\r\n وبعد أربع سنوات من وصول المعتقلين الى سجن خليج جوانتانامو، صدر حكم قانوني في الولاياتالمتحدة بعدم شرعية المحاكم العسكرية التي شكلها بوش لمحاكمة الأسرى، لأن الرئيس الأمريكي ليس لديه صلاحية تشكيل مثل هذه المحاكم. \r\n \r\n ومنذ عام ،2002 تم احتجاز اكثر من 750 معتقلا ينتمون لنحو 40 دولة في القاعدة البحرية السابقة في خليج جوانتانامو. وقد وضعت السلطات الأمريكية المعتقلين في البداية في "كامب اكس راي"، أو معسكر أشعة اكس، ومن ثم في "كامب دلتا". \r\n \r\n وهو مكان ينذر مظهره بالشر، فهناك صفوف من الأقفاص والأكواخ الفولاذية تحيط بها اسوار وأسلاك شائكة. \r\n \r\n ويراقب الحراس المسلحون السجناء من فوق ابراج المراقبة. ومن ينظر الى اللافتة المعلقة على سور كامب دلتا يجد مكتوباً عليها "ملزمون بالدفاع عن الحرية"! \r\n \r\n وخليج جوانتانامو هو المكان الذي أصبحت الأكاذيب فيه حقائق، وهو المكان الذي انكشفت فيه وتعرت دعاية الحرب الأمريكية. وفي البداية أصر المسؤولون العسكريون الأمريكيون على أن احتجاز الأسرى في جوانتانامو قانوني. وطبقاً للسلطات الأمريكية فإن "قانون الحرب يسمح للولايات المتحدة - وأي دولة أخرى تخوض حرباً - باحتجاز المقاتلين الأعداء دون توجيه اتهامات لهم، أو إتاحة الفرصة لهم للاتصال بمحامين طوال مدة الحرب". \r\n \r\n وعموما، فإن المعاملة غير الإنسانية التي تعرض ويتعرض لها المحتجزون انتهكت معاهدات جنيف انتهاكاً صريحاً. وبخوضه حربه على الإرهاب، سمح الرئيس جورج دبليو بوش باستخدام قواعد الإرهاب الخاصة به. وفور احتجاز اولئك المعتقلين في جوانتانامو بدأ اخضاعهم على نحو روتيني للتعذيب البدني والنفسي. \r\n \r\n إذ تم حرمان المعتقلين من حق قانوني أساسي، وهو حق التمثيل القانوني وحقهم في أن يُعرضوا على جلسة ومحاكمة عادلة. ومن بين 700 معتقل لم يتم توجيه أي تهمة بارتكاب جريمة ما إلا لحفنة منهم، وأما الباقون فقد عاشوا في ما يسمى بحالة "النسيان القانوني" وهي تعني حرمان المعتقل من حق تعيين محام له، وعدم توجيه اتهامات ضده، وعدم منحه حق تقديمه لمحاكمة، أو حتى لجلسة قانونية مستقلة نزيهة، ويعني هذا باختصار عدم منح المعتقل اي حقوق قانونية بتاتا من دون أن يكون لهذا الوضع أي نهاية محددة. \r\n \r\n وبحلول مايو/أيار ،2005 وصفت منظمة العفو الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان معتقل جوانتانامو بأنه "كولاج العصر الحالي" (والكولاج هو سجن أو معسكر اعتقال السياسيين المعارضين إبان العهد السوفييتي)، ويعمّق فكرة إمكانية اعتقال الناس من دون رجوع للقانون. \r\n \r\n وطالبت منظمة العفو الدولية الإدارة الأمريكية بإغلاق معتقل جوانتانامو والكشف عن عدد المعتقلين بداخله. وقالت المنظمة: ان على الولاياتالمتحدة إما أن تفرج عن الأسرى أو توجه اليهم تهماً وتقاضيهم حسب الأصول". \r\n \r\n ولكن الولاياتالمتحدة نفت ارتكابها أي خطأ. \r\n \r\n ورد نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني على مطالبة المنظمة بقوله: "عندما تشير منظمة العفو الدولية الى أن الولاياتالمتحدة تنتهك حقوق الإنسان فإنني بصراحة لا أتعامل بجدية مع ما تقوله هذه المنظمة". ورفضت الولاياتالمتحدة ايضا توجيه اتهام للمعتقلين. وحتى نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي أحيل تسعة محتجزين فقط لمحاكم عسكرية. \r\n \r\n وعلى الرغم من نفي تشيني، فإن استمرار احتجاز الأسرى في معتقل جوانتانامو يتعارض مع أحكام معاهدة جنيف. وتُعتبر محاكمة المعتقلين أمام محكمة عسكرية انتهاكاً للقانون الدولي ايضا. \r\n \r\n وتوصلت الأممالمتحدة ايضا الى أن حق التعبير الديني تعرض للانتهاك ايضا، وأن ذلك شمل الحالات الموثقة عن امتهان القرآن الكريم من قبل الجنود الأمريكيين. \r\n \r\n وهناك ايضا أدلة على عمليات "تسليم استثنائي"، حيث أعيد بعض المعتقلين الى بعض الدول قسرا ضد إرادتهم. وعلى سبيل المثال، تم حقن رجل يمني قسرا وفقد الوعي وتعرض لكثير من الهلوسة، وعندما استفاق منها بعد ايام عدة وجد نفسه داخل سجن يمني حيث تعرض للضرب. \r\n \r\n وهكذا استمرت وتستمر معاناة معتقلي خليج جوانتانامو، وتستمر أكاذيب المسؤولين الأمريكيين. وعند الإعلان عن أن ثلاثة من أسرى جوانتانامو انتحروا في مطلع الشهر المنصرم، أعلن الأدميرال هاري هاريس قائد قاعدة جوانتانامو، ان عمليات الانتحار كانت "حدثاً مخططاً له بشكل واضح وليس حدثاً عفوياً.. وإنني أعتقد أن هذا لم يكن تصرفاً ناتجاً عن يأس، بل كان عملاً حربياً موجهاً ضدنا". ووصفت كولين جرافي وهي مسؤولة في وزارة الخارجية الأمريكية عمليات الانتحار بأنها "حركة علاقات عامة جيدة". \r\n \r\n وهكذا تستمر الأكاذيب الأمريكية، ويصبح معسكر تعذيب غير قانوني - إذ ان هذه هي حقيقة معسكر جوانتانامو - معسكر اعتقال قانونياً. وأما التعذيب المثبت بالأدلة القاطعة فهو لم يحدث، ويصبح الانتحار حركة علاقات عامة. \r\n \r\n وقد أصدرت المحكمة العليا الأمريكية حكمها بإبطال المحاكم العسكرية في معتقل جوانتانامو، والأمر الذي يلغي اي أساس قانوني لاستمرار احتجاز أسرى "الحرب على الارهاب". وعندما يحدث هذا، لن يكون هناك اي أساس قانوني لهذا المعتقل المشين. وسيجبر هذا الحكم القانوني، مقرونا بالضغط الدولي المتواصل على الإدارة الأمريكية، الولاياتالمتحدة على إغلاق المعسكر. ومهما قالت لنا الحكومة الأمريكية الآن ان الرئيس بوش أراد منذ مدة طويلة إغلاق المعسكر، فستكون هذه كذبة. \r\n \r\n وقد قال بوش للزعماء الأوروبيين، خلال حضوره قمة الاتحاد الأوروبي، والولاياتالمتحدة في فيينا الشهر الماضي، "انني أود إغلاق معسكر جوانتانامو. أود أن أنهي هذا الأمر". وقد كان بمقدور بوش إغلاق المعسكر منذ أربع سنوات، ولكنه لم يفعل. وبوش هو القائد الأعلى للقوات الأمريكية. وهو الذي يتخذ القرار النهائي بشأن مصير اولئك الموجودين في جوانتانامو. وعلى مدى اربع سنوات ترأس بوش نظاما مارس التعذيب ضد أشخاص في عهدته. ونكتشف الآن أن غالبية هؤلاء الأسرى أبرياء. \r\n \r\n وقد ذكرت دراسة لكلية القانون في نيوانجلند في وقت سابق من العام الحالي ان 90 في المائة من معتقلي جوانتانامو ليست لهم أي علاقة بالإرهاب بتاتا. \r\n \r\n وحتى لو تم إغلاق معسكر جوانتانامو فإن هذا لن يعني أن الإدارة الأمريكية ستحترم القوانين والمعاهدات الدولية وتمتثل لها. وإذا كانت هناك من تركة سيخلفها هذا المعسكر المخزي، فيتعين علينا أن نجعل الولاياتالمتحدة تمتثل لهذه القوانين ويجب أن نتأكد من أن الولاياتالمتحدة لن يسمح لها بفتح "كولاج آخر في العصر الحالي". \r\n \r\n \r\n \r\n * كاتب مستقل متخصص في قضايا البيئة والصحة والعولمة ويشارك في تحرير موقع "سبن ووتش" لرصد التضليل الإعلامي \r\n