فقد حصل محمد البرادعي ,المدير العام لوكالة الطاقة الذرية ,على جائزة نوبل للسلام. بالطبع ، فقد سطع نجم البرادعي خلال السنوات الثلاث الأخيرة وذلك بسبب رفضه للادعاءات الأميركية بخصوص أسلحة الدمار الشامل العراقية. وبلا شك فقد ساعدت المشاعر المناهضة للولايات المتحدة على دفع القائمين على جائزة نوبل لمنح تلك الجائزة للبرادعي. ولكن اللجنة قررت أيضا منح الجائزة للوكالة كمؤسسة ؛ وفي ذلك مصادقة على التفويض الرسمي للوكالة للقيام بتعزيز سلامة وتأمين التكنولوجيا النووية السلمية. \r\n وعلى جانب آخر فقد تم منح جائزة نوبل في الاقتصاد إلى كل من توماس شيلينغ وروبرت اومان حيث قاما بتطوير (نظرية اللعبة)التي هي عبارة عن مقاربة حسابية لتوضيح الخيارات التي تواجه الأفراد والأمم ، وطبقوها في مواقف مختلفة ومن أهمها استخدام أو عدم استخدام الأسلحة النووية. \r\n ولا ريب أن الكثيرين يتوقون إلى اليوم الذي تختفي فيه القنبلة الذرية من الوجود ، ولكن اصحاب النظرة الحكيمة يتفقون على أن افضل شيء يمكن فعله هو نظام منطقي للتحكم النووي.وبالنسبة للسلاح النووي ، فإن المنطق يتزايد ويتضخم وينتشر , ويبدو أن الولاياتالمتحدة كتب عليها الفشل في مساعيها لثني كوريا الشمالية وإيران سلميا عن الاستمرار في برامجهما النووية , ومن المعتقد أيضا ان بعض الدول تطور برامج سرية ، وحجتهم في ذلك لم لا؟ فباكستان ، مثلا ، تنال احترام وتقدير العالم بسبب امتلاكها تلك الترسانة النووية. \r\n بيد أن ثمة عوامل أربعة أخرى ، إضافة إلى القوة العسكرية , تتلاقى باتجاه دفع كوكبنا نحو اتجاه نووي اكثر بدل الاستمرار في الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية. أول هذه العوامل وأكثرها وضوحا هو الارتفاع الهائل لأسعار النفط والذي يغضب الدول الغنية ويزيد من فقر الدول الفقيرة. والعامل الثاني هو قلق الدول من نقطة ضعفها الاستراتيجي بسبب تدفق معظم انتاج النفط من منطقة الخليج المنكوبة بالحرب. وثالثا خوف دول عديدة من ضخ أموال اكثر لشراء النفط من المنطقة ومن ثم ضخ مزيد من الاموال في جيوب المتشددين. والعامل الأخير هو الفكرة السائدة التي تقول أن الاحتباس الحراري يتصل مباشرة بزيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. \r\n وكل تلك العوامل ترجح كفة عودة استخدام الطاقة النووية بكثرة ، فالصين تخطط لبناء حوالي 60 منشأة نووية ، ودعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس خلال الشهر الماضي في نيويورك إلى زيادة استخدام الطاقة النووية. وفي مثال نادر على تصريح ايجابي لمسئول اميركي حول فرنسا نوهت رايس بأن الفرنسيين يحصلون على 80% من الكهرباء من الطاقة النووية فيما نصيب أميركا 20% فقط. \r\n وإضافة إلى ذلك فقد حث رئيس الوزراء البريطاني توني بلير مواطنيه على التحلي بنظرة منفتحة حول الطاقة النووية وذلك بعد ان ازدادت شكوك بلير حول الجدوى السياسية لحدود انبعاث ثاني أكسيد الكربون والتي تم الاتفاق عليها خلال معاهدة كيوتو والتي تنتهي بحلول عام 2012. بالتالي تمثل الطاقة النووية بالنسبة له (طريقا ثالثا) بين الحد الاقصى غير العملي وناتج ثاني اكسيد الكربون غير المحدود. \r\n ومع هذا ، ثمة عروة وثقى بين الطاقة النووية والأسلحة النووية ينبغي فصمها , ذلك أن الطاقة النووية هي بمثابة مارد يمكن استخدام سحره للخير أو للشر , الأمر الذي يجعلنا نقول أن القوة النووية مقدر لها أن تكون واعدة في المستقبل ومثيرة للمشاكل. \r\n وبعد ، لقد خرج المارد من القمقم. وهكذا إذا كنا نجد بعضا من أذكى عقول العالم يجزون على جهودهم لتسخيره الى ما فيه الخير ، فإن هناك عقولا أخرى ذكية أيضا لكنها مخيفة لا تفتأ تحرص على إطلاقه لاستخدامه من أجل الشر القاتل. \r\n جيمس بينكرتون \r\n كاتب عمود في صحيفة نيوزداي الأميركية \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست خاص بالوطن