شبيغل: في كتابك «خطة الهجوم» تتحدث عن «التاريخ السري لحرب العراق».. ما الذي وجدت انه أكثر ما فاجأك؟ \r\n \r\n وودوارد: الديناميكية الداخلية التي كانت وراء هذه العملية. بالطبع ان الرئيس هو الذي يتخذ القرارات، لكن حالما يبدأ التخطيط العسكري حالما تبدأ ال «سي.آي.ايه» بالتفكير بعملياتها السرية، حالما يبدأ دونالد رامسفيلد، وفي هذه الحالة جورج تينيت ايضاً بالتحرك قدماً بطاقته القصوى، يصبح من الصعب وقف الأمر برمته. \r\n \r\n بيغل: هل كانت الحرب حتمية؟ \r\n \r\n وودوارد: لم تتحرك الأمور بسرعة باتجاه الحرب، كما اننا لم نتقدم بإرادتنا نحو الحرب. لقد دُفعنا إليها دفعاً. وإن كنت ترى في الرئيس بوش ذلك النوع من الرجال الذي يقول في مثل هذه الحالات: إننا سنقوم بالأمر.. اننا سنعالجه، لن نسمح لأنفسنا بالمناورة علينا، لن نظهر أي ضعف، ولن نترك أي مجال للشك، فإن ذلك يفسر ما حدث وهذا ما يفاجئني. \r\n \r\n \r\n شبيغل: هل الأمر أشبه بالماكينة التي يصيب وقفها حالما تشتغل؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: نعم، لأن كل أشكال الضغط بدأت تتراكم. العملية في الأممالمتحدة كانت قد بدأت وكان يفترض أن تعطي نتائج، لكن لم يكن واضحاً كم من الوقت ستستغرق وكم من الاتفاقيات يجب التوصل إليها، ثم ظهر احباط بوش مرة ثانية: أريد شيئاً أن يحدث، أريد معالجة هذا الأمر. \r\n \r\n \r\n \r\n شبيغل: فقدان الصبر هو سمته المميزة؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: بالضبط. \r\n \r\n \r\n شبيغل: هل اكتشفت أي دليل على أن الرئيس قد فكر ولو مرة بعدم الذهاب لهذا الغزو؟ \r\n \r\n وودوارد: حين كرر كولن باول وزير الخارجية الأميركي مراراً تحذيره من المخاطر: أياً كان الذي يغزو بلداً فإنه يمتلكه، والملكية أمر معقد. لكن بدلاً من فكرة أخذ استراحة والانتظار والتفكير في الأمر، بدلاً من جمع كل مفردات العملية ومعرفة ما إذا كنا على الطريق الصحيح أم لا، كانوا مقتنعين بأخذ القضية إلى الأممالمتحدة. لا أعرف بأي اجتماع للحكومة، أو أي اجتماع آخر على وجه الخصوص نظروا فيه الاتجاه المعاكس للقضية أو فكروا بالتراجع، أو قالوا لأنفسهم: دعونا نفكر بما يعنيه احتلال بلد وما الذي ستكون عواقب ذلك؟ \r\n \r\n \r\n شبيغل: ما هو الذي تستنتجه من ذلك.. ان إدارة بوش تفتقد للاحساس بالواقع؟ \r\n \r\n وودوارد: لا أعتقد أن هذا كان السبب.. بوش كان يعتقد حقاً بأن صدام حسين كان خطيراً. وفي جو التهديدات بعد 11 سبتمبر لم يكن يريد إظهار أي ضعف. \r\n \r\n \r\n شبيغل: هل تعتقد أن البيت الأبيض والبنتاغون قد أدركا ولو مرة انه سيكون من المستحيل انهاء هذه الحرب؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: كانا يركزان على الجانب العسكري من الأمور، ونجحا في الاطاحة بنظام صدام حسين. \r\n \r\n شبيغل: لكن هذا لم يكن مفاجئاً؟ \r\n \r\n وودوارد: أعرف ذلك.. لم يكن من الواضح تماماً ما الذي ستتم مواجهته، لقد اعتقدوا بأن صدام حسين لديه أسلحة دمار شامل. والعسكريون لم يضعوا جنودهم في وضعية قتالية من أجل المرح، لقد اعتقدوا بأن هناك خطراً. \r\n \r\n \r\n شبيغل: هل عزز صدام هذا الاعتقاد؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: نعم.. لقد ساهم في ذلك. لكن إن كان لديك قناعة عميقة، فإنك ستكون حتماً بالاعتقاد بأنها الحقيقة. \r\n \r\n \r\n شبيغل: هل كان الرئيس سيبدأ هذه الحرب لو عرف قبلها ما يعرفه اليوم؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: هذا هو بالضبط السؤال الذي سألته لاثنين من كبار مسئولي البيت الأبيض مؤخراً، كلاهما اعتقدا أن الرئيس ما كان ليتصرف بطريقة تختلف عما فعل. \r\n \r\n شبيغل: لماذا؟ \r\n \r\n وودوارد: لأنه اعتقد ان عليه أن يقوم بفعل ما. تخيل التقارير الاستخبارية على مكتبه، تقارير هجمات محتملة على الساحل الغربي، تسجيلات لمكالمات هاتفية عن محاولات لبناء قنبلة قذرة. كان يتسلم تقارير من هذا الشكل يومياً. كان مقتنعاً انه قادر على العمل بفاعلية، كما اقتنع ان هذا واجب ملزم. ذلك كان الواقع الذي رآه وأحسه وعرفه. \r\n \r\n \r\n شبيغل: لقد تحدثت مع 75 شخصية كان لها دورها المهم في الحرب على العراق لوضع كتابك.. لماذا وافقوا على التحدث إليك؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: لأني أمضيت عاماً أجمع المعلومات.. لدي مصادري متوسطة ومنخفضة المستوى. توفرت لديّ وثائق ومذكرات وسجلات سرية. ثم أرسلت مذكرة من 21 صفحة للرئيس. قلت فيها إني سأعمل على هذا الكتاب مهما كان الأمر. لكن بالطريقة التي أنظر فيها لعملي، علي أن أجعل الحياد هو سيد الموقف لأضمن وجود آراء المخالفين في الرأي. \r\n \r\n \r\n شبيغل: لو أخذنا بعين الاعتبار الطبيعة السرية التي يعيشها البيت الأبيض، لقلنا انهم كانوا شديدي الانفتاح عليك. \r\n \r\n \r\n وودوارد: لكن كان هناك الكثير من الأخذ والرد. اجتماعات ألغيت أو أجلت. لأكون صادقاً معك، أنا فعلاً ليست لدي فكرة عما كان سيحدث وما لم يكن له أن يحدث. كل ما فعلته هو اني ألزمت نفسي بوضع أجزاء هذا اللغز معاً والعثور على تسلسل القصة. \r\n \r\n \r\n شبيغل: أحد أكثر مصادرك صبراً عليك كان كولن باول، الذي كان يكشف تشككه بين الحين والآخر. لو انه استقال هل كان من الأصعب لبوش أن يذهب لهذه الحرب؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: ذلك يعتمد على المرحلة التي كان له أن يستقيل فيها ولماذا، لكن هذا كان غير متوقع نهائياً من باول. \r\n \r\n \r\n شبيغل: لماذا؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: لانه جندي الجنود قد لا يتفقون مع الأوامر المعطاة لهم، لكن حين يصدر القائد العام أمراً بالهجوم، فهم يهجمون. الجنود لا يقولون اشياء من قبيل: انظر يا ريس لقد أخبرتك أن هذه ليست فكرة جيدة. \r\n \r\n \r\n شبيغل: لقد وصفت بالتفصيل المحادثة الشهيرة بين باول وبوش في 13 يناير 2003 التي سأل فيها الرئيس وزير خارجيته: «هل أنت معي؟» قال باول نعم، ثم تصف حواره الداخلي: سأل نفسه متى وكيف يتخذ بوش قراراته. باول المبتلى دوما بالشكوك، يبدو وأنه استنتج ان الرئيس لم يندم على ما فعله أبداً. هل هو محق في هذا الامر؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: نعم لقد سألت الرئيس عن هذا. كما نقلت عن توني بلير انه يعيش مصاعب حين يتلقى رسائل من يخدم ابناؤهن او ازواجهن في العراق، رسائل تقول له: اكرهك. وقال بلير انك حين تتلقى مثل هذه الرسائل، لا يسعك إلا أن تندم. \r\n \r\n \r\n أخبرت بهذا الرئيس بوش ونحن في المكتب البيضاوي، فوجدته وقد اصبح شديد التوتر وقال متعجباً لا ندم. لا يخالجني أي شعور بالندم. \r\n \r\n \r\n سألت كل الناس اذا ما كانت هناك لحظات من التعكير فيما حدث او اي زعزعة في الثقة بالنفس. كانت الاجابة تتلخص اننا نعيش نهاية الأمر في بحر من الشكوك. \r\n \r\n \r\n شبيغل: ربما كان هذا مفيداً للساسة؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: طبعا. الشك ليس شيئاً. بل يمكنك ان تتعلم منه، وعزمك يمكن ان يتعزز حالما تتخذ قرارك. لكن هذا ليس اسلوب بوش. لم أعثر على اي مصدر يقول انه وجد مرة الرئيس وهو يشعر بلحظة شك. \r\n \r\n \r\n شبيغل: والعراق اليوم هو كتلة من الفوضى. ألم يتغير شيء به. \r\n \r\n \r\n وودوارد: نعم ذلك صحيح، العراق اصبح مستنقعاً. لكن كيف سيكون العراق بعد 5 او 10 سنوات؟ \r\n \r\n \r\n شبيغل: بيل كلينتون يتحدث ايضا عن فترة 5 سنوات. \r\n \r\n \r\n وودوارد: نعم لانه قد يقل الارهاب ويزداد الاستقرار في الشرق الاوسط بعد 5 سنوات من الآن، وديمقراطية من نوع ما وحكومة معترف بها في العراق. حينها سيكتب الناس كتباً عن جورج بوش ويمجدونه باعتباره هاري ترومان العصر. \r\n \r\n \r\n شبيغل: كرجل بطل ومحرر؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: عليك فقط ان تنظر لما حدث لرونالد ريغان. ريغان الذي يمجدونه ليس ريغان الذي كان في البيت الابيض طوال ثماني سنوات. والآن يفترض بنا ان نعتقد انه استطاع فعلا ان يستعيد ايمان الاميركيين بأنفسهم وكأن الاميركيين لم يكونوا مؤمنين بأنفسهم قبل ان يصبح هو رئيساً. يا الهي، هذه هي اميركا التي نتحدث عنها! \r\n \r\n \r\n شبيغل: في كتابك، تتحدث عن كيف وقعت حكومة الحرب برئاسة بوش ضحية الشلل.. \r\n \r\n \r\n وودوارد: لم اتحدث عن الشلل بل عن العداء. \r\n \r\n \r\n شبيغل: عن العداء بين باول وبين نائب الرئيس ديك تشيني. ماذا كان دور تشيني في الاحداث التي افضت لحرب العراق؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: كان تشيني القاطرة القوية. كان مصمما على فعل شيء ازاء العراق وصدام حسين. كان مقتنعاً بأن صدام حسين يضللنا ويستغبينا. النتيجة التي استخلصها باول هي ان تشيني كان مهووساً بكل ما له علاقة بالقاعدة او العراق. وحتى اليوم، يواصل تشيني اطلاق المزاعم التي كف عنها غيره منذ زمن، كالعلاقة بين العراق والقاعدة. \r\n \r\n \r\n شبيغل: مسئول آخر لا يعرف الشك في البيت الابيض. \r\n \r\n \r\n وودوارد: صحيح تماما. لقد اراد ان يحدث شيء. \r\n \r\n \r\n شبيغل: ماذا عن دونالد رامسفيلد؟ في كتابك تصفه بالرجل الذي يثير الاسئلة دوما بدون ان يكشف عما في نفسه. \r\n \r\n \r\n وودوارد: ذلك بالضبط هو حاله. رامسفيلد يضع دوما قفازات مطاطية على يديه بحيث لا يترك بصماته وراءه ابدا. سألت رامسفيلد هل نصحت الرئيس بشن الحرب؟ فقال: هذا سؤال مثير للاهتمام. لقد سألت الرئيس: هل سألت الرئيس ما إذا كان يتوجب عليك شن هذه الحرب أم لا؟ فقال: لا، كنت اعرف أن هذا ما يجول في رأسه. \r\n \r\n \r\n رامسفيلد هو تكنوقراطي هذه الحرب. هو مثل ماكنمارا اثناء حرب فيتنام كان يعمل لضمان ان يكون كل شيء جاهزاً وممكنا. كان رامسفيلد يرسل للرئيس مذكرات مطولة وسرية عن كل الاشياء التي قد تفشل. لكن هدفه لم يكن ابدا اثناءه عن الذهاب للحرب. كل ما كان يريده هو جعل الرئيس يشن الحرب وعيونه مفتوحة. \r\n \r\n \r\n شبيغل: ما هو الفرق الفعلي بين مستشاري بوش وأولئك الذين كانوا حول ريتشارد نيكسون الذي ساهمت في عزله لكشفك فضيحة ووترغيت؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: هناك فرق كبير: كل مستشاري نيكسون تقريباً كانوا من المجرمين. غير اني فيما يتعلق بالعراق، لم أتوصل حتى الآن لأي اشارة على عمل غير شرعي. ايضا، ان الحرب هي اكثر الوسائل تشددا في جعبة الحكومة. تشيني ورامسفيلد وباول والآخرون قرروا شن الحرب لان الرئيس اراد اجماعاً ولهذا حصل على هذا الاجماع. في اليوم الذي بدأت فيها الحرب وأخذت القنابل تسقط، كان الجميع متفقاً على ان بوش كان يجب ان يهاجم. ان الطريقة التي يجب ان نحكم عليهم بها تعتمد على هذه الحرب. \r\n \r\n \r\n شبيغل: هل تتوقع ان تضع كتاباً ثالثاً عن بوش او هل تعتقد بأنه لن ينجح في الانتخابات التالية؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: لم احسم رأياً بعد فيما اذا كان سينتخب ثانية ام لا. أرى ان الاحتمالات مفتوحة. بوش يمكن ان يتعرض لهزيمة قاسية او قد يحقق نصرا كاسحاً. الامر يعتمد على الحالة خلال الايام التي ستسبق الانتخابات. إذا ما نجح في اقناع الناس بأن الحرب كانت صعبة لكنها ضرورية، واذا ما بدا ان القوات ستسحب من العراق وأن الامور ستتحسن هناك فقد يعطيه الناس فرصة ثانية. لكن ان لم تتحسن الامور فقد يحس الناس بأن جون كيري يجب ان يحصل على هذه الفرصة. \r\n \r\n \r\n شبيغل: هل تصف لنا المزاج الحالي في البيت الابيض؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: اعتقد ان المزاج جيد. انهم يدركون ضخامة المسئولية والخطر. حقيقة ان 138 ألفاً من مواطنيهم الاميركان يخدمون هناك في ظل ظروف خطرة يجعل كل من له علاقة بالأمر يهدأ ليفكر. \r\n \r\n \r\n هذا ينطبق على كل من تحدثت معه، لكن ليس الرئيس. لا اعتقد انه في مزاج جيد. اعتقد انه يقول في نفسه: لقد استجبت لندائي الداخلي. هذا ما قاله لي بوش في احدى تلك اللقاءات معه: قال انه يريد ان يحصل على رئاسة ثانية، لكن ان كانت تلك الحرب ستحرمه من الثانية، فليكن. \r\n \r\n \r\n \r\n شبيغل: ما الذي سيكون موضوع كتابك المقبل؟ \r\n \r\n وودوارد: ربما بوش، ربما كيري، او اي شيء آخر لا اعرف. \r\n \r\n \r\n شبيغل: ومتى ستكشف عن الشخصية الحقيقية ل «ديب ثروت» الذي كان المصدر الرئيسي لك في فضيحة ووترغيت؟ \r\n \r\n \r\n وودوارد: بعد وفاته. القصة اكثر امتاعاً مما توقعته. جمعت كل المعلومات التي احتجتها، والكتاب سينشر بعد موته.انها دراما انسانية رائعة حقاً. \r\n \r\n