الدعم العيني والنقدي.. "الحوار الوطني" ينشر قاموسًا يهم المواطنين    أبو قير للأسمدة: انخفاض صافي الأرباح بنسبة 4% خلال 2023-2024    وزير الدفاع الأمريكي لنظيره الإسرائيلي: عازمون على منع إيران من استغلال الوضع في لبنان    الكرملين: التصريحات الغربية حول صراع مسلح محتمل مع روسيا بمثابة "موقف رسمي"    ألونسو يعلن تشكيل ليفركوزن لمواجهة بايرن ميونخ    وزير التعليم يشدد على استخدام المعامل غير المستغلة وتخصيص حصة داخلها أسبوعيًا    سعر الدرهم الإماراتى أمام الجنيه بالبنوك اليوم السبت 28-9-2024    الضرائب: تحديث موقع المصلحة الإلكترونى لتيسير سُبل التصفح وتقديم خدمة مميزة    اختيار باسم كامل أمينا عاما للتحالف الديمقراطي الاجتماعي    رئيس الطائفة الإنجيلية: الله منحنا الغفران ونحن مدعوون جميعًا أن نكون رحماء تجاه إخوتنا    ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة ل41586 شهيدا و96210 مصابين    المجر تنضم إلى منصة "أصدقاء السلام" بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية    اتهامات جنائية بحق إيرانيين في أمريكا باختراق حملة ترامب الانتخابية    محمد صلاح يدعم سعود عبدالحميد بعد مشاركته الأولى مع روما (صورة)    وزير التربية والتعليم يعقد لقاءً موسعا مع موجهى المواد الأساسية بالمديريات والإدارات التعليمية على مستوى الجمهورية    تذكرتي تهنئ الزمالك بلقب السوبر الأفريقى    ضبط مخدرات بقيمة 5.6 مليون جنيه في حملات أمنية    انخفاض طفيف فى درجات الحرارة على معظم المحافظات.. فيديو    وزير الإسكان يتابع استعدادات فصل الشتاء بعدد من المدن    اتجاه لعرض فيلم التاريخ السرى لكوثر على إحدى المنصات قريبا    القومي للسينما يعرض فيلم الطير المسافر "بليغ عاشق النغم" بنقابة الصحفيين الإثنين    تشييع جثمان زوجة إسماعيل فرغلى بعد صلاة الظهر من مسجد الشرطة بالشيخ زايد    سناء منصور عن علاء ولي الدين في ذكرى ميلاده: كان مدرسة ضحك    اليوم العالمى للمسنين.. الإفتاء: الإسلام وضع كبار السن بمكانة خاصة وحث على رعايتهم    مستشار الرئيس للصحة: وطّنا الأنسولين بمصر ومشروع البلازما من أنجح المشاريع    اليوم العالمى لمرض السعار.. كيف يؤثر داء الكلب على جسمك؟    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الإيمان خلال جولة مفاجئة ويطمئن على توافر الأدوية    ذكرى رحيل رضا ساحر الإسماعيلى فى حادث مروع اليوم    نبيل الحلفاوي بعد إخفاق الأهلي: لابد من شد الفريق وضبط وربط صواميله المفككة    بتحية العلم والنشيد الوطني.. رئيس جامعة القاهرة يشهد انطلاق العام الدراسي الجديد    نائب محافظ شمال سيناء يتفقد نادي الهجن الرياضي    الرئيس السيسي يدعو مجلس الشيوخ للانعقاد الأربعاء المقبل    ضبط 15 ألف قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    توقعات مواليد برج الميزان.. اعرف حظك وأبشر بانفراجة    «وكيل صحة الشرقية» يطمئن على الحالات المصابة ب«النزلات المعوية»    «الإفتاء»: المشاركة في ترويج الشائعات حرامٌ شرعًا    مفاجآة.. تغيير في الجهاز الفني للأهلي بعد هزيمة السوبر الإفريقي    محافظ جنوب سيناء يشكر "مدبولى": يقود باقتدار أهم مراحل بناء مصر الحديثة    البورصة المصرية تربح 56.9 مليار جنيه في أسبوع    رئيس الوزراء يوجه بضغط البرنامج الزمنى لتنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" بسانت كاترين    جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية على رأس اهتمامات مبادرة «ابدأ»    «الفريق يحتاج ضبط وربط».. رسالة نارية من نبيل الحلفاوي لإدارة الأهلي بعد خسارة السوبر الأفريقي    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    مرض السكري: أسبابه، أنواعه، وعلاجه    ضبط 97 مخالفة تموينية و295 ألف لتر مواد بترولية مهربة بقنا    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    بعد واقعة النزلات المعوية.. شيخ الأزهر يوجه ب 10 شاحنات محملة بمياه الشرب النقية لأهل أسوان    إسرائيل تستبعد مقتل القيادي بحزب الله هاشم صفي الدين    حبس المتهمين بقتل سائق لسرقته في الهرم    عمرو سلامة يوجه الشكر ل هشام جمال لهذا السبب    صحة غزة: 52 شهيدا و118 إصابة جراء عدوان الاحتلال آخر 48 ساعة    تحرير 1341 مخالفات للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    "لا تقلل من قوته".. لاعب الزمالك الأسبق يحتفل بالتتويج بكأس السوبر الأفريقي    سعر الفراخ اليوم السبت 28 سبتمبر 2024.. قيمة الكيلو بعد آخر تحديث ل بورصة الدواجن؟    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عساف ياجوري شريك يوسف والي في سرطنة الزراعة المصرية
نشر في التغيير يوم 08 - 10 - 2011

هذا الحوار هو الأخطر الذي أجري مع العميد يسري عمارة بطل أكتوبر الذي أسر العقيد الصهيوني عساف ياجوري أكبر ضابط إسرائيلي وقع في أيدي أبطالنا خلال الحرب. يستحق هذا الحوار أن يبدأ من حيث ينتهي أي حوار آخر مع رموز النصر العظيم.. لما فيه من فضائح تستحق وقفة من كل المصريين.. العميد يسري عمارة يفجر قنابل تكشف أن كل ما عرفناه من مخازي لمبارك وأعوانه ليست إلا قمة جبل العار المدفون.
أشهر أسير صهيوني شريك ب 50% في مزارع مصرية كبرى مع شركة مقاولات شهيرة
عساف ياجوري يدخل مصر من قاعة كبار الزوار كخبير زراعي
أسرت عساف ياجوري لكن يوسف والي نظم له زيارات لجامعات مصر و مكنه من مزارعها
القائد الإسرائيلي الأشهر في مصر زار رئيس جامعة القاهرة الأسبق وجلس معه 5 ساعات كخبير زراعي
مفيد فوزي عرض علي عقد مناظرة بيني وبين الصهيوني الذي أسرته
كدت أسقط في النيل بسيارتي عندما شاهدت علم إسرائيل في سماء القاهرة لأول مرة
عساف ياجوري يتجول مولات القاهرة وشوارعها ويقول للناس "أنا اللي باطلع في التليفزيون"!
أيام مبارك هاجمت صفوت الشريف في ندوة بإحدى الكليات فغضب منى عميدها وترك القاعة
إلى الحوار..
كأحد صناع أكتوبر بما تعنيه من تفان وتضحية ومعان أخرى عظيمة، كيف كنت تنظر لحال البلد طوال حكم الرئيس المخلوع؟
كنت شديد الحزن على مصر التى صنعت نصر أكتوبر، أحوال البلد كانت محزنة، ظروف الناس كانت صعبة، كثيرون يأكلون طعامهم من القمامة، الفساد غطى كل شىء، كان الوضع سيئا جدا، إلى أن تفجرت فضائح الفساد التى يعلمها الجميع واكتشفنا أن حجم الفساد كان فوق الخيال، سمعنا عن المسئولين الذين يمتلك الواحد منهم 40 قصرا و20 سيارة وأكثر من 50 مليار جنيه إلى آخر هذه الأرقام التى تكشف حجم الضياع الذي كانت فيه البلد، حدث مرة أن استضافتني كلية التربية النوعية ببورسعيد للحديث عن أكتوبر، في البداية سألت الطلبة الذين سيصبحون مدرسين لأبنائنا بعد شهور قليلة: من منكم يعرف عساف ياجوري؟
حزنت عندما لم أجد بينهم من يعرف شيئا عنه ولا عن قصة أسره رغم أنه أكبر رتبة أسرت في الحرب، لشدة حزني هاجمت الحكومة وهاجمت الإعلام الذي أتلف عقول الشباب وهاجمت صفوت الشريف فغضب منى عميد الكلية الجالس بجواري وقال لي: انت هتطلعني معاش، ثم تركني وغادر القاعة، تخيل أنني فوجئت بأن الحزب الوطني ضمني إلى عضويته دون علمي بل قاموا أيضا بترشيحي في انتخابات المحليات لكني رفضت بشدة لأني أعرف أنهم فاسدون.
وكأحد أبطال أكتوبر أيضا كيف تعاملت مع واقع التطبيع مع الكيان الصهيوني ورفع علمه على نيل القاهرة؟
كنت مرة أسير بسيارتي على كوبري الجامعة منذ سنوات طويلة، وعندما شاهدت العلم الإسرائيلي فوق سفارتهم حزنت واختل توازني وكدت أسقط بالسيارة من فوق الكوبري في النيل، ليس هذا فحسب، في العام 1998 كنت ضيفا في احتفال الإذاعة المصرية باليوبيل الفضي لحرب أكتوبر، قابلت في الحفل الدكتور فاروق إسماعيل رئيس جامعة القاهرة وقتها، دعاني لزيارته وحددنا موعدا لكني ذهبت إليه في اليوم التالي، وعندما قابلني عاتبني وأكد أنه كان يتمنى أن أزوره في الموعد لأني كنت سأقابل عنده شخصا مهما، سألته عمن يكون فصعقتني إجابته: عساف ياجوري!! وأخبرني أنه جلس معه في مكتبه بالجامعة لمدة 5 ساعات كاملة، وأن الزيارة تمت بترتيب من يوسف والي وزير الزراعة وقتها الذي أدخل الضابط الصهيوني السابق باعتباره خبيرا زراعيا يساهم في تطوير المنتجات الزراعية المصرية، فقلت له: كنت سأخنقه في مكتبك.
عساف ياجوري نفسه الذي قمت بأسره في الحرب؟
هو بعينه، خذ الأنكى من ذلك
وما هو الأنكى من ذلك؟
عساف ياجوري شريك في مزارع كبرى شهيرة جدا في الطريق الصحراوي قبل القاهرة بنسبة 50 %، وقد عرفت أنه يزور مصر بانتظام ويتجول في المولات والمحلات ويتحدث مع الناس ويقول لهم : أنا عساف ياجوري اللي باطلع في التليفزيون! ليس هذا فحسب، مفيد فوزي الإعلامي المشهور عرض علي عقد مناظرة على الهواء بيني وبين عساف ياجوري، لكننا رفضنا طبعا لأن هذا تطبيع إعلامي أرفضه وترفضه القوات المسلحة.
نود أن ترسم لنا صورة عن حياتك قبل الالتحاق بالكلية الجوية ثم الحربية قبيل أكتوبر 1973 وعن الحالة الإنسانية والاجتماعية في مصر في ظل هزيمة يونيو67؟
حصلت على الثانوية العامة من مدرستى بقرية كفر السادات بمركز تلا في محافظة المنوفية، وذلك رغم أني من مواليد مصر القديمة بالقاهرة، وكان والدي يعمل مدير مدرسة إبتدائية، وكنت طوال الدراسة مهتما بالرياضة وكرة القدم، وكان مجموعي يؤهلني فقط للالتحاق بالمعهد العالي للتربية الرياضية، وكنت أتمنى في البداية الالتحاق بكلية الزراعة، لدرجة أنني كنت أكتب على دفاتري وكتبي "المهندس الزراعي يسري عمارة"، فقد كان المهندس الزراعي له قيمة ووضع اجتماعي كبيرين وقتها، وكنت مبهورا وقتها بشخصية مهندس زراعي يقيم في قرية مجاورة كان اسمه صلاح غراب، لكن ما حدث أنني قررت إعادة الثانوية العامة، وبالفعل انتقلت لمدرسة ثانوية بالفجالة بالقاهرة، لكن بعد مرور شهر على بدء الدراسة أعلنت الكليات العسكرية فتح أبوابها لقبول دفعة جديدة من الطلبة، ورغم أن مجموعي لم يكن يؤهلني سوى للكلية الحربية إلا اني قدمت اوراقي للكلية الجوية، وأكرمني الله تعالى واجتزت كل مراحل الكشف حتى وصلت لكشف الهيئة، وكان معروفا وقتها أنك ما دمت وصلت لمرحلة كشف الهيئة فأنت غالبا مقبول، وبالفعل تم منحنا كارنيهات بصورتنا تفيد أننا في إجازة من كلية الطيران، وتوجهت لوالدي وأخبرته لأطلب منه مصاريف الكلية، لم يصدق في البداية لكن عندما شاهد الكارنيه فرح جدا خصوصا وأنني كنت أول من يلتحق بكلية عسكرية من أبناء القرية كلها.
دخلت الكلية الجوية بالفعل وقضيت بها السنة الإعدادية ثم المتوسطة، ووقتها حدثت نكسة يونيو 67 وشاهدنا ضرب الطائرات على أرض الكلية قبل أن يتم نقلنا إلى مدرسة ثانوية صناعية في بلبيس، وحدثت وقتها مفارقة فأثناء نقلنا في الأتوبيسات للمدرسة ظننا أهل البلد متوجهين للحرب فأمطرونا بالورد والبونبوني لكن في المساء عندما فطنوا للحقيقة عادوا وهاجمونا!
بعد ذلك، وأثناء الكشف الدوري على طلبة الكلية الجوية أصبت بكيس دهني على عيني اليسرى، فكتب الطبيب "يحول إلى قسم الإدارة" بما يعني أنني لن أكون طيارا، ولما ناقشته قال لي أنني سأصاب بحول في العينين بعد سن الأربعين، فقلت له أنه لا أحد يطير بعد الأربعين وحاولت مع زملائي إقناعه بتغيير ذلك لكنه لم يوافق، وترتب على هذا تحويلي إلى الكلية الحربية لأبدأ الدراسة من الأول.
تخرجت في الدفعة 55 من الكلية الحربية في 2 يوليو 1966 والتحقت بالكتيبة 261 مشاة، وكانت بداية خدمتي في منطقة سرابيوم وعين غصين بين الاسماعيلية والسويس.
انتقلنا لمقر خدمتنا في قطار حربي كان يسير ببطء شديد مطفأ الأنوار، وعندما وصلنا إلى مقر الفرقة الثانية أرسلت كل كتيبة ضابطا لاستلام أفرادها الجدد، وسهرت بانتظار ضابط كتيبتي حتى جاء وكان اسمه عبد المنعم الدمرداش، ونحن في طريقنا قام طران العدو بالضرب فنزلنا في حفرة مليئة بالطين. كان ذلك أثناء فترة الاستنزاف وهي فترة تعبنا فيها أكثر من الحرب نفسها.
لماذا؟
باختصار يمكن القول أننا خلال تلك الفترة كرهنا الصباح، لأنه ما ان كان يطلع حتى يبدأ طيران العدو بقصفنا وبعد انتهائه من القصف تأخذ مدفعيته على الضفة الشرقية دورها في إمطارنا بالقذائف، لم يكن لدى مصر وقتها سلاح دفاع جوي، كما أن تسليحنا لم يكن على المستوى المناسب لصد تلك الهجمات، مثلا، كنت أنا قائد سرية في كتيبتي وكان معي آر بي جي مداه 180 مترا بينما عرض القناة 200 مترا فكانت القذائف تسقط في المياه، واستمر الوضع على ذلك النحو حتى وافق عبد الناصر على وقف إطلاق النار حتى نلتقط انفاسنا ونستكمل تسليحنا.
وقتها كان قائد كتبتنا هو الرائد عبد الله عمران، وكان بطلا ذا شخصية قوية، اتفق مع القيادة في 29 ديسمبر 1969 على أننا يجب أن نقوم بعمل بطولي يخبر العالم أننا ما زلنا أحياء، فتم الاتفاق على العبور لشرق القناة واصطياد أي أسرى، وبالفعل عبرت مجموعة من الكتيبة للضفة الشرقية وقامت بحفر حفر للاختباء إلى أن أخبرناهم بقدوم دورية صهيونية قادمة من الشمال للجنوب، كان الرائد عبد الله عمران قد خطط للعملية لكنه لم يقد تنفيذها لأنه انتقل للقاهرة لتلقي دورة اركان حرب، وتولى القيادة بعده المقدم صلاح الدين حبيشة، الذي أطلق علي لقب "شاشة الكتيبة" حيث كنت أصعد يوميا فوق شجرة أظل فوقها طوال اليوم أراقب الضفة الشرقية للقناة وأنقل لهم ما يجري فيها، ونجحت العملية وتوجت بأسر ضابط إسرائيلي شهير هو "دان أفيدان شمعون" الذي كان بطل الجيش الصهيوني في المصارعة وفيما بعد صار قياديا كبيرا بالموساد، وردا على العملية أرسل العدو طائراته لقصفنا لكن نجحت المجموعة في نقل الأسير إلى الضفة الغربية، ومن الطريف وقتها أن ذلك الأسير كلما سأل أحدا منا عن اسمه كنا نجيبه "جمال عبد الناصر".
كيف تلقيتم على الجبهة نبأ وفاة الرئيس الراحل عبد الناصر؟
كنا وقتها نتدرب في منطقة القصاصين بالإسماعيلية، وكانت الكتيبة التى خدم فيها عبد الناصر عندما كان ضابطا تقع بالقرب منا، وفي يوم وفاته وجدنا تلك الكتيبة تطلق النار في الهواء وكان معنا ضابط اسمه جلال الهجان كان مسئولا عن الإتيان بالتعيين، يومها تأخر علينا كثيرا لكن عندما عاد وجناه يبكي وأخبرنا أن الرئيس عبد الناصر توفي.
ماذا عن الفترة التي سبقت العبور مباشرة؟
كنا خارجين للتو من تدريب عملي على العبور واقتحام خط بارليف، هو نسخة مما حدث بالفعل في العبور، ولاحظنا عندما عدنا لوحداتنا أننا لم نعد لمواقعنا الأصلية لكن عدنا للكيلو 11 في طريق الاسماعيلية، وكنت وقتها قد ترقيت لرتبة نقيب في يوليو 1973، لحظتها تصاعدت توقعاتنا بأن شيئا ما سيحدث، وفي صباح يوم 6 أكتوبر استدعانا قائد الكتيبة العقيد محمد جلال مروان، وأخبرنا قائلا "النهاردة الساعة 2 الظهر إما أن نأخذ ثأرنا أو أن نعود لبيوتنا ولن تقوم لنا قائمة"، اندهشنا من كلامه لكن تحمسنا كثيرا، ثم أمرنا بالإفطار وأحضر لنا شايا وتمر، ثم أمر نائب قائد الكتيبة الرائد منصور مهران بالتأكد من أن أفراد الكتيبة يعرفون مهامهم جيدا، وأصدر أمرا بأن نخبر الجنود في تمام الواحدة والنصف.
وكيف بدأت المعركة؟
كانت لحظات لا تنسى، انطلق الطيران وحلق على ارتفاع منخفض متوجها لقصف العدو على الضفة الشرقية، وتحركنا نحن باتجاه القناة للعبور حاملين القوارب المطاطية، وأثناء عودة طائراتنا بعد انتهاء القصف كانت تنخفض تحية للجنود المتوجهين للعبور، عندما وصلنا الضفة كانت الموجة الأولى قد عبرت ورفعت الأعلام على الضفة الشرقية للقناة، كان منظرا رهيبا لا يمحى، ومن أجمل الذكريات عن تلك اللحظات أنني وجدت قادتنا الذين تعلمنا منهم الحزم والصرامة يبكون بغزارة عندما شاهدوا منظر العلم المصري يرفرف على الجانب الآخر من القناة، ومن شدة فرحة الجنود عندما وصلوا الضفة الشرقية تركوا القوارب المطاطية وانطلقوا للهجوم على العدو، ومن العجائب التى وقعت أثناء العبور أنه رغم أن جنود العدو في النقاط الحصينة لخط بارليف كانوا يمطروننا بالرصاص لكن أيا من رصاصهم لم يصب ولا قارب واحد من القوارب المطاطية التى عبرنا فيها، ومن العجائب التى تؤكد أن الله تعالى كان يشملنا بعنايته أن السرية التى كنت أقودها كانت تحمل على قواربها 10 مدافع منها 4 مدافع وزن الواحد منها 82 كيلو، و6 مدافع أخرى وزن الواحد منها 605 كيلو.
وكان صعودنا بهم الساتر الترابي لخط بارليف أمرا شاقا جدا، تقدمت السرية على طريق الصعود لأرى كيف يمكن الوصول إلى ارتفاع ال 22 مترا للساتر الترابي بتلك المدافع الثقيلة التى يصل وزن أحدها إلى 605 كيلو، وكان لافتا أن الجنود في عز القصف والحرب لم يتخلوا عن روح الدعابة وإطلاق النكات، وصدقني لا أعلم حتى الآن كيف تم رفع تلك المدافع لذلك الارتفاع ثم نصبها وتجهيزها للضرب، لدرجة أنني بعد حوالي عام من العبور قمت مع بعض الزملاء بعمل تجربة على الضفة الشرقية للقناة لنرى كيف صعد الجنود بالمدافع على الساتر الترابي، وأخذنا سيارة ومدفعا من نفس النوع لكننا لم نستطع الوصول به لذلك الارتفاع!
ما المشاهد الأخرى التى حفرت في ذاكرتك من لحظات الحرب الأولى؟
كان هناك مشهد عجيب، فقد كان عدد من الجنود يقفون فوق تبات مرتفعة في عز القصف وتبادل النيران، حاملين المصاحف، يقرأون القرآن ويشجعون زملاءهم على البسالة والتقدم.. الغريب أنه رغم تكاثف النيران لكن أيا من أولئك الجنود لم يصب.. لقد كان الله تعالى يبارك تلك المعركة لأن النوايا كانت خالصة ولم يكن هناك فرق بين ضابط أو قائد أو جندي.
ماذا عن عملية أسرل القائد الصهيوني عساف ياجوري؟
في يوم 8 أكتوبر، اليوم الذي تسميه إسرائيل الاثنين الحزين لأنها خسرت فيه مدرعات كثيرة في عمليات الحرب على يد الجنود المصريين، تقدم اللواء 190 المدرع الإسرائيلي بغرض النفاذ إلى نقطة الفردان واحتلالها لأنها نقطة قوية وحصينة ومهمة استراتيجيا، وكنت أنا في اللواء الرابع الذي كان يقوده العقيد حمدي الحديدي، قمنا بعمل كماشة على حرف U للمدرعات الصهيونية، وفتحنا عليها النيران فتم تدمير أكثر من ثلثي اللواء المدرع الإسرائيلي الذي حاول تنفيذ الهجوم وذلك في أقل من نصف ساعة، بعد هدوء الانفجارات ركبنا مركباتنا بغرض التوغل في سيناء حيث كان الهدف ذلك الوم هو التوغل حتى عمق 9 كيلومترات سيناء، كنا سعداء جدا وتغمرنا نشوة كبيرة، وكنت فوق إحدى المدرعات يقودها النقيب الشهيد فاروق سليم رحمه الله، فجأة وجدت دماء غزيرة على ملابسي فاكتشفت أنني أصبت في يدي دون أن أشعر، نظرت إلى جانب الطريق الذي كنا نسير فوقه فوجدت جنديا إسرائيليا يصوب سلاحه نحوي، وأنا كان معي سلاحي لكني بتلقائية قفزت وجريت نحوه بسرعة ونزعت خزنة سلاحي الآلي وضربته بها فوق رأسه، وسقطت إلى جواره، في تلك الأثناء سمعت أحد الجنود المصريين يهتف بي محذرا من وجود جنود صهاينة آخرين، تولى هو التعامل معهم وكان جنديا من أسوان اسمه محمد حسان، استشهد رحمه الله يوم 14 أكتوبر، اقتربنا بسرعة من الحفرة التى كان يختبىء بها الجنود الإسرائيليون فصاحوا يطالبوننا بعدم قتلهم معلنين استسلامهم..وكان من بينهم شخص يبدو من ملامحه وهيئته أنه قائد، قمنا بأسرهم ونزع سلاحهم، وكان هذا القائد هو عساف يا جوري.
ماذا حدث بعد ذلك؟
زادت إصابتي جدا لكني رفضت الإخلاء والذهاب إلى المستشفى لكن زملائي أجبروني على التوجه للمعبر في الطريق للمستشفى، وفي الطريق قابلت العقيد صفي الدين أبو شناف الذي كان يعرفني جيدا فأخبرته بأننا أسرنا 4 صهاينة فأمرني بالتوجه للمستشفي.
حدثنا عن حياتك بعد الحرب؟
ظللت أعالج لمدة عام من إصابتي ثم قابلت العميد صفي الدين أو شناف الذي جعلني أقطع إجازتي وأعود للجبهة، بعدها انتقلت للشرطة العسكرية ثم كلية ضباط الاحتياط حتى وصلت نائب مدير الكلية وخرجت للمعاش في 2 يوليو 1991.
كيف استقبلت ثورة يناير؟
لم يكن أحد يتخيل أن المصريين سيفعلونها، ابن أخي كان مشاركا فيها وكان يبيت في ميدان التحرير، الثورة عظيمة وحررت البلد من الاستبداد وفضحت الفساد الرهيب الذي كنا نعيش فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.