تباينت مواقف نشطاء ومنظمات أمازيغية بالمغرب إزاء الحكومة الجديدة، بقيادة حزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي، حيث يرى البعض أنها حكومة ستجتهد لتنزيل مكتسبات الحركة الأمازيغية التي جاءت في الدستور المُعَدّل، باعتبار تواجد حزبين في الائتلاف الحكومي يناصران القضية الأمازيغية. وتعتزم جهات أمازيغية أخرى الضغط بقوة على حكومة عبد الإله بن كيران، من أجل التسريع بإخراج القوانين التنظيمية للغة الأمازيغية إلى النور، مشددة على أنها قد تلجأ إلى الشارع للاحتجاج إذا ما تباطأت حكومة "الإسلاميين" في تحقيق وعودها بخصوص الحركة الأمازيغية. وجدير بالذكر أن الدستور الجديد الذي صادق عليه المغاربة في أول يوليو المنصرم ينص في فصله الخامس على أن الأمازيغية تعد أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء، وبأنه يُحدد قانون تنظيم مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفية إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها بصفتها لغة رسمية". بين الدعم والانتقاد: ويرى قطاع معتبر من النشطاء الأمازيغيين أن الائتلاف الحكومي الجديد المكون من تحالف أربعة أحزاب يضم في صفوفه حزبين اثنين، هما حزب "الحركة الشعبية" الذي ينشط فيه أمازيغ جبال الأطلس خاصة، وحزب "التقدم والاشتراكية"، سبق أن عبرا عن مواقف مناصرة للحركة الأمازيغية وحقوقها في البلاد، خاصة في برامجهما الانتخابية وممارساتهما السياسية. وفي هذا الصدد، اعتبر الناشط الأمازيغي بلعيد إدوكان أن الحركة الأمازيغية في البلاد تستبشر خيرا بالحكومة الجديدة، لضمها أحزابا تدافع عن مكتسبات الأمازيغ المغاربة، التي تجلت خاصة في بنود الدستور الحالي، كما أنها أحزاب تعهدت قبل الانتخابات التشريعية المنصرمة بالعمل على الإسراع بتنزيل القوانين التي تنظم اللغة الأمازيغية، باعتبارها لغة رسمية بجانب اللغة العربية. ويرى هذا الناشط أن عدة جمعيات أمازيغية تنتسب إلى بعض الأحزاب المشكلة للائتلاف الذي يُكون الحكومة المقبلة، تعتزم دعم هذه التجربة الجديدة، وإرساء تعاون مثمر وإيجابي معها، من أجل تحقيق الأهداف المرجوة في ما يهم تعزيز إنجازات ومكتسبات الحركة الأمازيغية. الضغط على الحكومة: وفي المقابل، ينوي ناشطون وجمعيات أمازيغية أخرى الضغط بقوة على الحكومة المقبلة حتى تبادر وتعجل في إخراج القوانين المؤطرة للغة الأمازيغية التي تم ترسميها إلى أرض الواقع، بسبب الخشية من مواقف حزب الاستقلال الذي يوجد ضمن الائتلاف الحكومي من قضية الأمازيغية، إذ عُرف عنه دفاعه المستميت عن العربية على حساب الأمازيغية، بحسب رؤية مناضلين أمازيغ. وبالنسبة لأحمد عصيد الباحث الأمازيغي، فإن العلاقة بين الحركة الأمازيغية والحكومة المقبلة ستتجسد أساسا عبر مختلف القنوات والواجهات الممكنة والمشروعة، منها التنسيق مع حلفاء الحركة داخل الحكومة بغية تعزيز مكانة الأمازيغية في مختلف القطاعات بالمجتمع. وسجل عصيد منافذ رئيسية أخرى لنضال الحركة الامازيغية، وذكر منها التعاون مع المعارضة البرلمانية مُجسدة في حزب الاتحاد الاشتراكي، علاوة على متابعة عمل الحكومة في مجال اللغة والثقافة الأمازيغية عبر المنظمات والجمعيات النشيطة ذات الصلة في المجتمع المدني، مع الضغط على الحكومة من خلال الوقفات الاحتجاجية في الشارع في حالة ما إذا تباطأت السلطة التنفيذية في التطبيق العملي لمكتسبات الحركة الأمازيغية. وكان المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات قد عبر عن قلقه من تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الاستقلال لتأسيس تشكيلة الحكومة الجديدة، ووصفه بأنه " مؤشر في غاية السلبية"، وبأنه "يشكل تحديا كبيرا للحركة الأمازيغية وحلفائها السياسيين والمدنيين"، وذلك بسبب "ما راكمه حزب الاستقلال في التجارب الحكومية السابقة، وإنتاجه أزمات لا زال المغرب يتخبط في نتائجها"، وفق تعبير المرصد.