أثارت مغادرة الشاه محمد رضا بهلوي لإيران قبل شهر تقريبا من إنتصار الثورة في فبراير 1979، مشاغلا كبيرة لدي زعماء الثورة الإسلامية من أن تدبر واشنطن إنقلابا، هذه المرة لإعادة الشاه الذي هرب إلي الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n وأفاد دبلوماسييون عاشوا في قلب الأحداث، أن الدول الغربية والقيادة الدينية للثورة الإسلامية، قد توصلوا إلي تسوية في هذا الشأن. \r\n \r\n فقد سبق أن أسقطت الولاياتالمتحدة، في عام 1953، حكومة محمد مصدّق الشعبية، من خلال إنقلاب دبرته وكالة المخابرات الأمريكية وحصل علي تأييد مدنيين مناهضين للشيوعية وضباط في الجيش. \r\n \r\n وفي سياق المقابلة التي أجرتها معه وكالة الأنباء العالمية \"انتر بريس سيرفس\"، ذكر مير إبراهيمي أن الدور الذي لعبه الغرب في تسهيل الثورة الإسلامية كان موضع تجاهلات كبيرة خاصة من جانب الحكومة الإيرانية. \r\n \r\n ويستند كتاب مير إبراهيمي الصادر باللغة الفارسية: \"خفايا الثورة الإيرانية\"* إلي حد كبير، إلي مقابلة طويلة مع عباس أمير إنتظام، الناطق الرسمي ونائب رئيس الوزراء في حكومة مهدي بازارغان المؤقتة في 1979. \r\n \r\n وكان أمير إنتظام، الذي يعتبر حاليا أقدم سجين سياسي في إيران، قد عمل أيضا كسفير لدي الدول الإسكندنافية أثناء أزمة رهائن السفارة الأميركية في طهران، وأُتهم بالتجسس لصالح الولاياتالمتحدة، وأُعتقل، وحُكم عليه بالإعدام في 1981. ثم خُفضت العقوبة إلي سجن مؤبد مع دون السماح له بالتحدث مع الغير. \r\n \r\n وفيما يلي إبرز ما جاء في المقابلة. \r\n \r\n سؤال: تردد الحديث عن لقاء جري في باريس بين مندوب عن الرئيس الفرنسي وآية الله الخميني قبل الثورة. فما مغزي هذا اللقاء؟. \r\n \r\n جواب: عندما كان الخميني في المنفي في نووفل لو شاتو بالقرب من باريس، طلبت منه الدول العظمي الإلتقاء والتحاور. فطرح بعض المطالب، ومنها خلع الشاه والمساعدة علي تفادي إنقلاب من الجيش. \r\n \r\n وعلي الجانب الآخر من مائدة الحوار، قدمت الدول الغربية عدة مطالب بدروها، إنبثاقا من قلقها تجاه إشتداد ساعد مير إبراهيميالإتحاد السوفيتي وتغلغله، وتوقف إمدادات النفط الإيراني إلي الغرب. فقدم لهم الخميني الضمانات اللازمة. هذه اللقاءات والإتصالات جرت في يناير 1979، قبل الثورة الإسلامية في فبراير 1979 ببضعة أيام. \r\n \r\n سؤال: ما الذي حمل نفس هذه الدول الغربية علي الإنقلاب ضد الخميني وغيره بعد مجرد شهور من الثورة؟. \r\n \r\n جواب: كانت الدول الغربية تراقب التغييرات السياسية والإجتماعية. وعملت علي فهم التغييرات الداخلية في إيران، عبر قوي تابعة لها في أيران أو أشخاص أوفدتها إلي إيران مثل رامسي كلارك (المدعي العام الأمريكي السابق). وأدركت أن المجتمع الإيراني يجتاز تغييرات جذرية. وقررت التعايش مع هذا التغيير. \r\n \r\n وبعد إعترافها بجماعات المعارضة، ساعدتها من خلال تسيهلات منها التغطية الإعلامية. ومن خلال هذا التصرف، تعجلت التغييرات بسرعة غير متوقعة. \r\n \r\n وفي المرحلة التالية، وعملا علي الحيلولة دون إستفادة الإتحاد السوفيتي من هذه التغييرات، إختارت القوي الدينية من بين كافة جماعات المعارضة للوقوف في وجه الشيوعية، التي هي منائية للدين بطبيعتها. \r\n \r\n سؤال: ولكن... لماذا إنقلبت ضدهم بعد الثورة؟. \r\n \r\n جواب: أعتقد أن هذا حدث بسبب تعرض العلاقة إلي عدد من التحديات، علي ضوء المناخ الثوري وتصرفات المتطرفين. \r\n \r\n سؤال: لماذا وثق المسئولون الأمريكيون في آية الله الخميني، للتفاوض معه؟. \r\n \r\n جواب: كان (ويليام إتش) سوليفان، سفير الولاياتالمتحدة في إيران، يتابع تطورات الشئون الداخلية عن كثب. كان يراقب كل شئون الجيش، وكل القرارت الكبري، وكل ردود فعل نظام الشاه، وكل أنشطة القوي الدينية، وأنشطة الشيوعيين، وكل القوي الثورية الأخري... كان يراقب كل ذلك. \r\n \r\n تشير وثائق وكتب نشرت في الولاياتالمتحدة وغيرها من الدول الغربية، إلي أنه كان واضحا بالفعل في سبتمبر 1978 أي قبل الثورة بنحو أربعة أشهر، أن الشاه قد لا يبقي، وأنه كان ينبغي العثور علي وسيلة للإتفاق مع المعارضة. كل الإتصالات والحوارات جرت في تلك الفترة. \r\n \r\n في ذلك الحين، كانت القوي الدينية المحيطة بالخميني تشمل أناسا مثل يازدي، بازارغان، بني صدر، قطب زاده، أو بهيشت ومختمي ضمن رجال الدين... \r\n \r\n كانوا متعلمون وإلي حد ما تكنوقراطيين، وإعتبر الغرب أنهم يمكن الإعتماد عليهم. وبعد الثورة، هذه الثقة والعلاقة بقيت قائمة، حتي عملية إقتحام السفارة الأمريكية. \r\n \r\n سؤال: لماذا وقعت عملية الرهائن في وقت كانت الحكومة الجديدة تحت قيادة آية الله الخميني تحافظ علي علاقات عادية مع الولاياتالمتحدة؟. \r\n \r\n جواب: آية الله الخميني كان معارضا لإتخاذ أي تصرفات جذرية مثل إقتحام السفارة الأمريكية. \r\n \r\n لم تكن تلك هي المرة الأولي التي أُحتلت فيها سفارة الولاياتالمتحدة. فبعد الثورة بعشرة أيام، أٌحتلت السفارة لأول مرة من جانب قوي يسارية مثل خلق وغيرها، لكنها قوبلت برد فعل قوي جدا من قبل آية الله الخميني، الذي أوفد إبراهيم يازدي إلي السفارة إخراج الثوريين منها. \r\n \r\n وفي المرة الثانية، جرت الأحداث بغفلة من الخميني، ثم نجحت الضغوط التي مارسها الراديكاليون عليه في إقناعه بمساندتها. تلك الحادثة أجبرت رئيس الوزراء بازارغان علي الإستقالة. \r\n \r\n قبل تلك الواقعة، كانت العلاقة بين الحكومة الجديدة والغرب عادية جدا. لا يجب أن ننسي أن الولاياتالمتحدة إعترفت رسميا بالحكومة الجديدة بعد الثورة بيوم واحد فقط.