د.مازن النجار \n\n وجدت دراسة طبية أميركية جديدة أن منهج العلاج الذي يعرض غالباً على الرجال في معظم المراحل المتأخرة من حالات مرضهم بسرطان البروستاتا، ويعرف بخفض أو تنضيب هرمون الذكورة أندروجين، بهدف تحسين القدرة المناعية للجسم، قد يؤثر على أداء الوظائف العقلية لدى المرضى. ستنشر هذه الدراسة بعد أيام في النسخة الإليكترونية من عدد شهر سبتمبر/أيلول القادم من دورية \"السرطان\".\nكان هذا ما انتهى إليه الباحثون بعد مراجعة بحثية مستفيضة وتقييم لمعطيات وبيانات ونتائج كافة المعروف والمتاح من دراسات سابقة أجريت على العلاج الهرموني المسمى \"علاج تنضيب هرمون الأندروجين\"، ويعرف اختصاراً ب(ADT). ويعتبر العلاج باستنفاد الأندروجين من جسم مرضى سرطان البروستاتا هو الممارسة العلاجية القياسية -لدى الأوساط الطبية المختصة- لسرطان البروستاتا عندما يبلغ المرض درجة الانتشار في العظام أو الأعضاء الأخرى. \n\n تدهور الأداء العقلي\nيعمل هذا العلاج على خفض مستويات هرمونات الذكورة، مثل هرمون تستوستيرون أو أندروجين، والتي يمكنها أن تغذي بدورها نمو خلايا سرطان البروستاتا. لذلك يسعى الأطباء إلى تنضيبها وخفض مستويات هذه الهرمونات لمنع الغذاء عن الخلايا الخبيثة، ومن ثَمّ قتلها أو إضعافها. ومن العلاجات المعروفة والمستخدمة في هذه المقاربة الهرمونية لعلاج سرطان البروستاتا عقاران هما لوبرون وزولادِكس.\nقام باجراء هذه المراجعة البحثية لبيانات ومعطيات الدراسات السابقة ذات الصلة الدكتور كرستيان نيلسُن، الباحث بقسم الطب النفسي والعلوم السلوكية، وزملاؤه في مركز سلون-كيتَرنغ التذكاري لعلاج وأبحاث السرطان بمدينة نيويورك.\nلقد لاحظ الباحثون أن هناك قليل من الدراسات التي أجريت لتقييم تأثير العلاج بتنضيب الهرمون على أداء الوظائف العقلية. وكان أكثرها دراسات صغيرة محدودة النطاق وذات نتائج متناقضة.\n وبإمعان النظر في تسع دراسات، تناولت مرضى بسرطان البروستاتا، وكانوا قد عولجوا باستنفاد هرمون الذكورة أندروجين من الجسم، وجد الباحثون أن حوالي 47 إلى 69 بالمائة من هؤلاء الرجال الذين تلقوا العلاج الهرموني قد شهدوا تراجعاً في أداء الدماغ الوظيفي في إحدى المجالات الإدراكية على الأقل. \n\n حجة استدلال قوية\nلكن على أي حال، كانت هناك بعض النتائج المتناقضة فيما يخص بعض المجالات أو الوظائف الإدراكية، مثل وظيفة الذاكرة اللفظية (اللغوية).\nولقد سجّل الباحثون في دراستهم أن هناك \"حجة قوية\" يمكن الاستدلال بها من حيث وجود ارتباط للعلاج الهرموني بتراجعات إدراكية رفيعة أو دقيقة لكنها ذات دلالة، بالنسبة للرجال الذين يعانون من حالات سرطان بروستاتا متقدمة.\nودعا الباحثون إلى إجراء دراسات أكبر وأوسع نطاقاً وأطول زمناً، لبحث هذه المسألة بمزيد من التفصيل. وكذلك، يقترحون النظر فيما إذا كانت تأثيرات علاج سرطان البروستاتا الهرموني الجانبية المعروفة تلعب دوراً في تراجع الوظائف العقلية.\nويلفت الباحثون إلى أن عدداً متزايداً من الرجال المرضى بسرطان البروستاتا في مراحله المبكرة يتلقون أيضاً علاجاً هرمونياً. لذلك، فهم يحثون الأطباء المعالجين على الانتباه للجوانب السلبية المحتملة لهذا العلاج، حتى يتسنى لهم اطلاع مرضاهم عليها، والتأكد من أنهم تحت الملاحظة بخصوص تأثيراته العقلية.\n\n ملصقات هرمون الأنوثة استروجين\nعلى صعيد متصل، كانت دراسة طبية أولية قد وجدت أن ملصقات الاستروجين أو الرقع اللاصقة التي تزود المرضى بهرمون الأنوثة استروجين من خلال مسام الجلد أظهرت فائدة في علاج حالات متقدمة من سرطان البروستاتا.\nفقد وجد فريق بحث بريطاني في تجربة إكلينيكية محدودة النطاق شارك فيها فقط 13 مريضاً بسرطان البروستاتا، حيث تم تزويدهم برقع لاصقة تزودهم بهرمون الاستروجين، وتعرف ب\"فيم7\"، لمدة 12 أسبوعاً. ووجد الباحثون أن هذا العلاج بالاستروجين قد خفض لدى المرضى –على نحو ملموس- مستويات هرمون تستوستيرون، المتورط كغيره من هرمونات الذكورة في تغذية خلايا السرطان والمساعدة على نموها.\nوهكذا، أدى انخفاض مستويات هرمون الذكورة إلى قطع إمدادات الغذاء عن الخلايا الخبيثة وبالتالي انكماشها وتراجعها، مما يفسر التحسّن الذي بدا على هؤلاء المرضى. وبناء على هذه الآلية البيولوجية بالتحديد، يتلقى الرجال المرضى بحالات سرطان بروستاتا متقدمة تقليدياً عقاقير تثبط إنتاج الجسم لهرمونات الذكورة، مثل أشباه هرمون (LHRH).\nبيد أن لهذه الاستراتيجية العلاجية التقليدية وآليتها المستهدفة وعقاقيرها المخفضة لهرمونات الذكورة بتثبيط إفرازه آثارها أو أضرارها الجانبية التي ينبغي أن تؤخذ بالاعتبار، مثل هشاشة العظام ومشكلات القلب، الناجمة عن العلاج الهرموني.\n\n إمكانات علاجية واعدة\nوكانت الدكتورة روث لانغلي وفريقها من الباحثين بكلية إمبريال كوليدج التابعة لجامعة لندن قد خلصوا في هذه الدراسة إلى أن لملصقات الاستروجين إمكانات علاجية واعدة من جهة خفض مستويات هرمون تستوستيرون، مع انخفاض مخاطر الآثار الجانبية الضارة في نفس الوقت.\nولفتت الدكتورة لانغلي إلى أن هذه النتائج الأولية تشير لدور ملصقات الاستروجين في خفض وجود هرمون تستوستيرون لدى الرجال المرضى إلى المستويات المنشودة، والتي تضعف معها الخلايا السرطانية، بمنع إمدادات الغذاء عنها. وأردفت لانغلي أن نتائج هذه الملصقات تبشر بفرصة علاجية جديدة للحالات المتقدمة من سرطان البروستاتا.\nلكن ورغم أن المعالجة بالهرمونات عبر مسام الجلد هي بحد ذاتها طريقة جديدة وفاعلة، إلا أن الباحثين يرون ضرورة إجراء دراسات وتجارب إكلينيكية مقارنة (بالعلاج التقليدي) أوسع نطاقاً وأطول زمناً قبل التفكير في إضافة ملصقات هرمون الاستروجين إلى ترسانة العقاقير وبروتوكولات العلاج المعتمدة في التصدي لسرطان البروستاتا.