فبعد رد الفعل الفاتر على تلك المجزرة بدأت وزارة الخارجية الاميركية اخيرا بالمطالبة والدعوة لاجراء اصلاحات سياسية في البلاد‚ من قبل كانت الولاياتالمتحدة بحاجة الى قواعد عسكرية‚ كما ان ال «سي‚آي‚ايه» بحاجة الى جهة تتولى دور «تطرية» المشتبه بهم حيث ترسلهم الى طشقند التي لا تعير حقوق الانسان او القوانين أية اهمية تذكر‚ \r\n \r\n يجب على اي شخص ألا ينخدع بادعاءات كريموف بأن المتظاهرين متطرفون اسلاميون يخططون لبدء انتفاضة في البلاد‚ المتظاهرون في انديجان رفعوا نفس الشعارات واستخدموا نفس التكتيكات التي نجحت عبر الحدود وهي اشياء كان من المفترض ان تدخل السرور الى قلب الولاياتالمتحدة‚ \r\n \r\n \r\n قبل ايام وقف الرئيس الاميركي جورج بوش في تبليسي عاصمة جورجيا ليمتدح شجاعة المتظاهرين الذين اطاحوا بالنظام الاستبدادي السابق في بلادهم‚ \r\n \r\n نعم هناك متطرفون اسلاميون في انديجان ولكن كما يقول الخبراء المختصون بشؤون آسيا الوسطى هم نتاج للغضب العميق في المنطقة تجاه القمع الذي يمارس والفقر والبؤس الذي ينتشر والفساد الذي ينخر النظام من قاعدته الى قمته وعمليات الاقصاء السياسي بحيث لا يكون هناك اي دور لأي مجموعة سوى للرئيس والشلة المحيطة به‚ \r\n \r\n انديجان هي احدى المدن الرئيسية في وادي فرغانة الذي يشكل 5% من مساحة المنطقة ولكنه يحتوي في نفس الوقت على 20% من اجمالي السكان‚ \r\n \r\n اقدم السوفيات على تقسيم وادي فرغانة بين دول ثلاث هي طاجيكستان وأوزباكستان وقيرغستان ويعود السبب في ذلك الى تحول ذلك الوادي الى قلعة لمقاومة الحكم السوفياتي‚ وعندما ظهرت بوادر انهيار الاتحاد السوفياتي في الثمانينيات تصاعدت نسب البطالة وانتعشت الانشطة الوطنية والقومية وبدأ سكان الوادي يفتخرون بتاريخهم الاسلامي‚ وفي بعض الاحيان أدت هذه الانشطة الى حدوث صدامات مع الدولة او بين جماعات عرقية والمئات قتلوا في الصدامات التي حدثت في 1989 وفي 1990 في بعض أجزاء وادي فرغانة في أوزباكستان وقيرغستان‚ \r\n \r\n وبعد اعلان أوزباكستان استقلالها عام 1991 سيطرت حركة اسلامية تسمى «العدالة» على اجزاء من اقليم نامنفان في الشمال الشرقي لفرغانة ليس بعيدا عن انديجان‚ وبعد ان اقدم المقاتلون على احتلال بعض الابنية اقدمت الحكومة على سحقهم واعتقال الكثير منهم وفر الباقي الى طاجيكستان وأفغانستان حيث شكلوا هناك «الحركة الاسلامية لأوزباكستان» وتحالفوا مع «القاعدة» وطالبان‚ \r\n \r\n هذه الحركة تلاشت تحت الضربات العسكرية الاميركية بعد العمليات التي شنت عقب هجمات 11 سبتمبر‚ ولكن ابادة الجماعة لم تؤد الى انهاء المقاومة وبدأت السلطات الرسمية في طشقند باتخاذ اجراءات قمعية قاسية ضد حرية العبادة الدينية وخاصة المسلمين‚ وأي تعبير عن الايمان خارج السيطرة الحكومية كان يقمع وبوحشية على الفور وكان يتم استخدام التعذيب بشكل روتيني حيث سلق احد المقاتلين المسلمين حتى الموت كجزء من عملية «التحقيق»‚ وعندما احتجت والدته على ذلك تم اعتقالها‚ \r\n \r\n التطورات الاقتصادية في انديجان دفعت طشقند لتشعر بالقلق حيث نمت التجارة عبر الحدود مما هدد بخلق مجتمع مستقل الى حد ما‚ وأوزباكستان رفضت العروض التي تقدم بها جيرانها لتسهيل التجارة عبر الحدود وعمدت بدل ذلك الى زرع الالغام على طول الحدود مما تسبب بمقتل الكثير من المدنيين‚ \r\n \r\n في هذا العام فرضت حكومة كريموف المزيد من القيود على التجارة مما ادى الى تراجع دخل تجار الجملة والمفرق الذين لم يستطيعوا التكيف مع القوانين والانظمة الظالمة‚ وأقدمت الشرطة على اعتقال 23 من صغار التجار الناجحين واتهمتهم بالانضمام للجماعات الاسلامية المحلية وهو اتهام لا يوجد اي أدلة تدعمه‚ السكان المحليون يعتقدون ان سبب اعتقالهم هو انهم اصبحوا اغنياء الى حد ما وبالتالي اصبحوا مستقلين عن الحكومة وخدماتها‚ كانت محاكمتهم هي القشة التي قصمت ظهر البعير واثارت الجماهير ودفعتها للتظاهر‚ \r\n \r\n في النهاية يمكن القول ان المسؤولين عن تفجير الازمة هم الحكومة الاوزبكية وقواتها الامنية المدربة اميركيا التي استخدمت القوة المفرطة والعنف اللا محدود في ذبح متظاهرين مدنيين غير مسلمين‚ \r\n \r\n واذا أرادت واشنطن ألا تعطي الانطباع لشعوب آسيا الوسطى بأن القمع هو الوجه الحقيقي للحرب على الارهاب فانه يتوجب عليها ان تستنكر القمع وتضغط من اجل احداث اصلاحات سياسية وتوقف عمليات «التطرية» في هذا البلد وتطالب بالسماح لجماعات حقوق الانسان الدولية بالعمل في هذا البلد‚ \r\n \r\n ان فتح الحدود وفتح الاقتصاديات وفتح المجتمعات سيوفر الامن الحقيقي بدل الاعتماد على الدكتاتوريين‚ \r\n