ويعتمد جزء كبير من جماهيرية بوش على سمعته كقائد قوي وحاسم. لكن عجز الإدارة عن الاستجابة بشكل فعال لكارثة طبيعية غير مسبوقة في تاريخ أميركا الحديث يثير تساؤلات كثيرة حول هذه المواصفات، ولقد بدأت آثار هذه التساؤلات تظهر بشكل ملموس. \r\n \r\n \r\n وقبل التركيز على فشل الحكومة، لابد من وضع الإعصار كاترينا في السياق الصحيح. تساءل البعض باستهجان كيف يمكن لاستجابة الحكومة الفيدرالية لهذه الكارثة التي ضربت ساحلنا الشرقي ان تبدو أبطأ بكثير وأقل فاعلية بكثير من المساعدة الأميركية لضحايا تسونامي في آسيا العام الماضي. \r\n \r\n \r\n هذه المقارنة غير منصفة. إذا بدت الاستجابة لكارثة تسونامي التي قتلت 200 ألف شخص في 12 بلداً أسرع وأكثر فعالية، فإن هذا يعود جزئياً لحقيقة ان الصحافة الغربية لم تصل إلى هناك إلا مع وصول الوحدات العسكرية الأميركية وكان حضورها محصوراً في المناطق التي تلقت فعلياً المساعدات الأميركية. لكن الوضع كان مختلفاً تماماً في نيو أورليانز. \r\n \r\n \r\n وبالإضافة إلى ذلك، فإن أمواج تسونامي العاتية نشأت عن زلزال وضربت السواحل دون سابق إنذار، وفي المقابل فإن الاستعداد لكاترينا طيلة أيام بينما كانت العاصفة آخذة بالتعاظم في خليج المكسيك قد منح المسؤولين المحليين المزيد من الوقت لتنظيم إخلاء المنطقة . \r\n \r\n \r\n وفي الوقت ذاته ضمن وصول المراسلين الصحافيين إلى الموقع لتغطية الحدث قبل ان تتاح الفرصة للقوات المسلحة ان تستجيب لهذه الأزمة المفاجئة، ولقد بدأت التغطية الإعلامية المباشرة لمجريات الأمور في لويزيانا وميسيسيبي قبل جهود الإغاثة الفيدرالية وقدم هذا صورة أوضح بكثير عن المأساة الإنسانية وحجم الدمار المروع هناك. \r\n \r\n \r\n لكن بغض النظر عن هذه المقارنات الجائرة، فإن ما لا شك فيه ان الإعصار كاترينا والاستجابة الفيدرالية المتأخرة قد أضيفا إلى قائمة المتاعب السياسية المتزايدة للرئيس بوش. \r\n \r\n \r\n أولاً: إن الأمر استغرق من بوش عدة أيام حتى قدّر خطورة وحجم كارثة الساحل الشرقي، ولقد أعادت الاستجابة السياسية البطيئة من جانب الرئيس للأذهان صورة ارتباكه وشلله في الساعات الأولى بعد هجمات 11 سبتمبر. \r\n \r\n \r\n وهناك ظلم في الانتقادات لردة فعل الرئيس الأولى لكارثة سبتمبر. فالهجمات وقعت دون سابق إنذار والهجوم على واشنطن شكل تهديداً محتملاً للرئيس نفسه. لكن قرار بوش البقاء في عطلة طيلة يومين كاملين بعد وصول كاترينا إلى شواطئنا كان خطأ واضحاً. \r\n \r\n \r\n وضاعف بوش خطأه هذا بمزج ردة فعله العلنية إزاء الإعصار بتعليقات عن الدستور العراقي وتقديرات متفائلة مبتهجة عن التقدم الذي يحرزه الجنود الأميركيون في العراق. \r\n \r\n \r\n وإضافة إلى ذلك، فإن جولة الرئيس التي رتب لها على عجالة في لويزيانا جاءت في توقيت سيء، لأنها كانت متأخرة لدرجة لم تظهر استجابة سريعة للأزمة ومبكرة لدرجة لم تتح له الاستفادة من التغطية الإعلامية لجهود الإنقاذ الكبيرة التي بدأت بعد يومين من الزيارة، ويعتقد الكثيرون في فريق بوش ان زيارة الرئيس لموقع مركز التجارة العالمي بعد 3 أيام من 11 سبتمبر كانت أفضل ساعة تألق له في رئاسته. لكن عدم استطاعة الرئيس (لأسباب أمنية) التوجه مباشرة إلى موقع المأساة الإنسانية التي خلفها كاترينا، في مركز مؤتمرات نيو أورليانز (سوبر دوم) عزلت بوش عن أولئك الذين كانوا في أمس الحاجة للقيادة الحكومية. \r\n \r\n \r\n وتتضاعف الأضرار السياسية بحقيقة ان الإعصار كاترينا كان أول اختبار علني لأداء وزارة الأمن الداخلي، وهي الوكالة الفيدرالية غير المجربة والمكلفة الآن الإشراف على الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ «فيما». \r\n \r\n \r\n ولقد عرّت كارثة إعصار كاترينا وزارة الأمن الداخلي بوصفها بيتاً يعاني من متاهات بيروقراطية وانقسامات داخلية فضلاً عن سوء التنسيق بين الدوائر المختلفة وصراعات النفوذ بين الكوادر من العسكريين السابقين والبيروقراطيين السابقين لوكالة إدارة الطوارئ الذين يشغلون العديد من مناصبها القيادية. \r\n \r\n \r\n ولقد اتهمت كاثلين بلانكو، حاكمة ولاية لويزيانا، وكالة «فيما» بالتدخل في إيصال إمدادات الإغاثة وعبرت عن استيائها الشديد بالإعلان عن استعانتها بخدمات جيمس لي ويت، مدير «فيما» في عهد كلينتون، ليقدم لها النصائح حول جهود الإنقاذ والتعامل مع الأزمة. \r\n \r\n \r\n كما ان أداء مسؤولي وزارة الأمن الداخلي و«فيما» كان رديئاً خلال مقابلاتهم مع الصحافيين الذين غدوا شرسين على غير عادتهم، وبدا مايكل براون مدير «فيما» وآخرون غيره في موقع الدفاع، أحياناً، غير مؤهلين بينما راحوا يلقون بالمسؤولية في تأخر استجابة الطواريء على حكومة الولاية والحكومات المحلية. وحتى على بعض ضحايا الكارثة الذين لم يرغبوا أو لم يستطيعوا الجلاء عن المنطقة قبل ان يضربها الإعصار. \r\n \r\n \r\n ومن المرجح ان تتزايد الدعوات المطالبة باستقالة براون «قدم استقالته لاحقاً» وأيضاً باستقالة وزير الأمن الداخلي مايكل شيرتوف خلال الأشهر المقبلة، خاصة مطالبة الرئيس السابق بيل كلينتون ومجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ بإنشاء «لجنة كاترينا» للتحقيق في مواضع التقصير الحكومي على غرار لجنة 11 سبتمبر. \r\n \r\n \r\n وسواء شكلت مثل هذه اللجنة أم لم تشكل فان الانتقادات لتعامل إدارة بوش مع الأزمة ستتعاظم في الكونغرس، أولاً ان حوالي 30 الى 40 بالمئة من وحدات الحرس الوطني لولايتي ميسيسيبي ولويزيانا موجودة الآن في العراق. وفي جلسة الكونغرس الاستثنائية، رسم بعض الأعضاء مقارنات صريحة بين الحرب في العراق وانعدام الأمن في شوارع نيو أورليانز. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس انجلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص ل «البيان» \r\n \r\n \r\n