ورغم الشعبية المنحدرة للحرب –وعلى معدلات تأييد بوش– فإن قيادات الديمقراطيين، وبخاصة نخبة الحزب في مجلس الشيوخ، يرفضون حتى الآن تأييد محادثات الانسحاب، مفضلين بدلا من ذلك مهاجمة الرئيس بسبب المسائل التكتيكية بدلا من مهاجمة الحرب نفسها. \r\n \r\n لكن تحفظهم –والذي أثاره بلا شك خوفهم من أن يتم تصويرهم ك\"متساهلين مع الإرهاب\"، والذاكرة الخاصة بحرب فيتنام الكارثية وفترة الانقسامات حولها بين الصقور والحمائم في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن العشرين– هذا التحفظ يبدو ضعيفا بشكل متزايد في الوقت الذي تتطوع فيه قواعد الحزب في حركة جديدة وجادة مناهضة للحرب، والتي بدأت بسبب إحدى الأمهات التي سقط ابنها قتيلا في الحرب، وفي الوقت الذي بدأ فيه رموز الجمهوريين أنفسهم إظهار رغبة متزايدة في التساؤل حول جدوى الحرب. \r\n \r\n وقد صرح السيناتور الجمهوري تشك هاجل، أحد المحاربين القدامى في حرب فيتنام وأحد الحاصلين على الأوسمة الرفيعة، كما أن له طموحات رئاسية، في أحد البرامج الوطنية للشئون العامة يوم الأحد قائلا: \"ينبغي علينا اكتشاف كيف يمكننا الخروج من هناك\". \r\n \r\n وأضاف مقارنا الصراع الحالي بحرب فيتنام: \"أعتقد أن تورطنا (في العراق) قد تسبب في عدم استقرار الشرق الأوسط، وكلما مكثنا هناك مدة أطول فأعتقد أن عدم الاستقرار سوف يزداد\". \r\n \r\n وتابع قائلا: \"ما أعتقده هو أن البيت الأبيض لم يفهم بعد –وكذلك بعض زملائي– أن السد قد تحطم على هذه السياسة، وكلما مكثنا هناك مدة أطول كلما زادت وتجمعت التشابهات (مع حرب فيتنام)\". \r\n \r\n وقد جاءت تعليقات هاجل في الوقت الذي أظهر فيه عدد كبير من استطلاعات الرأي أن الرأي العام ضد الحرب قد اشتد خلال الصيف، كما هبطت معدلات تأييد بوش إلى أقل مستوياتها على الإطلاق –بين 36 بالمائة و40 بالمائة– وسط إشارات قوية بأن أداءه في موضوع العراق هو المسئول الرئيسي. \r\n \r\n كما توصلت مؤخرا استطلاعات رأي أخرى أن الأغلبية ترى الآن أن قرار الحرب خطا وأنهم يفضلون إما انسحابا فوريا أو متدرجا. \r\n \r\n وبينما يمكن أن يعتقد المرء أن قلق هاجل الشعبي وأرقام بوش الهابطة –وكذلك ذلك الانتصار المفاجئ القريب الذي أحرزه أحد المحاربين القدماء والمناهض بقوة لحرب العراق في انتخابات حدثت مؤخرا في إحدى مقاطعات أوهايو والمؤيدة بقوة للجمهوريين في الكونجرس– يمكن أن يعطي الديمقراطيين الثقة السياسية لتأسيس موقف يكون أكثر هجوما على الحرب التي لم تصبح بعد هي القضية الأساسية. \r\n \r\n وفي الوقت الذي صوت فيه حوالي نصف مؤتمر الحزب الديمقراطي في مجلس النواب –وهو المجلس الذي يُعتبر أقرب إلى القواعد– في مايو لصالح مطالبة الرئيس بإعداد إستراتيجية للخروج من العراق، فإن قادة الحزب في مجلس الشيوخ رفضوا حتى عرض هذه المبادرة. \r\n \r\n وحتى الآن فإن واحدا فقط من المرشحين المحتملين لمنصب الرئاسة في 2008، وهو السيناتور رسل فينجولد، هو الذي طالب بانسحاب كامل بحلول الأول من يناير 2007، رغم أنه أكد في مقابلة تليفزيونية يوم الأحد أن هذا التوقيت يجب أن يكون \"هدفا\" وليس \"موعدا نهائيا\". \r\n \r\n وعلى الجانب الآخر فإن خمسة من أبرز قادة الحزب –وهم مرشح الرئاسة في 2004 السيناتور جون كيري، وزعيم الأقلية السيناتور هاري ريد، والسيناتور جوزيف بايدن، والسيناتور إيفان بَيْه، والسيناتور هيلاري كلينتون– لم يعارضوا فقط تحديد موعد للانسحاب، ولكنهم أيضا أيدوا في مرات عدة زيادة أعداد القوات في العراق زيادة كبيرة، وكذلك حجم الجيش الأمريكي وقوات البحرية. ويعتبر الحزب الأعضاء الثلاثة (جوزيف بايدن، وإيفان بيه، وهيلاري كلينتون) مرشحين أقوياء للرئاسة. \r\n \r\n وقد أشارت هيلاري كلينتون، والتي رفض زوجها الرئيس السابق أيضا انتقاد الحرب علانية، في فبراير الماضي إلى أنه \"إذا قمنا بتعيين تاريخ نهائي غير حقيقي، فإن هذا يشبه إعطاء ضوء أخضر للإرهابيين، ولا يمكننا أن نتحمل هذا\". \r\n \r\n أما السيناتور بايدن، والذي يمثل المتحدث الرئيسي باسم الديمقراطيين فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية بصفته عضوا في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، فقد حذر سابقا هذا الصيف قائلا: \"نحن لا نستطيع تحمل الخسارة\". وحتى هاوارد دين رئيس الحزب، والمرشح السابق المناهض للحرب، قد التزم الصمت في هذه المسألة. \r\n \r\n وعلى عكس فينجولد صوّت كل القادة الديمقراطيين الخمسة في أكتوبر 2002 لإعطاء بوش التفويض للقيام بالحرب، وهي حقيقة ربما تجعل الأمر أكثر صعوبة لهم أن يقوموا بالدعوة إلى الانسحاب، وإلا اتهمهم الجمهوريون، كما اتهموا كيري في حملة عام 2004، ب\"تغيير المواقف\" في أحد القضايا الحيوية الخاصة بالأمن القومي. \r\n \r\n والديمقراطيين يطاردهم أيضا ما حدث للحزب في فترة حرب فيتنام عندما أدى انقسام بين الصقور والحمائم إلى تمهيد الطريق لانتصار ريتشارد نيكسون في عام 1968 وانتصاره الساحق على جورج ماكجفرن عام 1972؛ حيث قام الجمهوريون تكرارا بالسخرية الشديدة من موقف ماكجفرن الصريح والمناهض للحرب، حتى أنهم وصفوا الديمقراطيين ب\"اللين\" فيما يتعلق بالأمن القومي. \r\n \r\n وفي الحقيقة أن العديد من كبار المستشارين الديمقراطيين، ومن بينهم الداهية مايكل ماكيري المسئول السابق عن اتصالات الرئيس كلينتون، يصرون على أن الديمقراطيين ينبغي أن يكونوا حذرين للغاية في انتقاد الرئيس بوش. \r\n \r\n وقد صرح ماكيري لصحيفة واشنطن بوست هذا الأسبوع قائلا: \"إنها نقطة تُحسب للديمقراطيين ألا يحاولوا صب البنزين على النار، حتى إذا لم يكونوا بشكل خاص متحدين في رسالتهم. فأذكى ما يمكن أن يقوم به الديمقراطيون هو أن يكونوا مؤيدين\". \r\n \r\n ويتسق موقف ماكيري أيضا مع كثير من أفراد مؤسسة السياسة الخارجية للحزب، مثل السفير السابق للأمم المتحدة ريتشارد هولبروك، ووزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت، كما يتسق مع موقف مستشارين كبارا في مؤسسات التفكير مثل مؤسسة بروكينجز. \r\n \r\n وكما أشار آري بيرمان في مقاله في مجلة ذي نيشن (الأمة) فإن هذه \"الطبقة الإستراتيجية\" يسيطر عليها \"ديمقراطيو الأمن القومي\" الذين أيدوا بوجه عام الحرب في العراق في الوقت الذي انتقدوا فيه بوش لاتخاذه هذا الموقف الأحادي. \r\n \r\n ومع هذا فإن رفض قيادات الجمهوريين في نفس الوقت لإعادة تقييم موقفهم يثير إحباطا متزايدا، وحتى غضبا، بين كل من قواعد الديمقراطيين الذين شجعتهم استطلاعات الرأي وكذلك الطريقة التي وضعت بها سيندي شيهان –الأم التي فقدت ابنها الذي كان ينتمي إلى البحرية الأمريكية، والتي عسكرت معظم الشهر خارج مزرعة بوش في كروفورد بتكساس– الرئيس في وضع دفاعي، وبين بعض القيادات البارزة غير المنتخبة والممولين. \r\n \r\n وفي الحقيقة أن السيناتور السابق جاري هارت، والذي كان مسئولا في الأمن القومي لفترة طويلا، والذي أخرجه عن ترشحه للرئاسة الذي كان متقدما فيه في عام 1988 علاقة خارج الزواج، قد وجه اتهاما في أحد أعمدة الواشنطن بوست يوم الأربعاء تحت عنوان \"من سيقول: 'هذا يكفي‘\" بأن قيادات الديمقراطيين كانوا \"جبناء\" لبقائهم صامتين أمام ما أسماه \"أزمة أخلاقية\". \r\n \r\n وقد كتب في مقاله يقول: \"لا أحد من الديمقراطيين، وخاصة من يصمت الآن، ينبغي أن يتوقع انتخابا بشكل افتراضي\"، وأضاف: \"فثقة الشعب يجب أن يتم اكتسابها، والحديث بوضوح ونزاهة وفاعلية الآن عن الفوضى في العراق هو مكان البداية\"، وقد وقف بهذا متحديا قيادات الديمقراطيين الذين ساندوا الحرب أن يقول أحد منهم: \"لقد ارتكبت خطأً\". \r\n \r\n هذه هي رسالة جناح النشطاء في الحزب، وهو الجناح الذي يشعر بالقلق من أن الناخبين الذين تحرروا من الوهم سوف يعاقبون الديمقراطيين على ترك زمام المبادرة لبوش أملا في أن كل هذا سوف يتدهور\". \r\n \r\n وفي حوار مع لوس أنجلوس تايمز قال إلي باريسر، المدير الإداري للجنة موف أون (التحرك) وهي إحدى لجان الفعاليات السياسية: \"يمكنك أن تلعب لعبة ترك بوش يجادل نفسه لمدة طويلة، وبالمعنى السياسي فإن ترك بوش على المسرح وحده يمكن أن يساعد، ولكن فيما يتعلق بحل هذه المشكلة بالفعل أرى أن هذا لا يُجدي\".