د.مازن النجار \n\n اختار الأميركيون شهر فراير (شباط) من كل سنة مناسبة خاصة لزيادة الاهتمام بصحة القلب ونشر الوعي حول أمراض القلب والشرايين ومخاطرها على صحة الملايين بالولاياتالمتحدة وسائر أنحاء العالم، وتشجيع الجمهور على اختيار الحمية الغذائية المناسبة ونمط المعيشة الصحي. ففي الولاياتالمتحدة مثلاً، تمثل أمراض القلب والشرايين السبب الرئيس للوفاة هناك، حيث تزداد مع تقدم العمر فرص الإصابة بتلك الأمراض لدى الرجال بعد سن 45 عاماً ولدى النساء بعد سن 55 عاماً، ولدى أقرباء المصابين بأمراض القلب مبكراً.\nتتنوع مناشط المؤسسات الطبية ومنظمات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث المتخصصة، التي تتناول مناسبات توعوية واكتشافات علمية وتوجيهات وقائية من أمراض القلب أو علاجها. وتتعدد المبادرات الرامية إلى تقديم النصائح من قِبَل خبراء التغذية والصحة العامة والأطباء والجراحين من أهل الاختصاص بهدف تبسيط المفاهيم وتلخيص عوامل ومصادر الخطر وبسط سبل الوقاية منها، وغير ذلك.\nفي هذا الإطار، ينصح خبراء \"مركز القلب والأوعية الدموية\" بجامعة إيموري (Emory) في مدينة أطلنطا، بولاية جيورجيا، باتباع عدد من الخطوات والمسارات اللازمة لصحة القلب. \nالبدانة والتدخين والخمول\nالمثابرة على نشاط بدني: يزيد نبض القلب واستهلاك الأكسجين لمدة 30 دقيقة يومياً لخمسة أيام أسبوعياً، حيث يخفض ذلك بشكل كبير مخاطر الجلطة الدماغية والأزمات القلبية والإصابة بمرض سكري الراشدين.\nالالتزام بحمية غذائية: عالية الألياف والبروتين ومنخفضة الصوديوم (الملح) لخفض الكولسترول وضغط الدم، لأن الأخيرين عاملان يتسببان بأمراض القلب. يوصي أطباء قلب كثر باتباع حمية غنية بالزيوت الصحية واللحوم قليلة الشحم وكثير من الفاكهة والخضروات، كغذاء البحر المتوسط أو \"حمية ضبط ضغط الدم\".\nزيادة تناول الأسماك: فقد وجدت دراسة بمجلة الجمعية الطبية الأميركية أن استهلاك 250 غراماً أسبوعياً من الأسماك يمكن أن يخفض مخاطر الإصابة بالجلطة الدماغية بالنصف.\nخفض الوزن عند الحاجة: فزيادة بمقدار 13 كيلوغراماً أو أكثر عن الوزن المثالي يزيد كثيراً من فرص الإصابة بمرض القلب والبول السكري ومشكلات المرارة والتهاب المفاصل.\nممنوع التدخين: بيد أنّ الإقلاع عنه يؤدي لاستجابة الشريان التاجي والأوعية الدموية جيداً وسريعاً نسبياً، وتنخفض مخاطر الإصابة بأمراض القلب تلقائياً.\nإجراء فحوصات القلب: توصي الجمعية الأميركية للقلب بإجراء فحوصات روتينية للقلب والشرايين منذ سن العشرين عاماً، لدى وجود عوامل إصابة ملموسة أو قرابة وثيقة بمريض القلب. ولمعظم الناس تبدأ الفحوصات بعد الأربعين عاماً.\nحذار من السكري وارتفاع الضغط\nفالفحص المبكر قد يكشف المراحل الأولي لترسيب لويحات الدهون بالشرايين. لكن بالحمية والتمارين والدواء، يمكن خفض الترسبات وربما العودة للحالة الطبيعية. وينبغي استشارة الطبيب حول وتيرة إجراء الفحوصات.\nتقليل التوتر والكروب: ممارسة النشاط البدني والحفاظ على مزاج إيجابي والمشاركة بمناقشة القضايا لإزالة التوتر، هي وسائل جيدة وتساعد في تخفيف كروب الحياة وخفض مخاطر الإصابة بأزمات وجلطات قلبية.\nالسيطرة على ضغط الدم: مراقبة ضغط الدم بانتظام، مع زيارات منتظمة للطبيب، ومحاولة اتباع \"حمية ضبط ضغط الدم\"، فهي غنية بالفاكهة والخضروات ومنتجات الألبان قليلة الدسم، ومنخفضة في إجمالي الدهون المشبّعة.\nضبط مستويات الكولسترول: فهذا ليس له أعراض ويمكن للطبيب بالتأكيد أن يشخص ارتفاع مستوياته، وعند ذلك ينبغي الالتزام بجدول الدواء الموصوف، لأن خفض مستويات الكولسترول يقلل كثيراً من مخاطر أمراض القلب.\nمنع وعلاج مرض السكري: أمراض القلب هي السبب الرئيس لوفيات مرضى البول السكري، لذا ينبغي التحدث مع الطبيب حول مخاطر الإصابة بهذا المرض، وتغيير أنماط المعيشة بما يحد من مخاطر الإصابة بالمرض.\nخفض استهلاك ملح الطعام\nوكانت دراسة طبية أسترالية نشرت مؤخراً قد وجدت فوائد أخرى لخفض استهلاك ملح الطعام في نظام الحمية الغذائية، بعد أن برهنت نتائجها ونتائج غيرها من الدراسات السابقة على أن الحد من تناول كميات الملح مفيد لصحة القلب، والسيطرة على ضغط الدم.\nأجرى هذه الدراسة باحثون بجامعة فلاندرز بجنوب أستراليا، ونشرت حصيلتها بعدد هذا الشهر (فبراير/شباط 2009) من دورية \"المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية\". كان الغرض من الدراسة تقييم أثر خفض كميات ملح الطعام التي يستهلكها الإنسان على وظيفة الأوعية الدموية من ناحية قدرتها (مرونتها) على التمدد وفقاً لتغير مستوى تدفق الدم في تلك الأوعية.\nشارك في الدراسة 29 رجلاً وامرأة، بعضهم يعاني من زيادة الوزن وآخرون مصابون بالبدانة، بيد أنهم كانوا يتمتعون جميعاً بمستويات ضغط دم طبيعية. وقام الباحثون بإجراء تجربة لفترة أسبوعين، حيث تم توزيع المشاركين في الدراسة على مجموعتين وفقاً لنوع النظام الغذائي الذي يتبعه كل منهم، بحسب مقدار ملح الطعام الذي يحتويه. تلقي أفراد إحدى المجموعتين مقادير من ملح الطعام تعادل احتياجات الفرد طبقاً للمعايير (التوصيات) الأميركية، بينما انخفض مقدار ملح الطعام في النظام الغذائي لأفراد المجموعة الأخرى.\nفي المحصلة، وجد الباحثون أن خفض كميات الملح التي يستهلكها الفرد يوميا، ساعدت في تحسين قدرة الشرايين على التمدد استجابة للتغيرات في تدفق الدم بالأوعية الدموية، وهو ما يشير إلى أن خفض استهلاك ملح الطعام له تأثيرات وقائية مفيدة في مجال صحة القلب، علاوة على فوائد ذلك فيما يتعلق بخفض مستويات ضغط الدم.\nالمشروبات السكرية بالوجبات ومشكلات القلب\nعلى صعيد متصل، وجدت دراسة أميركية نشرت حصيلتها بدورية \"مجلة الغدد الصمّاء\"، أن استهلاك البدناء للمشروبات السكرية وسكر الفاكهة، كالمياه الغازية والعصائر المحلاة، خلال وجبات الطعام يزيد مستويات الدهون الثلاثية لديهم، وهو مؤشر على زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب.\nوذكرت مؤلفة الدراسة والباحثة بمركز مونيل في فيلادلفيا، كارين يڤ، أن الجسم ينتج مادة الدهون الثلاثية من المواد الدهنية، ثم يقوم الدم بنقلها إلى أعضاء الجسم المختلفة. ورغم أن المستويات العادية لهذه المادة ضرورية للحفاظ على صحة جيدة، فإن تصاعد مستوياتها قد يسبب الإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين.\nأشارت نتائج الدراسة إلى أن تناول المشاركين البدناء لسكر الفاكهة والمشروبات المحلاّة زاد مستويات الدهون الثلاثية لديهم.\nالمعلوم أن الدهون الثلاثية إحدى أنواع الدهون الموجودة بالدم ومصدر رئيس للطاقة، وعندما يتناول الإنسان غذاءه يستخدم جسمه سعرات الغذاء الحرارية ويحولها لطاقة بسرعة، وإذا ما تناول بانتظام مأكولات تحوي سعرات عالية أكثر مما يستطيع حرقها، يرتفع مستوى هذه الدهون بجسمه، ويتعرض لمشاكل صحية.