تمر مصر الأن بوقت دقيق وعصيب يتمثل في مخطط واضح لسرقة المستقبل الذى بشرت به ثورة 25 يناير العظيمة على أيدى شبابها وشهدائها الأبرار، والذي شعرت معه الأمة المصرية بأمل عريض في ذلك المستقبل الذي يحمل الحرية والعدل والكرامة. فجاءت نتيجة الانتخابات الرئاسية على غير ما كان يتوقع وينتظر الشعب المصرى العظيم. وإذ سارت الأمور على هذا النحو، فأنه يتوجب علينا جميعا أن ننظر إلى الموقف الذي تمر به البلاد نظرة الشعور بالخطر الذي يفرض علينا جميعا الالتقاء على ما يحفظ لهذا الوطن الكريم وحدته، ويحفظ لهذا الشعب العظيم حقه في التطلع إلى تحقيق أهداف ثورته. وبعد الإعلان النهائي عن جولة الإعادة المقرر عقدها في 16 و17 يونيو الجاري بين كل من د. محمد مرسى ومرشح نظام مبارك، وبعد عدة لقاءات مع القوى السياسية والشخصيات والرموز الوطنية ومرشحي الرئاسة والتي كان آخرها {أمس} اللقاء مع د. محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة، والذي أكدت له أن الضرورة الوطنية تحتم علينا أن تكون الخطوة المقبلة تفتح أفق المستقبل السياسى للبلاد على صورة يطمئن إليها الشعب كله بجميع أبنائه على أن الثورة ماضية في تحقيق أهدافها وأن كل القوى الوطنية مسؤولة ومشاركة في تحقيق هذه الاهداف. فكانت هناك نقاط أربع أحيط بها د. محمد مرسى علماً، تحمل الاتفاق والتوحد الذي يحمي الوطن ومستقبله من المخاطر التي نراها جميعاً والتي لا أتصور أن الالتقاء عليها أمرا يصعب تحقيقه. 1. تشكيل الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور بحيث يعكس ذلك الصورة الكاملة والدقيقة لوحدة الوطن في إطار تنوعه الطبيعي، وأن تكون بها نسبة معتبرة من الفقهاء القانونيين والدستوريين وأن يترأسها رمز من الرموز الكبيرة للوطن، وتصدر قرارتها بموافقة ثلثي أعضائها، على أن يعلن تشكيلها قبل الانتهاء من جولة الإعادة. 2. أن يتم الإعلان عن أسماء نائبين للرئيس بصلاحيات محددة، يكوّنان مع الرئيس الشكل المؤسسى للرئاسة—خاصة في تلك المرحلة— بما يرضي ويطمئن جموع المصريين. 3. الإعلان عن حكومة ائتلافية برئاسة أحد الشخصيات الوطنية من خارج حزب الأكثرية، تعكس توافق الروح الوطنية الواحدة، بشكل يحقق الاطمئنان التام لكل أبناء الوطن، وتستند الى اختيار الأكفأ والأصلح دون النظر للحالة السياسية أو الحزبية، على أن يتولى الوزارات السيادية وزراء تكنوقراط لا ينتمون لأي أحزاب سياسية. 4. إعلان الاستقلال التام لرئيس الجمهورية عن أية انتماءات حزبية، وهو الأمر الذى لا يعد تجاوزاً على حق من حقوقه أو شأن من شؤونه، فهذا ما يمليه ويحتمه واجب الوقت في تلك المرحلة من مراحل نمو واكتمال العمل السياسى والحزبى. لذا أرى أن تلك النقاط الأربعة تمثل محور اصطفاف وطني حقيقي، خاصة في ظل الأوضاع التي تمر بها مصر، والتي تحتم علينا جميعا أن نكون علي قدر الحدث والمسؤلية بما نتحمله من أمانة، سنسأل عنها أمام الله وأمام التاريخ وأمام هذه الاجيال المستحقة للحياة الكريمة العزيزة.