قرار الحرب الذي اتخذه الرئيس الجورجى ميخائيل ساكاشفيلي ضد جمهورية آوسيتيا الجنوبية، لا يختلف كثيرا عن قرار بوش بشن حملته العسكرية ضد العراق عام 2003، فهما لم يكن ضمن حساباتهما أن يدفعا أي ثمن لهذه المعارك، وإنما من تكبد الخسائر هم السكان العزل، فقدوا أبناءهم أو آباءهم وتهدمت منازلهم.. \r\n \r\n \r\n .ولن يعوضهم أحد عن هذه الخسائر الفادحة. لقد تسببت حملة ساكاشفيلي في مقتل مئات المدنيين العزل وتشريد أكثر من ربع سكان إقليم أوسيتيا الجنوبية، وتدمير عاصمة الإقليم. كل هذه الكوارث يتجاهلها الغرب ويتحدث عن قصف القوات الروسية لميناء بوتى وبعض القواعد العسكرية الجورجية. \r\n \r\n \r\n ويرفض الغرب أن يفهم التركيبة العرقية والسكانية في دول الفراغ السوفييتي السابق، لأن الأمر لا يعنيه، فأوروبا والولايات المتحدة لا تهتم بأن أغلبية سكان آوسيتيا الجنوبية من مواطني روسيا،وأن الدستور يلزم القيادة الحالية بحماية هؤلاء المواطنين..لأن الغرب لا يرى في القوقاز سوى موقع استراتيجي للتواجد العسكري، يتطلب أولا إزاحة الوجود العسكري الروسي. \r\n \r\n \r\n وعقب انهيار الاتحاد السوفييتي بدأ التوتر في القوقاز يتصاعد، بسبب الثروات النفطية الهائلة في حوض بحر قزوين، وزحف الغرب نحو هذا الإقليم عبر جورجيا وأذربيجان، وبدأ تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل النفط (باكو- تبليسى جيهان) الذي يمر خارج الأراضي الروسية، بل حاول التواجد عسكريا في حوض البحر عن طريق بقية الدول المطلة عليه. \r\n \r\n \r\n وخلال أواخر التسعينيات بالرغم من تقارب الرئيس الجورجي السابق إدوارد شيفارنادزه مع البيت الأبيض إلا أنه كان يدرك إلى أي مدى يمكن أن يذهب في التعاون مع الغرب، وجاء انقلاب ساكاشفيلي الهادئ ليخرج شيفارنادزه من مسرح السياسة الجورجية والدولية، بسبب قناعته بأنه من الصعب تجاهل دور روسيا في القوقاز، ما أدى لاستبداله بساكاشفيلي خريج الجامعات الأميركية. \r\n \r\n \r\n وبمنتهى التهور بدأ الشاب الجورجي يستورد حكومة جديدة من الغرب، ليضم فرنسية من أصول جورجية وآخرين لحكومته، ويخوض صراعا حادا ضد بقية أطراف المعادلة السياسية الجورجية، ما أدى إلى معارضة كبيرة لسياساته حتى من وزراءه القادمين من الخارج، الذين لمسوا على أرض الواقع أنه لا يمكن تجاهل النفوذ الروسي. \r\n \r\n \r\n ومع تصاعد حدة الأزمات السياسية والاقتصادية الداخلية وتنامي نفوذ المعارضة الجورجية، وتعجل حكومة تبليسي الانضمام لحلف الناتو لفرض حصار عسكري غربي على روسيا عبر نشر قواعد عسكرية أميركية في جورجيا، كان لابد من حسم أزمة الإقليميين الانفصاليين آوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وكان الحل استخدام القوة العسكرية، لذا قامت واشنطن بتسليح القوات الجورجية بحوالي 400 مدرعة و120 دبابة،وعشرات المقاتلات والمروحيات العسكرية. \r\n \r\n \r\n بل وأرسلت حوالي ألف خبير عسكري وضابط يقيمون في جورجيا ويشرفون على تدريب وإعداد القوات الجورجية، ويقودون عملياتها العسكرية.كما حصلت جورجيا على طائرات ومعدات عسكرية من إسرائيل وصربيا وبلغاريا، وحصلت على المنظومة الصاروخية آس 200 من أوكرانيا. \r\n \r\n \r\n إلا أن دخول القوات الروسية قلب موازين الصراع،وهو ما لم تتوقعه جورجيا والولايات المتحدة،وبالرغم من التسليح المكثف للقوات الجورجية إلا أنه لم يكن ممكنا أن تواجه القوات الروسية،ما أدى لانهيار الخطة الغربية بضم آوسيتيا الجنوبية بالقوة وطرد قوات حفظ السلام الروسية. \r\n \r\n \r\n المشكلة الأكثر عمقا والتي تكشف خطأ تخطيط الرئيس الجورجى، أن إراقة دماء سكان آوسيتيا الجنوبية وأبخازيا لا يمكن أن تجعل رغبة سكان الإقليميين مع العودة للسيادة الجورجية، وإذا كان موضوع استعادة جورجيا لسيادتها على هذين الإقليميين في السابق سياسيا، فقد خرج اليوم عن هذا الإطار ليصبح إرادة شعبية لمواطنين عزل قتلوا من جراء القصف الجورجي. \r\n \r\n \r\n كاتبة روسية \r\n \r\n