\r\n ويذكر المحللون ان سعرا قياسيا جديدا يمكن ان يسجله النفط قبل نهاية هذا العام. ومع ذلك فان هذه التوقعات لم تحدث ذعرا في العالم الغربي حيث تعلم المستهلكون هناك على مدى العقود القليلة الماضية التعايش مع حقيقة ان النفط الرخيص صار امرا من مخلفات الماضي. \r\n وقد رفع كل من النية المعلنة لتركيا بالتوغل في شمال العراق لمحاربة مقاتلي حزب العمال الكردستاني والانخفاض الاخير في قيمة الدولار الاميركي، اسعار النفط في الاسواق العالمية بشكل كبير.. حيث قفز سعر النفط الخام في بورصة نيويورك ميركانتيل على سبيل المثال الى 90.07 دولار مع اخبار نهاية الاسبوع الماضي. ويتوقع المحللون انه قبل نهاية العام فان السعر ربما يستقر عندما يتراوح ما بين 90 إلى 100 دولار للبرميل ليزيد فيما بعد الا ان يصل الى 150 دولارا في عام 2010 وهو ما يمكن ان يمثل زيادة بنسبة 30%مقارنة برقم 1980. \r\n مع ذلك فان الاخبار بان يتجاوز سعر النفط الحاجز النفسي لسعر 90 دولارا لم يفجر ذعرا في اوروبا واميركا الشمالية وكان له اثر ضئيل على اقتصادياتهما. حيث يدرك المستهلكون في الغرب تماما ان القفزة الاخيرة في السعر ترجع الى حد كبير الى مضاربات السوق، وان آليات السعر تؤثر عليها الصراعات والتوترات في المناطق المنتجة للنفط مثل الشرق الاوسط. غير ان الداعي الرئيسي لهدوئهم ربما يكون انه على مدى 30 سنة من التذبذبات في الاسعار منذ ازمة النفط في 1973 قد صاروا الان مدركين لحقيقة الكلفة المتزايدة للنفط. \r\n في اكتوبر 1973 ومع نشوب الحرب العربية الاسرائيلية فرضت دول منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبك) بزعامة المملكة العربية السعودية حظرا على تسليمات النفط للولايات المتحدة واوروبا الغربية. وفي السنة التالية قفز سعر الخام الى 12 دولارا للبرميل بدلا من 3 دولارات. وادت هذه الصدمة الى انخفاض بنسبة 15% في الانتاج الصناعي في البلدان الغربية واحدث تضخما كبيرا خلال هذا العام. \r\n وتعلمت البلدان الاوروبية درسها تماما حيث حفزتها الصدمة النفطية على العمل على اتخاذ تدابير للحد من اعتمادها على نفط الشرق الاوسط. وشرعت في شراء الغاز الطبيعي السوفيتي لتحويل وسائل نقلها العامة الى الغاز الطبيعي المسال واجرت ابحاث في تقنيات توفير الطاقة ومصادر الطاقة البديلة. \r\n على مدى العقود القليلة الماضية تعلم الناس في غرب اوروبا توفير الطاقة. حيث يستهلك الفرد فيها الان نصف الكمية من البنزين التي يستهلكها نظريه عبر الاطلسي ويرجع الفضل في ذلك الى حد ما الى الاستخدام الواسع للسيارات الصغيرة والقطارات. وتسهم نفقات الطاقة في اوروبا حاليا بما يقدر ب5%من الناتج المحلي الاجمالي. \r\n اما بالنسبة لاميركا الشمالية فان اغلب الناس هناك لا يبدو انهم يهتمون كثيرا بشأن الاستخدام المستدام للطاقة. ووفقا لبعض الاحصاءات فان الولاياتالمتحدة تحرق الان كمية من البنزين تزيد عما تحرقه البلدان الاخرى مجتمعة. ولو ان سكان المعمورة استهلكوا نفس الكمية من الوقود التي يستخدمها الاميركي العادي حاليا فان الوقود الاحفوري العالمي من الصعب ان يستمر لعشر سنوات اخرى. لكن من الذي يقول بانه يجب ان يكون هناك وقود احفوري يكفي لكل سكان الارض من حيث الاساس؟ هذا هو الرد الاميركي في مجمله على تحدي الطاقة. \r\n وكانت الصدمة النفطية في 1973 قد اعطت دفعة تأييد لنظرية مالتس واتباعه في مطلع القرن ال19 والتي ترى ان موارد الارض من الندرة بحيث لا تكفي لتلبية احتياجات كل سكان الارض. واوضحت تقديرات علماء في السبعينات ان الثروة الطبيعية للكون يمكن ان تكون كافية لتوفير مستوى معيشة مرتفع لبليون شخص فقط. ثم بعد ذلك كان هناك ادعاء بان القلة المحظوظة يمكن ان تستحوذ على حصة 75% من الموارد العالمية. ولمنع الدول النامية من تقسيم كعكة الطاقة الى قطع كثيرة جدا تم سلب برامج الاممالمتحدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في التسعينات من فقرة تعلن سيادة غير قابلة للتحويل لدول بعينها على ثرواتها الطبيعية. \r\n يبدو ان الزيادة الاخيرة في اسعار النفط هي اخبار جيدة بالنسبة لروسيا حيث ان كل برميل من نفط الاورال الروسي المقرر بيعه ب80 دولارا يدخل نحو 59 دولارا في الخزانة الروسية ويترتب على زيادة السعر بنسبة 1% زيادة في عائدات تصدير الدولة للنفط بنسبة 1.2%. وتيسر دولارات النفط زيادة الانفاق الحكومي والاستثمار بشكل اكبر في البنية الاساسية وزيادة الاجور للعاملين في القطاع العام. غير ان الزيادة الكبيرة في عائدات النفط لها سلبياتها ايضا. حيث انها ترفع التضخم. والاسوأ انها تشجع القيادة الروسية على ارتكاب نفس الاخطاء التي ارتكبها اسلافها في السبعينات. \r\n حيث في ذلك الوقت دفعت الزيادة في اسعار النفط عالميا وتدفق الدولارات النفطية على الاتحاد السوفيتي النخبة الحاكمة الى تجاهل التفكير في الحاجة الى اصلاح الاقتصاد الوطني المتداعي. وربما يكرر التاريخ نفسه في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي مع ارجاء الاصلاحات الاقتصادية الضرورية بشكل متكرر الى وقت لاحق. وفي هذه الاثناء فان اعتماد روسيا على الاسواق الاجنبية يقيد النمو. وعلى سبيل المثال فان حصة الاغذية المستوردة تسهم حاليا بنحو 40% من السوق الروسي وهو ما يزيد بمقدار الضعف عما كان عليه الحال في 1999. ومرة اخرى وكما تظهر الخبرة العالمية فانه من الصعب على اية دولة ان تتوقع تحقيق رخاء اقتصادي عن طريق مقايضة مورادها الطبيعية مع الخارج. \r\n خلال الطفرة النفطية في السبعينات نقل عن وزير الطاقة الفنزويلي خوان بابلو بريز الفونسو الاب المؤسس لاوبك قوله (اصف النفط بانه براز او غائط الشيطان.. فانظر الى هذه الثروة ستجد: تبذير وفساد ونزعة استهلاكية وتفسخ وتفتت في المرافق. ودين سيشكل تبعة كبيرة على كاهلنا لسنوات..). \r\n فلاد جرينكفيتش* \r\n * معلق اقتصادي في وكالة الأنباء الروسية \r\n * خدمة ام سي تي خاص ب(الوطن).