سعر الريال السعودي اليوم السبت 21-9-2024 في البنوك.. يواصل الاستقرار    أسعار الفراخ البيضاء اليوم السبت 21-9-2024 في بورصة الدواجن والأسواق    حزب الله يعلن اغتيال القيادي البارز أحمد وهبي في هجوم الضاحية الجنوبية    اليوم العالمي للسلام.. كيف تساهم مصر في خفض التصعيد بإفريقيا والمنطقة؟    وزير التعليم يشهد انطلاق العام الدراسي بجولة في مدارس سوهاج    أمطار وتقلبات جوية مع بداية الخريف.. ماذا يحدث خلال الساعات المقبلة؟    مأمورية خاصة .. ترحيل صلاح التيجاني من سرايا النيابة الي قسم إمبابة    ننشر تفاصيل الحكم ضد طارق رمضان حفيد البنا بتهمة التعدي على فتاة    موعد بايرن ميونخ ضد فيردر بريمن في الدوري الألماني والقنوات الناقلة    وسط فرحة الطلاب، بدء العام الدراسي الجديد في الأقصر (بث مباشر)    وزير التربية والتعليم يصل سوهاج لتفقد المدارس مع بدء العام الدراسي الجديد    استكمال محاكمة محاسبة في بنك لاتهامها باختلاس 2 مليون جنيه    احتجزه في الحمام وضربه بالقلم.. القصة الكاملة لاعتداء نجل محمد رمضان على طفل    حالة الطقس المتوقعة غدًا 22 سبتمبر| إنفوجراف    حدث ليلا.. تطورات جديدة بشأن حزب الله وإسرائيل والحرب على غزة (فيديو)    موعد تشيلسي ضد وست هام يونايتد في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    عاجل.. فيفا يعلن منافسة الأهلي على 3 بطولات قارية في كأس إنتركونتيننتال    وزير الخارجية: تقسيم السودان خط أحمر، وقضية مياه النيل حياة أو موت، وخسائرنا بسبب انخفاض عائدات قناة السويس 6 مليارات دولار، لا بد لإسرائيل أن تنسحب من رفح ومحور فيلادلفيا    القنوات الناقلة لمباراة ليفربول ضد بورنموث في الدوري الإنجليزي.. والموعد والمعلق    حبس متهم مفصول من الطريقة التيجانية بعد اتهامه بالتحرش بسيدة    رسميا.. رابط الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل الصف الثاني الابتدائي    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    فلسطين.. شهيد وعدة إصابات جراء قصف الاحتلال لمنزل في خان يونس    ضبط 12شخصا من بينهم 3 مصابين في مشاجرتين بالبلينا وجهينة بسوهاج    فصل التيار الكهرباء عن ديرب نجم بالشرقية لأعمال الصيانة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    عمرو أديب: بعض مشايخ الصوفية غير أسوياء و ليس لهم علاقة بالدين    هل يؤثر خفض الفائدة الأمريكية على أسعار الذهب في مصر؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    هاني فرحات: جمهور البحرين ذواق للطرب الأصيل.. وأنغام في قمة العطاء الفني    وفاة والدة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية    "حزب الله" يستهدف مرتفع أبو دجاج الإسرائيلي بقذائف المدفعية ويدمر دبابة ميركافا    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    عبد المنعم على دكة البدلاء| نيس يحقق فوزا كاسحًا على سانت إيتيان ب8 أهداف نظيفة    الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تعزى وزير الداخلية فى وفاة والدته    د.مصطفى ثابت ينعي وزير الداخلية في وفاة والدته    نائب محافظ المركزي المصري يعقد لقاءات مع أكثر من 35 مؤسسة مالية عالمية لاستعراض نجاحات السياسة النقدية.. فيديو وصور    «أغلى من المانجة».. متى تنخفض الطماطم بعد أن سجل سعرها رقم قياسي؟    ملف مصراوي.. عودة شوبير الرسمية.. تأهل الزمالك لدور المجموعات بالكونفدرالية.. وظهور فتوح    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    وزير الثقافة بافتتاح ملتقى «أولادنا» لفنون ذوي القدرات الخاصة: سندعم المبدعين    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    مستشفى قنا العام تسجل "صفر" فى قوائم انتظار القسطرة القلبية لأول مرة    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    ريم البارودي تنسحب من مسلسل «جوما» بطولة ميرفت أمين (تفاصيل)    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    أوقاف الفيوم تفتتح أربعة مساجد اليوم الجمعة بعد الإحلال والتجديد    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    الإفتاء: مشاهدة مقاطع قراءة القرآن الكريم مصحوبة بالموسيقى أو الترويج لها محرم شرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تداخل الهويات..إشكالية الحضارة والإنسان.
نشر في التغيير يوم 30 - 01 - 2012

التمايز بين هويات الأمم والشعوب من حيث النشأة، وأنماط السلوك، واللغات، والتقاليد، والقيم الحاكمة، والمنجزات الحضارية لا يعنى بحال من الأحوال أن هويات الحضارات تتشكل فى معامل معقمة، وجزر فضائية كونية بعيدا عن التواصل والتأثر بهويات وقيم الحضارات الأخري.
فالتواصل بين الحضارات والهويات تؤكده وثائق التاريخ وحقائق الجغرافيا؛ سواء كان هذا التواصل حاداً متمثلاً فى خوض معارك حربية مثل الحروب الصليبية بين الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية، أو كان هذا التواصل ناعما على شكل طرق التجارة والمصالح الإقتصادية؛ مثل طريق الحرير الذى ربط بين قارات العالم القديم. فعبر العديد من أشكال التواصل الحادة والناعمة تنتقل القيم والتقاليد والعادات التى تساهم فى تشيكل الهويات الحضارية.
وعند الحديث عن الهوية الحضارية الغربية، ولدى البحث عن مكوناتها الأصلية التى ساهمت فى نشأتها، وتشكل شخصيتها الخاصة يتضح دور التمازج والتفاعل بين الأحداث التاريخية، والأمكنة الجغرافية، مضافا لها التراث الإغريقى والرومانى، والتعاليم المسيحية، وأفكار فلاسفة الأنوار والحداثة الذين ساهموا فى بناء القيم الغربية الحديثة عبر نقد الثراث المقدس والصراع مع الكنسية وتقليص دورها فى الحياة الغربية بشكل كبير؛ مما ساهم فى القضاء على التعصب الدينى والطائفى الذى ساد فى القارة الأوربية لفترات طويلة.
يُضاف إلي ما تقدم التأثير القيمي الإسلامي الذى نجد صده فى أفكار فلاسفة الأنوار الأوربيين. فمن خلال واحة التسامح والتعايش التى ترعرت في الأندلس الإسلامية انتقلت نسمات التسامح والتعايش للجسد الأوربي. فتذكر ماريا روزا مينوكال فى كتابها "زينة العالم"؛ أن قرطبة فى الأندلس الإسلامية كانت من أكثر الأماكن فى العالم تحضراً، ويرجع ذلك للعمل المشترك بين أميرها عبدالرحمن الثالث ووزيرة اليهودي "هازدى بن شبروت"، فى الوقت الذى كانت فيه أوربا غارقة فى الحروب الدينية والطائفية.
وفى هذا الإطار كما يذكر—الدكتور رفيق عبد السلام— فى كتابه فى "العلمانية والدين والديمقراطية"، :"يأتى اتهام الكنسية البابوية فى معرض صراعها مع أباء البروتستنانت المنادين وقتها بالتخلي عما رأوه زهداً مصطنعا فرضته البابوية بعيداً عن تعاليم المسيح أتباع هذه النحلة" الناشزة" بالمحمديين"، مما يُشير فى وجهة نظرى إلى درجة من درجات التأثير الإسلامي فى تشكيل الهوية الأوربية الجديدة فى عصر الأنوار والحداثة. ويمكن الإبحار فى هذا الجانب الذى يتناول تاثير الحضارة الإسلامية فى الحضارة الغربية على مستوى القيم والمنجزات الحضارية من خلال كتب عدة أهمها كتاب "شمس الله تشرق على الغرب" للمستشرقة الإلمانية زيجرد هونكه.
فالقيم الحضارية بين الهويات المختلفة مثلها مثل الطيور لاتعرف حدودا ولاسدودا، وتحط فى الأعشاش—الحضارات – التى توفر لها الدفء والإستقرار، فقد تغادر قيم عليا هوية ما لأنها أصبحت لا توفر لها مقومات النمو والإزدهار، وبالتالي تبدأ فى رحلة الهجرة نحو فضاء حضارى آخر أرحب مساحةً، وأوسع أفقاً، يوفر لها فرص النمو والترعرع.
وكما حدث تواصل وتلاقح بشكل من الأشكال بين الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية، حدث تواصل وتفاعل عميق بين كل من الحضارة الهندية والحضارة الإسلامية بشكل يتفوق على التواصل الغربي— الإسلامي بدرجات كبيرة؛ فيذكر الدكتور الهندي "أمارتيا صن"— الحائز على جائزة نوبل للسلام فى الإقتصاد عام 1988— فى" كتابة الهوية والعنف" قائلاً :" وصف الهوية والحضارة الهندية بالهندوسية فقط يقلل من قيمة الواقع، لإن الهند بها من المسلمين أكثر من أى بلد أخر فى العالم بإستثناء إندونيسيا وباكستان بهامش ضعيف للغاية"، ويكمل فى نفس السياق، :" من المستحيل أن نفكر فى حضارة الهند المعاصرة من دون ملاحظة الأدوار الرئيسة للمسلمين فى تاريخ البلاد، والواقع أنه سيكون من العبث أن نحاول الوصول إلي فهم طبيعة واتساع ما أنتجته الهند من فن، وأدب، وموسيقى، وسينما؛ أوحتى طعام، من دون رؤية المساهمات التى تأتي من كل من الهندوس والمسلمين بطريقة متداخلة تماما".
الحضارة الإسلامية تشكلت هويتها وشخصيتها المميزة لها من خلال العديد من التفاعلات الثقافية، والقيمية والحضارية التى صُهرت فى بوتقة التاريخ والجغرافيا، فأخرجت لنا مولوداً جديداً إسمه الشعوب والأمم الإسلامية، فتكونت الهوية الإسلامية عبر استيعاب هويات الشعوب والأمم التى داخلها الإسلام وتفاعل معها فأخرج للوجود هوية جديدة تجمع بين حضارات هذه الشعوب ومنظمومة القيم الإسلامية، كما عبرت عن ذلك معادلة الدكتور جمال حمدان عندما اعتبر الحضارة الإسلامية نتاج تعاليم الإسلام، وتراث حضارات الأمم التى فتحها.
كما أثرت الهوية الإسلامية فى الهويات الكونية الأخرى تأثرت هى أيضا بالهويات والقيم الحضارية المجاورة لها التى احتكت بها ثقافيا واقتصاداً وعسكريا؛ مثل الحضارة البيزنطية، والساسانية، وحضارة بلاد ما بين النهرين، ومصر، إلى جانب مؤثرات رومانية ويونانية وهندية وصينية وغيرها؛ وتتجلي بعض مظاهر هذا التأتير فى نظام الإدارة وتنظيم الأسواق والبيوع والضرائب وغيرها من الأشكال التنظمية الموروثة من هذه الحضارات.
فالتداخل بين الهويات الثقافية والحضارية بين سائر الأمم حقيقة لا يقوى أحد من الباحثين على إنكارها والتغاضى عنها، وهي حقائق حضارية جلية وواضحة تشك في جدلية القول بأن هناك هويات تتفوق وتتفرد على سائر هويات الأرض بحكم أنها نشأت وتكونت فى بيئات معقمة، ولم تستفد من مكتسبات الأمم الأخري، مما يقودنا فى النهاية الى مايُعرف بسياسية العزل الحضارى التى دعا لها المؤلف الأمريكي المعروف صامويل هنتغتون "صراع الحضارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.