فقد قال رينالدو بوليفار، نائب وزير الخارجة الفنزويلي لشئون إفريقيا، أثناء عودته من رحلة إلى السنغال ونيجيريا وساحل العاج وبنين: \"نحن نريد خريطة دبلوماسية جديدة مع 18 سفارة، كل منها تستطيع أن تخدم دولتين أخريين، من أجل تغطية القارة كلها\". \r\n وقد قام بوليفار، الذي استُحدث منصبه من شهور قليلة فقط، بزيارة المغرب ومالي ومصر والسودان، وهو الآن يحزم أمتعته للتوجه إلى جنوب إفريقيا. \r\n وقد صرح بوليفار لآي بي إس قائلا: سوف نكون الدولة الثالثة فيما يتعلق بالوجود في إفريقيا، بعد البرازيل وكوبا\". \r\n والهدف الرئيسي من المعركة الجديد للحكومة هو \"تقوية الروابط مع قارة تجاهلناها بشكل كبير لفترة تمتد عقودا، رغم انتمائنا معا إلى مجموعة ال77 (الكتلة الكبرى في الأممالمتحدة والتي تتكون من 132 دولة نامية) وإلى حركة عدم الانحياز\". \r\n وقد احتفظت كاراكاس بشكل تقليدي بعلاقات رسمية مع كل دول إفريقيا تقريبا، لكنها لم يكن لديها سفارات إلا في نيجيريا، والدول المنتجة للبترول في شمال إفريقيا، وتنزانيا –بعد قيام الرئيس التنزاني السابق جوليوس نيرير (1964-1985) بدعم إنشاء مجموعة ال15 من الدول النامية، والتي كانت تهدف إلى تشجيع التعاون وتقديم الاقتراحات للمنظمات والهيئات الدولية– وجنوب إفريقيا، بعد إزالة نظام التمييز العنصري الذي كان ينتهج سياسة عنصرية مؤسسية وفصلا عنصريا. \r\n وقد أشار بوليفار إلى أن كولومبيا وفنزويلا –الأعضاء في مجموعة الثلاثة لاتفاقية التجارة الحرة – قد احتفظت لعدة سنوات بسفارة مشتركة في ناميبيا، والتي كانت مغلقة كجزء من إعادة تنظيم الهيئات الخارجية لبوجوتا والمكسيك. \r\n وأضاف بوليفار، الذي كان متفائلا فيما يتعلق باعتراف فنزويلا الوشيك بالاتحاد الإفريقي كمراقب، حيث ستفتح له مكتبا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، المركز الرئيسي للاتحاد الإفريقي. \r\n وتابع بوليفار قائلا إن الأهداف الأولى هي \"التعاون الثقافي والتعليمي، وإبرام اتفاقيات توفر الأساس للتبادل الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي. فعلى سبيل المثال، سيأتي خبراء النسيج من مالي؛ حيث إنها منتج رئيسي للقطن، وننظر نحن وكوبا إلى تأسيس مدرسة طبية في منطقة جنوب إفريقيا\". \r\n وأضاف مجددا: \"ونحن نسعى أيضا إلى التبادل السياسي والمواقف المشتركة في إطار الأممالمتحدة، حيث إن 36 بالمائة من أعضائها البالغ عددهم 191 دولة هم من الدول الإفريقية\". \r\n لكن بوليفار يشير إلى أن هناك أيضا مواقف معقدة في إفريقيا، مشيرا على سبيل المثال إلى الصراع حول الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو، والتي تؤيد كاراكاس بشأنها \"حلا دائما وسلميا ومستقرا\". \r\n وتجري تقوية الروابط مع إفريقيا في العام الثاني للمعركة الدولية للرئيس هوجو شافيز الذي يهدف إلى نسج أو تقوية تحالفات من أجل التحرك نحو \"نظام عالمي متعدد الأقطاب\" لمناهضة الهيمنة الأمريكية. \r\n وفي أمريكا اللاتينية حصلت إدارة شافيز على موافقة فنزويلا من أجل السماح لها بأن تكون عضوا كاملا في الجبهة التجارية المسماة السوق الجنوبية المشتركة (ميركوسر)، والتي تتشكل من الأرجنتين والبرازيل وباراجواي وأورجواي، بينما تقوم الإدارة بشكل سخي بتقديم إمدادات نفطية إلى جيران فنزويلا في أمريكا الجنوبية، وذلك من خلال المشروع المشترك بتروسور، وكذلك لعدد من دول الكاريبي من خلال بتروكرايب. \r\n وبحثا عن \"حلفاء إستراتيجيين\" قام الرئيس الفنزويلي أيضا بعدة زيارات إلى دول مثل الصين والهند وروسيا وفرنسا وأسبانيا وإيران، كما قام بعدة مفاوضات لعقد اتفاقيات من أجل صفقات سلاح في العديد من هذه الدول، ومن أجل شراء طائرات من إيران وأقمار صناعية من الصين. \r\n وقد انتقدت حركة المعارضة المناهضة لشافيز، والتي حصلت على 40 بالمائة من الأصوات في العمليات الانتخابية الهائلة التي تمت خلال السنوات القليلة الماضية، انتقدت \"دبلوماسية النفط\" التي ينتهجها الرئيس الفنزويلي ذو التوجهات اليسارية، كما انتقدت كذلك سلسلة اللقاءات الدولية التي مولتها حكومته، محتجين بأنها تمثل استفادة هزيلة من الاعتمادات العامة. \r\n وفيما يتعلق بإفريقيا تمثل الأنشطة الثقافية تركيزا أوليا للمعركة الدبلوماسية. \r\n والخطوة التالية هي الاحتفال الثقافي الذي سيجري في الفترة من 13-20 نوفمبر والذي ستستضيفه فنزويلا في كاراكاس، بمشاركة الجماعات الفنية والثقافية الإفريقية مثل فرقة بنين الوطنية للباليه وموسيقيي جناوا من المغرب، وكذاك عدد من الجماعات والفنانين الفنزويليين. \r\n وقد صرح جيسوس جارسيا، رئيس منظمة أفروأميريكا فونديشن غير الحكومية، لآي بي إس: \"إن فنزويلا، مثل غيرها من دول أمريكا اللاتينية، تدين بدَين روحي لإفريقيا؛ فآلاف العبيد من جماعة ولوف العرقية في السنغال أو جماعة مينا من الساحل الاستوائي (في غرب إفريقيا) قد جاءوا إلى ها البلد\". \r\n وأضاف جارسيا أن الاحتفال \"يعطينا فرصة لاستئصال صورة \"طرزان\" عن إفريقيا، وهي الصورة التي لا تزال لدينا في فنزويلا؛ حيث غالبا ما نرى إفريقيا كمجرد قارة بدائية ذات احتياجات هائلة. ونحن نريد من المفكرين الأفارقة أن يأتوا ويظهروا لنا حقيقتهم\". \r\n ومن وجهة نظر هذا الناشط فإن معركة الحكومة توفر فرصة لدعم الجهود بين الحكومات من خلال تعزيز الاتفاقيات بين الجامعات، والبرلمانات والسلطات الإقليمية، وحكومات المدن في إفريقيا وفنزويلا، \"ومع باقي المنطقة، بحثا عن علاقة جديدة مع أمريكا اللاتينية، وكذلك مع منطقة الكاريبي\". \r\n ويضيف جارسيا قائلا إن الخلفية \"ينبغي أن تكون هي قضية الطاقة والاتفاقيات الممكنة بين فنزويلا، التي تقدم 13 بالمائة من واردات النفط الأمريكية، وبين الدول الإفريقية التي ستوفر في خلال عشر سنوات واحدا من بين كل أربعة براميل بترول يتم استهلاكها في الولاياتالمتحدة\". \r\n ويضيف بوليفار أنه على المدى الطويل والمتوسط تسعى \"أجندة إفريقيا\" الجديدة لفنزويلا إلى تحالفات إستراتيجية في مجال الطاقة، وفي التعاون التكنولوجي والتجارة، حيث سيقوم شافيز بزيارة إفريقيا في العام القادم سعيا وراء هذه التحالفات. \r\n ومن بين المبادرات الأخرى إنشاء بيت الصداقة الفنزويلي–الإفريقي، ومناهج جامعية جديدة عن إفريقيا، ومركز للأبحاث وحفظ التراث الإفريقي. \r\n ويقول بوليفار في النهاية: \"نحن مدينون للأفارقة الذين ساهمت قوتهم العاملة في بناء القوى الاقتصادية والثقافات المتكاملة\".