رغم هذا فإن اختيار ساكاشفيلي لرئاسة جورجيا لم يكن في رأي الكثيرين موفقا، فقد نهج الرئيس الشاب عديم الخبرة بالسياسة منذ توليه الحكم على مهاجمة روسيا بأشد التصريحات الحادة بسبب وبدون سبب، ولم يتوان لحظة عن الإفصاح علنا بولائه لواشنطن، فقط واشنطن وليس الغرب كله، فلم يكن ساكاشفيلي يميل كثيرا للأوروبيين ولا يراهن عليهم كثيرا، ولم يكن الأوروبيون يشعرون تجاهه بالود والتفاهم، فقد سلك ساكاشفيلي طريقه من البداية متوجها فقط نحو واشنطن عبر بوابتها المعروفة للجميع «إسرائيل». \r\n \r\n \r\n وعلى ما يبدو أن واشنطن أدركت مؤخرا أن عدم رضاء الأوروبيين عن ساكاشفيلي سيعوق الكثير من المشاريع الأميركية في جورجيا، وقد سبق أن رفض الأوروبيون في مؤتمر حلف الناتو في بوخارست في أبريل الماضي عضوية جورجيا للحلف في الوقت الذي أيدت واشنطن فيه عضوية جورجيا. \r\n \r\n \r\n وجاءت الأزمة الأخيرة في القوقاز لتزيد الفجوة بين ساكاشفيلي والأوروبيين بعد أن اقتنع الكثير من قادة أوروبا بأن ساكاشفيلي كان يكذب عليهم عندما ادعى أن بلاده تتعرض لهجوم واحتلال روسي وأنكر انه هو الذي بدأ بالعدوان على أوسيتيا الجنوبية وعلى قوات حفظ السلام الروسية، وكان ساكاشفيلي قد أبلغ رعاته الأطلسيين بأنه بدأ «تحركا عسكريا» لصد «تحرشات استفزازية أوسيتية» ودرء خطر «هجوم روسي»، بمعنى أنه كان الطرف المدافع. \r\n \r\n \r\n وقد انعكس هذا الأمر على تعامل الأوروبيين مع الأزمة إذ بدا عليهم عدم الرغبة في الدخول في خصومة مع روسيا أو حتى التفكير في إدانتها، المر الذي أغضب ساكاشفيلي مثلما أغضب واشنطن. \r\n \r\n \r\n الآن يبدو أن ورقة ساكاشفيلي أصبحت محروقة ومنتهية لدى واشنطن وأنه آن الأوان لاستبداله بشخصية أكثر قبولا، وقد تبين هذا من زيارات ممثلي المعارضة الجورجية إلى واشنطن في الأيام الماضية. \r\n \r\n \r\n وكان دافيد غامكريليدزه، زعيم أحد أحزاب المعارضة «اليمين الجديد» قد دعا إلى ضرورة أن يستقيل الرئيس ساكاشفيلي. ودعا إلى ذلك أيضا شالفا ناتيلاشفيلي زعيم حزب العمل الجورجي الذي زار الولاياتالمتحدة مؤخرا. \r\n \r\n \r\n وكانت نينو بوردجانادزه، رئيسة البرلمان الجورجي سابقا، على رأس زوار واشنطن من جورجيا. \r\n \r\n \r\n ويرى المراقبون ان الولاياتالمتحدة باتت تدرك أن بقاء ساكاشفيلي في موقعه كرئيس للدولة الصديقة والحليفة لا يجوز، وتخشى واشنطن تزايد الغضب الشعبي على ساكاشفيلي في جورجيا، مما قد يؤدي إلى وصول المعارضة المناهضة لواشنطن للحكم، ولهذا قررت واشنطن استبدال ساكاشفيلي بدمية جديدة، مرجحين أن تكون بوردجانادزه هي هذه الدمية الجديدة. \r\n \r\n \r\n ويتوقع البعض أن يقدم ساكاشفيلي طلب الاستقالة في وقت قريب ولكن لا يمكن أن يحدث هذا إلا في الشتاء المقبل لأنه لا يمكن أن يسرع الأميركيون بالإقرار بأنهم وقعوا في خطأ عندما نصبوا ساكاشفيلي حاكما في تبليسي. \r\n \r\n \r\n أما بالنسبة لروسيا لن يغير تغيير «الدمية الجورجية» شيئا لأن أي حاكم جورجي جديد سيكون محسوبا على واشنطن طالما بقيت حكومة تبليسي خادمة سيدها الأميركي، وتضع موسكو أملا كبيرا في التغيير الشعبي في جورجيا، حيث بات واضحا أن الشعب الجورجي بدأ يتذمر بشدة من سياسة نظام ساكاشفيلي، وظهرت حركات شعبية نشطة في الشارع الجورجي ترفض تماما انضمام جورجيا لحلف الناتو، وتضع موسكو أمالا كبيرة على هذه الحركات والفعاليات الشعبية معتمدة على التقارب والود الكبيرين بين الشعبين الجورجي والروسي. \r\n \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أوكراني \r\n \r\n \r\n