ما بين مصر والعدو الصهيوني تاريخ طويل في مبادلة الأسري والجواسيس وما كشفه التاريخ من عمليات تبادل هو القليل بينما مازال الكثير من هذه الصفقات والعمليات غير معروف، لأنه تم في سرية كاملة وتعتيم إعلامي ، وعندما يسقط جاسوس صهيوني في قبضة الأمن المصري يعترف بكل كبيرة وصغيرة ، لذا تبدأ اسرائيل في حمايته ومحاولة استرداده بأي ثمن، وعمليات تبادل الجواسيس بين مصر واسرائيل مثلها مثل غيرها لا تخضع لقواعد أو قوانين أو بروتوكولات محددة ، حتي كامب ديفيد لا تنطبق عليها مثل هذه الحالات ، كما أن الإنتربول الدولي لا يتدخل في هذه المفاوضات من قريب أو بعيد وهو ما حدث في قضية الجاسوس ايلان جرابيل وأخيرا الجاسوس عودة ترابين. من جهته قال الخبير الإستراتيجي العميد متقاعد صفوت الزيات أن صفقة الجاسوس ترابين تختلف تماماً عن صفقة ايلان جرابيل ، وأكد ان الأخير تم اتهامه باتهامات "توك شو" مثيرة للغاية، وتساءل عن السر وراء هذه الإتهامات التى وصلت الى السقف ثم الافراج عنه مقابل مواطنين مدانين بمخالفة قوانين دولة أجنبية بهذه السهولة. وقال الزيات ل "التغيير":" الصفقة بمثابة ترضية وليس انجاز كبير"، واضاف:" يجب ان تتم مسائلة الذين خرجوا في برامج التوك شو وكالوا الاتهامات جزافة لجرابيل "، وأوضح:"لأنه لو ثبتت هذه الاتهامات ومنها حرق الكنائس والوقيعة بين الشعب والجيش والمشاركة في تفجير شرارة الثورة المصرية لكان من المستحيل الإفراج عنه بتلك السهولة". واتهم الزيات كتابا - لم يسمهم- تناولوا الطعن في الثورة المصرية ومهاجمتها عبر التأكيد على أن ايلان جرابيل كان من مؤسسي الثورة المصرية، واعتبر ان ذلك اساءة بالغة للثورة والثوار ، وقال:" هؤلاء خمدت أصواتهم اليوم ولم نعد نسمع تصريحاتهم". وقال:" الثورة المصرية واحدة من أنبل الثورات التى لم تتكرر في التاريخ بشهادة الرئيس الأمريكي أوباما "، مضيفا:" اسرائيل قدمت اعتذارا عن قتل جنودنا على الحدود بعد الهجوم على سفارتها ب6 أشهر ونحن بادلناها بمواطنها مقابل 25 محكوم جنائي في اسرائيل لم يكن بينهم واحد سياسي". وشدد على ان اسرائيل تدرك ان عملية اقتحام السفارة لا تتساوي مع جريمة قتل الجنود ، مؤكدا ان السؤال الذى يجب طرحه هو لماذا لم تتضمن صفقة جرابيل اي سجين مصري سياسي، مضيفا:" هذا السؤال يتم طرحه على الذين خرجوا على شاشات التوك شو وهاجموا الثورة من خلال جرابيل". عودة ترابين من جهته انتقد المرشح المحتمل للرئاسة المصرية د.حازم صلاح أبو إسماعيل صفقة الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلى ايلان جرابيل، وأشار إلى أن حماس تمكنت من الإفراج عن أكثر من ألف أسير مقابل شخص واحد تعرض للحبس لمدة 6 سنوات، فى حين لم تفرج مصر إلا عن 25 من تجار المخدرات، بينما هناك أكثر من 50 مازالوا فى السجون الإسرائيلية، متهما المجلس العسكرى بأنه أبقى عليهم حتى يتمكن من إفلات باقى الجواسيس. بينما أكد مسئول في المخابرات المصرية إنه سوف يتم الإفراج عن الجاسوس عودة ترابين بعد عيد الأضحى مباشرة، وسوف تشبه صفقة تبادل ترابين صفقة الجاسوس إيلان جرابيل، ولكن مع الفارق أن ترابين سوف يطلق في مقابل سجناء سياسيين، وليس سجناء جنائيين. وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية التى نقلت الخبر عن المسئول المصري إنه من المتوقع ان تعقد صفقة تبادل جديدة بين مصر وإسرائيل تشمل الجاسوس عودة ترابين المعتقل في مصر منذ 11 عاما بتهمة التجسس، وستتم الشهر المقبل. وأضافت الصحيفة أن عودة ترابين المعتقل في مصر منذ 11 عاما سوف يعود إلى إسرائيل الشهر المقبل في صفقة تبادل مقابل عدد من السجناء السياسيين المصريين الموجودين في سجون إسرائيل. وبحسب الصحيفة لم يحدد المسئول المصري عدد الأسرى الذين سوف يتم إطلاق سراحهم مقابل ترابين، لكنه شدد على أن القاهرة في مفاوضات مع إسرائيل حاليا من أجل تحقيق أكبر قدر من الأرباح، ملمحا إلى أنه الصفقة قد تشمل عدد من الجواسيس الآخرين في سجون القاهرة. واعتقل ترابين في مصر قبل 11 عاما وسجن بعد إدانته بالتجسس، وفي أعقاب عملية تبادل إيلان جرابيل قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الحكومة الإسرائيلية ستفعل كل شيء من أجل تأمين إطلاق سراح ترابين. آخر جواسيس إسرائيل بدأ حزب الليكود الإسرائيلي بالقيام بحملة قوية تطالب بالإفراج عن آخر جواسيس إسرائيل بمصر، الذي قضى عشر سنوات في السجون المصرية متنقلاً بين سجون بورسعيد المركزي والإسكندرية وليمان طرة بعد أن حُكم عليه بالسجن 15 عاماً في نهاية عام 1999م بعد إدانته بتهمة نقل معلومات عسكرية حساسة للكيان الصهيوني، إلى جانب محاولته تجنيد مصريين للعمل مع المخابرات الإسرائيلية، مقابل دولارات أمريكية مزيفة. ولد عودة سليمان ترابيين في عام 1981 بمدينة العريش في سيناء، وهو ينتمي لإحدى القبائل البدوية في سيناء وصحراء النقب، ووالده هو سليمان ترابيين الذي عمل لحساب إسرائيل، فقد كان جاسوساً خاملاً لا ينشط إلا في أوقات محددة مما جعل من مهمة كشفه والقبض عليه أمراً يصعب تحقيقه، فقد تمكنت الحكومة الإسرائيلية من تجنيده خلال حرب الاستنزاف ليكشف عن تحركات المقاومة المصرية، وبعد أن كشف أمره تمكن من الهروب وأسرته إلى إسرائيل وكان حينها ترابيين الابن بالغ من العمر تسع سنوات، وحصلوا على الجنسية وأقاموا في رهط بجنوب إسرائيل، وبعد ذلك أصدرت المحكمة المصرية حكماً بالسجن عليه لمدة 25 عاماً مع الأشغال الشاقة المؤبدة، فهو مطلوب حتى الآن للقاهرة وحكمه لا يسقط بالتقادم طبقاً للقانون المصري. وكان ترابيين الابن مشابهاً كثيراً لأبيه، وأعلن ولاءه لصالح إسرائيل متشبعاً بأفكار ومعتقدات والده، وتسلل عبر الحدود إلى مصر عدة مرات لتجميع معلومات لصالح الموساد، وفي العام 1999 عاد إلى سيناء متسللاً عبر الحدود بحجة الاطمئنان على إخوته البنات المتزوجات في مدينة العريش، على الرغم قيام القوات المصرية بإبلاغه بأنه غير مرغوب فيه ولا يجوز أن يعيش في بلد لم يجد سوى خيانة من قبل والده، وألقي القبض عليه بعدها بيومين، فقد توصلت إليه الأجهزة المصرية بعد أن أبلغ عنه زوج أخته وابن عمته الذي اعترف عليه في المحكمة بأنه كان يتسلل من وقت لآخر لجمع معلومات عن الجيش المصري ثم يعود أدراجه عبر السلك الحدودي، وأنه حاول تجنيده بل منحه بعضاً من الأموال، وبالفعل وجدت معه الأجهزة المصرية عملات إسرائيلية وجهاز اتصال إسرائيلي، واتضح أنه عاد إلى مصر لمحاولة تجنيد زوج أخته للتجسس على التحركات العسكرية المصرية في سيناء، على أن يكون هو حلقة الوصل بينه وبين الموساد الإسرائيلي. وبالفعل أحيل إلى المحكمة وادعى حينها أنه مواطن إسرائيلي وطلب من إدارة السجن إبلاغ القنصلية الإسرائيلية في القاهرة بمكان اعتقاله، ولكن ميلاده بمصر جعله يخضع للقوانين المصرية، بعد أن أثبت الأوراق والمستندات الرسمية أنه من مواليد العريش، ويدعى عكس ذلك للإفلات من العقوبة، ولم يستطع والده طوال العشر سنوات الماضية من زيارته خوفاً من العقوبة المؤبدة التي تطارده منذ 21 عاماً. في خدمة إسرائيل وعقب نجاح إسرائيل في إتمام صفقة "جرابيل" تعرضت للعديد من الاتهامات بشأن الجاسوس "الترابين"، حينما خرج والده وأعلن أنه إسرائيلي وأن مصر تريد الانتقام من ابنه لما فعله هو في الماضي، مطالباً الحكومة الإسرائيلية بالتدخل السريع لإنقاذ ابنه من مذلة الاعتقال والاهتمام به مثلما تهتم بباقي اليهود والإسرائيليين. كما هاجم عضو الكنيست " أيوب قرا" - الذي قاد حملة لجمع توقيعات على الموقع الإلكتروني لحزب الليكود تفيد المطالبة بالإفراج عن "ترابيين" - الحكومة الإسرائيلية بشدة بسبب إهمالها لقضية عودة لمجرد أنه من بدو النقب على الرغم من تعرض حياته للخطر هو وأسرته من أجل إسرائيل، وبدأت الحملة في تجميع العديد من التوقعات للإفراج عنه. وأدى ذلك إلى إدلاء مصدر بوزارة الخارجية الإسرائيلية بتصريح يفيد بأن قضية ترابين على جدول أعمال الوزارة منذ فترة ويطرحها كل مسئول إسرائيلي يزور مصر، ولديهم أمل كبير في الإفراج عنه. كما قام اللواء احتياط عاموس جلعاد منسق العمليات الأمنية والسياسية بين الحكومة الإسرائيلية والقاهرة بتقديم تقرير للسلطات المصرية حول وضع الجاسوس عودة سليمان ترابين الذي تطلب إسرائيل إلحاقه بأي عملية محتملة لتبادل المساجين المصريين في السجون الإسرائيلية بجواسيس إسرائيل بالقاهرة. ترابين مقابل ال 60 ونقل راديو "صوت إسرائيل" عن وكيل عائلة "عودة ترابين" قوله إنه يتم الاعداد لصفقة تبادل سجناء أخرى مع مصر حيث سيتم في غضون الأيام القادمة الافراج عن "عودة ترابين" في إطار صفقة آخذة في التبلور مقابل نحو 60 من السجناء الأمنيين المصريين المسجونين في إسرائيل. وقال الراديو أن المحامي يتسحاق مولخو مبعوث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعضو الكنيست يسرائيل حاسون أبلغا وكيل عائلة ترابين بذلك. يُذكر أن الكشف عن هذه الصفقة يأتي بعد مرور عدة أيام على تبادل الجاسوس الإسرائيلي إيلان جرابيل مقابل خمسة وعشرين سجيناً مصرياً في سجون الاحتلال الإسرائيلي، من أصل ما يزيد عن 81 سجيناً.