انها بالفعل خارطة العراق المرعبة وبعكس كل التصريحات والتطمينات الصادرة عن المسؤولين الامريكيين في البيت الابيض والبنتاغون والكونغرس من جهة والصادرة عن رموز الحكومة العراقية المؤقتة وفي مقدمتها رئيس الحكومة اياد علاودي والتي تؤكد بان الاوضاع الامنية والمعيشية تتحسن بشكل تدريجي وبان الانخابات العامة ستجري في موعدها المقرر في بداية العام القادم الا ان التطورات المتسارعة على الارض تشير الى العكس. \r\n \r\n ويكفي القول في هذا الخصوص انه في غضون الثلاثين يوما الماضية تمكنت جماعات وقوى المقاومة العراقية المختلفة من شن اكثر من 2370 هجوما على اهداف عسكرية امريكية واهداف مدنية عراقية مستخدمة في هذه الهجمات السيارات المفخخة والملغومة والصواريخ والعبوات الناسفة والاسلحة الاوتوماتيكية. \r\n \r\n وعندما واجه الرئيس الامريكي جورج بوش وضيفه العراقي اياد علاوي الصحافة العالمية في الحديقة الوردية امام البيت الابيض تحول العراق فجأة من وجهة نظرهما الى بلد آمن وهادئ ومستقر ومكانا للثناء والشكر لكل من ساهم في تحويل هذا البلد الى واحة من الرخاء والهدوء والاستقرار, باستثناء اجهزة الاعلام التي رأى الجانبان بانها تتحمل مسؤولية الادعاءات القاتلة بان الحكومة الانتقالية العراقية قد اخفقت في كل سياساتها واجراءاتها الرامية الى فرض الامن والاستقرار في هذا البلد. \r\n \r\n لكن علاوي كان له رأي اخر مخالف تماما فهو قد حاول التأكيد في حواره مع الصحافيين بان الامن والاستقرار والهدوء يسود وبشكل كامل في 15 محافظة عراقية من اصل 18 محافظة يتألف منها العراق. \r\n \r\n وبدا واضحا للجميع بان علاوي كان ينطق بلسان حليفه الاكبر بوش, وبانه لا يعدو كونه صورة مستنسخة تماما لكل ما حاول الرئيس الامريكي الاحياء به والتأكيد عليه لاسباب واهداف انتخابية معروفة سلفا. \r\n \r\n فالاسبوع الذي امضاه علاوي في الولاياتالمتحدة كان فرصة ثمينة سانحة له لكي يردد كل كلمة نطق بها بوش حول الادعاءات المثيرة للسخرية والقائلة ان الحرب الامريكية في العراق انما هي جزء من الحرب الامريكية والدولية على الارهاب وان اوهام وتهيؤات رموز المحافظين الجدد الخاصة بالتحول الديمقراطي في العراق تسير على ما يرام, وان اسوأ ما حدث على الارض العراقية, انما يجري نحو الافضل, وان الخطأ هو خط ̄أ الاعلام الذي اظهر بوش وعلاوي بانهما يتحدثان بلسان واحد ويشكلان وجهين لعملة واحدة من حيث الاهداف والطموحات المستقبلية. \r\n \r\n ومثلما نجح المحافظون الجدد وصقور الاداراة الامريكية الحالية في تحويل جورج بوش الى كبش فداء وصورة مستنسخة من اجل تحقيق مخططاتهم واهدافهم ومشروعاتهم المبيتة والمعدة سلفا لشن الحرب على العراق والاطاحة بن ̄ظام صدام حسين وتحويل المؤسسة العسكرية الامريكية باكملها وتبني عقيدة الحرب الاستباقية وملاحقة الاعداء اينما كانوا فقد نجح بوش بدوره في تحويل اياد علاوي الى ناطق باسمه ووسيلة لتحقيق اهدافه في العراق ومن ثم وسيلة للبقاء في البيت الابيض لفترة رئاسية ثانية. \r\n \r\n وهنا لا بد من الاشارة الى انه في كل مرة تعلن فيها ادارة بوش انها اتخذت كل الخطوات والاجراءات الكفيلة بالحد من عمليات العنف الجارية في العراق سرعان ما تفاجأ هذه الادارة ومن يسير في ركبها بحدوث العكس تماما من حيث تصاعد وتيرة الهجمات واشتعال نيران العنف بشكل اكثر شدة واكثر ضراوة واكثر مأساوية واسالة للدماء. \r\n \r\n لكن ما يجهله الرئيس الامريكي بوش وهو يواجه كل هذه التحديات والاخطار وفي هذه المرحلة الانتخابية الحاسمة والحرجة, يكمن في انه باستخدامه لحليفه العراقي »المؤقت« كورقة مستنسخة في حملته الانتخابية, انما يقلل من فرص علاوي في جهوده الرامية الى اقناع مواطنيه العراقيين بانه انما يعمل لصالحهم ولصالح مستقبل بلدهم. \r\n \r\n وعلاوي بدوره يعلم جيدا, بل مقتنع بان السبيل الوحيد لكي يكسب ثقة شعبه ويساعد في اعادة بناء واعمار بلده ودولته ومن ثم اعادة انتخابه في الانتخابات العامة العراقية القادمة, يتمثل فقط في اكتساب الثقة والمصداقية امام شعبه المتعدد المذاهب والاتجاهات والاعراق بالدرجة الاولى في وقت وصلت فيه حالة انعدام الامن والفوضى والقتل والتدمير والتمرد الى مستويات خطيرة في ضوء انتشار الجماعات الشيعية والسنة العراقية المتشددة خارج نطاق قواعدها التقليدية في البيئة الاكثر عدائية في العالم, وتزايد اعمال العنف واختطاف الاجانب وارتفاع معدلات موجة التفجيرات التي اصبحت تمثل مرحلة جديدة في الصراع. \r\n \r\n ويسود الاعتقاد وعلى نطاق واسع في كل من امريكا والعراق بان بوش وعلاوي قد فقدا الكثير من اسهمهما في تعاملها مع الوضع العراقي المعقد كنتيجة لرؤاهما الوردية بش ̄أن مستقبل العراق. \r\n \r\n ومما يدعو الى السخرية المؤلمة اعتبار المحافظين الجدد حليفهم العراقي علاوي خير من يحلل الاوضاع في العراق, بشكل موضوعي على الرغم من كونه مجرد صدى لما يرددونه هم انفسهم, وعلى الرغم من براعته في رسم تلك الصورة الوردية الزاهية لمستقبل العراق, وهي نفس الصورة التي دأب الامريكيون على رسمها لعراق الغد الديمقراطي الحر. \r\n \r\n وعلى الرغم من ان رئيس الوزراء العراقي المؤقت ذلك المسؤول الشيعي البعثي السابق, والمخبر لوكالة المخابرات المركزية الامريكية (CIA). \r\n \r\n لا يزال يقدم نفسه باعتباره الناطق باسم العراقيين جميعا الا ان سياسته وممارساته تصب في نهاية المطاف في مصلحة الحليف الامريكي الاكبر امريكا. \r\n \r\n وعلى عكس ما يحاول الامريكيون اقناع العالم به من انهم جاءوا الى العراق كمحررين ومنقذين تؤكد كل الحقائق الواضحة الان بان كل هذه المحاولات تهدف بالدرجة الاولى الى بقاء بوش في البيت الابيض والفوز بفترة رئاسية ثانية. \r\n \r\n ويلاحظ بشكل واضح وملموس تراجع اقطاب ادارة بوش عن اوهامهم واحلامهم الكبيرة بشأن التحول الديمقراطي والسريع في العراق في ضوء ما يواجهونه من انتكاسات وتداعيات كبيرة وخطيرة على الساحة العراقية.0 \r\n \r\n »ديرشبيغل الالمانية«