فبعد سلسلة من الأفعال الهجومية الأطلسية بقيادة أميركية للاقتراب من الحدود الروسية بالضم التدريجي لدول أوروبا الشرقية للحلف الأطلسي، وهي المجال الحيوي للأمن القومي الروسي، وبالتفكيك التدريجي للدول ذات الخيار الاشتراكي والرافضة للانضمام للأطلسي مثل الاتحاد اليوغسلافي. \r\n \r\n \r\n ثم إعادة تفكيك المفكك بالاعتراف الغربي باستقلال إقليم كوسوفو عن جمهورية صربيا، لتكون نقطة البداية في تفجير العلاقات الروسية الأميركية ثم يأتي الإصرار الأميركي على إقامة قواعد عسكرية لنشر الصواريخ الأميركية على الأراضي التشيكية والبولندية في المقر السابق لحلف وارسو كخطوة استفزازية ثانية تمثل تهديدا تصعيديا للأمن القومي الروسي . \r\n \r\n \r\n ومع الدعم الأميركي رغم التحفظ الأوروبي لضم جورجيا وأوكرانيا ليصبح الحلف الأطلسي على أبواب الاتحاد الروسي مباشرة يكون التهديد والتصعيد الغربي الأميركي ضد روسيا قد بلغ مدى لابد من مواجهته بالرد والردع معا. \r\n \r\n \r\n وحينما وقع الفيل الأميركي في خطأ الحساب بأن الدب الروسي لن يملك سوى التنديد أو التهديد، وأوقع معه الحليف الجورجي في سراب الوهم بإمكانية ضم أوسيتيا بالقوة العسكرية تحت غطاء ساتر من أضواء الليزر المبهرة للألعاب النارية في أولمبياد بكين، منتهكا بذلك الاتفاق الثلاثي مع روسيا الاتحادية والأمم المتحدة عام 1993 بعدم استخدام القوة بما يشكل عدوانا .. كانت الفرصة قد حانت للرد الروسي بما أربك الحسابات الغربية وأفاق سكاشفيلي من الأوهام الغربية. \r\n \r\n \r\n وعلى عكس معظم التوقعات العسكرية الغربية جاء الرد الروسي على العدوان الجورجي على أوسيتيا الجنوبية قويا ورادعا، لا بطرد القوات الجورجية التي كانت متواجدة قبل العدوان مع قوات حفظ السلام الروسية من الأراضي الأوسيتية فقط بل من الأراضي الأبخازية أيضا.. \r\n \r\n \r\n ولم يكتف الرد الروسي على العدوان الجورجي فقط بتحرير الجمهوريتين اللتين أعلنتا الاستقلال عن جورجيا في أعقاب إعلان جورجيا الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي في بداية التسعينات، وهما الإقليمان اللذان ألحقا بجمهورية جورجيا عندما كانت إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي . \r\n \r\n \r\n ومع ذلك كانا يتمتعان بالحكم الذاتي في ظل هذا الإلحاق.. بل أيضا باجتياح الأراضي الجورجية وتدمير بعض القواعد العسكرية التي يشرف عليها العسكريون الإسرائيليون والأميركان وغنم الجيش الروسي عشرات المدرعات الأوكرانية. \r\n \r\n \r\n وعلى عكس جميع التوقعات السياسية العالمية جاء الاعتراف الرسمي الروسي لا باستقلال جمهورية أوسيتيا الجنوبية ذات الغالبية الروسية الواقعة جنوب القوقاز وفقط بل أيضا باستقلال جمهورية أبخازيا ذات الغالبية الإسلامية الواقعة شمال جورجيا على البحر الأسود، ردا مضاعفا على اعتراف الغرب باستقلال كوسوفا عن صربيا. \r\n \r\n \r\n وليزداد الوجود الروسي في القوقاز والبحر الأسود قوة في ظل مزيد من التصعيد الأميركي الروسي في هاتين المنطقتين الإستراتيجيتين لأمن الطاقة للغرب. لكن هذا الرد الروسي انتصار للضعفاء في الجمهوريتين المستقلتين، والعجز الأطلسي الأميركي عن مواجهته بسبب الورطة الأطلسية في الفخ الأفغاني والغرق الأميركي في المستنقع العراقي ليس نهاية المطاف. \r\n \r\n \r\n بل هو بداية مزيد من التصعيد المتبادل مع الأقوياء، والذي قد يؤدى بالدعم الروسي المضاد إلى إضعاف الموقف الصهيو أميركي أكثر في الملفات الإيرانية والعراقية والسورية والفلسطينية، وزيادة المأزق الأطلسي في الملف الأفغاني وغيره من الملفات الدولية. \r\n \r\n \r\n