وقد أظهرت أزمة الغاز مؤخرا بكل جلاء مدى أهمية تنويع خطوط نقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا، خاصة وأنه من الواضح أن هناك جهات غير راضية من زيادة نفوذ روسيا في أسواق الطاقة الأوروبية، وخاصة واشنطن التي تشعر بأن موسكو بدأت تسحب البساط من تحت أقدامها في أوروبا، وأن ألأوروبيين أصبحوا أكثر ميلا لروسيا منهم لها. \r\n \r\n \r\n وقد بدا هذا واضحا في رفض الأوربيين انضمام أوكرانيا وجورجيا لحلف الناتو، ورفضهم لتوقيع أية عقوبات على روسيا بعد الحرب في القوقاز في أغسطس الماضي، أضف إلى ذلك أن حاجة المستهلكين الأوروبيين إلى «الوقود الأزرق» ستزداد خلال ال10 20 سنة القادمة بشكل ملموس، وفقا لمعظم التكهنات. \r\n \r\n \r\n حسب أكثر الحسابات تواضعا، يجب أن تزداد إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا لتلبية تنامي الطلب عليه حتى عام 2020، بمقدار 70 100 مليار متر مكعب في السنة. \r\n \r\n \r\n وستزداد حاجة الاتحاد الأوروبي إلى الغاز حتى عام 2030، حسب تقديرات الاتحاد الأوروبي للمتعاملين في سوق الغاز، و في النفط بما يعادل 440 مليون طن حاليا إلى نحو 625 مليون طن من النفط، و لا تريد روسيا أن تظل صادراتها للغاز والنفط إلى أوروبا أو غيرها رهنا لضغوط وابتزازات ومساومات سياسية مثلما حدث في الأزمة مع أوكرانيا التي لا تشك روسيا في وقوف واشنطن خلفها. \r\n \r\n \r\n ولتلبية احتياجات أوروبا المتنامية إلى الغاز الطبيعي، وتنويع وتأمين خطوط نقله، بادرت شركة «غازبروم» الروسية وشركة «إيني» الإيطالية في يونيو عام 2007 إلى طرح مشروع أطلق عليه «التيار الجنوبي». \r\n \r\n \r\n وينص المشروع على أن يمتد خط نقل الغاز هذا في أراضي روسيا أولا حتى بلدة جوبغا الواقعة على شاطئ البحر الأسود، ثم تحت سطح الماء عبر قاع البحر الأسود إلى مدينة فارنا البلغارية الساحلية، وأخيرا عبر أراضي بلدان جنوب ووسط أوروبا بلغاريا واليونان وصربيا والمجر وسلوفينيا والنمسا. يذكر أن فرعا خاص من خط «التيار الجنوبي» سيمتد أيضاً عبر قاع بحر الأدرياتيك من الساحل اليوناني وحتى جنوب إيطاليا. \r\n \r\n \r\n وقد وقعت اتفاقيات حكومية مع كل من بلغاريا واليونان وصربيا والمجر حول مد الأنابيب في إطار المشروع عبر أراضيها. ولا تزال في طور التنسيق مسودة الاتفاقية بهذا الشأن مع سلوفينيا. كما ينتظر توقيع اتفاقية حكومية مماثلة مع النمسا. \r\n \r\n \r\n وفي حالة تنفيذ مشروع «التيار الجنوبي» الذي ستعادل مجمل طاقاته التمريرية 31 مليار متر مكعب في السنة، ستلبى احتياجات الاتحاد الأوروبي المتنامية إلى الطاقة، وستتسع شبكة نقل الغاز لدى الاتحاد، وستتعزز العلاقات الاقتصادية بين روسيا و أوروبا، وتزداد مرونة شبكة الغاز لدى الاتحاد الأوروبي، وفي نفس الوقت تتفادى روسيا أزمات تعطيل إمدادات الغاز لأوروبا. \r\n \r\n \r\n ويستهدف «التيار الجنوبي» ليس فقط تلبية الطلب المتزايد على الغاز في أوروبا. إنه سيعزز أيضاً أمن الطاقة في أوروبا عن طريق تنويع خطوط إمدادات الغاز الطبيعي. ومن المهم الانتباه إلى واقعة أن للمشروع قاعدة موارد ضخمة جدا من حقول الغاز الروسية الغنية، مما يضمن استمرارية فاعلية الخط. \r\n \r\n \r\n كما أن «التيار الجنوبي» سيتيح لبلدان جنوب ووسط أوروبا لتلبية احتياجاتها المتنامية إلى الغاز بصورة مضمونة فحسب، بل والحصول على امتيازات اقتصادية، بما في ذلك إتاحة توفير فرص العمل الضرورية، والحصول على إيرادات من ضريبة ترانزيت الغاز. \r\n \r\n \r\n كاتب روسي \r\n \r\n