كان هذا استنتاج لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الاميركي التي نادرا ما انتقد تقريرها تينيت بالاسم وانما فعل ذلك غالبا بالاشارة الى المنصب، اي مدير وكالة «سي. آي. ايه». ويشير التقرير الى أن مدير «سي. آي. ايه» يتحمل اكثر من أي شخص آخر مسؤولية عدم توقيف القرارات والاحكام الخاطئة والمبالغات والافتراضات غير المدقق فيها التي أدت في الاخير الى اعتبار ان العراق يمكل اسلحة محظورة. \r\n وقال التقرير انه بسبب موقعه في قيادة أجهزة الاستخبارات فان مدير وكالة «سي. آي. ايه» كان بين أولئك الذين يتعين تحميلهم المسؤولية «بسبب عدم تشجيع المحللين على تحدي افتراضاتهم أو دراسة الحجج البديلة بشكل كامل أو تشخيص التقارير الاستخباراتية على نحو دقيق». \r\n وتضمن التقرير الانتقاد الأقسى في اطار تقييم فترة عمل تينيت التي ادت الى انقسام الكثير من المسؤولين في واشنطن. فحلفاؤه يشيرون الى النجاحات بما في ذلك الحفاظ على الكبرياء والدعم المالي لوكالة تركت بمعنويات هابطة بسبب التقليصات في فترة ما بعد الحرب الباردة والدور الرئيسي الذي لعبته القوات شبه العسكرية للوكالة في الانتصار السريع في أفغانستان. \r\n لكن فترة تينيت تميزت أيضا باخفاقات كبيرة، وبينها اخفاق وكالات الاستخبارات الأميركية بالتنبؤ بالاختبار النووي الهندي عام 1998 والعجز عن تفادي هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001. وبسبب هذه وقضايا اخرى، فان بعض أعضاء الكونغرس بدأوا منذ فترة بعيدة يطالبون باستقالة تينيت. \r\n ورفض المتحدث باسم الوكالة بيل هارلو مناقشة انتقاد لجنة مجلس الشيوخ. لكن في خطابه الوداعي يوم الخميس الماضي في حفل عاطفي مؤثر أقيم في مكاتب الوكالة، استبق تينيت ذلك بوضوح، واستعار من الرئيس الاميركي الاسبق ثيودور روزفيلت للارتياب بعدالة أولئك الذين قدموا أحكامهم في اطار عملية ادراك متأخر. \r\n وقال تينيت مقتبسا من الرئيس السابق: «لا الانتقادات تتمتع باهمية ولا الشخص الذي يتحدث عن الكيفية التي يسقط بها الرجل القوي أو اين كان للقائمين بالأفعال ان يقوموا بها على نحو أفضل. ان الفخر ينسب الى الشخص الموجود في الميدان والذي نجد على وجهه الغبار والعرق والدم». \r\n وفي مؤتمر صحافي في مبنى الكونغرس، رفض السناتور الجمهوري بات روبرتس رئيس اللجنة تقييم دور تينيت بصورة مباشرة، وقال: «أعتقد انه من المهم جدا أن نتخلى عن النظر الى المرآة الخلفية ونلقي باللوم وتوجيه أصابع الاتهام». \r\n لكن التقرير تضمن انتقادات وصفها روبرتس بانها «ممارسات ادارية متقلبة في كل الأوساط الاستخباراتية» التي قادها تينيت منذ عام 1997 في فترة هي الاطول منذ ان قاد آلن دالاس في الخمسينات والستينات من القرن الماضي الوكالة الاستخباراتية. \r\n وقال تقرير اللجنة انه «بينما كان يفترض ان يتصرف مدير الاستخبارات المركزية كمدير للمخابرات وكذلك مدير للأجهزة الاستخباراتية فانه في حالات كثيرة تصرف فقط كمدير للاستخبارات المركزية». وحتى في المجال الذي اعتبره تينيت اهتمامه الأول وجدت اللجنة أخطاء في طريقة عمله. فبينما أعلن تينيت منذ توليه منصبه أن اعادة بناء القدرات الاستخباراتية البشرية للبلاد هي أولويته، فان لجنة مجلس الشيوخ أشارت الى انه «في حالة العراق كانت مثل هذه القدرات الاستخباراتية غائبة». \r\n واثارت هذه الانتقادات التي صدرت يوم الجمعة الماضي رد فعل غاضب جدا من جانب جون ماكلولين مساعد مدير وكالة «سي. آي. ايه» الذي تسلم امس منصب المدير بالوكالة. وأبلغ ماكلولين الصحافيين رفضه أي انتقاد بالجبن يوجه الى ضباط الاستخبارات الذين يواجهون مخاطر كبيرة في العادة. \r\n ومن بين الانتقادات الموجهة الى تينيت أنه كان يقضي وقتا في الاهتمام بعلاقته الشخصية الحميمة مع الرئيس جورج بوش اكثر من انجاز العمل الشاق لادارة الوكالة او الطيف الاستخباراتي الأوسع. ويقول هذا الانتقاد انه كموظف سابق في الكونغرس كان تينيت يسعى لارضاء رئيسه بدلاً من الاشراف على وكالته ناهيك من الطائفة الأوسع من الأجهزة الاستخباراتية التي تقدر ميزانيتها الاجمالية بأربعين مليار دولار سنويا. \r\n وبينما كان تينيت يلتقي كل صباح تقريبا مع بوش لتقديم ايجازه الاستخباراتي اليومي، فانه نادرا ما كان يجمع رؤساء الأجهزة الاستخباراتية في لقاء موسع وجها لوجه. ويقول مساعدون انه كان يمارس زعامته بدلا من ذلك في جلسات مثل اللقاء اليومي ما بعد الخامسة عصرا حول الارهاب الذي يصدر فيه الأوامر عادة، وفقا لما ذكره احد المسؤولين. \r\n لكن في مجالات أخرى كان تينيت أبطأ في فرض سلطته. فبعض ما أكدته وكالة الاستخبارات المركزية بقيادة تينيت للكونغرس حول المشاركة الكاملة في المعلومات الاستخباراتية بشأن مواقع الأسلحة المشتبه فيها في العراق مع مفتشي الأممالمتحدة هناك عامي 2002 و2003، انتهى الى أن يكون «خاطئاً في الواقع» حسبما قالت اللجنة. \r\n ويقوم موظفو مكتب الرئيس بوش حالياً باعداد سلسلة اقتراحات يحتمل أن يصادق عليها، لكنهم لم يشيروا بالتفصيل الى الموعد الذي سيجري فيه تعيين مدير جديد لوكالة «سي. آي. ايه»، وهو ما يتوقع أن يحدث خلال الأسبوعين المقبلين. \r\n ومن بين الاقتراحات الخاصة باصلاح عمل الاستخبارات، تعيين وزير استخباراتي يمكنه ان يتولى التحكم في الميزانية البالغة 40 مليار دولار التي تهيمن عليها وزارة الدفاع حالياً. إلا ان استراتيجياً جمهورياً كبيراً قال انه من المرجح ان الرئيس بوش سيمنح سلطات اكبر لعمل اجهزة الاستخبارات، الا انه سيعارض استحداث منصب وزير استخباراتي. \r\n وقال زعماء في مجلس الشيوخ، مثل جون روكفلر العضو الديمقراطي البارز في لجنة الاستخبارات وخبراء في مجال الاستخبارات، ان الحاجة الى اتخاذ اجراء ملحة اذا ما اخذنا في الحسبان قائمة المخاطر الوشيكة التي تواجه البلاد، من التقارير التي تشير الى أن تنظيم «القاعدة» ربما يخطط لشن هجمات قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية الى سباق كوريا الشمالية وايران على تسريع برامجهما النووية. \r\n وقال أعضاء مجلس الشيوخ والخبراء انه حتى لو جرى اقرار مباشر لاقتراحات الاصلاح التي تجري مناقشتها الآن في البيت الأبيض والكونغرس فان الأمر سيتطلب سنوات لتغيير ثقافة قال تقرير لجنة مجلس الشيوخ انها أخفقت في الاهتمام الأكبر باختراق العراق بالجواسيس واعتمدت كثيرا على أنظمة الاستخبارات الأجنبية وقدمت ادعاءات بشأن قدرات العراق في مجال الأسلحة «لم تدعمها المعلومات الاستخباراتية». \r\n ووجهت لجنة مجلس الشيوخ اتهاما آخر لتينيت مفاده ان هذا الاخير خلط على نحو مربك بين دوري ادارة وكالة المخابرات المركزية والاشراف على الأجهزة الاستخباراتية الأخرى، وانه قدم مشورته للرئيس بوش حول العراق بما يتناسب مع آراء وكالة المخابرات المركزية وبما يعد مبالغا عما طرحته وكالات استخباراتية أخرى. وقالت رينا جين هارمان، العضوة الديمقراطية البارزة في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب: «نحن لا نستطيع الحصول على اجابة بخصوص الأفكار التي يريدونها والتي لا يمكن لهم تحملها». \r\n \r\n * خدمة «نيويورك تايمز» و«لوس انجليس تايمز» خاص ب «الشرق الأوسط»