د.مازن النجار \n\n اكتشف أطباء تشيك مؤخراً علاجاً جديداً لأعراض نزلات البرد الشائعة، هو جرعة من غسول (بخاخ) باطن الأنف بمحلول ملحي. ووفقاً لخلفيات دراسة الأطباء التشيك، فإن رش (بخ) باطن الأنف بمحلول ملحي هي طريقة منتشرة بشكل واسع كعلاج لنزلات البرد الشائعة، رغم أن الدليل العلمي على كفايته لا يزال ضئيلاً حتى الآن.\nأجرى هذه الدراسة فريق من أطباء مستشفى برنو التعليمي بمدينة برنو بجمهورية التشيك، بقيادة الدكتور إيفو سلابَك. وقد اختار الفريق عينة مكونة من حوالي 400 طفلاً مصاباً بالبرد أو الأنفلونزا، أعمارهم بين السادسة والعاشرة.\nتم تقسيم الأطفال المشاركين في الدراسة إلى مجموعتين علاجيتين. تلقت المجموعة الأولى دواء تقليدياً من أدوية علاج برد الأطفال، بينما تلقت المجموعة الثانية غسولاً لباطن الأنف بمحلول معالج ومعدل من ماء البحر.\nتراجع أعراض البرد\nاستخدم أطفال المجموعة الثانية محلول ماء البحر لغسول الأنف ست مرات يومياً خلال المرحلة الأولى من التجربة العلاجية، وثلاث مرات يومياً خلال مرحلة الوقاية. وقد استخدم المحلول الملحي بثلاث مستويات أو كميات.\nمستوى بخ متوسط بمقدار 9 مليلتر لكل منخر أو فتحة من فتحتي الأنف، ومستوى بخ منخفض بمقدار 3 مليلتر لكل منخر، ثم بخ منخفض ومزدوج للعين والأنف بمقدار 3 مليلتر لكل منخر. \nتابع الباحثون مرضاهم لمدة اثناعشر أسبوعاً. وخلال الأسابيع الثلاثة الأولى، قاموا يتقييم الحالات المرضية الحادة. وفي أعقاب هذه الفترة الأولى، كانت أنوف مرضى مجموعة المحلول الملحي أقل زكاماً أو احتقاناً وأقل رشحاً أو جرياناً.\nوبعد ثمان أسابيع من بدء التجربة العلاجية، شهد مرضى المجموعة ذاتها احتقاناً أقل حدة في الحلق، وسعالاً (كحة) أقل، وكذلك انسدادات وإفرازات أنفية أقل، مقارنة بالمجموعة التي تلقت علاجاً تقليدياً من أدوية البرد.\nوخلال نفس الفترة أيضاً، كانت عدد الأيام المرضية أقل لدى أطفال مجموعة المحلول الملحي، وكذلك مضاعفات المرض، وعدد أيام الغياب عن المدرسة، مقارنة بأطفال مجموعة العلاج التقليدي.\nآلية ميكانيكية أم حيوية\nلكن، يلفت فريق الأطباء إلى أنه ليس من الواضح بعد ما إذا كان تأثير محلول الأنف الملحي ميكانيكياً بشكل رئيس، على أساس أنه يزيل المخاط من الأنف والجهاز التنفسي العلوي، أو أن الأملاح والعناصر الباقية في محلول مياه البحر تلعب دوراً هاماً.\nتأتي نتائج هذه الدراسة في وقت أصبح فيه الوصول إلى سبل جديدة لعلاج أعراض البرد الشائعة مسألة في غاية الأهمية، خاصة بعد إصدارات متوالية للأطباء وإدارة الغذاء والدواء الأميركية.\nتحذر تلك الإصدارات الآباء والأمهات من استخدام أدوية السعال والبرد المتاحة بدون وصفة طبيب، بالنسبة للأطفال دون الثانية، نظراً لإمكانية حدوث آثار جانبية خطرة ومهددة للحياة.\nبيد أن إدارة الغذاء والدواء لم تقرر بعد ما إذا كان الاستمرار في استخدام الأدوية المتاحة بدون وصفة طبيب لا يزال مناسباً للأطفال الأكبر سناً.\nيذكر أن هناك قرار حول هذا الأمر لا يزال قيد البحث، ويُتوقع صدوره قريباً هذا العام، وهو الموعد النهائي لإخطار الشركات المنتجة لهذه الأدوية، قبل موعد بدء إنتاج علاجات برد الخريف القادم.\nدعوات لخفض ملح الطعام رسمياً\nمن ناحية أخرى، تتعرض إدارة الغذاء والدواء فى الولاياتالمتحدة لضغوط متزايدة لفرض أقسى الأنظمة من أجل تقييد كميات الصوديوم في الغذاء رسمياً.\nتأتي هذه الضغوط من الجمعية الطبية الأميركية، ذات النفوذ في مجال الطب والصحة العامة، ومن مركز العلوم والمصلحة العامة، وهو مؤسسة أهلية رقابية لحماية المستهلك. ويقول كلاهما أن الأميركيين يستهلكون الكثير من ملح الطعام المحتوي على الصوديوم، ويؤثر سلباً على الصحة العامة.\nيرى مركز العلوم والمصلحة العامة أن بالإمكان إنقاذ 150 ألف نفس سنوياً في الولاياتالمتحدة وحدها، لو تم تخفيض الملح المضاف للأطعمة المصنعة (الجاهزة) ووجبات المطاعم بمقدار النصف.\nيقول مايكل جاكوبسُن، المدير التنفيذي لمركز العلوم والصحة العامة، لقد بات من الصعوبة المتزايدة أن يستمر المسؤولون بإدارة الغذاء والدواء في تجاهل دعوات المجتمع الطبي في السنوات الأخيرة إلى عمل اللازم بشأن كميات الملح في الغذاء.\nالأغذية الجاهزة والمطاعم\nيضيف جاكوبسن أن الشخص متوسط الاستهلاك بالولاياتالمتحدة يستهلك أربعة آلاف مليغرام (أربعة غرامات) من الصوديوم يومياً، وهو ضعف الحد الأقصى للمقدار المسموح به طبياً، وهذا الإفراط في استهلاك الصوديوم يفاقم انتشار الأمراض كارتفاع ضغط الدم، والسكتات الدماغية، والأزمات القلبية، والفشل الكلوي، والوفاة المبكرة.\nينبه مركز العلوم والمصلحة العامة إلى أن الأبحاث التي أجريت بهذا الصدد تشير إلى أن 77 بالمائة من ذلك الملح (الصوديوم) مصدره الأغذية المجهزة ووجبات المطاعم.\nأما الجمعية الطبية الأميركية فتحث بدورها على القيام بعمل فوري، من جانب إدارة الغذاء والدواء، لخفض كميات الملح المفرطة في الغذاء، وتدعو إلى فرض قيود صارمة على كميات الملح المضافة إلى الأغذية المجهزة، علاوة على كثير مما ينبغي عمله لتوعية الجمهور بفوائد ومزايا النظام الغذائي منخفض الصوديوم.\nيرى الدكتور ستيفن هافاس، نائب رئيس الجمعية الطبية للشؤون العلمية والصحة العامة، أن الوفيات التي تعزى إلى الإفراط في استهلاك الملح تمثل ما يعادل تحطم طائرة جامبو تحمل أكثر من 400 راكباً كل يوم من أيام السنة، وكل سنة.\nفرط الضغط وأزمات وسكتات\nيلفت الدكتور هافاس إلى أن زيادة الصوديوم تزيد إلى حد كبير من احتمال الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتة الدماغية، في حين يستهلك معظم الأميركيين ما يعادل ضعفي إلى ثلاثة أضعاف المقدار السليم من الصوديوم، وأكثر ذلك الصوديوم يأتي من الأغذية المجهزة ووجبات المطاعم.\nويعتقد الدكتور هافاس أن الأميركيين في أغلب الأحيان يستهلكون كميات كبيرة من الملح دون قصد، نظراً لأن مصنعي الأغذية المجهزة والمطاعم تضيفه إلى الطعام.\nوتدعو الجمعية الطبية الأميركية إلى أن تحذو الولاياتالمتحدة حذو دول أخرى، مثل فنلندا والمملكة المتحدة، اللتان اتخذتا تدابير تقيد كميات الملح المضاف إلى الغذاء، وحققتا نتائج واعدة.\nكذلك، يؤكد الدكتور هافاس على ضرورة أن تقوم إدارة الغذاء والدواء بإطلاع الرأي العام على مخاطر الملح من خلال معلومات أفضل على أغلفة الأغذية تفرضها الإدارة على المنتجين، وتقديم حوافز مشجعة لصناعة الأغذية من أجل خفض كميات الملح المضافة إلى الأغذية.\nتوصي الجمعية الطبية بأن تطور إدارة الغذاء والدواء تدابير تنظيمية للحد من الصوديوم في الأغذية المجهزة ووجبات المطاعم، وتعمل مع المصنعين لتحقيق نسبة 50 بالمائة كحد أدنى لخفض كمية الصوديوم في الأغذية المجهزة والمنتجات الغذائية السريعة ووجبات المطاعم على مدى العقد المقبل.