وتؤكد عينات الاستطلاعات المختلفة لآراء الناخبين صحة وجهة النظر هذه وهذا ما تؤكده ايضا السوقان القانونيتان للمراهنات احداهما ولاية ايوا والثانية في ايرلندا وتمنح هذه السوق الاخيرة الاكبر نطاقاً ارجحية فوز بوش في الانتخابات بنسبة 63 بالمئة مقارنة مع اقل من 40 بالمئة لجون كيري. \r\n \r\n \r\n هل تهم نتيجة الانتخابات المقبلة معظم الناس في الخارج وفي اميركا؟ نعم الى حد ما لكن ما يهم اكثر هو ما اذا كانت الهجمات الارهابية ستتصاعد ام ستتراجع، كما يهم اميركا والامم الاخرى كثيرا ما اذا كانت محاولات بناء ديمقراطية فعالة في العراق ستنجح ام ستفشل او ما اذا كانت الولاياتالمتحدة ستبقى عالقة في مستنقع «اللانصر» على غرار ما حدث في حرب فيتنام التي لم تنته الا بانسحاب اميركي احادي مخز. \r\n \r\n \r\n وباعتباري اقتصاديا وسطيا فانني ارى ان الاقتصاد العالمي لن يختلف كثيرا في السنوات 2005 الى 2008 عما هو عليه في الوقت الحاضر وايا كان الفائز في الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولاياتالمتحدة، فان القاطرة الاميركية ستبقى المصدر الاساسي لتحفيز سوق الاتحاد الاوروبي الجديد والاقتصادات النامية على حافة المحيط الهادي في آسيا والمناطق المضطربة في الشرق الاوسط وافريقيا. \r\n \r\n \r\n ولا يدخل في المعادلة الحالية عامل السخاء الاميركي كما حدث في حطة مارشال قبل 50 عاما بل ان التحفيز الاميركي الحالي ناتج في جوهره عن العجز المزمن في ميزان المدفوعات الاميركي، فهذا الاتجاه في العجوزات غير المواتية سوف يستمر لان معدلات الاجور الادنى في الخارج يضاف اليها انتشار الخبرات والمعارف التقنية من البلدان الصناعية المتقدمة الى البلدان النامية، سوف تستمر في اعادة صياغة شكل النموذج المستقبلي للانتاج العالمي، كما فعلت ولاتزال منذ الحرب العالمية الثانية. \r\n \r\n \r\n هل يعني هذا انخفاضا مستقبليا في الدخل الحقيقي للفرد لاميركا التي ينعقد لها لواء الهيمنة؟ على الارجح لا، اذا كررت اتجاهات 1950 2004 نفسها في المستقبل، لكن بدون شك مع ايغال الالفية الجديدة في مسيرتها فسوف يتواصل تراجع الحصة الاميركية من اجمالي الناتج المحلي العالمي، تماما كما تواصل انخفاض حصتنا من اجمالي الناتج الاقتصادي العالمي من 40 بالمئة عام 1948 الى حوالي 20 بالمئة اليوم، وبحلول عام 2030 فان اجمالي مخرجات الاقتصاد الصيني سوف يتجاوز اجمالي مخرجات الاقتصاد الاميركي (وذلك يمكن ان يحدث حتى لو ارتفع معدل الاجور الحقيقي فقط الى نصف ما هو عليه في الولاياتالمتحدة). \r\n \r\n \r\n رئيس الوزراء البريطاني المحافظ الاسبق دزرائيلي تحدث في العصر الفيكتوري عن وجود «وجهين لانجلترا» واحد للاثرياء وذوي النسب الاصيل، والآخر للفقراء والطبقات ذات الدخل المتدني واليوم تواجه اميركا، وغيرها من البلدان خطر حدوث انقسام مشابه، ولايضاح هذه الفكرة، اذكر انني في 1980 كتبت عمودا صحافيا قدرت فيه ان حوالي ثلث التقدم التاريخي في معدل الدخل الحقيقي في اميركا منذ 1950 اتى من التقدم التقني لمنافسينا في الاتحاد الاوروبي والبلدان الاسيوية النامية المطلة على المحيط الهادي فذلك التقدم التقني ادى الى انخفاض اسعار السلع التي نستوردها من الخارج. \r\n \r\n \r\n وردا على ذلك العمود، ارسل لي احد القراء سؤالا مهما: «ماذا فعلت المنافسة الاجنبية الجديدة للاميركيين السود الاقل مهارة؟ وكان جوابي له بكل صراحة: ربما كان تأثير ارتفاع الانتاجية في الاتحاد الاوروبي في المحصلة هو تفاقم مشكلة تدني اجور العمال الاقل مهارة والاقل تعليما في اميركا. \r\n \r\n \r\n الماضي مقدمة للمستقبل ومهما كان اسهام العولمة المستقبلية في رفع اجمالي المداخيل الحقيقية في اميركا واوروبا الغربية، فان تلك المكاسب في حالة الرفاه لن تتقاسمها بالتساوي العائلات الثرية والعائلات متدنية الدخل، والخلاصة ان العولمة سوف تستمر في توسيع هوة التفاوت في معدلات الدخل في العالم المتقدم. \r\n \r\n \r\n وهنا بالتحديد يكمن الفارق اذا فاز المرشح الديمقراطي جون كيري، بعد ان ثبت ان نهج بوش المحافظ لا يتعاطف مع الفقراء فلقد شاهدنا كيف ضمن دعم جماعات الضغط القوية تسريع تطبيق التخفيضات الضريبية المتميزة لصالح الاثرياء، والتي لابد ان تكون على حساب المساعدات الحكومية السابقة للعائلات الريفية وذات الدخل المتدني. \r\n \r\n \r\n ان الاتجاهات السائدة لفترة 1980 2004 في السياسة، في اميركا الشمالية وفي البلدان الاوروبية الصناعية على حد سواء، فشلت في استخدام الاجراءات المالية المصممة جزئيا لموازنة الاعباء التي فرضتها وستفرضها العولمة على الطبقة الكادحة والشريحة غير الماهرة من السكان، وهذه الخلاصة ليست ناتجة عن تفكير متشائم، وانما عن قراءة واقعية للمعطيات. \r\n \r\n \r\n