أوضحت صحف ألمانية صادرة اليوم الاثنين أن غضب المصريين من تبرئة رجال الشرطة أطلق مرحلة ثانية من الثورة ضد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك وقالت "زود دويتشه تسايتونج" إن هذا الغضب عبّر عن وعي المصريين بأن نظام مبارك ممثلا بالجيش والاستخبارات والشرطة والقضاء لا يزال كما هو. وأفردت الصحف المذكورة مساحات واسعة لتحليل الحكم على مبارك، واتفقت على أن غضبة المصريين من هذا الحكم أطلقت شرارة مرحلة ثانية من الثورة التي تستهدف القضاء على النظام القديم، واعتبرت أن قرارات المحكمة أظهرت أن نظام مبارك ما زال يعمل بنفس آلياته القديمة، ويمسك بيده كل الخيوط المحركة للأحداث بأرض النيل والأهرامات. وتحت عنوان (تحية للمجرمين) تساءلت زود دويتشه تسايتونج في صفحة الرأي قائلة: كيف برأت المحكمة ساحة الزبانية الستة الكبار بالداخلية المصرية، في الوقت الذي صدرت فيه بعد سقوط مبارك أحكام بالسجن على آلاف المصريين لمجرد مخالفات بسيطة؟ وأضافت: "خرج الجنرالات القتلة من محاكمة مبارك مثل خروج الشعرة من العجين، وعوقب الرئيس السابق ووزير داخليته حبيب العادلي باعتبارهما ممثلين لدولة القمع، للإيحاء بأن إبعاد قمة النظام الظالم يعني نهاية الحكم الدكتاتوري". ورأت الصحيفة أن نقل مبارك إلى المحكمة بطائرة هليكوبتر وكأنه ما زال رئيسا، وأداء ضباط الشرطة التحية العسكرية لوزير الداخلية وضباطه مؤشر على عمل النظام القمعي القديم بكل زخمه من وراء حجب. واعتبرت أن الحكم على مبارك ولّد لدى المصريين قلقا من أن انتخاب رئيس جديد يعفو عن الدكتاتور السابق ليس أمرا مستبعدا. وخلصت الصحيفة الألمانية إلى أن أوضاع مصر بعد ستة عشر شهرا من سقوط مبارك تبدو مثلما كانت عليه في اليوم الثاني لسقوطه عصية على التوقعات. وتحت عنوان (الأحكام نكتة سمجة) كتب هانز ميشيل أوهيل مراسل إذاعة أي آر دي بالقاهرة قائلا: إن الحكم على مبارك أعطى انطباعا قويا مفاده أن ما جرى بقاعة المحكمة كان مسرحية متقنة أعدت لخداع المصريين والقضاء على ثورتهم، وإفراغ مطالب الثوار الداعية لمزيد من الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان من مضامينها. ورأي المراسل أن الفصل الأخير من مسرحية محاكمة مبارك استهدف تمهيد الطريق لفوز المرشح أحمد شفيق بالرئاسة ليقوم بعد ذلك بإصدار عفو عن معلمه ومثله الأعلى. وذكر أن خروج آلاف الشباب -الذين أسقطوا مبارك- للتظاهر بالشوارع وميدان التحرير بعد صدور حكم المحكمة أطلق شرارة المرحلة الثانية من الثورة، وأفشل مخططا لإحكام النظام القديم سيطرته على مقاليد الأمور السياسية والاقتصادية بشكل علني، بعدما تحكم فيها في الخفاء طوال الشهور الستة عشر التالية لسقوط مبارك. واعتبر أوهيل أن الاحتمالين المطروحين في مصر الآن هما مواصلة الشباب لمظاهراتهم حتى تحقيق أهداف ثورتهم، أو استنفار النخبة القديمة لكل قواها لمواجهة المتظاهرين وإسكاتهم بكل ما تملك من وسائل قمع. واعتبرت صحيفة "ديرتاجسشبيجيل" أن الحكم بالسجن مدى الحياة على "الفرعون" السابق مثل رغم تناقضاته حكما تاريخيا في مصر والدول العربية التي لم تشهد أي منها تقديم حاكم للقضاء ليعاقبه على ما اقترف من جرائم بحق بلاده وشعبها. ورأت الصحيفة أن مواجهة التحقيقات بشأن جرائم قتل المتظاهرين بجدار من الصمت، وتراجع الشهود عن إفاداتهم ضد مبارك والعادلي وكبار معاونيه، وتأدية ضباط الحراسة بقاعة المحكمة التحية العسكرية علنا لوزير الداخلية السابق وجنرالاته الستة، دلل للمصريين على أن النظام القديم ما زال قائما وأن الشرطة تتصرف وكأن ثورة لم تقم.