ستعيش الحياة كما ينبغي أن تعيشها، ستفعل الصواب وتنشر الخير، ستكون إضافة للحياة وسبب في زيادة مساحة الجمال فيها، لن تعيش في أحلام غيرك، ستقول الصدق وستصارح كل من تحبهم بأنك "تحبهم"، سترحم البسطاء والضعفاء، ستدخل السرور علي غيرك، ستحلم ولكنك لن تنسي اللحظة التي تعيشها وأهميتها! ستطهر قلبك وستعفو (وأنت قادر) عمن ظلمك، وستنام أخر الليل وليس في قلبك غل لأحد! فما أسرع مرور السنوات وما أجمل أن تتعلم من تجارب غيرك فتضيف إلي عمرك أعمار!! "مازلت أحاول السير إلي الله بجسدي المنهك وخطواتي المتعثرة، بقلب شاب عشريني أراد الله أن يغير حياته وبجسد رجل يقترب من الأربعين يحمل صحائف أعماله، يستمع خجلاً إلي كلام ربه " أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى" ، "وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى"، " وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى"، نعم يارب كنت يتيماً فأويتني وكنت ضالاً فهديتني وكنت عائلاً فأغنيتني، ومازلت أذكر فضلك علي ورحمتك بي وبغيري من عبادك وأخجل من عطاياك وأخاف من الوقوف بين يديك ولاعزاء لي إلا أن رحمتك سبقت غضبك وأنك وعدت التائبين بالعفو والستر وأنك ستدخل الناس الجنة برحمتك، وأنا أحسن الظن بك وأحاول السير إليك وأحب الصالحين وأفرح بالحق وأكره الظلم والظالمين ولكني كثيراً ما أتعثر، كثيراً ما أتعثر!"