الشيشان بلد صغير بعيد عن موسكو ولا بد ان زوار موسكو كان لديهم قضايا يعتبرونها اكثر اهمية‚ وبالتالي تستحق اهتماما‚ لقد ساهمت حرب الشيشان في التسبب في اهتراء الديمقراطية في روسيا في الوقت الذي لم يحقق فيه بوتين اي تقدم في هذه الحرب سواء في تحقيق نصر عسكري أو حل سياسي‚ \r\n \r\n في 8 مارس تمكنت القوات الروسية من قتل الزعيم الشيشاني اصلان مسخادوف وهلل بوتين للحدث ووصفه بأنه نقطة تحول في الطريق الى النصر‚ \r\n \r\n والحقيقة ان موت مسخادوف سيجعل قضية انهاء الحرب امرا اصعب‚ ويعتقد الكثير من الروس ان المتشددين في الكرملين استهدفوا مسخادوف من اجل وأد أي فرصة لاجراء مفاوضات سلام‚ \r\n \r\n وجاء مقتل مسخادوف بعد شهر من قيام ممثله في لندن بمقابلة لجنة أمهات الجنود وهي جماعة مدنية روسية ألزمت نفسها بالعمل على جلب السلام الى الشيشان‚ \r\n \r\n وقبل وقت قصير من مقتله اعاد مسخادوف تجديد دعوته لوقف اطلاق النار واجراء مفاوضات سلام مع بوتين تهدف الى منح الشيشان حكما ذاتيا ضمن الفيدرالية الروسية‚ \r\n \r\n هذه الدعوة تحدت المقولة الروسية بأن المقاومة الشيشانية تفتقر الى اصحاب التعقل ولا تضم في صفوفها سوى ارهابيين عازمين على المضي قدما في حربهم من اجل تحقيق الاستقلال التام‚ \r\n \r\n لقد كان مسخادوف صوتا قياديا مناديا بالحلول الوسط وبموته ربما يميل ميزان القوى لصالح الاسلاميين الشيشانيين الذين ألزموا انفسهم بالاستمرار بالحرب‚ ويأتي على رأس هؤلاء شامل باسييف‚ \r\n \r\n ان موسكو بحاجة الى تغيير طريقها‚ لقد ادعى الخبراء الغربيون ان خطة الكرملين لاجراء انتخابات برلمانية في الشيشان هي افضل أمل لتحقيق التقدم‚ولكن هؤلاء المعلقون يتجاهلون الطبيعة الفوضوية لمنطقة شمال القوقاز‚ فالحرب هي جزء والجزء المتمم لها هو وجود سياسة واضحة لدى الكرملين للسعي لتحقيق تسوية سياسية‚ \r\n \r\n يصور بوتين الحرب في الشيشان على انها حرب ضد «الاصولية الاسلامية» و«الارهاب الاسلامي»‚ والحقيقة ان السبب في شن الحرب هو الوطنية الشيشانية ذات الجذور التاريخية العميقة‚وتنامي الفوضى في الشيشان شجع الكرملين على اعادة شن الحرب في عام 1999حيث اتبع الحرب التي بدأت في 1994 بحرب اخرى ضروس مما حول الشيشان الى ساحة للدمار والمآسي على حد سواء تمارس فيها روسيا عمليات خطف المواطنين والتسبب «باختفائهم» اضافة الى عمليات التطهير العرقي‚ \r\n \r\n هذه العمليات تستهدف في معظمها على وجه الخصوص أولئك الشيشانيين الذين ليست لهم علاقة بالقتال وغالبا ما تتم تلك العمليات على يد عملاء لموسكو‚ وليس من المستغرب بالتالي ان تتعالى الدعوات للانتقام من هذه الممارسات اللا إنسانية واللا أخلاقية مما يعطي «الارهابيين» امدادا لا ينتهي من المتطوعين‚ \r\n \r\n لقد ادى قتل مسخادوف الى جعل الامور اصعب بالنسبة للمعتدلين للانضمام للعملية السلمية‚ وتبقى الشيشان أرض بوار اقتصادي اجبرت اكثر من 100 ألف شيشاني على العيش كلاجئين في مناطق اخرى قذرة لاتصلح لعيش الآدميين‚ \r\n \r\n ان اجراء انتخابات ذات معنى يبدو أمرا مستحيلا الا اذا أعيد بناء وترميم المنازل المهدمة وتوفير مصدر رزق لهم وهي أشياء من المستحيل توفيرها في ظروف الحرب السائدة‚وذكرت احدى الصحف الروسية مؤخرا ان روسيا قد حولت العاصمة الشيشانية غروزني الى « ستالينغراد زماننا»‚ كما انه ليس بوسع المقاومة الشيشانية المشاركة في التصويت دون ضمان سلامة قادتها‚ \r\n \r\n ان روسيا لا تكسب الحرب كما انه ليس بمقدورها تحويل السلطة للجماعات المحلية الموالية لها التي ليس بوسعها البقاء على قيد الحياة دون وجود المدافع الروسية‚ وبوسع العملية السلمية التي تساهم بها المقاومة الشيشانية وضع حد للقتال‚ \r\n \r\n ان العنف في الشيشان بدأ ينتشر الى شمال القوقاز حيث يستخدم المتطرفون من أعراق اخرى التكتيكات «الارهابية» لتنفيذ اجنداتهم‚ فظهور شبكات «ارهابية» جديدة والتهديدات التي يمكن ان تشكلها هذه الشبكات لخطوط نقل النفط والغاز بدأت تثير القلق في المنطقة‚ \r\n \r\n وعليه يتوجب على موسكو ان تطلق مبادرات صعبة ذات طبيعة بعيدة المدى قبل ان تقرر اجراء انتخابات عادلة ونزيهة في الشيشان والمساهمة بالتالي في استتباب الاستقرار في المنطقة وما حولها من مناطق اخرى‚ \r\n \r\n ان بوتين بحاجة لاعادة بناء المجتمع والاقتصاد الشيشاني واستعادة الحكومات النشطة في شمال القوقاز ومقاومة الشعور المرضي الكاره للأجانب في المجتمع الروسي والدولة الروسية والسعي للحصول على مساعدة الحكومات الاخرى والمنظمات الدولية لاعادة بناء الشيشان‚ \r\n \r\n ان على موسكو ان تعيد النظر في كامل استراتيجيتها‚وعلى زعماء العالم ان يوضحوا هذا الأمر جيدا لبوتين دون تأخير‚ فهذا في صالح الغرب كما هو في صالح روسيا‚ \r\n