\r\n ففي العاصمة الألبانية تيرانا، انتشرت الأعلامُ الأميركية العملاقة في كل مكان، واصطف الألبانيون مرتدين قبعات \"العم سام\" الطويلة بألوانها الأحمر والأزرق والأبيض على جنبات الطريق لتحية بوش، الذي يُعد أولَ رئيس أميركي في السلطة يزور ألبانيا، وسلك موكبه شارعاً يحمل اسمه. وفي هذا السياق، تقول \"أريانيت إليازي\"، وهي ممرضة انتظرت ساعات طويلة لرؤية بوش في إحدى ساحات وسط المدينة صباح الأحد: \"لقد أتينا لنُعبر عن ترحيبنا بأميركا والرئيس بوش، ونقول إننا معهم في الحرب على الإرهاب، وإننا نُقدر ما فعلوه من أجل كوسوفو والألبان\". \r\n وينظر الألبان إلى زيارة عطلة نهاية الأسبوع، وهي المحطة الثانية ما قبل الأخيرة ضمن جولة الرئيس بوش في أوروبا الشرقية، باعتبارها مكافأة لهم على مشاعر التأييد القوية، التي تكنها بلادُهم للولايات المتحدة ودعمها للجهود الأميركية لمحاربة الإرهاب. ذلك أن ألبانيا أرسلت قوات إلى العراق وأفغانستان، وجمدت ودائع أشخاص مشتبه في علاقتهم بالإرهاب، واستقبلت ثمانية معتقلين سابقين في جوانتانامو لم يقبل أي بلد آخر استقبالَهم. وفي هذا السياق، يقول \"فيريت هوكسها\"، وكيل وزارة الخارجية الألبانية: \"ثمة شعور قوي بالامتنان من قبل الشعب الألباني تجاه الولاياتالمتحدة، سواء تعلق الأمر بالسياسيين أم الناس العاديين\". \r\n يقول الناس في تيرانا إن جذور المشاعر المؤيدة للولايات المتحدة في ألبانيا تعود إلى عهد الرئيس الأميركي وودرو ويلسون الذي دعم استقلال البلاد بعد الحرب العالمية الأولى، وهي مشاعر تقوت أكثر عام 1999 حين تدخل حلف \"الناتو\" في كوسوفو، الإقليم الصربي ذي الأغلبية الألبانية. علاوة على ذلك، ينظر الألبان إلى الولاياتالمتحدة أيضاً باعتبارها من أشد المدافعين عن استقلال كوسوفو الذي من المرتقب أن ينظر مجلسُ الأمن الدولي في وضعه هذا الشهر. \r\n وعلى رغم تواضع المساهمة الألبانية في الحربين في العراق، وأفغانستان (120 جندياً في الموصل، و30 جندياً في أفغانستان ينتظر أن يلتحق بهم قريباً 110 جنود إضافيون) فإنها تكتسي أهمية رمزية بالنسبة للولايات المتحدة. ذلك أن الولاياتالمتحدة تنظر إلى ألبانيا باعتبارها نموذجاً للإسلام المعتدل والتسامح الديني. إذ تنتشر في هذا البلد، الذي يُعد 70 في المئة من سكانه مسلمين، قيمٌ وتقاليد علمانية قوية نتيجة نحو ربع قرن من العيش تحت النظام الشيوعي. وفي هذا الإطار، قال بوش في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الألباني: \"أُقدر حقيقة أن ألبانيا نموذج للتسامح الديني، مثلما أُقدر حقيقة أن ألبانيا بلد صديق موثوق به وحليف قوي\". \r\n والواقع أن مشاعر التأييد للولايات المتحدة منتشرة هنا انتشاراً واسعاً، حتى في أوساط المصلّين الألبان. ففي مسجد \"إيثيم بي\" وسط العاصمة تيرانا، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى العهد العثماني، قال المصلون لدى خروجهم من المسجد بعد أداء صلاة العصر الأسبوع الماضي إنهم يرحبون بالرئيس بوش. \r\n اللافت أن مصلين قلائل فقط كانوا ملتحين؛ كما أن الكثير من النساء لم يكن يرتدين الحجاب. وحين يحين وقت الصلاة، تستعير المصليات أحجبة من كيس بلاستيكي بالقرب من مدخل المسجد. ويقول إمام المسجد، \"شعبان سالياي\"، أستاذ الفيزياء الجيولوجية السابق ومفتي تيرانا حالياً: \"إننا نرغب في علاقات أفضل بين البلدين. فالجميع ممتن للأميركيين لما قاموا به في كوسوفو\". ويذكر هنا أن \"سالياي\" لا يؤيد الحربين في العراق وأفغانستان -إذ يقول إن القرآن الكريم يُحرم القتل- إلا أنه يدعم على رغم ذلك الولاياتالمتحدة. \r\n في شوارع تيرانا، أبدى ألبان آخرون وجهات نظر مختلفة حول الحملات العسكرية في هذين البلدين؛ غير أن اللافت هو أنه لا يوجد جدل عمومي كبير في ألبانيا بخصوص دعم الحكومة للحربين؛ كما أنه من الصعب إيجاد شخص في تيرانا، سياسياً كان أم شخصاً عادياً، يقول شيئاً سيئاً حول الولاياتالمتحدة. وفي هذا السياق، يقول إيندري فوغا، مدير التواصل في حركة \"ميافت\"، وهي واحدة من أكبر المنظمات النشطة في ألبانيا: \"أعتقد أن مشاعر التأييد السائدة في ألبانيا هي تأييد للولايات المتحدة، وليس لبوش\"، ذلك أن الولاياتالمتحدة تمثل بالنسبة للكثير من الألبان الذين يتذكرون الشيوعية نموذج الحرية والديمقراطية. \r\n خلال الفترة الشيوعية، كانت ألبانيا البلد الأكثر عزلة والأقل تنمية ربما في أوروبا كلها. والواقع أن البلد مازال يعد واحداً من أفقر بلدان القارة، إلا أنه منذ نهاية الشيوعية في 1992 اختارت تيرانا التقرب من الولاياتالمتحدة وأوروبا الغربية؛ حيث تطمح إلى الانضمام إلى حلف \"الناتو\" في 2008، ومن ثم نيل مكان لها ضمن الاتحاد الأوروبي. وقد جدد بوش دعم الولاياتالمتحدة لمساعي ألبانيا الانضمام إلى \"الناتو\"؛ كما شدد على أنه ملتزم بحصول إقليم كوسوفو على استقلاله. \r\n \"سيريمب غييرياي\"، وهو ألباني سافرَ لأكثر من ستِ ساعات من كوسوفو مع أصدقائه، على أمل رؤية الرئيس الأميركي، قال إنه أتى ليشكر بوش على دعم الولاياتالمتحدة، وليقول له إن سكان كوسوفو سيتحلون بالصبر. يقول غييرياي: \"لدينا مقولة مأثورة في كوسوفو مفادها أن الأشياء الجيدة تأتي ببطء\". \r\n \r\n نيكول إيتانو \r\n مراسلة \"كريستيان ساينس مونيتور\" في تيرانا \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n