\r\n \r\n \r\n ويعرف هذا الخط الحدودي، بأنه مأهول على الجانبين من قبل الجماعات العرقية الكردية، التي طالما راودها الشعور بأن لها حقاً في أن تكون لها دولتها الكردية الخاصة. وعلى رغم مضي قرون من العداء المستحكم، إلا أن إقامة دولة كردية \"مستقلة\"، لا تزال تعبر على المدى البعيد، عن المصالح المشتركة لكل من تركيا والأكراد في شمالي العراق. غير أن اتخاذ خطوة عملية في هذا الاتجاه، سيكون مثيراً للخلاف والجدل، وسيستلزم مساندة أميركية قوية له. \r\n \r\n وإليكم الآن هذه المعلومات الأساسية عن مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، التي زرتها بعد محادثات أجريتها مع القادة الأتراك في أنقرة مؤخراً. وانطباعي الأولي عنها، أنها مدينة جد مذهلة ومسالمة. فهل حقيقة أنا الآن في ذلك العراق الدامي الذي مزقته النزاعات والحروب، أم أنني في كردستان الهادئة المزدهرة اقتصادياً؟ وهل يقدر لأربيل أن تكون عاصمة أو جزءاً على الأقل من \"كردستان المستقلة\" في نهاية الأمر؟ أم يا ترى سيكون هذا الإقليم كله، ساحة لحرب جديدة تضطرم نيرانها هذه المرة بين الأكراد والأتراك؟ مهما يكن فإن في وسعك أن تطلق على هذه المنطقة اسم \"كردستان\" كما يحلو لأهلها تسميتها، أو أن تكتفي بتسميتها بشمالي العراق، كما يفعل الأتراك. وأياً كانت التسمية، فإن علينا أن ندرك أن غالبية أهلها، أي بنسبة 98 في المئة، هم من الأكراد البالغ تعدادهم 4 ملايين نسمة، حسب تعداد عام 2005، والذين لا يريد بعضهم لإقليمهم أن يبقى جزءاً من العراق. وأنى لأحد أن يلومهم على هذا الخيار. فالأشياء هنا، لا علاقة لها البتة بما نراه من مظاهر الحياة وأشكالها في منطقة الشرق الأوسط. ولذلك فقد حرم عندهم منع العلم الوطني العراقي، لأن العلم الوحيد الذي يعلو المباني، هو علَم كردستان. وعلى رغم إسهامهم في الحرب الدائرة الآن في العراق، بإرسال أفضل مقاتليهم لمساندة القوات الأميركية، إلا أنهم يبدون مخاوف من ألا يكتب النجاح لحملة القائد العسكري الجديد، الجنرال \"ديفيد بيتراوس\"، الرامية إلى وضع حد لدوامة العنف في العاصمة بغداد. \r\n \r\n ومنذ أن تم الإعلان عن دولة العراق الحالية، من بين حطام الإمبراطورية العثمانية الآفلة، في مؤتمر القاهرة الذي عقد بين وينستون تشرشل وجيرترود بيل في عام 1921، واصلت كل من تركيا وإيران معارضتهما لاستقلال أكراد شمالي العراق، نظراً لأن استقلالاً كهذا، من شأنه تعزيز النزعات والحركات الانفصالية، بين المجموعات الكردية الكبيرة في كلتا الدولتين. \r\n \r\n وقد أدت هذه المخاوف إلى الخوض في محادثات شبه سرية، بل وحتى إلى شيء من التعاون بين كل من صديقتنا تركيا الحليفة الأطلسية، وإيران، التي تحتل موقعاً مركزياً في دول \"محور الشر\"، فيما يتعلق بالتصدي لأنشطة وغارات حزب العمال الكردستاني، التي واصلت انطلاقها ضد كلتا الدولتين من داخل أراضي شمالي العراق، لعدد من السنوات. وقد ازدادت هذه الغارات خطراً، إثر تنامي الضغوط السياسية على رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، ومطالبته بإظهار ما يلزم من الحزم الوطني، في سنة انتخابية يواجه فيها منافسة شرسة على منصبه. \r\n \r\n وبعد سنوات من سوء إدارة علاقاتنا مع أنقرة، ابتعثت إدارة بوش في العام الماضي، الجنرال المتقاعد \"جو رالستون\"، القائد العام السابق لقوات حلف \"الناتو\"، والشخصية العسكرية واسعة الاحترام الدولي، مبعوثاً خاصاً لها لأنقرة، وأناطت به مهمة حل معضلة حزب العمال الكردستاني. وقد ساهمت وساطة رالستون هذه، في تفادي غارة تركية على شمالي العراق، في صيف العام الماضي. وضمن ذلك، يكثف الجنرال رالستون جهوده في حث أربيل على لجم جماح حزب العمال الكردستاني. \r\n \r\n غير أن هناك قضية أكبر من هذه المعضلة التي كلف بحلها المبعوث الأميركي. والمقصود بهذا، تقرير الوضع النهائي لمدينة كركوك العراقية. وتضم هذه المدينة مجموعات عرقية متباينة، وتطفو فوق بركة كبيرة من النفط، بينما تقع قريباً جداً من حدود إقليم كردستان الشمالي. ويدعو الدستور العراقي الجديد، إلى إجراء استفتاء شعبي عام، خلال هذه السنة، بشأن ما إذا كان سيتم ضم مدينة كركوك لإقليم كردستان أم لا؟ إلا أن التركمان، وهم أبناء عمومة الأتراك في شمالي العراق، أعلنوا معارضتهم لضم كركوك إلى كردستان. ويقيناً فإن تفادي نشوب أزمة واسعة النطاق بسبب هذا النزاع، إنما يتطلب تدخل الولاياتالمتحدة الأميركية. لكن للأسف، فإن التفويض الحالي الممنوح للجنرال رالستون، لا يشمل حل مشكلة كركوك تحديداً. \r\n \r\n وعلى رغم المصاعب الكبيرة المحيطة بإبرام صفقة تركية- كردية، بسبب تضافر عوامل التاريخ والأسطورة معاً، إلا أن على القادة في كلا الجانبين، توخي حكمة وشواهد التاريخ. فقد أبرم شارل ديجول وكونراد أدينداور، صفقة مماثلة من قبل، لصالح كل من فرنسا وألمانيا. كما فعل الشيء نفسه، الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا، في بلاده جنوب إفريقيا. لذلك وبسبب الأزمة الماثلة في العراق، فإن على القادة الأتراك والأكراد، أن يلتفتوا إلى مصالحهم المشتركة، ويعملوا على حل خلافاتهم التاريخية، واغتنام الفرصة المتاحة لهم الآن. \r\n \r\n ريتشارد هولبروك \r\n \r\n سفير أميركا الأسبق بالأمم المتحدة \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n