ارتفاع شبه جماعي للبورصات الخليجية بالرغم من خسائر أسعار النفط    مركز بروكسل الدولي يدعو القمة الأوروبية الخليجية إلى إطلاق مبادرة للسلام في الشرق الأوسط    البيت الأبيض: على الجميع احترام قوات يونيفيل بمن فيهم إسرائيل    سفيان رحيمي يقود تشكيل منتخب المغرب ضد أفريقيا الوسطى    أحمد موسى بعد حادث قطاري المنيا: الفصل والحبس لأي سائق يثبت تعاطيه للمخدرات    خبير مياه: إثيوبيا لم تعترف بتوقف التوربينات الأربعة لسد النهضة    توقيع مذكرة تفاهم بين مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والنيابة العامة المصرية.    بريطانيا تعلن مجموعة جديدة من العقوبات على المستوطنين الإسرائيليين    رئيس جامعة عين شمس يستقبل وفدًا من جامعة TH Koeln الألمانية    عاجل.. تشكيل إسبانيا الرسمي لمواجهة صربيا في دوري الأمم الأوروبية    آية شحاتة تحصد ذهبية بطولة مالابو المفتوحة للتايكوندو بغينيا الاستوائية    مواعيد عمل البنوك في مصر 2024.. وهذه الفروع تعمل 24 ساعة؟    طالب ناجٍ من حادث الجلالة يكشف تفاصيل "مأساوية"    ريهام عبد الغفور تنعى ضحايا حادث الجلالة برسالة مؤثرة:"ربنا يكفينا شر المستخبي"    أول بطولة ل محمد سلام.. المتحدة للخدمات الإعلامية تروج لمسلسل "كارثة طبيعية"    شيرين عبدالوهاب توجه رسالة لأصدقائها وجمهورها وشعب لبنان: ربنا يخليلي كل الفانز    عمرو سليم يقدم روائع سعاد حسني بليغ حمدي وفيروز في خامس ليالي مهرجان الموسيقى العربية    مسرح "المواجهة والتجوال" يختتم الجولة الأولى من المرحلة الخامسة    مراسل القاهرة الإخبارية: 7 محاولات توغل برية للاحتلال فى جنوب لبنان    خالد الجندي: هذه الأفعال ستدخلك الجنة بلا عذاب أو حساب (فيديو)    وسام أبو على يسجل هدف تعادل فلسطين ضد الكويت بالشوط الأول.. فيديو    لبنان: استشهاد 150 من العاملين بالصحة وخروج 13 مستشفى عن الخدمة    إجراء اختبارات محو الأمية بمراكز الشباب فى كفر الشيخ ضمن مبادرة بداية    عبد الرحيم علي ينعى والد الزميل مصطفى عمار    هذا ما يحدث في جسمك عند شرب الشاي بعد تناول الطعام مباشرة    "المتحدة" تنعي والد الكاتب الصحفي مصطفى عمار رئيس تحرير جريدة الوطن    15 صفقة.. الجونة يتعاقد مع ثنائي نيجيري    البابا تواضروس يلقي العظة الأسبوعية من شيراتون    ما سبب إعادة مجلس الشيوخ قانون البناء الموحد للجنة الإسكان مره أخرى؟    الصحة: 8 حالات غير مستقرة من مصابي حادث طريق الجلالة    وزير الصحة يلتقي نظيره التونسي ويبحث تعزيز التعاون في المجال الصحي    فصل 4 تلاميذ تنمروا على زميلهم داخل مدرسة بقنا    أستاذ عقيدة: فهم الإسلام الصحيح يحمى أبنائنا من التطرف    قبل اتساع نطاقها.. وزير الأوقاف السابق يدعو لوقف العدوان على غزة ولبنان    حكم قراءة سورة الفاتحة بنية شفاء المرضى وقضاء الحاجات    "الناصري": كلمة السيسي بالندوة التثقيفية أكدت للجميع أن القوات المسلحة هي درع الوطن    وزير الأوقاف: نرفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم حتى لا يتم تصفية القضية    وزير الإسكان يتابع مشروعات إعادة إحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية بمحافظة القاهرة    «أوراسكوم للتنمية» توقع اتفاقية تمويل ب155 مليون دولار (تفاصيل)    أكرم القصاص: مصر والسعودية دولتان محوريتان فى المنطقة    نادين نجيم وملح الفن ضيوف برنامج "صاحبة السعادة"    تأجيل محاكمة 46 متهما بخلية العجوزة    نائب الأمين العام لحزب الله: السياسات الإسرائيلية قائمة على القتل والتشريد وارتكاب المجازر    حملة 100 يوم صحة.. تقديم أكثر من 118 مليون خدمة مجانية خلال 75 يوما    الأونروا: تطعيم 93 ألف طفل فى الجولة الثانية من حملة التحصين ضد شلل الأطفال فى غزة    وزير الخارجية يترأس الاجتماع الثانى ل"العليا لحقوق الإنسان" بحضور ضياء رشوان    ترشيح لحسام البدري لتدريب شباب بلوزداد الجزائري    "زي النهارده".. مؤمن زكريا يقود الأهلي للتتويج بالسوبر على حساب الزمالك    محافظ القاهرة: وضع قرية الفخار والمجمع الحرفى على خريطة المزارات خلال المنتدى الحضرى العالمى    وزير الإسكان يُعلن عن أكبر طرح للأراضي السكنية المتنوعة ب20 مدينة جديدة    محافظ القليوبية: تقديم تسهيلات للمواطنين الجادين في طلبات تقنين أوضاعهم    ماذا قدم رونالدو مع منتخب البرتغال قبل مشاركته المتوقعة اليوم؟    رئيس الوزراء يؤكد على سرعة الانتهاء من مشروعات المياه والصرف الصحي    "لا يسخر قوم من قوم".. تعظيم حرمة الإنسان وعدم التنمر موضوع خطبة الجمعة    تحرير 1138 مخالفة تموينية متنوعة بالفيوم خلال أسبوعين    دفاع المتهمين بفبركة سحر مؤمن زكريا يطلب استبعاد تهمتى النصب والابتزاز    «بجبر بخاطر المشاهدين».. أقوال صادمة للزوجة المسحولة بسبب فيديوهات تيك توك    حار نهاراً ومعتدل الحرارة ليلًا.. حالة الطقس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أم لاعب منافس في النظام الرأسمالي العالمي؟
نشر في التغيير يوم 24 - 10 - 2005

وبعد أربع سنوات على إدارة بوش الأولى وعدم سيطرة رأي على آخر في تلك الفترة، بدأنا الآن نشهد أن كفة الفريق الذي يعتبر الصين خصماً عسكرياً أخذت ترجح وتدعو الإدارة الأميركية إلى اتخاذ موقف يحتمل الحرب تجاه الصين. ويبدو أن هذا التغير طرأ بسبب ثلاثة مؤشرات أساسية: الأول: تبنت الولايات المتحدة في 19/2/2005 إعلاناً رسمياً يدعو إلى تعزيز العلاقات العسكرية والأمنية بين واشنطن وطوكيو وهو ما عرف رسمياً باسم: «البيان المشترك للجنة الاستشارية الأمنية اليابانية الأميركية». وكان هذا الإعلان قد جرت تلاوته بعد اجتماع عقد على مستويات رفيعة أميركية كان من بين شخصياتها دونالد رامسفيلد (وزير الدفاع الأميركي) ووزيرة الخارجية (كوندوليزا رايس). ولا شك أن النقاش الأمني والعسكري الذي جرى بين مسؤولين أميركيين ويابانيين يثير بحد ذاته اضطراباً عميقاً لدى القيادة الصينية خصوصاً بعد فترة الهدوء الطويلة التي سادت بين طوكيو وبكين منذ الحرب العالمية الثانية واستسلام اليابان. والصين لا تخفي استمرار قلقها المتزايد من الخطط الأميركية الرامية إلى بناء تحالف آسيوي معاد للصين.
\r\n
\r\n
\r\n
استفزاز الصين بمضيق تايوان
\r\n
\r\n
وكانت الدعوة التي تضمنها الإعلان المذكور ببذل جهود أميركية يابانية مشتركة «تشجع على وضع حل سلمي للمسائل المرتبطة بمضيق تايوان عن طريق الحوار» هي من بين الفقرات المهمة التي أغضبت بكين. فإذا كانت هذه الفقرة تبدو غير ضارة نسبياً بنظر الولايات المتحدة، إلا أن بكين اعتبرتها ذات طابع استفزازي كبير لأنها تشكل مثالاً على تدخل أميركي ياباني سافر في شؤون الصين الداخلية. ولذلك كان من الطبيعي أن تصف وكالة أنباء الصين الجديدة الإعلان المشترك بإجراء «لا سابق له» واستشهدت الصحيفة بما أعلنه مسؤول في وزارة الخارجية الصينية حين قال: «إن الصين ترفض بشكل مطلق ما تقوم به الولايات المتحدة واليابان في إصدار وثيقة ثنائية بينهما تتعلق بتايوان الصينية وهذا ما يشكل تدخلاً بشؤوننا الداخلية ويمس بالسيادة الصينية». أما المؤشر الثاني فقد ظهر من خطاب ألقاه رامسفيلد في 4/6/2005 في مؤتمر حول الاستراتيجية الأميركية عقد في سنغافورة حين كان يستعرض المسائل الأمنية الراهنة في آسيا وخصوصاً خطر التسلح النووي في كوريا الشمالية وتطرق أثناءها إلى الصين. فقد أعلن رامسفيلد أن الصين يمكن لها أن تلعب دوراً بناءً في حل هذه المسائل، واعتبر أن «إجراء نقاش صريح من قبل الصين لا يمكن دفعنا إلى تجاهل الالتفات إلى مسائل مقلقة أخرى في المنطقة». وعاد وقال: «خصوصاً وأن الصين تقوم بتوسيع حجم قواتها الصاروخية بشكل يجعلها قادرة على زيادة مدى هذه الصواريخ لتصل أهدافها إلى مختلف أرجاء العالم. كما أن الصين تقوم بتحسين قدراتها في مجال نشر القوات وتفعيل القوة في منطقة آسيا».... وانتقل بطريقة خبيثة في تصريحاته وقال: «وبما أن الصين لا توجد أمامها دولة تهددها فإن المرء منا يتساءل: لماذا كل هذا الاستثمار المتزايد في القوة؟ ولماذا كل هذا التوسع في شراء الأسلحة؟ ولماذا كل هذا الانتشار الكبير المستمر للقوة العسكرية؟». إن مثل هذه التعليقات الأميركية ستدهش القيادة الصينية لأنها ستتساءل بدورها: هل لا يوجد أحد يهدد الصين حقاً؟ وماذا تفعل كل هذه الطائرات الأميركية والسفن الحربية التي تمر قرب السواحل الصينية؟ ثم ألا توجد صواريخ نووية أميركية مصوبة نحو أهداف صينية؟ وما هو الغرض من إرسال الأسلحة الأميركية خلال السنوات العشر الماضية إلى تايوان؟ وما هو معنى وجود القواعد الأميركية التي تحيط بالصين من كافة الاتجاهات؟ وإذا ما وضعنا الطريقة الخبيثة التي عرض فيها رامسفيلد تصريحاته، فإن الحقيقة تدل على أن في تعليقاته هذه درجة عدائية كبيرة تجاه الصين تفوق في حجم عدائها أي تصريحات أميركية رسمية ظهرت في البيانات الأميركية منذ 11 أيلول/ سبتمبر، وهذا ما ظهر من طريقة عرضها في الصحافة الأميركية والآسيوية.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
القوة العسكرية للصين الشعبية
\r\n
\r\n
وكان المؤشر الثالث يتمثل في التقرير الذي صدر عن وزارة الدفاع الأميركية في تموز/ يوليو الماضي حول القدرات الحربية الصينية تحت عنوان: «القوة العسكرية للصين الشعبية». فقد ذكرت التقارير الصحفية أن نشر هذه الوثيقة غير السرية تأخر لأسابيع عدة يعود سببها إلى إجراء عملية حذف في بعض فقرات و«تلطيف» فقرات أخرى تدل على روح عدائية تجاه الصين بهدف تجنب مزيد من الاستفزاز الأميركي لها خصوصاً قبل زيارة الرئيس بوش المقررة لبكين في تشرين الثاني/ نوفمبر 2005. وكانت الطبعة التي نشرت من هذا التقرير ذات لهجة حساسة دقيقة تضمنت تأكيداً غريباً على ضعف الصين من جهة، وقوة مؤسستها العسكرية من جهة أخرى. لكن الجوهر الرئيس في هذا التقرير هو الإشارة إلى أن الصين تقوم بتوسيع حجم قدراتها على خوض الحروب خارج أراضيها، وأن هذه النية تشكل تحدياً خطيراً للنظام العالمي. وجاء في التقرير أن «مدى وحجم القوة العسكرية الصينية بلغا مستوى يعرّض التوازنات العسكرية الإقليمية للخطر» وأن «الاتجاه الصيني نحو تحديث القوة العسكرية يمكن أن يوفر للصين قدرة على تنفيذ عمليات عسكرية بعيدة في آسيا وخارج تايوان أيضاً، وهذا ما يعتبر خطراً مؤكداً على جميع الجيوش الحديثة التي تعمل في تلك المنطقة». وربما يكون هدف هذا التقرير السنوي الذي يعده البنتاغون وزارة الدفاع سنوياً الذي عرض أمام الكونغرس عام 2000 هو وضع تحليل شامل وليس وثيقة سياسية. ومع ذلك يبدو أن المضاعفات السياسية للتقرير الخاص بعام 2005 ستشير إلى أنه إذا قامت الصين بامتلاك المزيد من القوة التي تتهدد منها «جيوش تعمل في المنطقة» أي جيوش أميركا واليابان أيضاً، فإن هذا يستدعي عملاً ملحاً وعاجلاً لوقف هذا التطور العسكري الصيني الكبير. ولهذا السبب بالذات أطلقت الوثيقة المذكورة عاصفة نارية من الانتقادات الموجهة للصين. وهذا ما جعل مسؤولاً في وزارة الخارجية الأميركية يقول لأحد السفراء الأميركيين: «إن هذا التقرير يتجاهل بعض الحقائق من أجل بذل كل الجهود الممكنة الرامية إلى نشر وتعميم نظرية الخطر الصيني على الجميع، وهو يتدخل بشكل فظ في شؤون الصين الداخلية ويشكل استفزازاً ضد علاقات الصين بالدول الأخرى». وحين كان يجري التداول بمواضيع هذا التقرير كان الجمهور الأميركي ووسائل الإعلام الأميركية منشغلين بمصدر آخر للتوتر بين الولايات المتحدة والصين وهو محاولة شراء الصين لشركة (أونوكال) (مقرها كاليفورنيا) الأميركية باسم «شركة النفط الخارجية الصينية) (سي إن إن او سي). فقد لفتت هذه المحاولة انتباهاً كبيراً جعلتها الصحافة الأميركية في مقدمة أحداثها واهتماماتها رغم أن تأثيرها على العلاقات الأميركية الصينية كان أقل من التأثير الذي تولد من اتجاه البنتاغون المعادي للصين وما يحمله من زيادة حدة التنافس العسكري بين الدولتين.
\r\n
\r\n
\r\n
تغيير المواقف
\r\n
\r\n
ما الذي يقف وراء هذا التغير الأميركي الزاخم؟ من الواضح أن جذور هذا التغير تعود إلى النفوذ المستمر والمتزايد للاستراتيجيين المحافظين الذين كانوا يدعون إلى انتهاج سياسة أميركية تحقق السيادة والتفوق الأميركي الدائم. وهذا المخطط كان قد ظهر في عام 1992 في ولاية الرئيس بوش الأب عندما جرى وضع ما عرف باسم «مرشد التخطيط العسكري للأعوام (1994) (1999) من أجل سيادة الولايات المتحدة على العالم في عهد ما بعد الحرب الباردة. وكان بول وولفويتز هو الذي وضع مسودة هذه الخطة التي تم تسريبها للصحافة في أوائل عام 1992. وتتضمن المسودة جوهرياً دعوة بإعداد كل ما يلزم من أجل عدم إعطاء الولايات المتحدة لأي دولة أو مجموعة دول في العالم الفرصة في التحول إلى قوة منافسة لها أو تشكل خطراً على مصالحها. وجاء في نصها: «يجب علينا السعي نحو منع أي قوة معادية من السيطرة على منطقة يمكن أن توفر المصادر الموجودة فيها قدرات تحولها إلى قوة عظمى عالمية». وبقي هذا المبدأ أساساً مرشداً لسياسة الهيمنة الأميركية منذ الإعلان عنه. وفي هذا القرن الجديد أصبحت هذه التوصية بمنع ظهور أي قوة عظمى تعيد العالم إلى ما كان عليه في عهد وجود الاتحاد السوفياتي تنطبق على الصين الدولة القادرة بموجب ما لديها من مصادر طبيعية وبشرية على التحول إلى قوة عظمى منافسة. وبما أن إدارة بوش تسعى إلى البقاء وحدها كقوة عظمى مهيمنة بموجب ما أعلنه حين كان حاكماً عام 1999 لتكساس في حملته الانتخابية، فقد وجدت السياسة الأميركية أن احتواء الصين يمكن أن يحقق هذه الغاية. ولذلك هذا ما اتبعته كوندوليزا رايس حين كانت مستشارة للأمن القومي مع دونالد رامسفيلد وزير الدفاع عام 2001 في أول سنوات حكم الرئيس بوش. لكن أحداث 11 أيلول/ سبتمبر حملت تأثيراتها على سياسة الاحتواء وأعطت الضوء الأخضر للمحافظين الجدد بوضع خطط أكثر طموحاً لتوسيع القوة الأميركية في العالم. لكن الانتقال من التركيز على منع ظهور أي قوة عظمى منافسة إلى الانشغال بشن الحرب على الإرهاب حمل معه ظروفاً عرقلت تنفيذ الخطط المطلوبة لكبح جماح القوة الصينية الصاعدة. وبالإضافة إلى ذلك، فرضت الحرب على الإرهاب التركيز على استخدام قوات عسكرية برية لا حاجة لها بتكنولوجيا متطورة جداً في حربها ضد الإرهاب أو في احتلالها لمناطق كثيرة متخلفة. ولذلك اعتبر عدد من الاستراتيجيين ومعهم أصحاب الشركات الضخمة لصناعة الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية فائقة التطور أن الحرب على الإرهاب أبعدتهم عن الوجهة المطلوبة لبيع الأسلحة فائقة التطور وأنهم مضطرون على تحمل هذه المرحلة ريثما تتضح مرحلة استئناف حالة العداء ضد الصين ووضع المبادرات المناسبة لها. ويبدو أن هذه المرحلة قد شقت الطريق الآن. لكن السؤال هو لماذا الآن؟
\r\n
\r\n
\r\n
ازدياد المعارضين لسياسة بوش
\r\n
\r\n
يبدو أن هناك عدداً من العوامل التي توضح توقيت هذا التحول أو التغير. الأول يرتبط دون أدنى شك بالتعب من استمرار أميركا في حربها على الإرهاب وبظهور شعور متزايد لدى المؤسسة العسكرية الأميركية بأن الحرب في العراق تولد فيها أساس للاعتقاد بأن واشنطن وصلت فيها إلى طريق مسدود. ولاحظت إدارة بوش أن الجمهور الأميركي بدأ يلتفت أكثر للتراجع الذي تضطر إليه القوات العسكرية في العراق والخسائر البشرية الأميركية، خصوصاً بعد إعصار كاترينا، وهذا ما جعل نسبة المعارضين لسياسة بوش تزداد في هذه الأوساط. ولذلك تخشى إدارة بوش من تكرار الآثار التي حملتها حرب فييتنام في السبعينات والثمانينات. وقد كان مفاجئاً أن يدعو الضباط المسؤولون في الجيش الأميركي إلى تقليص عدد القوات في العراق، في حين أن رئيسهم بوش يدعو إلى استبعاد أي تخفيض هناك. وبالإضافة إلى هذا، يلاحظ قادة الجيش الأميركي أن التطور الصيني التكنولوجي المتصاعد بدأ يترجم نفسه على شكل زيادة في تطور قدراتها العسكرية. وعلى الرغم من أن معظم الأسلحة الصينية جاء من أسلحة سوفياتية سابقة ومن تركيب مزدوج لأسلحة غربية مع صينية، إلا أن الصين تمكنت بفضل ثروتها المالية من شراء أسلحة روسية حديثة جداً من بينها طائرات مقاتلة متطورة وغواصات تعمل بالوقود العادي ومدمرات بحرية جديدة. وكانت الصين قد عملت على زيادة حجم وقوة صواريخها الباليستية ذات المدى القصير وهي قادرة على الوصول إلى تايوان، واليابان. وعلى الرغم من تفوق أنظمة الأسلحة الصاروخية الأميركية على نظيرتها الصينية إلا أن إعلان الصين عن وجود هذه الصواريخ وفر في واشنطن ذخيرة مناسبة للتحذير من خطر التسلح الصيني وخصوصاً وسط المحافل التي تسعى إلى العمل على تحييد القوة العسكرية الصينية وقدراتها. وفي ظل هذه الظروف أصبحت إمكانية التنافس العسكري الأميركي ضد الصين هدفاً واعداً بشكل ما في المؤسسة العسكرية الأميركية. ويبدو أن هذه التحركات بدأت تلقى تأييداً لدى أوساط شعبية معادية للصين في أعقاب رفع أسعار البنزين التي عزاها كثيرون إلى زيادة استيراد الصين للنفط، وفي أعقاب انخفاض عدد الوظائف، والأعمال الأميركية المرتبطة بالصناعات الصينية التي تمتاز برخص الأيدي العاملة، وفي أعقاب الجهود الصينية لشراء شركة النفط (أونوكال).
\r\n
\r\n
\r\n
عامل النفط
\r\n
\r\n
إن مجمل هذه الظروف بدأت تشير إلى وجود فرصة أميركية تستأنف من خلالها الولايات المتحدة نشاطها لكبح قوة الصين. ولا شك أن محاولة شراء (أونوكال) إضافة إلى محاولات الصين ضمان النفط والغاز في العالم يكشف عما هو أعمق يتمثل في: الاعتراف المتزايد بأن الولايات المتحدة والصين أصبحتا في ساحة ملعب التنافس على كسب السيطرة على بقية نفط العالم. فقبل عشر سنوات فقط لم تكن الصين تستهلك في عام 1994 سوى نسبة 5% من الشبكة الاستهلاكية النفطية في العالم، وكانت تنتج عملياً كل النفط الذي تستهلكه. وإذا كان الصين في ذلك الوقت تحتل المرتبة الرابعة بين دول العالم في استهلاك النفط بعد الولايات المتحدة واليابان وروسيا، إلا أن استخدامها اليومي من النفط وهو 3 ملايين برميل لا يمثل سوى أقل من (خُمس) ما تستهلكه الولايات المتحدة بمعدل يومي. لكن الصين الآن قفزت إلى المرتبة الثانية وزاد استهلاكها عما استهلكته اليابان في عام 2003 وأصبح استهلاكها الذي يبلغ الآن يومياً 6 ملايين برميل يعادل ثلث ما تستهلكه الولايات المتحدة. ومع ذلك، بقي مستوى إنتاج النفط الصيني المحلي بنفس نسبته في هذه الفترة، وهذا ما يدفعها الآن إلى استيراد نصف حاجاتها النفطية الإجمالية. ونظراً للتصاعد الذي يطرأ على النمو الاقتصادي الصيني، فإن الحاجة إلى استيراد النفط من الخارج ستزداد كثيراً في السنوات المقبلة. وتقول تقارير وزارة الطاقة الأميركية إن حاجة النفط الاستهلاكية للصين من المتوقع أن تبلغ 12 مليون برميل يومياً في عام 2020 تسعة ملايين برميل منها سيتم استيرادها من الخارج. وبما أن الولايات المتحدة ستحتاج هي أيضاً إلى المزيد من استيراد النفط وسيزداد استهلاكها ليبلغ 16 مليون برميل يومياً في عام 2020، فإن الساحة العالمية ستشهد صراعاً حاداً ومكثفاً من أجل السيطرة على مصادر النفط، خصوصاً وأن العالم لم يضع بعد بديلاً لطاقة النفط. وعلى الرغم من اعتقاد وزارة الطاقة بأن النفط سيتوفر لكفاية الجميع حتى عام 2020، إلا أن خبراء نفط آخرين يعتقدون أن إنتاج العالم الآن وهو 84 مليون برميل يومياً سيشهد انخفاضاً لأن النفط يتناقص من باطن الأرض، وأن مصادره قد لا تتمكن من تزويد العالم بشكل منتظم حتى عام 2020 ب 111 مليون برميل نفط يومياً أو بشكل مضمون، وبدأت الإدارة الأميركية تشعر بالقلق الآن من الجهود الصينية التي تبذل من أجل حصول الصين على المزيد من النفط من إيران والسودان مقابل إعطاء البلدين أسلحة ومساعدات عسكرية تهدد ميزان القوى الحيوي للمصالح الأميركية في تلك المناطق. ومن الواضح أن مسألة النفط عند الصين أصبحت تتحول الآن من مسألة تجارية إلى مسألة أمن قومي على غرار الولايات المتحدة وسياسة القوة العسكرية التي تتبعها في المحافظة على مصالحها النفظية. وهذا ما جعل وزارة الدفاع الأميركية تقول في تقريرها السنوي للعام 2005 إن «الصين أصبحت ثاني أكبر دولة مستهلكة للنفط وثالث أكبر دولة تستورده منذ عام 2003، وهذا ما سوف يدفع الصين إلى انتهاج سياسة اقتصادية وعسكرية مناسبة لتأمين حاجياتها».
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.