في نقاط قصيرة وموجزة أشرح بعض جوانب معركة الرئاسة، ولماذا يجب على قوى الثورة المختلفة للحفاظ على تنوعها ووجودها في الشارع وأمل استمراها، الالتفاف حول أبو الفتوح كمرشح وحيد يمثل الشرائح الثورية المعتدلة. المرشحون الفلول الصِرف من صُلب النظام السابق لن يقبلهم الشارع، مثل عمر سليمان وأحمد شفيق، ورهان المجلس العسكري والفلول على عمرو موسى، فهو حتى الآن مرشح العسكر وليس فقط مرشح الفلول، وهذه حقيقة واضحة للجميع الآن، وأغلب الظن أنه سيتجه للإعادة. مرشحو الثورة الثلاثة هناك ثلاث مرشحين فقط يمكن أن يُقال عنهم أنهم مرشحو ثورة ولهم تاريخ سياسي طويل، عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي وخالد علي، هؤلاء الثلاثة فقط هم من يمكن للثورة أن تعوّل عليهم. الأول خالد علي، مناضل يساري له تاريخ طويل مع الحركة العمالية، ولكنه على أرض الواقع بلا فرُص للفوز. حمدين صباحي يستحق أن يكون في انتخابات الرئاسة، فهو لديه رؤية ومشروع وتاريخ وكوادر شبابية وحملة جيدة جداً، ولكن فرصه ضعيفة للأسف في الوصول إلى الإعادة. الآن توجد خيارات ثلاثة لديها فرصة حقيقية للفوز في انتخابات الرئاسة: عمرو موسى وأبو إسماعيل—بالطبع قلت فرصته كثيرا بعد موقف جنسية والدته—وأبو الفتوح، أي مرشح آخر مهما كان ممتازاً في رؤيته وبرنامجه، كحمدين صباحي، لا يملك القدرة على منافستهم في الفترة القصيرة المتاحة. أبو الفتوح المرشح الوطني من لا يريد عمرو موسى لأنه فلول، ومن لا يريد أبو إسماعيل لأنه سلفي، ليس أمامه خيار حقيقي سوى أبو الفتوح، والوقوف خلف مرشحين لا فُرَص لهم بدلاً من الالتفاف حول أبو الفتوح قد يكلّفنا الكثير، وقد يضعف من فُرَص أبو الفتوح ويضعنا في مأزق إعادة بين موسى وأبو إسماعيل، وهو ما يزيد الاستقطاب ويضع الثورة في موقف ضعيف. قد لا يعجبك أبو الفتوح لأن خلفيته إخوانية، ولكنه في هذه اللحظة منفصل عن الجماعة تنظيمياً، وعن أي فصيل أيديولوجي، وفي نفس الوقت يمتلك ميزة وهي قدرته على اكتساب تأييد شريحة كبيرة وهي مؤيدي التيار الإسلامي في الشارع نظراً لتاريخه، وهو ما يجعله المرشح الثوري والوسطي الوحيد الذي ينافس بقوة، ولكنه ليدخل الإعادة ويقطع الطريق على سيناريو موسى-أبو إسماعيل، يحتاج إلى كل صوت قد يضيع على مرشحين ذوي فرص ضعيفة في الجولة الأولى. إن كان موسى مرشح الفلول، وأبو إسماعيل مرشح السلفيين واليمين الإسلامي، فإن أبو الفتوح يستطيع أن ينافسهم إن تجمعت حوله الشرائح المتبقية؛ يسارية وليبرالية ووسطية وثورية وعلمانية وشبابية أو إصلاحية إخوانية وناصرية إلخ، وهو ما بدأ يحدث ولكن ليس بشكل كامل، ولكنه يجب أن يكتمل. التيارات اليسارية والليبرالية بحث التيارات الليبرالية أو اليسارية أو غيرها عن مرشح ليبرالي صِرف أو يساري صِرف مستحيل، لأنها لا تملك قواعد شعبية على الأرض الآن تستطيع أن تجعل مرشحها منافساً قوياً، فهي تستطيع أن تنافس في المستقبل بعد أن تبني قاعدة شعبية كبيرة، ولكن الخيار الأفضل لها الآن دعم أبو الفتوح، فاللحظة الحالية ليست لحظة سياسية عادية، ولكنها لحظة تقف فيها القوى الليبرالية واليسارية عند مفترق طرق ولا تجد خياراً ثورياً ومعتدلاً، ويحترم وجودها على الأرض ويضمن عدم إقصائها لاحقاً، سوى أبو الفتوح، أما مرشح فلول كعمرو موسى، أو مرشح من اليمين الإسلامي كأبو إسماعيل؛ الذي أوشك على الخروج من السباق، والذي لا توحي أيضاً تصريحاته ومواقفه باعتبار التعددية السياسية أولوية، فإنه يهدد وجود تلك التيارات أساساً على الأرض في المستقبل، وهو ما يعني وجوب أن تقف تلك التيارات خلف المرشح الوحيد القوي المنافس لهم، إن كانت تبحث عن مناخ سياسي حر ومفتوح للعمل في المستقبل يضمن لها أن تكون قادرة على بناء قواعدها الشعبية بحرية كاملة. مرشحو اليمين هذا يعطي أبو الفتوح ميزة كبيرة وهي تنوع القوى الواقفة خلفه، على عكس موسى وأبو إسماعيل اللذان يمثلان شريحة متجانسة نسبياً، وهو ما يعني أن أبو الفتوح ليس فقط المرشح الثوري الوسطي الوحيد، ولكنه الوحيد المتجاوز للخلافات الأيديولوجية (Trans-ideological)، والأقدر على رعاية ساحة سياسية ثرية ومتنوعة تتشكل في سنوات رئاسته بعيداً عن الفلول والشريحة الأيديولوجية الإسلامية التي تحتكر البرلمان، وكلاهما كما بات واضحاً بعيد عن مبادئ الثورة. أبو إسماعيل، ولوكان ثورياً، فهو ينتمي لليمين الإسلامي الذي يمثله البرلمان وهو ما يعني تكريس احتكار اليمين الإسلامي لمؤسسات الدولة، وموسى وإن كان قادراً على منافسة الإسلاميين بكُتلة الفلول، وهو في نظر البعض ميزة سياسية، فهو ببراجمتيته القبيحة يستطيع التوافق معهم حول أجندتهم المنافية لمطالب الثورة والتي أثبت البرلمان عدم وفاءه لها. أما أبو الفتوح فهو يملك الميزتين معاً، حماية الثورة ومنافسة الإخوان بكُتلة كبيرة، فهو يمثل شريحة وفية لمبادئ الثورة، وفي نفس الوقت قادرة على منافسة الكُتلة الإسلامية الممثلة في البرلمان لا سيماً وهو الآن منافس سياسي لقيادة الإخوان ومشروعها السياسي- الاقتصادي الذي يتزعمه خيرت الشاطر. فريق أبو الفتوح أضف إلى ذلك أن أبو الفتوح يعمل مع كوادر شبابية لديها تاريخ طويل في العمل على الأرض، فأبو إسماعيل كُتلته حديثة العهد بالشارع ولا خبرة لها في إدارة المؤسسات، وموسى لديه باع طويل في الإدارة ولكنه معتمد على مدرسة النظام القديم وهي الإدارة القذرة الأتوقراطية التي قامت الثورة للقضاء عليها، ولكن أبو الفتوح يمتلك كوادر قادرة على الإدارة النظيفة لمؤسسات الدولة. أبو الفتوح هو حل الثورة الوحيد لتفادي رئيساً من أقصى اليمين يجعل مؤسسات الدولة حِكراً على اليمين الإسلامي، وتفادي تمكين الفلول الذي ينسف الثورة تماماً.