لا يفتقر تقرير لجنة التحقيق المستقلة في أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى المصداقية. فالتقرير قوبل بترحيب كبير في الأوساط السياسية الأميركية، فهو يقدم اقتراحات وتوصيات عادلة معقولة يجب أن تكون الخطوات التالية على طريق تطوير الأمن الداخلي في الولاياتالمتحدة. وأعتقد أنه يجب دفع الكونغرس والإدارة الأميركية لتبني هذه التوصيات ووضعها موضع التنفيذ. \r\n لكن يجدر التنبيه هنا إلى أن التعجل في تنفيذ التوصيات التي وردت في تقرير اللجنة ليس بالأمر الجيد أيضاً. فإذا كان الإسراع بتنفيذ التوصيات مهماً، فإن تنفيذها بصورة صحيحة أهم. \r\n لا أشارك الكثيرين الاعتقاد بأن المقترحات التي وردت في تقرير اللجنة بشأن الإصلاحات في مجتمع الاستخبارات الأميركي ستمكننا من تجنب أية هجمات إرهابية على بلادنا في المستقبل. فالأمر سيتطلب أعواما كاملة لتحقيق الاستفادة المطلوبة من العديد من هذه التوصيات، حتى إذا قمنا بصياغتها في قانون يصدره الكونغرس اليوم. \r\n لكنني أعود وأؤكد أن هذه التوصيات فعالة وتستحق التنفيذ. وإذا عدنا بالذاكرة إلى عام 1947، عندما تم استحداث ما يسمى بوزارة الدفاع ووكالة الاستخبارات المركزية (سي إي إيه)، لم يكن هناك في الولاياتالمتحدة في تلك الفترة من يتوقع أن يتمكن هذان الكيانان من الانتصار في الحرب الباردة. لقد احتجنا إلى الآليات المناسبة للانتصار في حرب طويلة الأمد. وفي ظل الظروف الحالية، أعتقد أننا بحاجة إلى أسلحة لتحقيق الانتصار في الحرب طويلة الأمد على الإرهاب. \r\n لدي أسباب أخرى للدعوة لعدم التعجل في تنفيذ الإصلاحات التي خرجت بها اللجنة في تقريرها. فمن بين أربعين توصية أو يزيد وردت في تقرير اللجنة، تم البدء بالفعل في تنفيذ عدد كبير منها بعد فترة قصيرة من وقوع الهجمات، مثل استحداث وزارة الأمن الداخلي لنظام مؤشر تسجيل حالة المهاجرين والزائرين، وهو نظام إلكتروني حديث لديه القدرة على رصد أسماء الأشخاص الذين يحاولون دخول الولاياتالمتحدة بطرق غير شرعية. \r\n لذا، فإنه باستثناء عدد من التوصيات الجديدة، مثل استحداث منصب مدير عام لكافة أجهزة الاستخبارات الأميركية، فإن كل ما نحتاجه في الوقت الحالي هو السير على نفس الدرب في ملاحقة العناصر الإرهابية، وتشكيل تحالفات دولية، والعمل على التصدي للأفكار المتطرفة التي تمثل البذور التي تفرز الإرهاب الدولي. سنكون أيضاً بحاجة إلى تطوير دفاعاتنا على الجبهة الداخلية وتحسين العلاقات بين الحكومة والقطاع الخاص لتحسين الوضع الأمني مع توفير الحماية للأشخاص والممتلكات دون المساس بالحريات المدنية وحقوق المواطنين. \r\n هذا بالنسبة لأوجه التغيير التي بدىء العمل فيها بالفعل. أما على صعيد ما نحتاج للبدء في تنفيذه، هناك حاجة ملحة لأن يولي الكونغرس والإدارة في البيت الأبيض اهتماماً خاصاً بعمليات الإصلاح في مجتمع الاستخبارات الأميركي، وهو الجانب الأهم من توصيات تقرير لجنة التحقيق المستقلة التي تجنب أصحاب القرار في واشنطن البدء فيها منذ وقوع الهجمات. لكن الآن، لم يعد أمام الإدارة والكونغرس أي عذر، لقد حان وقت التنفيذ. \r\n لدي رؤية لما يجب على واضعي السياسات القيام به في المرحلة القادمة. إن أول قرار يجب على الرئيس بوش إصداره في المرحلة القادمة هو استحداث منصب مدير عام لوكالات الاستخبارات الأميركية وتعيين الشخص المناسب في هذا المنصب دون الانتظار لتحرك الكونغرس. وبعد استقالة جورج تينيت مدير السي آي إيه، أصبحت أمامنا وظيفتان شاغرتان. وبالنظر إلى التهديدات الإرهابية التي تواجهها الولاياتالمتحدة حالياً، يجب على الرئيس العمل على ملء المنصبين الشاغرين وإرسال قائمة المرشحين إلى الكونغرس بأسرع ما يمكن. \r\n ولن يكون الرئيس الأميركي هو الوحيد المعني بتنفيذ هذه الإصلاحات في وكالات الاستخبارات الأميركية. فالكونغرس أيضاً معني بدراسة هذه التوصيات ومراجعتها في جلسات استماع مكثفة للتأكد من فعاليتها لأن ما يتم إقراره اليوم سيبقى قيد التطبيق لأجيال طويلة قادمة. \r\n سيكون من الضروري أيضاً اعادة تفعيل قانون الوطنية ليتلاءم مع التوصيات الجديدة. ومن بين بنود هذا القانون، يجب العمل على التشديد على تنفيذ البند الخاص بمشاركة المعلومات بين جهات تطبيق القانون ووكالات الاستخبارات. \r\n لقد كانت رسالة لجنة التحقيق المستقلة في أحداث الحادي عشر من سبتمبر واضحة وقوية: أصلحوا من أنفسكم. وإلى جانب هذا، هناك حاجة ضرورية لإعادة تنظيم لجان الاستخبارات في مجلسي الكونغرس وتقويتها عن طريق تمديد فترات عمل أعضائها، وتزويدها بأطقم عمل أكبر وأكفأ، ومنحها تفويضات أوسع. يجب أيضاً العمل على دعم مسؤوليات الأمن الداخلي في عدد أقل من اللجان في مجلسي النواب والشيوخ، لكن يجب أن تكون من مسؤوليات هذه اللجان الإشراف على عمل وزارة الأمن الداخلي. \r\n يقول توماس كين، رئيس لجنة التحقيق المستقلة في أحداث الحادي عشر من سبتمبر الوقت ليس في صالحنا، لكن التعجل في تنفيذ التوصيات والإصلاحات لن يأتي بالنتائج التي نريدها إن لم نتحل بالحكمة. إذا تمكن واضعو السياسات هذه الخطوات التي ذكرناها قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية في تشرين اول، فسيمثل هذا نجاحاً كبيراً على الطريق الصعب للإصلاح الذي رسمته لجنة ايلول. \r\n \r\n * باحث في شؤون الدفاع الاميركي \r\n