تتابعت في السنوات الأخيرة أبحاث حول دور بعض الأغذية في الوقاية من أمراض مستعصية وخفض مخاطر الإصابة بها. وقد حظي زيت الزيتون بنصيب وافر من هذه الدراسات التي سعت لاكتشاف الخصائص الوقائية والعلاجية لزيت هذه الشجرة المباركة. فقد اكتشف أطباء جامعة نورث ويسترن مؤخراً أن تناول زيت الزيتون يساعد في الوقاية من سرطان الثدي وعلاجه أيضاً. وبعد تجارب مخبرية على خلايا من أورام سرطان الثدي، وجدوا أن حمض الأولييك، المتوافر في زيت الزيتون، خفض مستوى جين مسرطن (يحول الخلايا الطبيعية إلى سرطانية) بنسبة 46 بالمائة. وكانت دراسات سابقة أكدت أن جين Her-2/neu المسرطن يتواجد بمستويات عالية لدى بعض مريضات سرطان الثدي، وثبت ارتباطه بأورام سرطانية سريعة الانتشار، يصعب التنبؤ بسلوكها. كذلك وجد العلماء أن حمض الأولييك يحسن كفاءة وفعالية عقار "هرسيبتين"، الذي يستحث جهاز المناعة لمهاجمة خلايا سرطانية تحوي مستوى عال من الجين المسرطن. تفسر النتائج انخفاض إصابة شعوب البحر المتوسط بسرطان الثدي وأمراض القلب والشيخوخة، نتيجة اتباع أنماط غذائية تشمل كميات كبيرة من زيت الزيتون. تأثيرات مضادة للبكتيريا ووجدت دراسة لباحثين بمعهد لاغرازا بأسبانيا أن البولي-فينولات، مضادات أكسدة مركبة متوافرة بزيت الزيتون، تمنع عدوى بكتيريا هَليكوباكتر بايلوري المتسببة سنوياً بملايين الإصابات بالتهاب المعدة والقرحة الهضمية. وجد الباحثون أن زيت الزيتون البكر الغني بالبوليفينول قد أحدث تأثيرات مضادة ضد ثمان سلالات من هذه البكتيريا، منها ثلاث سلالات معروفة بمقاومتها للمضادات الحيوية. ويؤمل أن يستخدم زيت الزيتون البكر كعامل كيميائي وقائي من القرحة الهضمية أو سرطان المعدة، لكن هذا النشاط الحيوي لزيت الزيتون البكر يحتاج لتجارب علاجية أوسع. وقد أظهرت دراسات سابقة أن الشاي الأخضر وعصير التوت البري (الحامض) قد ثبطت نمو بكتيريا هليكوباكتر بايلوري، التي تبقى حية في بيئة المعدة الحامضية. وهذه أول دراسة لإمكانات بولي-فينولات زيت الزيتون، كمضاد لهذه البكتيريا. واستمرت مركبات الفينول المفيدة الموجودة بزيت الزيتون مستقرة في البيئة الحامضية للمعدة لساعات. لذلك، يستمر الاهتمام الكبير بزيت الزيتون لدى المستهلكين، خاصة مع صدور دراسات عديدة تربط استخدام زيت الزيتون بانخفاض مخاطر أمراض القلب والشرايين وأنواع من السرطانات. هل ينافس الجوز الزيتون؟ من ناحية أخرى، وجد باحثون أسبان أيضاً أن تناول الجوز (عين الجمل) أفضل لحماية الشرايين من زيت الزيتون. فقد لاحظوا أنه بعد وجبة دسمة بالدهون، بقيت شرايين من تناولوا مقداراً من الجوز أكثر ليونة ومرونة. فباستخدام الاختبارات فوق الصوتية، وجد الباحثون أن زيت الزيتون والجوز قد خفضا التهاب وتأكسد الشرايين عقب وجبات غنية بالدهون، لكن الجوز حافظ على مرونة الأوعية الدموية، وهو ما لم يقم به زيت الزيتون. يعزو الباحثون التأثيرات المفيدة للجوز إلى حمض ألفا-لينولينيك الموجود فيه، وهو مماثل لأحماض أوميغا-3 الدهنية الموجودة في الأسماك. لكن روبرت فوغل، أستاذ الطب بجامعة مريلاند، يرى أن عوامل أخرى -كغذاء غني بالمكسرات- هي أكثر قدرة على وقاية القلب. فزيت الزيتون ليس العامل الواقي الرئيس في غذاء إقليم البحر المتوسط.