\r\n وعلى الرغم من درجة السوء التي وصلت إليها الأشياء، استطيع أن أسوق ستة أسباب على الأقل، كي أدلل على أن أميركا لن تفقد مكانتها ك''نجمة للمسرح الدولي'' وهي كالتالي: الأول، أن الولاياتالمتحدة هي الدولة التي تمتلك أكبر اقتصاد تنافسي في العالم. فعلى الرغم من الركود الحالي، فإن الولاياتالمتحدة لا تزال لديها إمكانيات كامنة عظيمة لتحقيق نمو اقتصادي فائق. والولاياتالمتحدة كذلك هي الدولة التى احتلت المركز الأول في قائمة التنافسية التي يصدرها المنتدى الاقتصادي العالمي، كما لا تزال شركاتها هي الشركات الأكبر في العالم. فوفقا للتقرير الأخير لمؤسسة''فورتشيون جلوبال ،''500 تضم الولاياتالمتحدة عدداً من كبريات الشركات العالمية يفوق الموجود في أي دولة أخرى (153شركة على وجه التحديد)، فالدولة التي تأتي وراءها مباشرة في الترتيب وهي اليابان، لا تضم أراضيها سوى 64 شركة في حين لا يتجاوز عدد الشركات الكبرى في الصين التي ينظر إليها الكثيرون على أنها عملاق اقتصادي صاعد - وهي كذلك بالفعل- فلا يزيد عن 29 شركة. وتفصيل تلك البيانات يشير إلى أن نسبة الشركات الأميركية من تقرير جلوبال 500 الخاص بأكبر خمسمائة شركة في العالم تبلغ 27 في المئة، ارتفعت إلى 30 في المئة عام ،1995 ثم إلى 35 في المئة عام ،2005 واستقرت عند 34 في المئة عام .2008 \r\n \r\n الثاني، الولاياتالمتحدة لا تزال هي الدولة القائدة في العالم. فهي التي لا تزال تقود المؤسسات العالمية التي تأسست في نهاية الحرب العالمية الثانية، وهي صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية. وهذا الدور الفائق الأهمية يمكنها من الاستفادة من العولمة بطريقة أفضل مما تستطيعه معظم الدول الكبرى الأخرى في العالم. \r\n \r\n الثالث، أن الولاياتالمتحدة هي أكبر قوة عسكرية في العالم. وهذه القوة ليس لها مثيل أو منافس حالياً. فعلى الرغم من أنها قد تعرضت للإنهاك بسبب خوضها حربين في وقت واحد في العراق وأفغانستان، فإنها لا تزال على الرغم من ذلك، أكبر قوة مقاتلة في العالم، وأكثرها كفاءة على الإطلاق. وهناك العديد من الأدلة على التفوق الأميركي الكبير في مجال التقنية الفائقة منها على سبيل المثال أنها هي الدولة المصنعة لطائرات ''الشبح'' التي تعتمد على تقنية التخفي والتي لا يمكن رصدها بالرادار، في الوقت الذي لا يزال فيه الروس والصينيون في المراحل النظرية الأولية لتصنيع مثل هذا النوع من الطائرات ويتخلفان بمسافة بعيدة عن الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n الرابع: إن منافسي الولاياتالمتحدة يفتقرون إلى الحلفاء الجيدين. فروسيا والصين يشكان في بعضهما بعضا، وإيران على خلاف مع الدول العربية، وكوريا الشمالية دولة مبنوذة، وسوريا تحاول أن تجد مكانا لنفسها في العالم المتعولم. في نفس الوقت نجد أن الولاياتالمتحدة لديها حلفاء حقيقيون في ''الناتو''، والاتحاد الأوروبي، ومجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، وغير ذلك مايساعدها على تحقيق أهدافها الوطنية والدولية. \r\n \r\n الخامس: إن المبادئ الأميركية تتحول إلى مبادئ عالمية. فبطريقة بطيئة، ولكنها واثقة، تكتسب الحكومات، والمشروعات الحرة، والحريات المدنية أراضي في مختلف انحاء العالم (فلو أخذنا الديمقراطية على سبيل المثال، فسوف نجد أن دولتين فقط من بين كل 10 دول كانت تحصل على 6 درجات أو ربما أعلى من ذلك في مؤشر الديمقراطية الخاص بمؤسسة ''فريدوم هاوس''، الذي يبدأ من الرقم 10 بالنسبة للدول الديمقراطية الكاملة، وينتهي ب10 بالناقص للدولة الاستبدادية الكاملة، أما في عام 2007 فقد وصل عدد تلك الدول إلى 6 من بين كل 10 دول). \r\n \r\n السادس: إن الولاياتالمتحدة تجتذب أفضل عناصر القوى العاملة في العالم. فمع انخفاض معدلات المواليد في معظم دول العالم، أصبح التنافس على أفضل عناصر القوى العاملة في العالم محتدماً، كما غدا استقطاب مثل هذه العناصر أمراً أكثر أهمية. وحتى الآن لا تزال أفضل وأذكى العقول العالمية تسعى إلى التعلم في أميركا، والعمل فيها، والحياة في ربوعها، وهو ما يخلق نبعاً لا ينضب تستقي منه أميركا الخبرات والكفاءات.صحيح أن الصين والهند قد تفوقتا على أميركا فيما يتعلق بمعدل النمو السنوي خلال الأعوام الأخيرة، إلا أنه لا يزال أمامهما الكثير حتى يتمكنا من التفوق عليها. وتشير تقديرات مؤسسة ''كارنيجي'' للتعاون الدولي أن الصين لو تمكنت من المحافظة على معدل نموها الاقتصادي الكبير والمتسارع، فإنها لن تتمكن من تجاوز الاقتصاد الأميركي إلا في العام ،2035 أي بعد ما يزيد عن خمسة وعشرين عاما من الآن، إذا ما استمرت معدلات نموها التي تتجاوز رقمين-أي التي تفوق 10 في المئة- كما هي، وهو أمر غير وارد على الأرجح، إذ لم يحدث من قبل في التاريخ أن تمكنت دولة من المحافظة على معدل نمو مكون من رقمين لفترة طويلة للغاية. لقد سمعنا من قبل تنبؤات عن التدهور الاقتصادي الأميركي، كما سمعنا تنبؤات عن صعود قوى أخرى مكانها. هل تذكرون تلك الأيام التي تنبأ فيها الكثيرون بأن اليابان ستكون هي القوة الاقتصادية الكبرى والمهيمنة في ثمانينيات القرن الماضي، وكانوا يودون بذلك أن يكتبوا نعي أميركا؟!.لم يحدث ذلك بالطبع حيث مالبثت اليابان أن واجهت أزمة اقتصادية كبرى في التسعينيات، وتمكنت أميركا من ترسيخ مكانتها بعد سقوط الاتحاد السوفييتي. \r\n \r\n خلاصة القول، إن قدرات أميركا هائلة ومتناهية في قوتها. وأن هذه القدرات هي التي ستمكنها من اجتياز الأزمات الحالية وإثبات أنها لم تكن سوى نكسات مؤقتة في تاريخها، وأن الأنباء التي تتحدث عن تدهور قوتها ونفوذها في العالم، هي في حقيقتها أنباء مبالغ فيها إلى حد كبير. \r\n \r\n ستيف يتيف \r\n \r\n أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة أولد دومينيون \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور \r\n \r\n \r\n \r\n