فالجماعات العراقية المسلحة شنت هجمات قاتلة على المواطنين العراقيين، في محاولات لتأكيد الهيمنة السياسية والاقليمية. ويرتبط هذا القتال عموما بانقسامات اثنية ودينية: فالعرب السنة المتمردون يصطدمون مع العرب الشيعة والأكراد. وفي يوم الجمعة الماضي تركت هجمات بالمورتر على مركز شرطة وتفجير انتحاري على مسجد للشيعة ما لا يقل عن 27 قتيلا. ويقول بعض المحللين الأكاديميين والعسكريين ان خطوط القتال أثقلت بالسياسة الأميركية الهادفة الى تقليص نفوذ الأقلية السنية العربية التي حكمت العراق في ظل سلطة صدام حسين والمسؤولة عن معظم أعمال التمرد. وقد سلم الأميركيون الجزء الأكبر من السلطة الى الشيعة الذين يمثلون أغلبية العراقيين، وحصة اقل للأكراد الذين يشكلون ما يقرب من خمس سكان البلاد. وقد أدى هذا الى تزايد نفوذ الجماعتين الرئيسيتين اللتين تعرضتا الى اضطهاد وحشي من قبل صدام حسين، والى تصعيد مخاوف السنة بشأن المشاركة في السلطة معهم كأقلية. \r\n ويعبر بعض من ابرز زعماء العرب السنة عن معارضتهم المشاركة في الانتخابات، بينما يتحمس الشيعة والأكراد للمشاركة. ويصر المسؤولون العراقيون والرئيس الأميركي جورج بوش على اجراء الانتخابات في موعدها على الرغم من مطالبات الزعماء السنة بتأجيلها. وهكذا فان احتمال النزاع الأهلي يمكن ان يزيد مع اقتراب موعد الانتخابات وهو يوم الثلاثين من يناير (كانون الثاني) المقبل. واضاف الأميركيون جديدا على اقصاء السنة من خلال الاعتماد الكبير على المجندين العسكريين من الشيعة والأكراد لانهاء التمرد في بعض المناطق الأكثر توترا. ويعزز رجال حرب العصابات، بالمقابل، العداوات الطائفية عندما يهاجمون المجندين الشرطة أو مسؤولي الحكومة المؤقتة باعتبارهم متعاونين مع الاحتلال. والكثير من هؤلاء المجندين هم من الشيعة أو الأكراد، ويجد مصرعهم أصداءه لدى عوائلهم وأوساطهم الاجتماعية. \r\n ويضع المسؤولون الأميركيون أملهم في احلال السلام في العراق على نجاح انتخابات يناير المقبل وتشكيل حكومة منتخبة ولا يعتقدون ان حربا أهلية واسعة النطاق أمر محتم. \r\n غير أن استمرار العنف يخلق ضغطا باتجاه تنمية العداوات والأحقاد. فالهجمات التي يشنها عراقيون على عراقيين آخرين اتخذت أخيرا اتجاهات مغامرة، وكانت حادثة قتل 49 من الجنود العراقيين المدربين حديثا، ومعظمهم من الشيعة، اضافة الى التعرض الى زوار العتبات المقدسة في النجف وكربلاء، دليلا على ذلك. وفي رد فعل على ذلك بدأ زعماء الشيعة في البصرة ابلاغ الشباب الشهر الماضي بأن أوان الانتقام قد حل. ونظموا المئات من الشيعة في مسيرات غضب، وتشكيلات مسلحة أعلنت عن نفسها في الفوضى الحالية في البلاد. وهدف هذه التشكيلات المعلن هو قتل العرب السنة المتطرفين في المنطقة الواقعة شمال بابل والمسماة «مثلث الموت» حيث قتل كثير من أفراد قوات الأمن والزوار الشيعة. من غير الواضح ما اذا كانت هذه التشكيلات التي حملت اسم «كتائب الغضب» قد نفذت تهديداتها، ولكن تشكيلها يكشف عن حجم آليات العنف واتجاهاته في العراق. وفي اطار قوات الأمن العراقية الجديدة يشكل الأكراد، وبدرجة أقل الشيعة، المقاتلين الأكثر فاعلية ضد التمرد الذي يقوده السنة، وهو ما يعتمد عليه الأميركيون والحكومة العراقية المؤقتة. \r\n وقد تجلت هذه الاستراتيجية الشهر الماضي في الموصل حيث انتشر العنف على الرغم من قيام القوات الأميركية بهجماتها الشديدة على المتمردين في الفلوجة. وفي الموصل عبأ المحافظ ألفين من رجال الميليشيا الأكراد، وكان الكثير من القتال الذي أعقب ذلك حدث في الأحياء العربية السنية من المدينة حيث تجري هجمات يومية على القوافل الأميركية في الوقت الحالي. وفي السابق كانت القيادة العسكرية الأميركية تؤكد، غالبا، على دور المجاهدين الأجانب في التمرد، وفي الفترة الأخيرة اعترفت بأن العراقيين يشكلون الأغلبية الساحقة من المتمردين. \r\n \r\n * خدمة «نيويورك تايمز» \r\n