\r\n وفي الحقيقة أن المنظمة، والتي يبلغ عمرها تسع سنوات، والتي كان من بين مؤسسيها ال27 نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد إضافة إلى ستة على الأقل من أقوى الصقور في إدارة جورج بوش في فترة ولايته الأولى، لم تعد فعالة منذ يناير 2005، عندما أصدرت المنظمة البيان الأخير بين \"بياناتها\"، والذي كان عبارة عن نداء لزيادة حجم قوات الجيش الأمريكي والبحرية الأمريكية بأعداد ضخمة من أجل التغلب على المطالب المتزايدة الخاصة ب\"الهيمنة الأمريكية\" التي قامت بالكثير من أجل الترويج لها. \r\n \r\n وقد بدأ مشروع القرن الأمريكي الجديد الانهيار فعليا بعد غزو العراق بوقت قصير، وذلك باعتبار المشروع منبرا لائتلاف يضم ثلاث قوى كانت هي الأكثر حماسا بشأن الحرب في العراق، وهي القوميين المتشددين مثل تشيني والمسيحيين الصهيونيين من اليمين المسيحي والمحافظون الجدد الذين يركزون اهتمامهم على إسرائيل. \r\n \r\n ثم كان بعد ذلك أن بدأت قيادة المنظمة، والتي كان يهيمن عليها المحافظون الجدد –ويليام كريستول محرر صحيفة ويكلي ستاندارد، ومدير مشروع القرن الأمريكي الجديد جاري شميت والمحلل بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي روبرت كاجان– أن بدءوا في مهاجمة رامسفيلد بشكل خاص، بسبب فشله في نشر قوات كافية لتأمين العراق والبدء في عملية بناء حقيقية له، كما تم في ألمانيا واليابان في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. \r\n \r\n وقد كان المشروع هو الأول بين عدد من الانشقاقات السياسية التي ساعدت، بالإضافة إلى تعميق ورطة العراق نفسها، على إضعاف الصقور، وإجبار المحافظين الجدد في المنظمة على التقدم باتجاه الليبراليين من مناصري سياسة التدخل والذين رعوا بالتعاون معهم سلسلة من البيانات المشتركة تمتدح مزايا عملية بناء الدولة وبناء جيش أكبر، أو الدعوة إلى موقف أمريكي أشد صرامة تجاه روسيا والصين. \r\n \r\n وكان كريستول وكاجان قد أطلقا مشروع القرن الأمريكي الجديد في عام 1997، وذلك بعد وقت قصير من نشرهما لمقال في مجلة فورين أفيرز بعنوان \"نحو سياسة خارجية ريجانية جديدة\"، وهو المقال الذي طالبا فيه واشنطن بممارسة \"هيمنة خيرية عالمية\" ينبغي الإبقاء عليها \"قدر الإمكان في المستقبل\". \r\n \r\n ورغم انتقاد المقال للرئيس الأمريكي في ذلك الوقت بيل كلينتون إلا أنه كان موجها بشكل خاص ضد الكونجرس الذي كان يسيطر عليه الجمهوريون، والذي بدا انعزاليا بشكل متزايد في ذلك الوقت، وخاصة بعد الانسحاب الأمريكي المتهور من الصومال في 1994 ومعارضة الجمهوريين القوية للتدخل في البلقان ضد الرئيس الصربي سلوبودان ميلزسيفيتش. \r\n \r\n وبهذه الروح قام الاثنان بالمشاركة في تأسيس مشروع القرن الأمريكي الجديد، والذي وقع على إعلانه كبار المحافظين الجدد، ومن بينهم مدير مكتب ديك تشيني لويس ليبي، ونائب رامسفيلد فيما بعد بول وولفيتز، وكبير مساعدي بوش لشئون الشرق الأوسط فيما بعد إليوت أبرامز، وسفيره القادم في أفغانستان والعراق زلماي خليل زاد، وكبير مسئولي رامسفيلد لشئون الأمن الدولي بيتر رودمان، وزميل معهد العمل الأمريكي وراعي المحافظين الجدد ريتشارد بيرل، ومحافظ فلوريدا جيب بوش، إضافة إلى تشيني ورامسفيلد. \r\n \r\n وقد كانت التفاصيل القليلة الموجودة في الإعلان، إضافة إلى تقارير المتابعة التي نشرها مشروع القرن الأمريكي الجديد –مثل \"إعادة بناء دفاعات أمريكا\" و\"المخاطر الراهنة\"– واللذين تم نشرهما في عام 2000 للتأثير على الجدل الخاص بالسياسة الخارجية خلال الحملة الرئاسية في ذلك العام، كانت مبنية إلى حد كبير على مسودة \"دليل تخطيط الدفاع\" وهو الدليل سيء السمعة الذين تم تقديمه عندما كان تشيني وزيرا للدفاع في ظل رئاسة جورج بوش الأب عام 1992. \r\n \r\n وقد طالبت هذه الورقة، والتي قام بتطويرها وولفيتز الذي كان نائبا لوزير الدفاع في ذلك الوقت ولويس ليبي وخليل زاد، والنائب الحالي لمستشار الأمن القومي ج. د. كروتش، بمساعدة من بيرل وبعض المقاربين له فكريا من المتخصصين في شئون الدفاع، طالبت ب\"هيمنة خيرية لقوة واحدة\" (وهي الولاياتالمتحدة) لتحل محل \"التعاون الجماعي بين الدول\"، كما طالبت واشنطن بضمان هذه الهيمنة، وخاصة في أوروبا وآسيا، من أجل منع ظهور أي منافس محتمل إقليمي أو عالمي، وذلك من خلال المواجهة إذا لزم الأمر. \r\n \r\n وقد كان دور مشروع القرن الأمريكي الجديد هو دعم وترويج هذه الأفكار من خلال تقاريره، وخطاباته وبياناته الدورية الموقعة من الشخصيات البارزة في اليمين الأمريكي، ومن خلال التدفق المستمر من الآراء والمقالات، التي شكلت جزءا من \"غرفة صدى\" أكبر للمحافظين الجدد والتي ضمت ويليام كريستول محرر ويكلي ستاندارد، بالإضافة إلى فوكس نيوز وواشنطن تايمز، وصفحات التحرير في صحيفة وول ستريت جورنال، وذلك من أجل تشكيل إطار للنقاشات في وسائل الإعلام الرسمية والسائدة في واشنطن. \r\n \r\n وبهذا المعنى كان مشروع القرن الأمريكي الجديد أقرب إلى كونه \"منظمة على الورق\"، لا مؤسسة تفكير؛ حيث قامت بدور آلية لتنمية الإجماع على بعض القضايا بين القوى السياسية المختلفة –وهم الصقور الجمهوريون في هذه الحالة– ثم دفعها إلى الرأي العام. \r\n \r\n وفي الواقع أن عددا من أعضاء مشروع القرن الأمريكي الجديد الستة –وآخرهم مدير المشروع شميت– قد احتلوا مناصب في معهد العمل الأمريكي الأكبر بكثير، والذي يقع على بعد خمس طواق فقط أعلى مكاتب مشروع القرن الأمريكي الجديد، وهو ما يساعد في توضيح طبيعة العلاقة غير النزيهة للشبكة الأكبر. ومع ذلك فقد كان مشروع القرن الأمريكي الجديد هو المنظمة الأولى التي طالبت واشنطن بشكل علني (في عام 1998) بالسعي إلى \"تغيير نظام الحكم\" في العراق بالوسائل العسكرية، وذلك من خلال الارتباط برئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي، والذي لعب فيما بعد دورا رئيسيا في حملة الدعاية ضد صدام حسين قبيل غزو العراق في عام 2003. \r\n \r\n ولكن ربما يكون أبرز الخطابات التي أرسلها المشروع هو ذلك الذي تم إرساله إلى بوش في 20 سبتمبر 2001، بعد تسعة أيام فقط من هجمات الحادي عشر من سبتمبر. فبالإضافة إلى الدعوة إلى إسقاط حركة طالبان وإعلان الحرب على القاعدة طالب الخطاب أيضا بشن حرب أوسع وأكثر طموحا \"على الإرهاب\"، وهي حرب يمكن أن تتضمن عزل السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، ومواجهة حزب الله، وتهديد سوريا وإيران، والأهم من ذلك إسقاط صدام حسين بغض النظر عن علاقته بالهجمات أو بالقاعدة. \r\n \r\n حيث قال الخطاب إن \"الحكومة العراقية يمكن أن تكون قد قامت بتقديم مساعدة بشكل ما لصالح الهجمات الأخيرة علي الولاياتالمتحدة. ولكن حتى إذا لم يكن هناك دليل يربط العراق مباشرة بهذه الهجمات فإن أي إستراتيجية تهدف إلى استئصال الإرهاب ورعاته يجب أن تتضمن جهدا ثابتا من أجل إزالة صدام حسين من السلطة. وإن الفشل في القيام بمثل هذا الجهد من شأنه أن يمثل خضوعا مبكرا وربما خضوعا حاسما في الحرب على الإرهاب العالمي\". \r\n \r\n وقد قام بالتوقيع على الخطاب 38 من الأعضاء في غرفة الصدى التي يهيمن عليها المحافظون الجدد في واشنطن، والذين برز كثيرون منهم –وخاصة كريستول وكاجان وأعضاء مجلس سياسات الدفاع بيرل ووولزي وإليوت كوهين، ورئيس مركز السياسات الأمنية فرانك جافي، ووزير التعليم السابق ويليام بينيت، وتشارلز كروثامر وهو كاتب عمود في العديد من الدوريات، ومدير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات كليفورد ماي– برزوا جميعا باعتبارهم المناصرين المنتشرين في كل مكان خارج الإدارة لمساندة الحرب على العراق. \r\n \r\n وبعد سبعة أشهر أصدر مشروع القرن الأمريكي الجديد خطابا جديدا وقع عليه عدد كبير من نفس الأشخاص يحثون بوش على تقديم الاستعدادات للحرب على العراق، وقطع جميع العلاقات مع السلطة الفلسطينية في ظل رئاسة عرفات، وتقديم الدعم الكامل لجهود رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون في سحق الانتفاضة الفلسطينية. \r\n \r\n حيث أشار الخطاب إلى أن \"حرب إسرائيل ضد الإرهاب هي حربنا، وانتصار إسرائيل هو جزء مهم من انتصارنا. ونحن في حاجة، لأسباب أخلاقية وإستراتيجية، إلى الوقوف مع إسرائيل في حربها ضد الإرهاب\". وقد استجاب بوش لذلك بعد هذا الخطاب بشهرين. \r\n \r\n وقد مثلت تلك الفترة –من 20 سبتمبر 2001 وحتى قبيل حرب العراق في أوائل 2001– ذروة حضور مشروع القرن الأمريكي الجديد. ومنذ ذلك الحين بدأت الأمور تنحدر بوجه عام، مع سقوط الصقور الذين مثلوهم، بمن فيهم المحافظون الجدد المهيمنون على المنظمة، فريسة لخلافات داخلية: بشأن إشراف رامسفيلد على العراق والبنتاجون، وبشأن الحكمة من \"التحول\" الديمقراطي في الدول العربية في الشرق الأوسط، وبشأن خطة شارون لفك الارتباط في غزة، وبشأن الصين، بل حتى بشأن التحركات الأخيرة للإدارة تجاه إيران. \r\n \r\n وقد جعلت كل هذه الخلافات من الصعب بكثير صياغة إجماع –وكتابة خطابات– بشأن هذه القضايا. (آي بي إس / 2006)