وسبق أن خسر تشافيز، في كانون الأول (ديسمبر) 2007، معركة إلغاء تحديد عدد ولايات الرئيس. وأعلن تشافيز أن الأزمة العالمية لم تصب فنزويلا. وهذا بعيد من الصحة. ففي كانون الثاني (فبراير) وشباط (فبراير) 2009، بدأت شركة نفط فنزويلا بتقليص حجم النفط المستخرج. ومنذ أشهر، لم تسدد حقوق الشركات الأجنبية العاملة في هذا البلد، وبلغ حجم الديون 8 بلايين دولار. وفي العام الماضي، انخفض حجم النفط المستخرج 25 في المئة جراء شح آبار النفط والفوضى المالية. والمصانع تعمل ب 50 في المئة من طاقاتها. وهذا الواقع لا يلحق الضرر باقتصاد فنزويلا فحسب، بل يقوض شعبية تشافيز وخطط بناء الاشتراكية. وفي السابق، احتكرت القوى اليمينية معارضة تشافيز. واليوم، انضم بعض أنصاره واليساريون المتطرفون الى المعارضة. ويسعى التروتسكيون الثوريون الماركسيون الى تسريع انجاز الثورة، وهم يسهمون في زعزعة استقرار فنزويلا. \r\n واتهم تشافيز المعارضة بتنظيم مؤامرة لاغتياله، وأعلن إحباط محاولة انقلاب عسكري على حكمه. وفي حملة الاستفتاء، قتل أنصاره صحافيين معارضين، وثلاثة من قيادات الحركة الطلابية. وغداة ارهاب معارضيه، زعم الرئيس الفنزويلي أنه رجل ديموقراطي وصانع سلام. وهو يرى أنه ضمانة السلم الاجتماعي والحياة السياسية السليمة. وهذا فصل من فصول مسرحياته المعهودة. وعلى رغم تعهده حماية المعابد اليهودية ودعم الطائفة اليهودية، كرت سبحة الاعتداءات على المعابد هذه، ولم يعاقب المذنبين. والحق أن مستقبل فنزويلا بعد الاستفتاء ليس باهراً. وبلغت نسبة نمو الناتج المحلي في 2007، 4.9 في المئة، وانخفض الى 0.4 في المئة، في العام الجاري. وفي 2008 ، بلغ حجم النفقات الحكومية 6.3 بلايين دولار، وقد ترتفع هذه النفقات الى نحو 31.4 بليون دولار، في 2009. وانخفض حجم عائدات الصادرات 300 في المئة. \r\n وليس في مقدور الحكومة تنفيذ برامج اجتماعية، ومساعدة الحلفاء الاشتراكيين، وتسديد ثمن السلاح الروسي، والاستثمار في مشاريع اقتصادية ضخمة، بين 2009 - 2012. وتبلغ قيمة هذه المشاريع نحو 220 بليون دولار. وعلى الحكومة الفنزويلية التخلي عن عدد كثير منها. \r\n وليس مرد مأساة فنزويلا الى الأزمة المالية العالمية وانخفاض مداخيلها النفطية فحسب، بل الى استراتيجية تطورها الخاطئة. فالاستثمارات الأساسية توجه نحو استخراج النفط وبناء المصانع. ويعصى الفهم تقليص تشافيز حجم النفط المستخرج لرفع مستوى أسعاره عالمياً، واستخراج ملايين الأطنان من الصلب المفترض صهرها في المصانع المنوي إنشاؤها. في حال نفذت خطط تشافيز ومشاريعه، على رغم استحالة هذا الأمر، لحقت فنزويلا بالبلدان المصدرة للمواد الأولية. وهذا يفرغ «نهج التطور المعادي للإمبريالية» من لبّه. \r\n وتقتر الحكومة الفنزويلية في الإنفاق على شق الطرق، وتطوير الزراعة. وتستورد فنزويلا 80 في المئة من حاجاتها من المواد الغذائية، والصناعات الكيماوية والخفيفة والغذائية، وصناعة الآلات. ويوفر تطوير هذه المشاريع فرص عمل، ويسهم في ارتفاع مستوى معيشة السكان، والتخلص من الفقر والبؤس. ويسهم النموذج الاقتصادي التشافيزي، وقوامه تقديم الإعانات والصدقات الى السكان، في استيلاء الحكم الاستبدادي والشعبوي على مقاليد السلطة وقتاً طويلاً. \r\n وقد يضطر تشافيز الى التخلي عن بعض لوازم ثورته البوليفارية. فيتوقف، على سبيل المثال، عن بذل الأموال لشراء الأسلحة. وقد يستخدم جزء كبير من المداخيل النفطية لتقويم الاقتصاد ومكافحة الفقر. وهذه الإجراءات تفضي الى تعزيز الطبقة الوسطى ونموها. وهذه قد تدعم تشافيز إذا انتهج سياسة عقلانية، وأقلع عن مساعدة كوبا ونيكاراغوا، وتراجع عن الصداقة مع ايران والفلسطينيين. \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n عن «غازيتا رو» الروسية، 16/2/2009